بقـلم : مايكـل سـيـﭘـي / سـدني ــ
مـدة المحاضرة 55 دقـيـقة ، ولـو حـذفـنا منها الكلام المـكـرر ، تـنـكـمش إلى 25 دقـيـقة !.
يـواصل الأسـقـف أميل نـونا محاضرته قائلاً : إذا سألـنا أحـدهم ما هي هـذه العَـشرة ؟ ســيُـجـيـب مباشرة ( ﭘُـﮔـدانِ = وصايا ) لكـن في الحـقـيقة لا تـوجـد ــ وصايا ــ في الكـتاب المقـدس وإنما تـوجـد ( كـلمات ) وهي ليست أوامرَ ولا إجـبارية وليست قانـوناً ، وهي غـيـر ضرورية !! وإنما هي بُـشـرى الله لشعـبه ، هي وثـيـقة عـهـد وَقــّـعا عـليها الطـرفان أحـدهما فـوق والآخـر تحـت !…..
والأسـقـف يقـصد أن الوصايا هي مثـل أية معاهـدة بـين دولـتـين أو جـهـتـين وتـوَقـّـعان عـلـيها .
ويـستمر الأسـقـف في كلامه :
قـبل عـقـود من السنين ظهـرت أفـكار مفادها أنه لم يَـعُـد هـناك داعي للـتـكـلم عـن (( وصايا )) أو أوامر ، ولا تـتـطلـب إصدار تـوجـيهات للإنسان أنْ يعـمل كـذا ولازم يـفـعـل كـذا ! وإنما المهم هي ــ المحـبة ــ !! وحـتى في تـفـكـيـر كـثيرين منا نـقـول أن أهم شيء هي المحـبة !! . ولكـن في عـقـيـدتـنا لـو ركــّـزنا فـقـط عـلى المحـبة فإنـنا سـنسمّـيها (( مـبـتـذلة )) !!! بمعـنى عـقـيـدة بـدون طعـم ! مثـل رواية رومـيـو و جـولـيـت لا يوجـد فـيها غـيـر العاطـفة . لـذا ليست كافـية أن تكـون فـقـط المحـبة بـين الله والـبـشـر بل يجـب أن يكـون هـناك إلـتـزامات تـربـط الله بشعـبه والشعـب بإلهه مثل : (( أنت لا يجـوز أن تـقـتـل ، لا يجـوز أن تـزنـــــــــــي … )) .
في قاموس الأسـقـف أميل ، الإلـتـزام ــ ليس إلـزامياً ــ وهـذه طـفـرة فـكـرية ولـغـوية غـريـبة ومُـدهِـشـة !! ولا يـدري بأنّ مصطـلح ــ إلـتـزام ــ هـو (( واجـب ثابت يستـلـزم من الشخـص الـقـيام به والمداومة عـليه )) ، والآن نسأله : إذا شـخـص إشـتـهى وأجاز لـنـفـسه أن يقـتـل ويـزني … ونـفــّـذ !! هـل يحـتاج أن يعـتـرف بـذلك عـنـد الأسـقـف لـيـنال الغـفـران ؟ .
والأسـقـف يحـلل قائلاً :
إن كـلمات الله ليست قانـوناً لأن القانـون مغـلـق ، أما الكـلمة ( كـلمات ) هي منـفـتحة تـتـضمّـن حـواراً ، أي أن الله يُـكـلــّـم شعـبه ويُخـيّـره ويمنحه الإعـتـبار وحـرية الإخـتـيار … وهـذه الكـلمات نابعة من الأعـلى وليست من الأسفـل … وبها خـلـق الله كـياناً ، أي خـلـق طرفاً آخـراً وتـكـوّن شعـب إسرائيل . والله بهـذه الكلمات يُـقـدّم نـفـسه لمخـلـوقه ، فـيكـون مع شعـبه حـيثما يكـون ، والشعـب يكـون معه بهـذه الشروط ــ الكـلـمات ــ التي هي إلتـزامات بـينهـما . وشعـب الله بـدَوره يصبح خلّاقاً أيضاً ! وليس فـقـط مستـلم قـوانين لـيطيعها .
نسأل حـضرة الأسـقـف : إذا كانـت إلـتـزامات الله تجاه شعـبه هي نـصائحه الـمكـتـوبة : (( أنت لا يجـوز أن تـقـتـل ، لا يجـوز أن تـزنـــــــــــي … )) …. طـيـب ، فـبالمقابـل ما هـو إلـتـزام الشعـب تجاه الله ؟ أين هـو مكـتـوب هـذا الإلـتـزام ؟؟ نـريـده مكـتـوباً !! هـل تـدلــّــنا عـليه رجاءاً ؟ .
