يوسف جريس شحادة
منتدى أبناء المخلص _ كفرياسيف
نقرأ هذا الانجيل المقدس في الاحد الثامن بعد الصليب*.
وقفة والنص.
الآية 25 : “وَإِذَا نَامُوسِيٌّ قَامَ يُجَرِّبُهُ قَائِلًا: «يَا مُعَلِّمُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟»” قارن، مت 35 :22 و 16 :19 ومر 17 :10 ولو 18 :18 .بعض الترجمات تستهل النص : “في ذلك الزمان”، والغاية لا تحديد للزمان، تجربة الناموسي للمسيح انه ذاع صيته بين الناس انه يعلّم بعدم نفع الناموس ويدعو بتعاليم جديدة منافية للناموس، وتوّجه للمسيح بلقب “معلم”، من باب التملّق والثناء.
معرفة الشريعة دلالة لمعرفة سرّ التجسّد الإلهي، أي معرفة الحق.
ورد هذا الحوار عند مرقس ومتى، في أيام يسوع الأخيرة في اورشليم، ويرد عند لوقا هنا في بدء مسيرة يسوع الى اورشليم، في صلة وثيقة بمثل السامري، مَثَلِ تلميذ يسوع الحقيقي.
“ناموسيّ”، {كلمة يونانية νόμος تعني قانون} عالم في شريعة موسى، هذه الحادثة يذكرها لوقا فقط. يجب ان نميز بينها وبين حادثة الرئيس الغني المذكورة في لوقا 30 _18 :18 ومت 24 _16: 19 ومر 31 _17 :10، فالسؤال فيهما واحد وأوّل الجواب كذلك ويجب ان نميز بينها وبين الحادثة التي في مت 40 _ 35: 22 ومر 34 _ 28: 12 وعند مرقس هنا يصفه “كاتب”.
“لِيُجَرّبه” القصد امتحان معرفة المسيح باعتبار انه “المعلم”.
“مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ” من اهم الأسئلة، وعين المسالة التي سألها الرئيس، لو 18 :18 ومت 26 :19، السؤال في مت 36 :22 ومر 28 :12: “«يَا مُعَلِّمُ، أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟»” بينما هنا: “الحياة الأبدية” قارن سؤال الغني لو 18 :18 ومت 16 :19 ومر 17 :10 : “وَسَأَلَهُ رَئِيسٌ قِائِلًا: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟»”.
الآية 26 : “فَقَالَ لَهُ: «مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي النَّامُوسِ. كَيْفَ تَقْرَأُ؟»”
“مَا هُوَ مَكْتُوبٌ” عرف المسيح غاية الناموسي من سؤاله، أي ان “يجرّبه يمتحن معرفته” وجاوبه بما لا وجه فيه للاعتراض. وخلاصة الجواب ان ما تطلب يا ناموسي تجده في الناموس في التوراة التي تتعلّمها وتقرأها.
“كيف تقرأ” اصطلح الربّانيون على هذا السؤال عندما كانوا يسالون تلاميذهم عمّا قرأوه من التوراة. يجيب يسوع في مت 37: 22: “فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ.” قارن مر 29 :12 عن سؤال السائل، اما هنا فيجيب عن السؤال بسؤال ليضطر السائل الى البحث عن جواب واتخاذ موقف والجواب على السؤال بسؤال نمط ادبي يهودي وخلفيته تعود لليلة الفصح. {القصد حين يسال الابن الاب وجواب الاب للابن بسؤال عن المصّة وما تختلف هذه الليلة عن باقي الليالي الخ}.
الآية 27:” فَأَجَابَ وَقَالَ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ».”
جواب يسوع بخلاف رغبة الناموسي، لأنه ظنّ ان يقول يسوع اترك الناموس _ التوراة، واتبع تعليمي.
قارن مت 39 _36 :22، معرفة الشريعة تثبت حقيقة تجسد الله المسيح، {لان النصوص التوراتية غزيرة بهذا الموضوع}، ومقارنة هذه الآية التث 5 :6 و12 :10 ويش 5 :22 ومت 19 :19 و 37 :22 ولا 18 :19 ومر 33 :12 و 31 :12 ورو 9 :13 وغل 14 :5 ويع 8 :2: “«اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ.”.
“أحب ” يفضّل مت 39 :22 ومر 31 :12 حبّ الله عن حبّ القريب، فمحبة وحب الله وصية أولى، وحبّ القريب وصية ثانية. اما لوقا فلا يفصل بين الحبّين، ولا يفضّل واحد على الاخر. ويجب التغلب على حبّ مادي لحساب محبة الله كما فعل السامري.
هنا اظهر الناموسي بهذا الجواب قوة ادراكه لخلاصة الشريعة وبلاغته في الايجاز، واقتبس جوابه من التوراة، تث 5 :6 {أعلاه} ولا 18 :19. ويسوع علّم هذا الناموسي في اورشليم، مت 39 _37 :22.
