الكاتب: حمورابي الحفيد
لكي لا نلدغ ثانية من العقرب البدوي القاتل للمرة الالف لنشحذ الذاكرة والتاريخ المأساوي الذي عشنا كوارثه بعد الغزو البدوي الذي انهى وجودنا على ارض الاجداد خلال 14 قرنا، ومن ينجوا منا يخرج من محنة ليدخل بعد حين في اخرى امر وابشع من سابقتها، فعلى اهلنا ان يتسموا بالحكمة في خيارهم بان يتفاعلوا بذهن متقد مع التحولات والمستجدات الحاصلة عالميا واقليميا وعلى الواقع العراقي المتازم.
وقد علمنا المعلم الصالح ان نكون ودعاء كالحمائم وهكذا كنا مما ادى بنا الى المصير الذي لا نحسد عليه اليوم، وحكماء كالافاعي وعلينا ان نكون ولمرة واحدة كذلك في اختيارنا هذه المرة لتجنب اطالة عذابات الاجيال القادمة.
لا حاجة بنا لسرد كل تاريخنا الماساوي مع الغزات البدو ومن تبدون، لان ذلك يحتاج الى مجلدات لا حصر لعددها. لهذا سأشير الى بعض التجارب المرة مع شركاء الوطن المتبدونين والتي جرعنا مرارتها في العقود الاخيرة وبدون ذنب نرتكبه لكن محنتنا اشعل نارها شركاء الوطن كلما تذكروا انهم بدويين متأسلمين.
ففي العقد السادس من القرن الماضي عند تصاعد المد القومي الناصري والمدعوم بالفكر والادبيات الاسلامية توحش شركائنا في الوطن في منطقة
نينوى وعبروا عن غرائزهم الهائجة في محاربة وملاحقة أهلنا في الموصل وضواحيها مما اضطر من حالفه الحظ بالنجاة بالهروب نحو بغداد والبصرة وباعداد بلغت عشرات الالاف وعلى سبيل المثال لا الحصر تجاوز الوجود المسيحي في البصرة حينها ما يقارب 200000 الف نسمة، هذه كانت من هدايا المكون السني في الموصل، وفي 2014 اكملوا الفريضة بمسح ما تبقى من ابناء شعبنا عندما بلغ شركائنا في الوطن مرحلة التداعش اي اشد التطبيقات الاسلامية ظلامية وتوحشا.
وبعد ان استقر بهم المقام في بغداد والبصرة جاء الدور للاخوة الشيعة للاقتداء بالاخوة السنة فبعد اسقاط الدولة العراقية سنة 2003 وتصاعد الموجة الاسلامية وتسلم احزابها مقاليد الامور في البلد فصعدت الغيرة البدوية لدى الاحزاب الشيعية االتي رضعت من سموم الخميني للقيام بواجبها الشرعي في مطاردة جيرانهم من اهلنا ومحاربتهم بمصادر ارزاقهم مما اضطرت الغالبية العظمى منهم الى الهروب ثانية باتجاه بغداد والشمال ويقال ان ما تبقى منهم في البصرة اليوم لا يتعدى 50 عائلة ان هؤلاء لا امل لهم في مخرج من محنتهم حيث العين بصيرة واليد قصيرة ولا حول لهم ولا قوة لا باللـه ولا بعباده.
وانتقلت نفس العدوى الى بغداد وهنا تضافرت جهود الاحزاب والمليشيات الشيعية والسنية في استهداف الضيوف الغير المرحب بهم من اهلنا فصدرت الفتاوي في واجب ملاحقتهم ومطاردتهم وبكل الوسائل المنحطة التي تباركها العقيدة البدوية من تهديدات بالقتل والاختطاف وسلب الملكيات وتفجيرات الكنائس بالجملة والهجوم على النوادي الثقافية الى غيرها من اعمال دنيئة لا تصدر الا من نفسية صحراوية جافة وبربرية، واعلنت الفتاوي من قبب الماذن وعبر مكبرات الصوت ان لا يشتري المسلمون املاك وعقارات الكفار لانها ملك المسلمين، هكذا كان حالنا على الدوام حيث الغيت مواطنتنا قانونيا واجتماعيا بعد الغزو البدوي لوطننا، كنا دوما اسرى ورهائن تحت رحمة مجتمعية غير متزنة عاطفيا ولا ناضجة عقليا. عند كل صعود للمد الاسلامي في المجتمع تصرف القوم كما كان متوقعا منهم.
فبدأت الاحزاب الاسلامية وفي مقدمتها الشيعية التابعة للمدرسة الخمينية بأسلمت الحياة دستوريا وقانونيا واجتماعيا، وكل الافاق تؤشر على ان بغداد في طريقها الى اشد التطبيقات الاسلامية ظلامية هذا يظهر جليا من توجهات الاحزاب الشيعية واجنداتها فأي فرصة للحياة في ظل مجتمع تتحكم فيه هكذا تشريعات!!!؟؟؟
ولم يغيض هذا التوجه الطرف السني منها لانها من الثوابت الاسلامية، فبدأوا بالدستور كما سبق ان اشرنا اليه في مقال سابق ثم فرضوا على البلاد علم الغزو البدوي للوطن وتوالت التشريعات في هذا الاتجاه لحد اليوم.