(( لـقـد حـيّـرَنا هـذا الأسـقـف ، كـيـف الشعـب المخـلـوق يضاهي الله خالـقه ويعامله كأنه يساويه وكلاهما بالمرتـبة ذاتها !! .! فـمن جـهة يقـول أن الوصايا هي إلـتـزامات بـيـنهما ، ثم يقـول ليست أوامر !! … وأنّ هـذه الوصايا ــ الكلمات ــ قادمة من الله للبـشـر وليس العـكس ! إذن أين الـتـكافـؤ في المعاهـدة إذا كانت من طـرف واحـد ؟ وما الحاجة إلى رد فـعـل من الطرف الآخـر ــ الـبـشر ــ إذا كان مُـخـيّـراً ؟))
ومع هـذا السياق يضيـف الأسـقـف :
موسى سأل الله : مَن أنتَ ؟ فأجابه بالعـبري : أنا ــ يهـوه ــ … إن الـذي يعـرف اللغة الكلـدانية جـيـداً فإنها تعـني ( هـْـوا HWA = يَـكـون = يُـكـَــوّن ) . وهـذه الحـروف الأربعة ( يـ هـ و ه ) ليست كـلمة وإنما تـركـيـبة يمكـن تـفـسيرها بالعـربي : ((( ذلك الـذي يعـمل لـيَـكـون … أو ذلك الـذي موجـود … أو ذلك الـذي هـو أنا … أو أنا الـذي هـو أنا ))) أي إنـني أنا أكـون معـك ، أي حـيثما تحـتاج سأكـون معـك ، أي أنا أربـط وجـودي معـك يا شـعـبي ، أي أنا أبقى معـك ، إنّ إسمي هـو فـعـل وهـو صفة ، حـتى إلـوهـيّـتي هي في خـدمتـك …. وكأنه يقـول لشعـبه : تحَـرّك ، تحَـرّر فأنا أكـون معـك ولا يتـطـلـب أن يكـون لك إله آخـر ، وأنا لستُ أجـبرك في ذلك وإنما أنت حـر …
ألله يقـول لموسى : إنّ ــ يهـوه ــ ليس إسمي ، ولا تـطـلـبْ مني إسمي إ لأني لو أعـطيتـك إيّاه فإنـك سـتـسيطر عـليّ ، وأصبحُ تحـت يـدك !!! … ويضيف : أنـنا الـيـوم نعـطي إسمنا بسهـولة ولكـن لم يكـن هـكـذا في الحـضارات الـقـديمة لأن الإسم كان يُـعـطي دليلاً عـلى شـخـصية الإنـسان .
وهـنا نسأل الأسـقـف : كـيـف تـقـبل أن نعـبـد مجـهـولاً ؟ كـيـف نـقـبل ونـوقـّع معاهـدة مع مجـهـول ؟
نـرجع إلى الوصايا فـيقـول الأسـقـف أميل :
إن الوصايا في الكـتاب المقـدس ليس فـيها صيغة الجـزم بل صيغة المضارع ! هـل لاحـظـتم عـلى الشاشة الوصية عـن الزنى كـيـف كـتبناها بالياء ؟ لا تـزنـــــي ( ي ) ! فـعـل مضارع معـناه الآن ، وليس فـعـل أمر … وحـين يقـول : لا تـصنع لك تمثالاً ، معـناها أن الله يقـول لشعـبه : أنـتم الآن لستم تعـملـون تمثالاً ! (( وليس أمر : لا تعـملـوا تمثالاً )) لأنّ الـفـعـل المضارع يحـث عـلى العـمل ، أما الـفـعـل الأمر يُـوَلــّـد تمرّداً وعـصياناً ضد الـطرف الـذي يأمر ، حـتى إذا كان محـبـوباً .
