بقـلم : مايكـل سـيـﭙـي / سـدني ــ 5 / 6 / 2025
المقـدمة :
منـطـقـياً نـقـول أن البشرية إبتـدأت رجـل وإمرأة ( أول عائلة ) وتمـيّـز الإخـتـلاف بـينهما في تـركـيـب جـسديهـما الـفـيزيـولوجي بعلامات مادية ميكانيكـية ، وروحـياً بصفات نـفـسية عـقـلية ، وهـذا جـعـل بـينهما فـوارق في قابلية تحـمّـل أعـباء الحـياة ، والـقـدرة عـلى التـوجـية والإرشاد ، ثم إدارة الشؤون الـيـومية بنـشاط . ولأجـل مواصلة مسيرتهـما الـتـنـظيمية بـرزت الحاجة إلى الخِـبـرة الإدارية . وعـنـد زيادة الأعـداد البشرية إنبثـقـت الضرورة إلى المقـدرة الـقـيادية مع الأخـذ بعـين الإعـتـبار مداخلات المساعـدين وصولاً إلى الـحـسم الـنهائي لأيّ قـرار متـخـذ بجـدية .
وعـنـد تـطـوّر الحـياة تـشـكـلـت المجـتمعات ثم التـكـتلات تـلـتها الـقـبائـل والعـشائـريات ، ومنها تـبلـورت الأحـزاب ثم (( الجـمعـيات )) وهـيكـلها المتـمثـل في رئيسها وبمشاركة أعـضاء هـيأتها الإدارية لخـدمتها . إن كـل هـذا قـرأناه وسمعـناه ولاحـظناه عـنـد مَن جاهـد وعـملَ في صفـوفـها .
وسواءاً كـنا نـتـوقـع أم لا ، فإنـنا نـشهـد التغـيـرات الطارئة عـلى مجـريات المجـتمعات . وعـليه حـين نلاحـظ مَن سار في طريق معـيّـن ، ليس بالضرورة أن يقـتـفي آثارَه أجـمعـين ، ولكـن لا بأس الإستـفادة من تجارب الأولـين ، وحِـكـمَة الخـيّـريـن ، وحـتى مِن تـراجُع الآخـرين .
أودّ أن أحـصر كـتابتي هـذه ، في تجارب متـواضعة عـن موضوع يتعـلـق بالجـمعـية وأقـول :
حـضرتُ جـلسات عـديـدة بـدعـوة من جـمعـية إجـتماعـية شعـبـية (( قـبل تسجـيلها وبعـد تـسجـيلها )) للمشاركة في التخـطيط لإسعاد منـتـسبـيها ، وأحـياناً كانت بناءاً عـلى طلب مني لـتـطـويرها ، أسردها هـنا دون الإلـتـزام بتـرتيـب أزمانها .
أولاً : حـضرتُ إجـتماعاً لإنـتخاب هـيأة جـديـدة لها (( وبحـضور السيد الرئيس مع الهـيأة الإدارية المنحـلـّة )) ، إقـتـرحـتُ أن يـَـذكـر المرشح برنامجه مقـدماً ، أملاً أن يحـقـقه بعـد تـبـوّئه منـصبه ، حـسب الظرف الـذي سيسمح له (( مثـلما نلاحـظ في حـملة إنـتخابات مجـلس الـﭙـرلمان )) ، إلّا أنّ إثـنين من وُجهاء الـقـوم الـقـياديـيـن المنـتهـية صلاحـيتهما ، فاجـؤوني مباشرة برفـض إقـتـراحي دون ذكـر السبب ….
ومما لـفـت نـظري أكـثر ، أنّ الحاضرين قاطبة ــ ومعهم الهـيـئة السابقة المنـحـلـّة ــ لم يُـبـدوا رأيهم بإقـتـراحي ( لا موافـقة ولا رفـضاً وإنما صمتاُ ) . ولا أدري ، هـل فـقـدوا الـقـدرة عـلى التـفـكـير والمشاركة ؟ أم إحـتـرموا الـقـياديـين الرافـضين ؟ أم شيء آخـر .
