من يمين: الاب فادي ايشو، المرحوم الانبا ابراهيم الياس يوسف، مثلث الرحمات المطران ابلحد ربان، المرحوم الانبا قرياقوس ميخو، يوم رسامتي الكهنوتية في دير الرهبان الكلدان في دورة في عيد التجلي 1989
بقلم: الأب نوئيل كوركيس
علاقة الأب بالأبناء:
هل يعتقد غبطة البطريرك مار لويس ساكو ان غبطته أثمن من غيره فيذهب ليعالج نفسه في مستشفيات الغرب؟ إذ ان آخر علاجاته كانت في جنوب إيطاليا لعلاج عيونه. ولكنه لم يزور وكيله الأنبا قرياقوس، وإنما كلنا نتذكر كيف قام بزيارة الممثل العراقي يوسف العاني في المستشفى، وهذه الزيارة كانت فقط للدعاية الإعلامية لأن غبطته مُعجب كثيراً بالتظاهر إعلامياً كما يعرف الكل.
فهو يحترم من لا يحترمه وينتقص ممن يعطه الإحترام.
بمناسبة انتقال أخي وصديقي الأنبا قرياقوس ميخو الى الأخدار السماوية أتذكر أعماله الإنسانية والأخوية:
عرفتُ الأنبا المرحوم أكثر عندما كان كاهناً مساعدا للمطران ابلحد ربان في السليمانية، وكنت آنذاك جندي، وكان الأب المرحوم يخدم المؤمنين بكل محبة وتفان، وكانت أبواب المطرانية مفتوحة تستقبل الجنود القادمين من جبهات القتال للصلاة والتبرك والمساعدة، فكان الأب المرحوم يقوم بواجبه الإنساني تجاه الجميع بدون تمييز.
تاريخياً كانت كنيسة مريم العذراء في السليمانية تابعة لأبرشية سنا الكلدانية في ايران (شيدت في عهد البطريرك مار يوسب السادس اودو) الى حين تقسيم الحدود فأصبحت وكالة بطريركية حتى مؤخرا، وخاصة في السنوات الأخيرة كانت تحت إدارة الكهنة الرهبان الكلدان الى ان استحوذ عليها الأسقف مار لويس ساكو وربطها في أبرشية كركوك لأن غايته كانت سياسية أكثر من ان تكون كنسية، ولأنه كان بأمل ان يكون لكركوك والسليمانية حكم ذاتي مستقل ادارياً عن أربيل، من يعرف يا ترى لربما يتحقق هدفه في المستقبل وخاصة الأكراد انفسهم في صراع أبدي طلباني وبرزاني.
البطريركية وتدخلها بالرهبانية:
اليوم والكل يعرف وخاصة القريب من الرهبان الكلدان، ان لكل راهب حكاية وقصة مع غبطة البطريرك ساكو منذ كان كاهناً وثم اسقفاً والآن بطريركاً، لربما له العقدة بسبب انتمائه للمدرسة الرسولية في دير مار كوركيس في الموصل منذ كان طفلا صغيرا قبل ان يتحول الى معهد مار يوحنا الحبيب الدومينيكي المموّل من قبل الدولة الفرنسية الى أغلقت أبوابه في الثمانينات من القرن الماضي. واليوم الكنيسة الكلدانية تدفع ثمن الفكر الدخيل والأجنبي بإزالة كل ما هو أصيل للشعب الكلداني من حيث الهوية واللغة والطقس والفنون والميراث الروحي وتبديله بما هو هزيل ودخيل في تطبيله بالتأوين والتحديث فصار غبطة البطريرك ساكو يتدخل في كل شيء حتى انه نصب نفسه بطريركاً للمسلمين وجعل الكنيسة على مقياسه (شخصنة الكنيسة)، كما جعل من مكان الدير أداة استغلال للصلاة مع المسلمين وإقامة الموائد الرمضانية والفطور وقراءة القرآن في باحة دير السيدة – القوش مهد نهضة الكنيسة الكلدانية بلغتها وطقسها وعاداتها وتقاليدها، مما جعل ان يصبح هذا كتقليد رهباني يشارك به الرهبان كل سنة! ويأتي السؤال هنا: هل سمعتم من قَبل في تاريخ الرهبنة الكلدانية براهب يتقاضى راتباً شهرياً من جهة سياسية؟؟؟
لقد صرح البطريرك ساكو ولعدة مرات متكررة مستهزئاً امام الرهبان عندما كان كاهناً وأسقفاً قائلاً لهم: .. انتو دراويش ..، لأنه لا يعترف أبداً بالرهبان الكلدان، والى اليوم نرى تدخله الذي كان بذريعة التدخل في شؤون أبرشية مار بطرس انتقاماً من سيادة المطران سرهد الذي أسس دير للرهبان الكلدان في سان دييكو.