وهـنا نسأل حـضرة الأسـقـف المرسـوم : حـين تُـربّي الأم إبنها وتـوجّهه قائـلة له ( لا تـفعـل كـذا …. ) هـل تعـني إنه حُـر الإلـتـزام بتـوجـيهها ؟ أم إنه إذا لم يلـتـزم فالعـقـوبة تـنـتـظـره ؟؟؟
ويضيف الأسـقـف :
إن كـلمات الله ليست صادرة عـن مَـلِـكٍ يُـكـلــّـم شـعـبه ولا قـوانين من حاكم ، وإنما هي كـلمات ــ بَـدو ــ أصحاب الخِـيَـم في الصحـراء !! شـبـيهة برب الأسرة ينـصح أولاده بعـد رجـوعـهم من المرعى ويقـول لهم نحـن عائلة ( لا تـزنـــــي ) ، وليس يقـول : (( إنـتـبهـوا ، في قانـونـنا لا يـوجـد زنى )) !! وعـليه فالأولاد يسمعـون كلام أبـيهم كإرشادات وليست أوامر . فـمنـذ الـبـدء كانت الـفـكـرة أن الله يمنح الـنعـمة مجاناً لشعـبه وبالمقابل فالشعـب يلتـزم بنـصائحه ، وإذا فـهـناها كأوامر فإنـنا نـكـون غـيـر فاهـمين لمعاني هـذه الكـلمات ( الـوصايا ) .
في سـفـر التـكـوين يقـول الله : (( بك تـتـبارك الأمم )) فإلهـنا ليس إله جـميع الـناس ، بل نحـن نكـون أولاد الله وسنبقى إلى الأبـد أولاد الله . في الـبـداية كان إسرائيل هـو شعـب الله المخـتار إلى يوم مجيء المسيح ، ولكـن منـذ ذلك الـيـوم ليس الجـميع أولاد الله ، وإنما نحـن فـقـط أصبحـنا ــ شعـب إسرائيل الجـديـد ــ أولاد الله وشُـرَكاءه !! ومسؤولـيتـنا ورسالـتـنا هي الـتـبشير لـنجـعـل الآخـرين أولاد الله مثـلـنا من خلال نموذج حـياتـنا ، وهـذه المسؤولية جـعـلـتـنا نُـقـتــَـل ونُحارَب ونُـهَـجّـر مِن قِـبَـل آخـرين !!!!.
وهـنا نلاحـظ الأسـقـف يناقـض كلام سـيـده الـﭘَـتـرك لـويس الـذي يقـول (( إلهـنا وإلهـهم واحـد )) وأتحـدّاه أن يـردّ عـليه . وأنا أسأله : أي منـكما صادق وأي هـو منافـق ؟ .
ويقـول :
يجـب أن نـنـتـبه إلى أنّ إلـتـزامنا بهـذه الكلمات ــ الوصايا أو الـنـصائح أو الشريعة ــ ليس إرضاءً لله كي يقـتـرب منا . فـمبـدئـياً الله هـو لـنا وأعـطانا الـنعـمة ، ثم تأتي إلتـزاماتـنا التي تكـون بمثابة جـوابنا له . وليست كـقـوانين حـمورابي التي تُـنـظـّـم حـياة الشعـب والتي ليست ــ عـهـداً ــ بـينهما ، لـذلك فإن حـمورابي لا يجـعـل شعـبه شـركاءَ له .
تعـلـيـقـنا :
إن مفـهـوم (( عـهـد )) هـو إلـتـزام ( فـحـينما يخـطب رئيس الـدولة ويقـول : عـهـد في ذمتي أن أعـمل كـذا ) فإنه يعـطي كلام شـرف أمام الشعـب . كـما أنّ كـلمة معاهـدة هي إتـفاقـية مُـلـزمة بـين طرفـين متـوازنين ، لا رئيس ولا مرؤوس ، لا قـوي ولا ضعـيـف بل ( متعادلين إجـتماعـياً أو قانـونياً ) يلتـزمان بـبـنـودها ، مثل : معاهـدة بـين دولتين ، عـهـد زواج بـين رجـل وإمرأة ، عـقـد إيجار دار بـين المؤجّـر والمستأجـر ، وإذا أخـلّ أحـد الطرفـين بتـلك الـبـنـود فإنه يُـعـرّض نـفـسه إلى المتابعة القانـونية لـينال جـزاءه ….. وهـنا نسأل : هـل أن الله وشعـبه متعادلان إجـتماعـياً وقانـونياً وقـدرة ! حـتى نـفـسّـر وصاياه بأنها معاهـدة بـيـنهما ؟ وهـل يحـق للشعـب أن يـرفـض بنـود تلك المعاهـدة متى شاء ؟ . فـيا أسـقـفـنا لـقـد طـلـّـعـتـنا من طـورنا ! .
تـنـبـيه لـصالح أسـقـفـنا العـزيـز : في موقع (( عـنكاوا . كـوم ) كـتـبتُ التعـلـيق الآتي :
***************
لماذا ؟؟ …
سـؤال منـطـقيّ :
في مقالاتي بشأن الـﭘَـتـرك لـويس ، كان ينـبـري العـديـدون مستـميتـين للـرد الفارغ ، دفاعاً عـنه
لكـن في مقالاتي بشأن الأسـقـف أميل إخـتـفـوا جـميع أولـئـك الخـفافـيش
لماذا ؟؟؟ ..