ثانياً : كان السيد رئيس الجـمعـية قـد سبق أن حـضر إجـتماعاً خاصاً مع الهـيـئات الإدارية للجـمعـيات الأخـرى ذات الطابع الإجـتـماعي العائـلي بهـدف تأسيس إتحاد عام لتـلك الجـمعـيات . وبعـدها تـلـقـيـنا دعـوة لحـضور إجـتماع الهـيـئة الإدارية للجـمعـية ، فـذكـر الرئيس لـنا ، بعـض تـفاصيل ــ ذلك الـلـقاء الجـماعي ــ ، ومما قاله أن ممثلاً لحـزب سياسي مشارك في إنـتخابات العـراق ، حـضر معهم لـيكـون عـضواً في الإتحاد المقـتـرح لتلك الجـمعـيات الإجـتماعـية !. وهـنا كانت لي مداخـلة قـلتُ فـيها : أن تأسيس إتحاد للجـمعـيات الإجـتماعـية العائـلية هي فـكـرة ناجـحة ولكـن ( منـطـقـياً ) ما علاقة حـزب سياسي له برنامجه في إنـتخابات عـراقـية ، يحـضر إجـتماعـكم الخاص بالجـمعـيات ذات الطابع العائـلي في أستراليا ؟ أجاب السيد الرئيس : أجـرينا نحـن ممثـلـو الجـمعـيات تـصويتاً بهـذا الشأن فـوافـق الجـميع ! فـقـلتُ له : إن المنـطـق أقـوى من الـتـصويت ! فـما حاجـتـكم إلى ذلك ؟ …
ومع الأسـف أن الحاضرين قاطـبة ( ومعهم الهـيـئة الإدارية للجـمعـية ) لم يُـبـدوا رأيهم بإقـتـراحي ــ لا موافـقة ولا رفـضاً وإنما صمتاً ــ . ولا أدري إن كانـوا عاجـزين عـن المشاركة ! أم إحـتـرموا كلام الـسيد الرئيس ! أم شيء آخـر .
ثالثاً : قـبل سـنين ، طلبتُ من عـضو في الهـيـئة الإدارية ، نسخة من إجازة تـسجـيل الجـمعـية الصادرة من الـدوائـر الحـكـومية المخـتـصة ، فـزوّدني بـواحـدة ( بالإنـﮔـلـيزية ) مشكـوراً . إطلعـتُ عـليها ولاحـظـتُ أخـطاءً في ترجـمتها أفـقـدتها هـويتها . من جانبي ذهـبتُ إلى الـدائـرة المخـتـصة بتسجـيل الجـمعـيات وحـكـيتُ لهم الموضوع ، فأفادوني بأن الأمر في غاية السهـولة ويعالج بملء إستمارة كـلـفـتها ( $70 ) . طلبتُ أن أحـضر الإجـتماع الـدوري للجـمعـية ، وحـكـيتُ لهم الموضوع بالـتـفـصيل ، فكان جـواب السادة ، أنهم سيناقـشون الـقـضية لاحـقاً فـيما بـيـنهم … وعـنـدها إنـتهى دَوري ، أما الـنـتيجة : (1) لم يحـركـوا ساكـناً منـذ ذلك التأريخ وحـتى اليوم . (2) عاتـبوا عـضو الهـيـئة الإدارية بسبب سماحه لي بالإطلاع عـلى تلك الإجازة الرسمية للتـسجـيل !! (( وكأنّ تسجـيل الجـمعـية كان سـرياً ، وكأني أنا أجـنـبي غـريب عـن الجـمعـية ، فلا يحـق لي الإطلاع عـلى تلك الإجازة )) . فـربما تسألـون : ماذا كان موقـف باقي الأعـضاء ؟ … وهـذا هـو الجـواب :
لم يُـبـدوا رأيهم في إعـتـراضي الإيجابي لمصلحة الجـمعـية ــ لا موافـقة ولا رفـضاً وإنما صمتاً ــ . تـرى هـل لم تـكـن لـديهم الـقـدرة عـلى المناقـشة ؟ هـل غـير مسموح لهم ؟ أم أنهم أصنام محـركـة وتلبس ثـياب ؟ أم شيء آخـر ؟ .
رابعاً : أحـد الرجال البارزين في العـراق ( وهـو قـريـب منا ! ) له مكانـته الحـكـومية ، سبق أن تـلـقـّى دعـوة من جـماعة لزيارة أميركا ، فـلبى الـدعـوة وإسـتـُـقـبـِـلَ بحـفاوة وإكـرام (( كـنسياً وشعـبـياً ) . فـفـكـرتُ في أن نـقـدم له دعـوة مماثـلة لـزيارة سـدني وخاصة ليس غـريـباً عـنا . من جانبي لم أرغـب أن أكـون القائم بهـكـذا مشروع ، خـوفاً من أن يلومونـني ( أو ينـتـقـدونـني قائـلـين : أنت لست ممثل الجـمعـية أو الجالـية ) ؟ … لـذلك فـضـلتُ طرح الموضوع أمام الجـمعـية لـتكـتـسب هـيـبة أكـثر مني أنا لـوحـدي ، عـلماً أن الرجـل البارز هـذا ، قال لي : أن أجـور الطائـرة والـفـنـدق والقاعة وباقي المصاريف ، تـُـدفع مِن قِـبـَـل السفارة العـراقـية في سـدني . فـحـضرتُ إجـتماعاً مع كافة أعتضاء الجـمعـية وطرحـتُ الفـكـرة ، فـكان جـواب السـيـد الرئيس فـوراً وبـدون نـقاش : (( عـزيزي ، نحـن لا نـتـدخـل في السياسة )) ! . وعـنـدها إستـغـربـتُ من المشهـد المـكـرر التالي :
وكالعادة ، أن أعـضاء الهـيـئة الإدارية كافة لم يُـبـدوا رأيهم بإقـتـراحي ــ لا موافـقة ولا رفـضاً وإنما صمتاً ــ . تـرى ! هـل لم تـكـن لـديهم الـقـدرة عـلى إبـداء الرأي ؟ أم إحـتـرموا الـسيد الرئيس الرافـض بـدون إستـفـسار ؟ أم شيء آخـر .