كذلك ان للبطريرك ساكو قصص وحكايات مخجلة مع الرهبان لا يمكن ان تكتب هنا ولكن لمن يهمه الأمر يمكنه ان يسأل الرهبان الكلدان.
بكل أسف، لقد دمر بطريرك الكلدان الرهبانية الكلدانية من بكر أبيه وبالتعاون مع المدبر الرسولي الحالي جوزيف عبد الساتر الماروني الذي هو غير مرغوب من جميع الرهبان حتى اللذين في القبور. وأن الرهبانية الكلدانية تلفظ أنفاسها الأخيرة امام عيون لمن يدعي الخير لها كما كان الأنبا المرحوم قرياقوس يلفظ أنفاسه أمام غبطة البطريرك مار لويس ساكو.
وهنا اريد ان أنوّه ما قامت به الرهبانية تاريخياً لكنيستنا الكلدانية:
اذكر ان هناك عمالقة غيروا التاريخ منهم: البطريرك مار شمعون الثامن يوحنا سولاقا شهيد الاتحاد (1552-1555)، الأب جبرائيل دنبو مجدد الرهبنة (1808- 1833)، البطريرك مار يوسف السادس اودو الشجاع (1847- 1878)… هؤلاء الجبابرة قاموا بنهضة الكنيسة، روحياً وطقسياً وإيمانياً وأخلاقياً، ولي كل الأمل بأن نهضة الكنيسة الكلدانية سوف تكون على أيدي احفادهم الرهبان لترجع كنيسة الكلدان شامخة وتسترجع مسارها الأصيل وحضارتها التي دُمِّرت في السنوات الثلاث الأخيرة على يد غبطته الذي ابتلت به كنيستنا الكلدانية وشعبنا الأصيل والحائر.
وهنا أودّ ان أذكر قول الأخ الراهب التقي مقاريس الذي توفى مؤخرا بعمر 95 “.. جبرائيل دنبو جدد وفتح الدير والأب جبرائيل كوركيس سوف يغلقه…”. وهذه النبوءة تحققت بالتعاون مع البطريرك الحالي، فليعرف الجميع ان هذا الراهب، جبرائيل كوركيس قد ساعد بكل قواه ان يدمر هذه الرهبانية مع غبطة البطريرك ساكو.
لذا فحسب تطورات الوضع في المنطقة “ها أنه يترك بيتكم خراباً” فلا أمل في بقائكم في العراق الذي لا تنتهي صراعاته الدائرة منذ زمن، والذي يدفع ثمنه هو ذلك الشخص المسكين المسيحي بالرغم من تصريحات البطريرك ساكو بقوله: اننا باقون في العراق مهما كلف الأمر، وقيامه بإتصالات مع دوائر الهجرة والدول المعنية بعدم قبولهم، مع هذا، لا أحد من الناس يعيريه اي اهتمام لأنهم يهاجرون للوصول الى بر الأمان من أجل مستقبل أبنائهم. وهذه الحالة هي أكثر من طبيعية حيث نقرأ في الكتاب المقدس في سفر التكوين عندما يأمر اللّـه أبرام للخروج من اور الكلدانيين الى الأرض التي سوف يريه. وأيضا في حلم مار يوسف كما يقول له ملاك الرب أن يأخذ الطفل وأُمه ويهربوا الى مصر. وكذلك يقول يسوع المسيح: اذا ما اضطهدوكم من هذه المدينة اذهبوا الى الأخرى.
أيها الأخوة الكلدان أبناء امتنا العزيزة، ان هجرتنا الى بلد آمن هي اليوم ضرورية ومهمة للحفاظ على ما تبقى من شعبنا الى ان يحين الوقت للرجوع الى بلاد النهرين، كما نصلي في عونيثا طقسنا الكلداني لصلاة الشهداء في الصباح ليوم الثلاثاء: أثرا وأثرا شنَيتون، ومن مَرخون لا شنَيتون، وكل أثرا دَعبَرتون بِه، سيمَث حَيي سمتون بِه.
لذا ندائي الى إخوتي الرهبان:
كل من هو ذو ضمير حي، ان بقاءكم في العراق وفي ديركم بعدما انحرف عن أهدافه لهو موت لكم، إهربوا الى بر الأمان، فلا أمل لكم ما دام غبطة البطريرك ساكو على سدة كرسي البطريركية المسكين.