فـلـيـفـهم الأسـقـف العـبـرة والحـكـمة من ذلك … والله يحـب الفاهـمين .
أخي العزيز أستاذ مايكل المحترم / موضوع رائع
لكن يا أخي العزيز أغلب الكهنة الذين أستمع إلى مواعظهم يحملون نفس الفكر
ويقولون نفس الكلام، لا والأدهى من ذلك أنهم يثقفون هذا الجيل على مفهوم جديد
أنه لا توجد جنة ولا نار، ووجودهما كحقيقة هي في فكر الإنسان فقط، فلا بحيرة
كبريت متقدة كما جاء في سفر الرؤيا ولا دينونة وهذا الكلام كله خرافات كتبها كاهن يهودي
ونحن غير ملزمين بها
ماساة المسيحية هو هذا المفهوم الجديد للدين
يا أخي ربما في السنين القادمة سينفون وجود الله كلياً
الله يكون في عون المؤمنين.
تحياتي / نزار
اخي العزيز مايكل الموقر
لنأتي الى ما جاء به سيادة الاسقف نونا حيث قدم الوصايا العشر بأسلوب المضارع وليس الامر ، هذا لا ينفي ان تكون تلك الوصايا مطلوبة ومفروضة من مصدرها الأصلي (أولاً) ، فيكون بذلك معلقاً عليها وليس ناقلها ، (ثانياً) لم نسمع من أي محلل لاهوتي او مسؤول بكل المستويات ان كان اكليريكياً او علمانياً ان وصف الوصايا بالمضارع والذي يجعلها اختيارية وليست أوامر ، بل دائما تُطرح كأوامر ، لا بل ربنا ومخلصنا يسوع المسيح يذهب الى ابعد من ذلك بتحميل المؤمن مسؤولية اكبر من الامر كما جاء في توضيح الوصايا في انجيل متى الاصحاح الخامس عدد ٢١ والى نهاية الاصحاح ، فنرى الخطيئة ليست في الزنا فقط بل حتى النظر الى امراة بشهوة هو زنى ، وهكذا القتل ، وكثيرا من النصوص الكتابية التي تتضمن ان الزاني لا يدخل ملكوت المساوات (كورنثوس الأولى اصحاح ٦ عدد ٩) ، اذن لا يمكن ان تكون الوصايا اختيارية بل أوامر لا تتضمن اية فرصة للاختيار او السماح ، حيث ان هذه الوصايا مطلوب حفظها
(“احْفَظُوا وَصَايَا الرَّبِّ إِلهِكُمْ وَشَهَادَاتِهِ وَفَرَائِضِهِ الَّتِي أَوْصَاكُمْ بِهَا.” (تث 6: 17).)
المشكلة هنا هي علو الكراسي السيادية مثل كرسي البطركية و الأسقفية ، حيث من الصعوبة النزول منها الى مستوى شماس (خاصةً غير مرسوم) لكسر شكوك ايمانه باليقين بل تُترَك المسائل الغير واضحة كما هي ، ومعظم القراء الكرام لا يملكون سوى ان يقولوا : انه مطران ويجب ان لا يُناقش او هو يعلم ماذا يقول وعلينا قبوله كما هو ، دون ان يجرأ احد الحاضرون (و أحدهم حضرتكم) لم يجرا لسؤاله عن توضيح او عدم قناعته بهكذا تفسير.. طبعاً من جانب سيادة الاسقف لا تنتظر ان يقول : أخطأت ويعتذر (خاصة نحن الشرقيين).
ولكن رايي الشخصي بما جاء به سيادة المطران نونا : ان شخصية مثل اسقف وحامل شهادة علمية عالية سوف لا يغامر ويدلي بما يشبه جحود الايمان (حاشاه) ، ولو حصل ما يشبه ذلك كانت الجهات المسؤولة قد اتخذت الموقف المناسب بحقه.
ولكن ، من يتعمق بالدراسات والتفاسير اللاهوتية يربطها بالحياة العملية التي شهدت تطوراً بطفرات واسعة يصعب متابعة تلك الوصايا كما جاء بها الكتاب ، ربما قام المعلم بتليين الوصية عساه ان يخفف من صرامتها. طبعاً هذا ليس مبرراً لكسر حدّة الاوامر وخطورة عدم حفظها.
هل يبهرنا احد المختصين او حافظي ايماننا بما يفيدنا؟؟؟
الشماس الإنجيلي
قيس سيپي