يوسف جريس شحادة
كفرياسيف_ www.almohales.org
مقدّمة
في القداس الإلهي، وبكل خدمة او رتبة كنسيّة أخرى، هناك الحركات الجسديّة الثلاث: الجلوس والوقوف والسجود او حني الرأس في الكنيسة.
السجود، قمّة الارتباط بالرب عندما نسجد بكلّ حواسنا وجسدنا وخضوعنا بالكليّة للرب ونعبر بسجودنا عن خضوعنا وتسليمنا ذاتنا للربّ وإذلال الروح والاستعداد لتسليم النفس والتعبير عن مهابة السماء خروج 6 :3 : “ثُمَّ قَالَ: «أَنَا إِلهُ أَبِيكَ، إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ وَإِلهُ يَعْقُوبَ». فَغَطَّى مُوسَى وَجْهَهُ لأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى اللهِ” وخروج 30 :34 : “فَنَظَرَ هَارُونُ وَجَمِيعُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُوسَى وَإِذَا جِلْدُ وَجْهِهِ يَلْمَعُ، فَخَافُوا أَنْ يَقْتَرِبُوا إِلَيْهِ.” والعدد 8 :12 : “فَمًا إِلَى فَمٍ وَعَيَانًا أَتَكَلَّمُ مَعَهُ، لاَ بِالأَلْغَازِ. وَشِبْهَ الرَّبِّ يُعَايِنُ. فَلِمَاذَا لاَ تَخْشَيَانِ أَنْ تَتَكَلَّمَا عَلَى عَبْدِي مُوسَى؟ وأمثال 7 :1 : “مَخَافَةُ الرَّبِّ رَأْسُ الْمَعْرِفَةِ، أَمَّا الْجَاهِلُونَ فَيَحْتَقِرُونَ الْحِكْمَةَ وَالأَدَبَ.” ومزمور 10 :111 : “رَأْسُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ. فِطْنَةٌ جَيِّدَةٌ لِكُلِّ عَامِلِيهَا. تَسْبِيحُهُ قَائِمٌ إِلَى الأَبَدِ” وخروج 23 :2 أعلاه توجه بني إسرائيل للرب وصموئيل الأول أعلاه أيضا.
في السجود تحرير الروح من الجسد لتصعد حرّة لعرش الربّ، مثل نصّ اشعياء النبيّ 14 :22 : “فَأَعْلَنَ فِي أُذُنَيَّ رَبُّ الْجُنُودِ: «لاَ يُغْفَرَنَّ لَكُمْ هذَا الإِثْمُ حَتَّى تَمُوتُوا، يَقُولُ السَّيِّدُ رَبُّ الْجُنُودِ». ومزمور 2_1 :25 : “إِلَيْكَ يَا رَبُّ أَرْفَعُ نَفْسِي. يَا إِلهِي عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، فَلاَ تَدَعْنِي أَخْزَى. لاَ تَشْمَتْ بِي أَعْدَائِي”.
تقول الحكماء: “عند قول “تبارك” يركع المُصلّي، وعند ذكر الله ينتصب”.
الركوع يعني انحناء للركب، حسب التلمود {ברכות לד, ב} والسجود وضع اليدين والركبتين على الأرض {تك 10 :37 : وَقَصَّهُ عَلَى أَبِيهِ وَعَلَى إِخْوَتِهِ، فَانْتَهَرَهُ أَبُوهُ وَقَالَ لَهُ: «مَا هذَا الْحُلْمُ الَّذِي حَلُمْتَ؟ هَلْ نَأْتِي أَنَا وَأُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ لِنَسْجُدَ لَكَ إِلَى الأَرْضِ؟»}
في شرائع الصّلوات {פרק ה הלכה יג. ברכות לד, א} يفرّق بين الركوع الكامل وبين الركوع أمام الله حسب سفر المزامير 6 :95 : “هَلُمَّ نَسْجُدُ وَنَرْكَعُ وَنَجْثُو أَمَامَ الرَّبِّ خَالِقِنَا، בֹּאוּ נִשְׁתַּחֲוֶה וְנִכְרָעָה נִבְרְכָה לִפְנֵי יְדֹוָד עֹשֵׂנוּ: } التعبير بعبرية التوراة : “הַבְרָכָה” يفسر ذلك الحكيم ” راشي _ רש”י “נברכה, مثلما تجثو الجمال، {בראשית כד, יא. וַיַּבְרֵךְ הַגְּמַלִּים מִחוּץ לָעִיר, אֶל-בְּאֵר הַמָּיִם, לְעֵת עֶרֶב, לְעֵת צֵאת הַשֹּׁאֲבֹת وَأَنَاخَ الْجِمَالَ خَارِجَ الْمَدِينَةِ عِنْدَ بِئْرِ الْمَاءِ وَقْتَ الْمَسَاءِ، وَقْتَ خُرُوجِ الْمُسْتَقِيَاتِ.” } بينما رداك: “انحناء الركب مع الرأس والجسد قليلا”. {רד”ק}.
