الشماس الإنجـيلي : قـيس / سان هـوزيه ـ كاليفـورنيا
جـرت العادة عـبر التأريخ تعـظيم الـورع والـفـنان والعالِم والمعـلم والسياسي والعسكـري والقائـد ووو ….. بعـد وفاتهم وإنـتـقالهم إلى الحـياة الأخـرى
اولا: فـنلاحـظ عـند تجوالنا بـبعـض المدن الأوروبـية تمثالاً في زاوية من شارع وآخـر وسط ساحة صغـيرة أم كـبـيرة ، وعـندما نتسأل أحـد سكان المنطقة عـنه أو نقرأ قـصته نرى أن أسباباً متـنـوعة كانت وراء ذلك النصب . فإما كان شخـصاً أنجـز عـملاً متميزاً أو كانت أماً أو أرملة ضحّـتْ من أجـل تـربـية أولادها أو أبـدعَـتْ في العـمل من أجل أسرتها أو شرطياً أنـقـذ عائلة من حـريق … كل ذلك جعل أهـل المنـطقة يُـقـيموا له ذلك الـنـصب لـيـبقى تـذكاراً لأجـيالٍ مقـبلة
ثانيا: طلبتُ من زميلٍ أن يُجـري الـيـوم لقاءات مع أساتـذتـنا المتميزين وتـقـديمهم بالصورة التي يستحـقـونها ما داموا عـلى قـيد الحياة ، وعـدم الإنـتظار إلى ما بعـد إنـتـقالهم إلى العالم السماوي ( بعـد عـمر طويل ) حـيث تـنبري الأقلام لتمجـيـدهم بالكـتابة عـنهم بعـد أن ربّـوا أجـيالاً
دعـوهم ينـتـعـشون اليوم ويتمتعـوا بمشاعـر الغـبطة لِما أنـتجـوه وعـملوه وما قـدموه لمجـتمعهم وليس بعـد أن يغادرونا ، حـيث لا يشعـرون بلـذة الفخـر فـيُحـرَمون من التمتع بعـبارات المدح في تعـظيمهم وإحـياء ذكـراهم أو رؤية شارع أو مشروع بأسمائهم ، وهم الأولى في تلك الغبطة والفخر
ثالثا: واليوم أتكـلم عـن فـنان شاب ( ولا أستخـدم تعابـير أخـرى كي أحـتـفـظ بحـداثـته وشبابه ) ، والذي لم أحـظَ بالـلـقاء به ولا بمكالمته ، بل ولا تـربطـني معه أية علاقة ومن أي نـوع كانت ، عـدا إنـتمائنا إلى بلـدتنا الكلدانية العـظيمة والعـريقة ، والتي ظلـت تعـيش فـينا بعـد أن عشنا فـيها ، إنها ألـقـوش الحـبـيـبة
نعـم إنه الـفـنان المتمـيز داني أسمرو الذي لا تـُخـفى أعـماله وإِنجازاته عـلى أحـد ، ولا تغـيـب بصماته الحـية عـن تأريخ ألـقـوش الحـديث ، واهمها بناء القوش القديمة-الجديدة . فـفي فـترة قـياسية قـصيرة قام بإنجاز ما يعجـز عـن وصفه عـلى أرض الواقع تطبـيقاً أمام الملأ ، مسترخـصاً كل اِمكانياته وجهـوده ووقـته مِن أجل إنجاز هـذا الصرح مستـقـطباً أنظار الغـرباء قـبل أهل الـدار والأقـرباء ، وخلال وقـت قـياسي وخـيالي متجاوزاً العراقيل بدبلوماسية وسلاسة نادرة .