ملاحـظة مهمة : بعـد أيام ، رأيت هـذا الرئيس مشاركاً في حـفـل أقامه حـزب سياسي تابع للعـراق ! ولما سألته عـن تـناقـضه ، أجاب : إن مَن يـدعـوني إلى حـفـل زواج إبنه فأنا أحـضر !! … إنه لم يفـسّـر كـيـف يكـون الحـفـل السياسي للحـزب شـبـيهاً بحـفـلة زواج ؟ …. عـيش وشـوف .
خامساً : أنا لا أحـب الـتـباهي ! وإنما بَعـد رجـوعي من العـمل في مطار بغـداد ومعـسكـر التاجي ، رغـبتُ التـبـرع في إقامة حـفـلة للأطفال (( بإسم الجـمعـية ، وليس بإسمي ! )) . فـكـتبتُ رسالة إلى الأعـضاء عـرضتُ فـيها رغـبتي في إقامة حـفـلة للأطفال بإسم الجـمعـية ، وأنا أتحـمل التكالـيف التالية : (( أجـرة الـقاعة وتـزيـيـنها + تكالـيف التـصويـر + هـدايا للأطفال + المأكـل والمشرب للأطفال … ولكـني لا أتحـمل أية سـلـبـية إن ظهـرت ، مثل : كـسر زجاج الأبواب أوالكـتابة عـلى الحـيطان ، فـعـلى أعـضاء الجـمعـية متابعة ذلك )) فـماذا كانت الـنـتـيجة ؟ … رفـض السيد الرئيس إقـتـراحي بـدون سؤال أو جـواب ، ومع الأسـف يتـكـرر المشهـد المخـزي التالي بـدون عـذر :
أن أعـضاء الهـيـئة الإدارية كافة ، لم يُـبـدوا رأيهم في إقـتـراحي ــ لا موافـقة ولا رفـضاً وإنما صمتاً ــ . ولا أدري هـل كانـوا عاجـزين ؟ فاقـدي الـقـدرة عـلى المناقـشة ؟ أم أنهم إحـتـرموا الـسيد الرئيس الرافـض بـدون نـقاش ؟ أم شيء آخـر .
كـنتُ مصراً عـلى تـبـرعي ، فـتـقـدمتُ بالـفـكـرة ذاتها إلى جـمعـية أخـرى ، فـوافـقـوا فـوراً وشكـروني ، ثم أبـلغـوني بأن الكـلـفة تـقارب الـ ($1200) فـسـلــّـمتُ لهم ($1300 ) ، وأقامـوا حـفـلـتين للأطفال بـدلاً من حـفـلة واحـدة في قاعة الكـنيسة .
سادساً : كـنـتُ ضمن جـماعة من ذوي الخـبرة بمثابة هـيأة إستـشارية للجـمعـية ، تـلـقـيـنا دعـوة لحـضور إجـتماع الجـمعـية مع كافة أعـضاء هـيأتها الإدارية في دار السيد الرئيس ، لا نعـرف هـدفها ولا المواضيع التي سـوف تـطـرحها . وعـلِـمنا لاحـقاً أن سـكـرتيرها أوصى كافة أعـضاء الهـيأة أن لا ينـطـقـوا حـرفاً أثـناء الحـوار ( عـداه ) . كانـت غاية الجـمعـية ( تغـيـيـر إسمها ، من ربان هـرمزد إلى أي إسم آخـر ) ، وبعـد تـداول الـنـقاش والأخـذ والـرد في الحـوار ــ وأنا أكـثرهم حـواراً وجـدلاً ــ كانت الـنـتـيجة فـشل الجـمعـية في الوصول إلى مبتغاها . ومع ذلك لم يـقـتـنع أعـضاء الجـمعـية بل طلبـوا إجـراء تـصويت عـلى الإقـتـراح ، فكانت الإحـصائية ــ 3 ــ صوت مع رأي الجـمعـية ( يـوافـقـون عـلى تغـيـيـر الإسم ) ….. وبالمقابل ــ 16 ــ صوت لصالح الإستـشاريـيـن ( بقاء إسم الجـمعـية كما هـو ، ربان هـرمزد ) ، وهـكـذا إنـتهى الإجـتـماع بفـشل غاية الجـمعـية .