في سفر الملوك الأول 55 -54 :8 : “וַיְהִי כְּכַלּוֹת שְׁלֹמֹה לְהִתְפַּלֵּל אֶל יְדֹוָד אֵת כָּל הַתְּפִלָּה וְהַתְּחִנָּה הַזֹּאת קָם מִלִּפְנֵי מִזְבַּח יְדֹוָד מִכְּרֹעַ עַל בִּרְכָּיו וְכַפָּיו פְּרֻשׂוֹת הַשָּׁמָיִם:וַיַּעֲמֹד וַיְבָרֶךְ אֵת כָּל קְהַל יִשְׂרָאֵל קוֹל גָּדוֹל לֵאמֹר. }.
نفهم انه كان في حالة الركوع ووقف بعدها حسب الآية 55 ، كذلك الأمر في أخبار الأيام الثاني 13 :6 : “וַיִבְרַךְ על ברכיו נגד כל קהל ישראל ثُمَّ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ تُجَاهَ كُلِّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ وَبَسَطَ يَدَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ،”.
الركوع او حنْي الركبة علامة الخضوع للرب وقت الصلاة وفي كل مرّة نستخدم لفظة “ברוך” نحني الركب لان اللفظة في الصلاة من “ברכיים “.
يخبرنا سفر التثنية 32، انه على العبد ان يخضع لسيّده، فكم بالحري للرب، ونحن أبناء الله!
في ترتيب الصلوات والبركات، البركة الأولى تبدأ : “مبارك أنت أيها الرب إلهنا “عند لفظة “ברוך” نركع وعند لفظة “אתה” نسجد، لان الحديث مُوجّه للرب.
صلاة السّجدة
في اثنين العنصرة، في خدمة الغروب، أي الساعة التاسعة {الثالثة بعد الظهر} تذكارا لحلول الروح القدس على التلاميذ، في صلاة المساء من يوم الأحد تقام “صلاة السجدة ” {راجع التيبيكون، كتاب الأصول يتضمن كيفية تنظيم جميع الفروض والصلوات والاحتفالات الكنائسية، 1986، ص 266} {من الجدير ان ننوه، انّه تم تأجيل الخدمة إلى مساء الاثنين ثاني العنصرة تسهيلا على المؤمنين، وفي بعض الكنائس تقام في ختام القداس يوم احد العنصرة بسبب غياب المؤمنين في اليوم الثاني او الحضور يوم الأحد مساء }.
المملوء من الروح يقدّم عبادة بالروح، أي يقوده في عبادته، رو 9 :1 وعلّمنا السيّد المسيح ان نسجد لله بالروح والحق، والساجد الخاشع المنسحق أمام الله يسكن الله عنده، اشعياء 15 :57 .
فكرة اليوبيل {الخمسين} او الحرية، لأنه في زمن الهيكل كان يطلق سراح كل أسير وعبد وكانت تقام ذبيحة صباحية وأخرى مسائية، ولذلك نقوم بالقداس يوم الخمسين “حلول الروح القدس” ثمّ من وقت الساعة التاسعة أي الثالثة بعد الظهر تبدأ صلاة السجدة وهي الذبيحة المسائية.