وأتساءل
لماذا لا نـراهم بالصورة التي سيراهم بها أبناؤنا بعـد عشرات من السنين ؟
لماذا نحـرمهم من لـذة الإنتعاشوالإفـتخار بما أنجـزوه مجَـسَّـداً أمامهم ؟
لماذا نحـرمهم من اِخـتيار الصورة والموقـف للنصب الذي يمجدهم ؟
لماذا لا يخـتارون بأنفسهم الموقـف واللـقـطة المناسبة التي تمثل إنجازاتهم ؟
لماذا نحـرمهم من زيارة نصبهم مع أفـراد عـوائلهم ليفـرحـوا بما أبدعـوا به خلال حـياتهم ؟
لماذا لا يقـفـون أمام تلك اللحـظة ويلـتـقـطون صورةً أمام أنـفسهم لـيفـتخـروا للحظات من حـياتهم وهم مستحـقـوها ؟
لماذا نحـرمهم من مجـدٍ لعـملٍ أنجـزوه وغـيروا فـيه تأريخ وصورة مدينـتهم التي عـشقـوها إلى التضحية بدمائهم ؟
لماذا نـنـتـظر عشرات السنين لـنـقـول عـنهم : (( كان رجلاً عـظيماً وعـمل أكـثر من المطلوب )) … بعـد تركه عالمنا المادي ؟
لماذا نبخل عـليهم مشاهـدة أبناء شعـبهم يقـفـون أمام رمزِ إنجازاتهم بإفـتخار ؟
لماذا ولماذا ولماذا ؟؟؟
ألا يمكـنـنا الـتعـلـّـم من الشعـوب الأخـرى عـندما يصنعـون تمثالاً من الشمع لعـظمائهم وهم عـلى قـيد الحـياة ، ويحـفـظونها بأرقى المتاحـف ؟
ألم نـشاهـد تماثيل الفـنانين والسياسيـين وغـيرهم في المتاحـف وهم أحـياءٌ يُـرزقـون ؟
ألم نـتعـلم من تخـليد شخصيات بعـد رحـيلهم؟ ونعـلل التأخـير لأسباب سياسية وأمنية أو غـيرها؟
ألا نـتمنى لو كان الـذين عَـظّمناهم بعـد رحـيلهم أن يكونوا شهدوا إكـرامنا لهم ولعـملهم المتميز ولو للحـظة ؟
نعم أنا أتكـلم عـن فـنان شاب بمحـياه ، ومهـني متخـصص بإنجازاته ، نـشط يرسم احلامه في واقعٍ جـميلٍ في وضح النهار ويعـرضه بأمانة عـلى الملأ . لا أعـرفه شخـصياً عـن قـرب ولكـن أرى بأم عـيني أعـماله الموثـقة لحـظة بلحـظة ، وأسمع دقات قـلبه بكل خـطوة وهي تـقـول فـديتكِ يا ألـقـوش بأمانة وإخلاص . ينقـل ويسجل للتأريخ تلك الخطوات الإبداعـية عـلى ذلك الصرح الذي لم يكـن في خـيال أيٍ منّا
ولعـظمة ما يقـدمه عـلى الساحة الواقعـية من إحـياء التأريخ بثـقة واِيمان وأمان للوصول إلى ما يصبو إليه ، حـتى جعـل الكـثيرين يعـبّـرون عـن إعجابهم بأعـماله والتساؤل عـن
كـيف ومتى وأين ولماذا ومَن …. ؟ ولا أخـفي عـليكم أنـني في لحـظاتٍ كـنت أحـدهم
ومهما كانت القـصص والتأويلات ، يـبقى الأهم هو ما تراه وتلمسه العـيـون وليس بما يظنـونه من أفكار إفـتراضية قـد تصيب أو تخـيب ، دون أن تـزيد أو تـنـقـص من إبداعات وتفاني في العـمل ونكـران الـذات لهـذا الألقوشي الشهم
نعـم داني أسمروالألقـوشي الأصيل والأمين والمحـب لألقـوش ، وقـف بحـزم وعـناد ثابتين أمام كل الصعـوبات والعـراقـيل المادية والمعـنوية في إنجاز بناء هذه المدينة التأريخـية الـقـديمة – الحـديثة ، ونـقـل صورتها الـقـديمة قـبل إنـدثارها ، ونحـن شهـود لمعالمها في تمثيلها لـواقـعها الـقـديم الذي أصبح بالنسبة لنا جـزءاً من التأريخ ولأولادنا جـزءاً من خـيال يصعـب عـليهم تصوّره . لـقـد جال الشاب داني في أزقة ألـقـوشوإلتقى بكل مَن يمكـنه أن يضيف بأية مساهمة من أجـل نقـل الأمانة إلى الأجـيال القادمة من الهـندسة المعـمارية والتقاليد الإجـتماعـية والعادات الشعـبـية ، او أدوات وأجهـزة فات زمانها وإنـدثر وجودها بسبب تـطـورات التـكـنـولـوجـيا ، فـسـخّـر هـذه وتلك لرسم صورة فـنية جميلة تحكي تأريخ ألـقـوش قـبل عشرات و مئات السنين