ويا أيها الإخوة الرهبان، استعيدوا أمجادكم وحرروا أنفسكم من قيود العبودية بحجة الطاعة العمياء التي هي بشكلها الحالي كالعبودية، واهربوا الى مكان آمن كي تمارسوا إيمانكم بكل حرية في البلد الذي تحلمون به لينطلق اشعاعكم الروحي مرة اخرى والذي نحن بأمس الحاجة له “غيرة بيتك أكلتني”.
وأخيراً أقول عن تأسيس الرهبنة في سان دييكو:
ان الكثير من الناس ومنهم الرهبان لم يعرفوا ماذا كانت حقيقة فتح الدير وتأسيس كيان تابع للرهبنة في أميركا، حيث كان الأنبا المرحوم قرياقوس بنفسه مشجعاً ومتحمساً لذلك شخصياً، وكانت هذه الغاية، فبدأنا في تخطيط ذلك لأننا كنّا نعيش اثنين اثنين رهباناً في كنيسة واحدة وأيضاً نهتم بخورناتنا. كذلك تم شراء دير مار كوركيس في مدينة بيرس- ريفرسايد – كاليفورنيا، كي يمارس نشاطه الروحي بإدارته من قبلنا في عهد مار سرهد، الا أن إلحاح الرئاسة الغير المتفتحة الأفق بعد المرحوم الأنبا قرياقوس أصبحت عائق لذلك.
وقد حاولنا عدة مرات فتح الدير ولكن بدون جدوى، الى أن أسس مار سرهد جمو رهبنة فعلة الكرمة لدير مار يوسف المبني على الروحانية المشرقية لكنيستنا الكلدانية، وسيادته غني عن التعريف بهذا الخصوص، فانضم شباب عطشين روحياً الى هذا الدير الذي سماه دَيْر مار يوسف البتول، إلا أن هذا الدير أُغلق اليوم وسوف يتم بيعه وإخراج مؤسسه المطران سرهد المتقاعد (الذي أراد ان يقضي سنين حياته الأخيرة كراهب في هذا الدير). وأيضاً يعتبر غلق الدير هذا من منجزات المدبر الرسولي سيادة المطران شليمون وردوني الذي قال بأنه جاء ليصلح ويبني أبرشية مار بطرس!
وختاماً: تعازينا القلبية الصادقة لكنيستنا ورهبنتنا الكلدانية العزيزة بفقدان أحد أعلامها الأصلاء، وتعازينا الى أهالي ومُحبّي وأصدقاء الأخ والصديق الأمين الأنبا قرياقوس ميخو.
ملاحظة: سوف أُقيم القداس على نية الأنبا المرحوم في يوم السبت (10 أيلول) في تمام الساعة السادسة مساءا في دار والدي في مدينة الكهون (سان دييكو).
الانبا قرياقوس ميخو والاب نوئيل كوركيس
شيكاكو 1993
ألاها محاسيليه الأنبا قرياقوس ميخو
حقاً ان هناك رهباناً وكهنة وأساقفة وبطاركة كلدان أصلاء عاشوا بمعاناة وحملوا صلباناً وماتوا بكرامة أمينين لمبدئهم وميراثهم الإنساني والروحي، لكن ذكراهم ستبقى الى الأبد تاريخاً وشعاعاً منيراً للحق والإيمان يُلهم إخوتهم الرهبان والكهنة الكلدان الذين من بعدهم ان كانوا قد تربوا قريبين منهم او من البعيدين الذين قد تأثروا بهم وبأصالتهم. وبالأخص بعد ان توضحت لنا اليوم كثيراً من الأمور، نحن المؤمنين الذين هم عضو مهم وفعال في كل كنيسة كلدانية، بأن كنيستنا الكلدانية واكليروسها يعيشون اليوم زمناً مؤلماً حقاً يسوده الظلم والإنحراف والضعف في مواجهة الحق وإظهاره، فيالتأكيد مهما كانت الحقيقة مؤلمة ومخجلة وحادة لبعضنا من جهة، لكنها من جهة اخرى، وعندما تظهر في الوقت المناسب، تكون الحل الوحيد لإيقاظ الضمائر، وهز العزيمة، وتحريك النفوس الصافية والأمينة (على غيرة بيتها) لقول الحق برفضها للإنحراف من أجل الحفاظ على ما كان يؤمن به ويكرز به ويطبقه اولئك الأصلاء والأمناء والأوفياء الكلدان الذين تركونا ورحلوا في رحمة الرب
شكرا على كلماتك الجميلة مشاعرك الرائعة ابونا نؤيل… خالي العزيز ابونا قرياقوس في آخر فتراته كان حزينا جدا لما كانت تعاني منه الرهبنة كان جدا حزينا وهموم الرهبنة في قلبه
اتذكر في عهده عندما كان رئيسا عاما شهدت الرهبنة عصر جميل وامتلاء الدير بل رهبان