تبدأ في وقت الساعة التاسعة لان الروح القدس مرتبط بالفداء والغفران وبحلول الروح القدس والفداء بدأ بالصليب، والمسيح اسلم الروح على الصليب في الساعة التاسعة.
التسمية “صلاة السجدة”
يروي التقليد انه في احد الأيام {في عيد العنصرة تحديدا وفي زمن البطريرك مكاريوس الأنطاكي} وهو يتلو الطلبات هبّت ريح شديدة، فسجد المصلّين من خوفهم، وطلبوا الرحمة فسكنت العاصفة ووقف المصلون فهبّت ثانية وثالثة وفي كل مرة يسجدون للرب، هكذا فهم الشعب بعد السجود للمرة الثالثة وسكوت العاصفة ان عليهم السجود في صلاة الروح القدس ثلاثا.
السجود ثلاث مرات يذكرنا : “قدوس قدوس قدوس“.
السجود في خدمة العنصرة مثله مثل العنصرة العبرية نزول التوراة في سيناء حينها سجد الشعب هناك وسجدوا للشريعة النازلة من لدن الاب. {من بين القراءات في العنصرة العبري يقراون من حبقوق الإصحاح 3، سننشر المعنى الروحي للإصحاح برؤية مسيحية وعلاقته بالعنصرة والسجدة}.
في سفر الرؤيا 10 :4 : “يَخِرُّ الأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ شَيْخًا قُدَّامَ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ، وَيَسْجُدُونَ لِلْحَيِّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ، وَيَطْرَحُونَ أَكَالِيلَهُمْ أَمَامَ الْعَرْشِ قَائِلِينَ: ” فكم بالحري نحن البشر ؟ ألا نسجد للروح القدس.
في هذه الصلاة الجميلة نطلب الامتلاء من الروح ومن يطلب يُعطى، لوقا 13 :11 و 2 تي 6 :1 .
في مستهل الخدمة نقرأ المزمور 103، “لطف الله الأبوي” ان جاز التعبير للمزمور، في المزمور نعلن عن الله محبة وهو يعتني بالناس وبالعالم، ويجدّد شبابهم كما النسر {راجع مقالنا عن الموضوع}.
يعلمنا هذا المزمور باختصار شديد ان نشكر الله على نعمه ونقرّ ونعترف ان حياتنا هي هبة منه، وفي الطلبة، نطلب للشعب الواقف المنتظر نعمة الروح القدس ونحن نحني قلوبنا وركبنا أمام الرب وطالبين تقوية الروح لنا وان يرسل رحمته علينا، ويقبل الرب انحناء ركبنا كالبخور أمامه ونحن المحتاجين إلى معونة الله وسيكون الروح القدس فينا.
في السجدة الأولى، نرفع التضرع للرب ليهبنا الروح كما وعد الرب عند الصعود، وفي الثانية يعد المسيح بإرسال الروح القدس، فالروح يثبتنا في المسيح، 2 كو 21 :1 وكل هذا يحملنا إلى حضن الاب وفي السجدة الثالثة المسيح يعطي نفسه ماء للحياة خلال رحلة غربتنا.
* هذه السجدات الثلاث لنتشبّه بالسمائيين الذين يسبّحون : “قدّوس قدوس قدوس“.
“هلمّ أيها الشعوب نسجد للاهوت المثلّث الاقانيم، الابن في الاب مع الروح القدس. لان الاب ولد بلا زمن الابنَ المساويَ له في الأزلية والعرش، والروحُ القدسُ كان في الاب ممجّدا مع الابن. قوة واحدة، جوهر واحد، لاهوت واحد. فلنقل ساجدين له كافة: قدوس الله الذي أبدع كل شيء في الابن ومؤازرة الروح القدس. قدوس القوي الذي به عرفنا الاب واتى الروح القدس إلى العالم.
قدوس الروح المعزّي الذي لا يموت، المنبثق من الاب، والمستريح في الابن. أيها الثالوث القدوس المجد لك”.
* كلدايا مي: اسمع الى غبطة البطريرك الكلداني ومن وراء المذبح المقدس، ماذا يقول لهولاء “السمائيين الذين يسبحون”