المقدمة :
انشغل العالم بنشر خبر وفاة ( البابا فرنسيس ) .. لكن الملفت للنظر انشغال مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة العراقي منها ( ليس بخبر الوفاة ولا احترام موقع ومكانة الراحل عنا ) انما ( بمن سيخلفه !!! ) وكأن ناشر ومروّج تلك الأخبار كان ينتظر تلك الساعة بصبر كبير غير مكترث بوداع شخصيّة أثرت ليس فقط ايمانياً بل على الساحة الدولية ايضاً فقد تميّز بأجمل الصفات واهمها ( التواضع على الرغم من انه لم يخلوا من الزلات ) وهذه مسألة طبيعية يتّصف بها كل ( بشري ) والمثير للشفقة ان العراقيين من الكلدان حصراً بدأوا يروّجون ما خرجت به احدى الصحف من ان ( اقوى مرشح ليكون البابا القادم هو الكاردينال لويس ساكو ! )
وكان ( الاستياء لدى البعض والتشكيك عند آخرين والامتعاض والتمني والمباركة لدى البعض ) وكنت من المتوقّعين لهذا الجدل لكون شخصيّة البطريرك الكاردينال ساكو مثيرة للجدل لكونها تحمل بين طياتها ( التناقض , الإثارة , الفضائح , السب والشتم للمعارضين , السلطوية , التحريض , واعظمها ” النرجسيّة ” ) من هنا نستنتج وبقوّة ان هذا الموضوع وراءه حضرته فهو من دفع هذا الخبر ليتصدر واجهة تلك الصحف ليشعل مواقع التواصل الاجتماعي ( المسيحية الكلدانية وهذه ليست المرّة الأولى ) له فقد اعتاد هذا الأسلوب مذ كان كاهناً في كنيسة ام المعونة في الموصل فهو ( يعشق نرجسيّته إلى حد الإذلال ) ..
من سيكون البابا الجديد :
من خلال دراستنا لتاريخ الكنيسة الكاثوليكية منذ تأسيسها ولحد يومنا هذا وصلنا للآتي :
1 ) العقيدة الكاثوليكية ( عقيدة دين ودولة ) ابتدأت بعد استلامها مهام قيادة الإمبراطورية الرومانية بجانب ( القيصر ) ( نتائج مجمع نيقية 325 م والحقتها مجمل التحضيرات للتحويل من الوثنيّة إلى المسيحية اخذت عدّة سنوات لتثبيت الأقدام )
2 ) شاركت الكاثوليكية في رسم المعالم السياسية للإمبراطورية .
3 ) أعادة التموضع فنقلت الولاء من الإسكندرية حيث كان اول بابا ( اسكندري أي مشرقي ” البابا اسكندروس ” ) واستمرت تلك القيادة إلى آخر بابا شرقي ( ان لم تخونني الذاكرة ليليان ) في القرن الخامس الميلادي ما قبل 480 م ( ومنها كانت ردّة الفعل الشرقية في ” مجمع خلقدونية 480 م “ بأنهم اعلنوا الانفصال عن العقيدة الام بعقيدة جديدة اطلقوا عليها تسمية ” الأرثدوكسيّة ” أي الطريق القويم او الصحيح تمرداً على استلام البابا الجديد لمهمات القيادة الروحية والسياسية لروما واطلقوا على العقيدة الأم ” الكاثوليكية “ ) فاحتل الولاء القومي لروما ورافقه الولاء الروحي إلى ستينيات القرن الماضي بعد تولي البابا يوحنا بولس البولوني مهام بابا روما ( بعد اكثر من 400 عام )
4 ) ان انتخاب البابا يوحنا بولس لم يكن اعتباطياً فقد كان بالإضافة لروحانية البابا كان وراءه هدف سياسي .. وهو ان الشيوعية في وقتها كانت تغزوا العالم فكرياً وكانت روما تشعر بخطرها الكبير على مستقبل اوربا لكون ان ( الأيديولوجيتين متضادتين ) فالشعار الذي اطلقه ( ماركس وتبناه لينين ومن خلفه كان من اخطر الشعارات … الدين افيون الشعوب … ) لقد كانت بولونيا وقتها على جرف الهاوية فما كان من الفاتيكان إلاّ انتشالها وكان هذا من أهم أسباب صعود البابا البولوني لتغيير حال إلى حال ( والتاريخ بعدها يشهد للمتغيّرات التي حدثت في بولونيا من زيارة البابا لها وكيف استعادت بولونيا مكانتها الروحية في اوربا والوقوف في وجه التيار الشيوعي فيها ) .
