إجدد دعوتي لكم جميعاً بالتغاير في عمل الروح وتسليط الضوء على أي بصيص ضوء هنا وهناك خصوصاً ونحن في زمن الدنح بحسب تقويم كنيستنا الكلدانية البهي. هذا الزمن الطقسي الذي يحثنا على العبور من الظلمة الى النور ومن الضلال الى معرفة الحق ومن اللاإنسانية الى إنسان مُحِب لأخيه الإنسان وهذه هي إرادة الله لأننا على صورته ومثاله خُلِقنا.
للتذكير أحببت أن أُنَوّه بأني أكتب ماأكتب من خلال ملاحظاتي وخبرتي ورؤيتي الشخصية لهؤلاء الظواهر الفذة وليس بالضرورة ان يكون لي أي معرفة شخصية لهؤلاء مع اني عايشت بعضٌ منهم عن قرب فتأثرت بأفعالهم وأقوالهم وطروحاتهم، فكان لزاماً عليٍّ وللمنفعة العامة لكل أبناء كنيستي الكلدانية أن أسلط الضوء عليهم ليكونوا أمثلة حيّة للعطاء والبناء الروحي والآنساني على السواء. ليس بالضرورة كما سيرى أخي القاريء في الحلقات القادمة بأن هذه العلامات المضيئة تنحصر على الآكليروس فقط. دعوتي لكل من يرى أي نقطة مضيئة هنا وهناك وأحّبَ المشاركة ومن على هذا الموقع “أنا كلدايا” له منا كل الحب والتقدير والدعم وهكذا سنتغاير في عمل الروح لتغدو حياتنا جميعا مضيئة ليَسْهٌل علينا تعقب خطوات الرب يسوع واللقاء به يوماً في الملكوت.
الزوجة الصالحة والام الصالحة.
في خضم معترك الحياة وقساوتها، ورياح الهموم والآمراض والمشاكل التي تعصف بنا وعلينا بشكل متواتر والذي يزيد الطين بلة هو قسوة الانسان بتعاملاته مع أخيه الانسان واللامبالاة التي قصمت ظهور العلاقات الانسانية نجد أنفسنا في تضاد مع أول جملة من الكتاب المقدس “إن الله خلق كل شيء حسن”.
قد نتفق بإن الواقع مؤلم وعالمنا اليوم الذي باتت فيه القيم والآخلاق مدعاة للسخرية وعدم الإنفتاح، والرأفة والرحمة عنواناً للجبن والضعف والإستهتار وعدم الإلتزام بواجباتنا والتنصل منها والإنشغال بتفاهات قد طَفَت على سطحِ واقعنا. كل هذا عكس بالسلب على حياتنا الزوجية وعلى تكوين الاسرة. لكن في الجانب الاخرتنبري نسوة أقل مايمكن أن نقول عنهن هن أمناء على ميراثهن وتقاليدهن الإجتماعية الإيجابية وأٌصلاء بالحفاظ على مبادئهن وقيَمِهِن وبصيص أمل بالضِد من الخلل بالمفاهيم وضوء خافت في نهاية النفق ليقول لنا لازال العالم بخير.
وهذا ماجعل من محطاتنا التالية ( سلمى كوركيس، خيرية متي، لبيبة زرا) هذا البصيص والمثال الحي الذي يُحتذى به.

ما يميز هؤلاء النسوة الصالحات بالمجمل هو اللطف، الحياء، الأدب، والعفة، وهذه كلها ثمرة من ثمار الروح القدس، كما يعلن لنا العهد الجديد (غل5: 22). فالمرأة اللطيفة تجعل أسرتها في نعيم؛ لأن اللطف هو الرقة في التعامل، ومراعاة مشاعر الآخر، وتشجيعهن بالكلمات الطيبة، وحتى الأمور الصعبة توصلها لزوجها وأولادها بطريقة مقبولة ومحتملة. فاللطف اهتمام ومحبة وحنان، يجعل الزوج والابناء في راحة وفرح.
الحياء، الأدب، العفة، فالحياء أن تخجل من فعل الشر، وتكون متضعة. إن هذه الصفة عظيمة جدًا في المرأة، يصفها الكتاب المقدس بأنها نعمة فوق نعمة، وأدب الزوجة هو احترامها لزوجها في الكلام والتصرفات والنظرات مع احتشامها في ملابسها، كل هذا يجعل زوجها وأولادها فخورين بها، ومطمئنًين لها، مما يعطيهم سلامًا داخليًا؛ والمقصود بالعفة؛ الطهارة، النقاوة، هو ضبط النفس في كل شيء، فتستخدم المرأة الماديات المختلفة بمقدار يكفي لأجل احتياجها، وليس في طمع، أو شهوة زائدة. هذه العفة قيمتها عظيمة جدًا تفوق كل الماديات التي في العالم، لأنها تحيا لله وفيه وتحب كل من حولها؛ لأنها تعلم بإن السعادة ليست بالتملك ولكن بالعطاء.
سلمى كوركيس، خيرية متي، لبيبة زرا كأمهات قد لايختلفّنَ عن الكثيرين من الامهات ولكن لهن بالغ الآثر على كُلِ من يعرفهن كأيقونة للأم الصالحة. فهن زوجات أصيلات عَرِفنَ كيف يكّن داعماتٍ لإزواجهن وأٌسرِهّن في وقت الشدة ووقت العَوَز فحققن مشيئة الرب وصانوا كلمتهن أمام مذبحه المقدس حين تلى عليهم الكاهن في يوم بٌّراخهن بما معناه “هل ستكونين معه في السراء والضراء”.
هؤلاء الآمهات كان لهن أعظم دور في بناء أُسرَهن وبناء أولاد صالحين ودوراً محوريًا في التربية الروحية لأبنائهن، فإن إرشاد الأم وتعليمها الحنون كنوز لا تقدر بثمن، كما هو موضح في سفرألآمثال 20:6-22 إذ يقول: “يَا بُنَيَّ، احْفَظْ وَصِيَّةَ أَبِيكَ يَا بُنَيَّ، وَلاَ تَتْرُكْ تَعْلِيمَ أُمِّكَ يَا بُنَيَّ. ارْبُطْهُمَا عَلَى قَلْبِكَ دَائِماً وَارْبِطْهُمَا فِي عُنُقِكَ. إِذَا مَشَيْتَ تَقُودُكَ إِذَا مَشَيْتَ تَقُودُكَ، وَإِذَا اضْطَجَعْتَ تَحْرُسُكَ، وَإِذَا اسْتَيْقَظْتَ تُحَدِّثُكَ “هذا التشبيه الرائع يبرز أن تعاليم الأم هي بمثابة مرشد دائم يقود أولادها نحو طريق الاستقامة والصلاح.
فهنيئاً لنا أمهات كسلمى وخيرية ولبيبة والرب يبارك بكن ويٌمطِر عليكم كل نِعَمِهِ وبركاتهِ.
والآن إختي العزيزة وأخي الكريم لنبحث ونٌمعِن النظرعن فضائل الناس وثمار الروح القدس فيهم وليس عيوبهم. فكم من أمٍ وزوجةٍ صالحة نستطيع تكريمها بعيوننا وأفواهنا وقلوبنا.
الشماس الانجيلي صباح حنا الشيخ
Add Comment أضف تعليق