الاب نوئيل كوركيس
منـذ سـقـوط آخـر دولة نهـرانية في عام ( 539 ق . م ) وحـتى اليوم لم يحكم بلاد ما بـين النهـرين أحـد من أبنائها الاصلاء، ما عـدا سنوات معـدودة وذلك في بداية تأسيس جمهـورية العـراق المعاصرة بزعامة عـبد الكـريم قاسم (1958- 1963) مؤسس جمهورية العراقية، الذي كان يعـتبر نفسه أولا وأخـيراً عـراقـياً أصيلاً قـبل كل شيء ، بـدليل أرجعَ النجمة الثمانية النهـرانية شعاراً في عـلم الجمهـورية الجـديدة للعـراق المشـتـق إسمه من ــ أورك ــ المدينة الأصيلة
إنّ ما تـشهـده ساحات المدن العـراقـية اليوم من إنـتـفاضة شـبابـية بوجه زعـماء فاسدين الدخلاء، هـو رد فـعـل عـلى ولاء الحـكام المطلـق لـدولة معادية لأرضنا تأريخـيا . فـمنـذ سـقـوط الـدولة الكلدانية التي كانت أعـظم دولة خلال تأريخ العـراق مهـد الحضارات ، إنـقـضّ عـليه غـزاة شـرسـون من جميع الشعـوب والأجـناس وقـضوا عـليه تماما كحضارة ودولة ، وكانت الغـزوات الإسلامية المتسـلـلة من صحـراء العـرب ، مثل أسراب الجـراد قـد فـتكـت في الأرض وعاثـت بها دمارا من قـتل وتـدمير وتصحّـر مُـدنها وأرضها ، ومع كل هـذا فإن مَن بقي منها عـلى قـيد الحـياة ولم يستسلم من سكان الـبـلـد الأصليـين لبلاد النهـرين ، كانـوا مسيحـيـين الكلدان أو صابئة مندائيـين ويهـود ، أو حـتى الـذين بقـوا عـلى دياناتهم الـقـديمة ، كانوا قـد حافـظوا عـلى لغـتهم الآرامية الكـلدانية التي كانت اللغة المتداولة بـين سواد الشعـوب الساكـنة في تلك البقعة العـزيزة التي أنجَـبت أعظم حـضارات العالم الـقـديم
وفي زمن العـباسـيـين قـضوا عـليها تماما وعـلى أيـدي أبنائها بترجـمتهم كل العـلوم والفلسفة والطب إلى العـربـية ، وبهـذا كانت آخـر مسمار يضرب عـلى نعش ثـقافة الحـضارة النهرانية ، ويعـتبر زمن العـباسـيـين أسوأ حـتى من الغـزو الإسلامي نفسه
واليوم مع كل الأسف يفـتخـر أبناء هـؤلاء المترجـمين والأطباء الذين كانوا في خـدمة العـباسـيـين ، ويطالـبـون بعـودة تلك الحـقـبة المظلمة بالـقـوة ، بفـرض لغة البادية عـلى ما تـبَـقى من ثـقافـتـنا وطقـوسنا الكـنسية وشعاراتـنا المدنية بحـيث وصل الامر أن يصرح زعـيم هـذه الكـنيسة العـريقة بأنه لا يقـدر أن يخاطب أبناءه بلغـتهم !!! … يا لمأساة تمر بها أمـتـنا الكلدانية ، بفعـل مَن هم في قـيادتها اليوم ، فهل يوجـد زعـيم في جميع القـبائل حـتى البدائية منها اليوم ، يزدري لغة أعـظم حضارية في العالم ؟
فما الفائدة في قـراراته وهـو يصرّح بلغةغـريـبة ويقـول أن لغـتـنا هي كـلدانية ، بـدون أي فـعـل يؤخـذ عـلى أرض الواقع ؟
ألا تـبقى قـراراته حـبـراً عـلى ورق ؟
هيا يا شباب الامة الكلدانية الغيارى، نحن بحاجة الى ثورة شبابية لانقاذ امتنا وهويتنا، نحن في احوج من وقت مضى، استيقظوا، حان الوقت
أخي في المسيح، حضرة الأب الفاضل نوئيل گورگيس
أولاً، ليحفظك الرب وأصالتك لكنيستك الكلدانية المقدسة، فأنت مولود من رحمها ولا زلت كاهناً تحمل رسالتك، مضطهدا، من اجل بقائها. كما وليحفظك الرب لأمتك الكلدانية العريقة التي تصب عروقك في شرايينها لأن دمك هو من ارض النهرين، وليس فقط من شمالها الى جنوبها، وانما الى كل بقعة من العالم وصلت وتصل اليها تفرعات النهرين الوجدانية الحضارية والروحية، تلك التي ورثناها وحملناها من اور الكلدان ونعيشها حيثما نسكن، والتي غذت وتتغذى البشرية والحضارات العالمية من كنوزها مدى الأبدية
ثانياً، سؤالي لكَ كبساطتي: أيا هي نظريتكَ؟؟؟
إن كانت نظريتك عن “الأمل” علمانية، فالعالم اليوم (حسب الاحصاءات المدنية والكنسية) قد تطور ما بين زواجات وخيانات، والعهد مع -أمل- اصبح شبه حبر على وريقات! ….. أما إن كانت نظريتك عن “الأمل” دينية، فايماننا مبني على ان -أمل- خُلقت ليس للزواج، وانما للبقاء، وهو الرجاء الذي يحيا فينا ما زلنا نحيا في المسيح.
دمت فخراً لحاملي الهوية الكلدانية، المستيقظين وغير المستيقظين، على أمل ان يحين الوقت
طالما (( السعادة )) موجـودة فالآمال تبقى معـقـودة