5 ) البابا بندكتس ( المانيا ) بابا يحمل روحانية راقية التزام أدبي واخلاقي رائعين لا يقبل الفساد ولا يهضم الفاسدين بالإضافة للفترة التي جاءت به كانت مرحلة مهمة في التاريخ الألماني وتأثيره على اوربا لكنه مع الأسف لم يستطع اكمال مسيرته ليحقق الغاية التي جاء من اجلها لاصطدامه بعجلة السياسيين والتجار الذين لهم تأثير كبير في قيادة الدولة الفاتيكانية ولهذا آثر الابتعاد توخياً للتصدّع والصدام .
6 ) البابا فرنسيس ترك بصمة مميّزة في أروقة الحكم في الدولة لم يخلفه احداً من قبله فقد كان رجل التواضع والسلام بالإضافة إلى ايمانيته الراقية … احبه كثيرون لمصداقيته ومحبته , لكنه لم يخلوا من أخطاء لكونه ( انساناً أي بشرياً ) فقد ( غلا في تواضعه كثيراً كذلك في دعوته للسلام … وبكل تواضع سنكتب عن ذلك استكمالاً لما كتبناه سابقاً ) .
من القادم الجديد :
وهنا لا بد لنا وحسب المعطيات ان نحلل من سيكون البابا الجديد الذي سيقود الفاتيكان والتساؤل هنا : هل سيكمل ذات مسيرة البابا فرنسيس ام ان هناك مرحلة جديدة للمنهج السياسي للفاتيكان ؟؟
*** هناك ( 136 ) كاردينالاً دون سن الثمانين جميعهم مرشحين ليكونوا البابا المستقبلي وهم عينهم الذين ينتخبون البابا الجديد ولكن يشترط ان لا ينتخب احدهم نفسه .. لكل هؤلاء ( اضابير ) تؤشر على مسيرتهم الإيمانية من ( أعمالهم واقوالهم ) توزّع عليهم جميعاً ليطلعوا على مسيرة كل واحد فيهم ( سي دي ) ويسمح لأي منهم الانسحاب عن المنصب بدون تقديم الأعذار لكنه ملزم بالانتخاب .. الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي افرزت ( عشرة منهم فقط اكثر حظاً للحصول على المنصب ” نسبة لعطاءات كل واحد منهم ” وهذه توقعات فقط ) على الرغم من ان هذا الترشيح لا يؤخذ بنظر الاعتبار .
ماهو توقعنا للبابا الجديد :
1 ) سيدرس المجتمعون الوضع الدولي والداخلي لدولة الفاتيكان والعالم وتأثير سياسة البابا فرنسيس على علاقة الفاتيكان بالعالم ليضعوا اول لبنة في عملية اختيارهم ( هل سينتخبون بابا يكمل مسيرته السياسية .. ؟ ) ام ان هناك مستجدات سياسية يفترض اتباعها مستقبلاً .
2 ) دراسة واقع الانقسامات ( التكتلات ) الدولية وتأثيرها على العالم وكيف للفاتيكان ان يكون جزءً من هذا العالم .
3 ) ما هي المناطق التي انحسرت فيها الكاثوليكية وتحتاج لاستنهاض وما هي المناطق الأكثر سخونة في محاربة الكاثوليكية بصورة خاصة والمسيحية بصورة عامة .
من هذه المعطيات نتوقّع ان يكون البابا الجديد ومن ( العشرة الأكثر حظاً )
أ ) من افريقيا لمواجهة التحديات التي تواجهها القارة السوداء من إرهاب للمسيحيين ودعم الإيمان المسيحي ومن اجل كرامة المسيحيين فيها
ب ) من اسيا الصفراء ومن ضمنها الفلبين
ج ) من إيطاليا ( تحديداً ) لإستكمال مسيرة البابا فرنسيس ولعامل التأثير الأوربي وبناء مهمات جديدة للدولة الإيطالية في العالم .
الرب يبارك حياتكم جميعاً واهل بيتكم
اخوكم الخادم حسام سامي 25 / 4 / 2025
Add Comment أضف تعليق