هناك تقية تمارسها المرجعيات الشيعية عند تخاطبها مع وجهائنا بالقول ان هذه ارضكم وانتم اهلها الاصليين لا تتركوها، لكن تطبيقاتهم تمحي مصداقيتهم، ففي نفس الوقت يسدون كل مصادر الرزق امام اهلنا من خلال تشريعات اسلامية تنكر حق التملك والحياة لغير المسلم، حتى بلغت المحاصرة والمطاردة حدا شملت المتفقوقين من شبابنا في الجامعات بحرمانهم من التعيين بما يناسب جداراتهم هذا غيض من فيض من المعاملة التي عشنا ويعيش في ظلها من تبقى من اهلنا في المدن المتبدونة.
خلاصة: طريق الآلام:
من هجر وطارد اكثر من مليون مواطن من شعبنا في الداخل والخارج؟
من حرق وفجر كنائسنا واختطف وقتل وذبح أساقفتنا وقساوستنا؟
من اغتصب ونهب وفرهد ممتلكات شعبنا بكل الاساليب الدنيئة؟
من حرق وفرهد ولا يزال مصادر عيش اهلنا واختطف وقتل وذبح من فيها؟
من اختطف اطفالنا وطلب فدية لإنقاذ حياتهم ورغم دفع الفدية استلم الأهل جثث اعزاءهم وأحيانا مفخخة لتنفجر على من يستلمها؟
من فعل كل هذا؟؟؟
قطعا لم يكن الاكراد.
فأي مستقبل او حياة لمن تبقى في تلك البيئة الموبوئة الرافضة لهم؟
والان قيل ان قضاء تلكيف في الموصل مقسم بين سلطة ملالي بغداد وسلطة الاقليم كمنطقة متنازع عليها وان جماعة المجلس الاسلامي الاعلى وليد المدرسة الخمينية عمل ولا يزال وبكل الوسائل يعمل لتشييع تلك المنطقة، لهذا ان منح اهلنا الفرصة في حق الاختيار، فالانتماء للاقليم هو الاختيار الامن ولقد ابدت القيادات الكردية ترحيبها بهم وهناك من الوقائع تبرر ذلك منها:
ان الشعب الكردي ليس بدوي المنشأ وهم ايضا اغتصبوا بالسيف وهم بدورهم ضحايا الغزو البدوي الذي فرض ثقافته الدخيلة عليهم، فمنهم من تلوث بشوائبها ولكنها لم تقتل فيهم اصالتهم الراقية كقوم اندو اوروبيين واصحاب ديانة راقية ذات ابعاد انسانية وحضارية تحديدا الزرادوشتية.
لهذا لم نجد يوما حتى اسلامييهم قد تعرضوا الى كنيسة او مارسوا ضغوطا بهذا الاتجاه، هذا لا يعني انهم ملائكة لكن ما حدث من اعتدائات وتجاوزات عبر الزمن كانت بدافع تلوثهم بالطبائع البدوية.
هذا ما اثبتوه في تجربتهم الوليدة باحزابهم العلمانية وانفتاحهم العقلاني وصحوتهم من تاثير المخدر البدوي وكل المؤشرات تدل على ان المجتمع الكردي هو في طريقة الى الانفتاح نحو الحرية والحياة ونبذه وابتعاده من اللوثة البدوية التي ابلتي بها والتي سوقت تحت ما سمي بالاسلام.
نجد ان قياداتهم اعلنت رغم الصعوبات التي تضعها سلطة الملالي في بغداد امامهم، ترحيبهم بكل مكونات شعبنا المطاردة من قبل شركاء الوطن في الجنوب، وفتحت كل ابوابها امامهم وكان رئيس الاقليم قد خاطب اهلنا مرة بالقول مرحبا بكم بين اهلكم اننا اما نعيش كرماء سوية او نموت بعز سوية ووعد ببناء مسكن لكل عائلة تحفظ كرامتها الانسانية، لكن المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها الاقليم بتأثير الحصار من كل طرف من اخوتهم في الاسلام احال دون ذلك، لكن الاهم هو الامان الذي يسود الاقليم كله، ولا توجد اية حساسية من المجتمع الكردي تجاه ابناء شعبنا، وان حصلت بعض التجاوزات فهي صادرة من جهات متأسلمة لا زالت تحت تاثير اللوثة البدوية المكتسبة، وليس من طبيعتها ولا من قيمها الكردية اذ ان العقلية الكردية منفتحة على التمدن والتحضر والاندماج مع الشعوب الراقية وهذا ما اثبتته الجاليات الكردية في بلاد المهجر، على خلاف الجاليات البدوية التي تقوقعت على نفسها وكل همها هو بناء الجوامع وبدونة الاحياء التي تسكنها وحولتها الى اوكار للجريمة المنظمة بكل اشكالها، وأصبحت عدوة لمحيطها الجديد الذي تعيش على هباته.
فان اريد لمن تبقى من اهلنا البقاء في الوطن فالخيار السليم هو الانتماء للاقليم، لكي لا يعيد التاريخ نفسه كما كان خلال 14 قرنا… املي في اهلنا ان تتغلب عندهم الحكمة والعقلانية في اختيارهم ان ارادوا مستقبلا لاجيالهم ممن يفضل البقاء على ما تبقى من ارض الرافدين… تحياتي
2017 – 04 – 05