وبعـد خـروجـنا نحـن الإستـشاريـيـن من دار السيد الرئيس ، تحاوروا الأعـضاء فـيما بـينهم قائـلين : أن جـماعة الإستـشاريـيـن تآمـروا عـلينا !!!! … هل هـناك سـذاجة أكـثر من هـكـذا ظن ؟ إنهم هم الـذين دعَـونا وليس نحـن .
ولم يـبـق في ذاكـرتي سوى هـذه الـنـقـطة الأخـيرة .
سابعاً : حـين إنـتهـت الـدورة السـنـوية للجـمعـية ، إجـتمعـنا وإنـتخـبنا الأعـضاء الجـدد ، ومباشرة إقـتـرحـوا إنـتخاب هـيأة إستـشارية . فـرفع أحـد الأعـضاء الجـدد يـده وقال : (( أنا أنـتخـب الـرجال فلان وفلان وفلان )) !!! دون أن يتـسـنّى لأي واحـد من الحاضرين تـرشيح نـفـسه ، ولا أن يـرشـح غـيـره ، وذلك خـجلاً أو ربما إكـراماً للمـذكـورين الثلاثة . وعـليه :
فإن أعـضاء الهـيـئة الإدارية كافة ، لم يعـتـرضوا عـلى الأسماء الثلاثة ، ولم يُـبـدوا رأيهم للأسباب المـذكـورة نـفـسها . ولا أدري هـل كانـوا عاجـزين عـن إدراك مفـهـوم الـديمقـراطية ، أم شيء آخـر .
المهم في مقالي هـذا :
إن موقـف أعـضاء الهـيـئة الإدارية في المناسبات البارزة السابقة صار واضحاً ، ونـقـول : (( إلّـلي فات مات )) ، ولكـنه يتـكـرر اليوم عـنـد إجـتـماع الجـمعـية مع جـمهـورها . فـنـحـن نسأل : لماذا تـرشـحـوا رسمياً ؟ لماذا يحـضرون الإجـتماع ؟ لماذا ليس لهم دَور ؟ ……………….
وللـتـذكـير أقـول : في السنين الماضية وقـبل الـتـسجـيل الرسمي للجـمعـية ، لم تـكـن هـناك إشتـراكات سـنـوية ، وكانت الجـمعـية تـنـظم المهـرجانات والسفـرات والحـفلات بأجـور آنية بسيطة ، والحاضرون يجـلـبـون معهم مأكـلهم ومشربهم . وأقامـوا ثلاث حـفلات ( للشباب ، للأطـفال ، لكـبار العـمر ) عـلى حساب الرصيد البسيط للجـمعـية . والآن نسأل : ما الغاية من جـمع الإشتـراكات ؟ ثم بعـد سنوات سيكـون رصيدها آلاف الـدولارات ، ما الهـدف منها في عـصر الملايـيـن ؟ … ودمتم بخـير .
إضافة :
ثامناً : صادف أن أسقـفاً لبنانياً زار سـدني وأقام قـداساً في كـنيسة مار توما الكلـدانية ، وفي وعـظه قال أنه يساعـد عامة العـراقـيـيـن طالبي اللجـوء في بـيروت وبحاجة إلى مساعـدات . إن رئيس الجـمعـية تـبرع بـ ($500 ) بـدون إستـشارة هـيأته الإدارية ، ولا تعـلـيق عـلى تـصرفه . قـد يقـول قائل أن لا حاجة للإستـشارة في هـكـذا موضوع ! فـنـقـول : طـيب ولا بأس . ولكـن حـين زار سـدني كاهـن ( وهـو أقـرب إلينا ! ) وهـو حاليا غـير محـسوب ضمن أية كـنيسة ئس وبـدون وارد مادي ، إقـتـرحـتُ أن تـقـدّم الجـمعـية هـدية مادية له سـنـداً ، إعـتـرض أحـد الوجـهاء قائلاً : ( لا تـفـتـح لـنا هـكـذا باب ) . وعـليه أنا سـكـتّ ُ .
تاسعاً : أقام أسـقـف حـفـلة في قاعة كـنيسته و (( فـرضَ )) عـلى الجـمعـية أن تـشارك بعـشرة مقاعـد كـلـفـتها ($1000 ) . وفـعـلاً شاركـت الجـمعـية بعـشرة من أعـضاء هـيأتها الإدارية ولس من منـتـسبـيها . ولما سألـتُ أحـد مسؤولـيها : ( لماذا جـميع العـشرة من الهـيأة الإدارية … دون المنـتـسبـيـن دافـعي الإشتـركات ) ؟ . قال : نحـن نـتعـب في الجـمعـية ونستـحـق ! . وعـليه أنا سـكـتّ ُ .