بالإضافة الى دور الفنان داني اسمرو الفني الرفيع في اِقامة اَلقوش القديمة مجدداً ، فلهذا الشاب نشاطات رائعة في مجالات متنوعة لا مجال للكتابة عنها واعطائها استحقاقها: مثل الأعلام الغناء والموسيقى والشعر وغيرها . فقط اذكر واحدة منها وهي شغفه وحبه في التوجيه الثقافي والاجتماعي بل وحتى الديني من خلال اِدارة مناقشات وحوارات اِن كان مع اَبناء جلدته من القوش اومع أصحاب الآراء والتخصص ، يقوم بمعالجة السلبيات التي يرصدها بحكمة تنمّ عن عمق التفكير والحب الصادق لتنقية مجتمعه الالقوشي من اية دخائل بعيدة عن نقاء وواقع وتأريخ حبيبتنا القوش وتشدهم مع بعضهم بمحبة واَخاء ، وهذا يعكس بعداً آخر لشخصيته الفذّة
نعم بكل تواضع أطلب من المسؤولين في ألـقـوش ومن الفـنانين و كل من له علاقة في إتخاذ الـقـرار وتـشجـيعه بهـذا المجال ، أن يـبادروا إلى وضع تصميم لـنصب تـذكاري مناسب يثبت للتأريخ ، ما أنجـزه هـذا الفـنان الشاب ويخـتاروا منطقة مناسبة في وسط مدينة ألـقـوش الـقـديمة – الجـديدة لتكـون موقعاً لتمثالٍ شخصي للفـنان المبدع داني أسمرو ، يُـمجّـد عـمله ، لـيـبقى رمزاً لما قـدمه وأبـدع فـيه لخـدمة تأريخ هذه القـرية ، لتحكي للأجـيال القادمة عـن صورة حـياتـنا وحـياة أجـدادنا السابقة ، للمستـقـبل الذي نجهـل الكـثير عـنه والذي قـد يُغِـير معالمه قـريـباً الظرف السياسي والديموغـرافي والديني والإجـتماعي والثقافي
إنّ تسوية منطقة واسعة لاِقامة مهرجانات ثقافـية وفنية وسياسية ايضا في موقع قـريب من الصرح يتم اضافـته الى الموقع الاصلي ، سيكـون أمراً رائعاً
كما يمكـن بناء منـشآت خـدمية وإقـتـصادية مثل متحـفٍ ومحلاتِ بـيع الهـدايا المحـلية والتأريخـية ومطاعمٍ وغيرها لتسخير وارداتها لإحـياء وإدامة هذا المشروع
مع ذلك يمكـن ــ لمَن يرغـب ــ بالمساهمة والتبرع عـنـد لجـنة رسمية مشرفة ومعـروفة
كل هـذه وغـيرها من الخـطوات هي دافع ومحـفـز يكـفي لـبث الحـماس وإِقامة هـكـذا تمثال مناسب تكـريماً لِما قـدمه هذا البطل الشاب
واطلب من المثقفين وبصورة خاصة الالقوشيين من الذين يعرفون الفنان داني اسمرو عن قرب ، ان يُغْـنوا هذا الطلب بآرائهم ومقترحاتهم ليكون نموذجاً لمجتمعنا يُحتذى به لشخصيات القوشية أخرى في المستقبل
أتمنى أن تصل هذه الرسالة إلى المعـنيـين من أصحاب الشهامة بأمانة ، لتأخـذ مجـراها ولـتـذليل الصعـوبات والحـصول عـلى الموافـقات للإسراع في دراسة وتـنـفـيذ هذا الطلب
حضرة الشماس الفاضل قيس
كم و كم من الأحيان تستهلك طيبة قلبك وحسن نيتك من اجل امور تفيد المجتمع الذي تعيش به، وتطوره،، ولكن سدىً تبرد همتك واندفاعك وتنطفيء ديناميكية الموضوع وحتى الغاية منه
اخي الشماس قيس، كلامك ليس فيه إلا كل التقدير ، وكل الاحترام للفنان والانسان الناشط الذي ذكرته، من دون ان تلتقي به، او تكلمه، او تربطكما اي علاقة.
كذلك، كم وكم. من الكلدان ، التقيت بهم، وكالمتهم، وتربطكما علاقات على مختلف الاصعدة ، مدنياً ودينياً، وها هم يغيبون عن الانظار كما يصغر قرص القمر بعد اكتماله ويغيب عن الانظار شيئا فشيئا
ألسنا لحد الآن بصدد (اختيار) قديسين لنكرمهم
اختي العزيزة وسن: عندما تتبلور فكرة بناءة في وجداني ، فلا اتوانى عن طرحها حيث يجب متمنيا الردود الإيجابية من المعنيين لأنها باعتقادي بناءة. اما “برود همتي” قد لا تصدقين ان قلت: ان عدم قبول مقترحي بدون سبب مقنع او السكوت عليه لهو نشوة النصر لي ، لأن ذلك اثبات بان الفكرة لا عيب فيها سوى
عدم تطبيقها
هذا هو العيب الوحيد : عدم نطبيقها على ارض الواقع
ولكوني انسان بسيط افتقر الى منصب اداري او سياسي ، فلا املك قوة تنفيذ ما بداخلي (الآن) ولكن الغد لناظره قريب، اطلب من الرب ان يمنحكِ ويمنحنا العمر لنرى ان لابد ان تُنفذ هذه المقترحات ولو بعد حين. اشكركِ على التشبيه الشعري في : وها هم يغيبون عن الانظار كما
يصغر قرص القمر بعد اكتماله ويغيب عن الانظار شيئا فشيئا… فهذا هو بيت الشعر الذي اغني به ، وهو واضح من عنوان المقال
تقبلي محبتي واحترامي
اخي العزيز قيس سيبي، الذي التقيت به، وكالمته، وتربطنا علاقة محترمة على ارض الواقع بواسطة خدمتنا في ابرشية مار بطرس الكلدانية العزيزة، واليوم تتبلور في هذا الموقع الرائد نحو ما هو اوسع وأرقى من حدود ضيقة يخلقها مجتمعنا، ولكننا نتحرر منها ببساطة لانها ليست للبناء
اشكر الرب لان سفينة النجاة واسعة وتصمد يوما بعد يوم بفاعلي الخير طالما هناك من يقودها قائلاً: “انا الطريق والحق والحياة”. ودمتَ سالماً شماسنا الفاضل قيس، وكل من يلجأ الى هذه السفينة
اما القمر، مهما غاب، فضياءه يعود ويتلألأ لانه اصيل. وهكذا هو كل انسان صافي وأصيل. فلا بد وان تبقى ذكراه واعماله مثالاً تقتدي به الاجيال وفاعلو الخير (حتى وإن كانوا مثلي ومثلك بدون مناصب) من اجل البناء
عزيزتي وسن: ربما وصلتُ الى ما تفكرين به
واذا ترين ان مسألة ما مهمة وتدور في مخيلتك وتؤمنين بها!! فلماذا لا تطرحينها على الملأ
وليكن ما يكن مادمتِ واقفة على حجرة قوية
هذا ما افعله انا من دون تردد
ولا نحتاج الى مناصب لنكتب ولكن المنفذين يجب ان يكونوا اصحاب مناصب
تأكدي ان الحق سيأتي يوماً من دون ان نعلم كيف
لأن الرب معنا وطريقنا هو الحق والحياة
تحياتي
المَـرءُ يُـعـرَف في الأنام بفـعـله
وخـصائل المرء الكـريم كأصله
في الجـو مكـتـوب عـلى صحـف الهـوى
مَن يعـمل المعـروف يُـجـزى بـمثـله
إصبر عـلى حُـلـو الزمان ومُـرّه
وإعـلم بأنَ الله بالغ أمره
البحـر تعـلـو فـوقه جـيـفُ الفلا
والـدرّ مطمور بأسـفـل رمله
وإذا الصديق أسى عـلـيك بجـهـله
فإصفـ‘ح لأجـل الـودّ ليس لأجـله
إيّاك تجـني سُـكـراً من حـنـظل
فالشيء يرجع بالمـذاق لأصله
وإعـجـبْ لعـصفـور يُـزاحـم باشـقاً
إلاّ لطيشه وخـفة عـقـله