القلب والنفس والقدرة والفكر، أي كل شيء والكل بالكلّ. {القلب مركز الكل والنفس تحوي ذلك والفكر نتاج القلب والقدرة على العمل والتنفيذ، عن القلب نشرنا مادة مسهبة تحت عنوان: “لنرفع قلوبنا الى فوق” ما يعلنه الكاهن خلال القداس الإلهي}.
الآية 28: “فَقَالَ لَهُ: «بِالصَّوَابِ أَجَبْتَ. اِفْعَلْ هذَا فَتَحْيَا».”.
قارن لا 5 :18 ورو 5 :10 وغل 12 :3 ونح 29 :9 وحز 21 ،13 _11: 20: “فَتَحْفَظُونَ فَرَائِضِي وَأَحْكَامِي، الَّتِي إِذَا فَعَلَهَا الإِنْسَانُ يَحْيَا بِهَا. أَنَا الرَّبُّ.”.
افعل هذا فتحيا، المسيح حقق الناموس وطبّق تعاليم التوراة، على هذا الأسلوب علامة على ان الفاعل وارث الحياة الأبدية، لان الذي يحبّ الله فوق كل شيء ويحب قريبه كنفسه يكون ممّن نشأت في قلبه الحياة الأبدية، لان الناموس كل الناموس مؤدّيا للمسيح: “إِذًا قَدْ كَانَ النَّامُوسُ مُؤَدِّبَنَا إِلَى الْمَسِيحِ، لِكَيْ نَتَبَرَّرَ بِالإِيمَانِ.”.
الآية 29 : “وَأَمَّا هُوَ فَإِذْ أَرَادَ أَنْ يُبَرِّرَ نَفْسَهُ، قَاَلَ لِيَسُوعَ: «وَمَنْ هُوَ قَرِيبِي؟»”
قارن 2 كو 18 :10 ولو 15 :16 .
الله هو القريب. والناموسي يبرّر نفسه بان لا قريب له. ويعلمنا المسيح هنا ان كل انسان هو قريبنا، وحسب التوراة قريب اليهودي ابن عرقه ودينه، خر 17 _16: 20 و35 ،18، 14: 21 ولا 18 _15 ،13 ،11 :19.
الناموسي لم يطبّق شريعة المحبة حسب قول المسيح “افعل هذا” وسؤال الناموسي “من قريبي ” يظهر كبطرس على خطأ: ”حِينَئِذٍ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ بُطْرُسُ وَقَالَ: «يَا رَبُّ، كَمْ مَرَّةً يُخْطِئُ إِلَيَّ أَخِي وَأَنَا أَغْفِرُ لَهُ؟ هَلْ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ؟»” مت 21 :18 وكأنه يبرّر نفسه بسؤاله “البريء”.
الآية 30 : “فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «إِنْسَانٌ كَانَ نَازِلًا مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَرِيحَا، فَوَقَعَ بَيْنَ لُصُوصٍ، فَعَرَّوْهُ وَجَرَّحُوهُ، وَمَضَوْا وَتَرَكُوهُ بَيْنَ حَيٍّ وَمَيْتٍ.”.
هدف المثل تعليم الناموسي انه دون محبّة القريب والرحمة، لا منفعة من معرفة الناموس.
اريحا هي صورة لهذا العالم، ووقوعه في ايدي اللصوص، انهم ملائكة الظلام والليل، 2 كو 14 :11.
يسوع هو السامري الصالح، وهذا السامري “الحارس _ שומרוני _ שמר” اليس الرب بحارس، مز 4 :121: “إِنَّهُ لاَ يَنْعَسُ وَلاَ يَنَامُ حَافِظُ إِسْرَائِيلَ.”.
هناك يهودي بالحرْف ويهودي بالروح، رو 29 _28 :2 وسامري في الباطن وآخر في الظاهر في العلن، وينزل السامري لان اورشليم لعلى من اريحا واليس ابن الانسان الذي نزل من السماء من العلو وهو الذي صعد اليها يو 13 :3 و 33 :6، حين رآه بين حيّ وميّت، قارن لو 30 :10 واللصوص ارميا 11 :7: “هَلْ صَارَ هذَا الْبَيْتُ الَّذِي دُعِيَ بِاسْمِي عَلَيْهِ مَغَارَةَ لُصُوصٍ فِي أَعْيُنِكُمْ؟ هأَنَذَا أَيْضًا قَدْ رَأَيْتُ، يَقُولُ الرَّبُّ. “{قارن جعلتم بيت ابي مغارة لصوص}.
يفسّر القديس اوريجانوس: “الرجل النازل هو آدم. اورشليم هي الفردوس. اريحا هي العالم. اللصوص هي القوّات المُعادية. الكاهن هو الشريعة. اللاوي هو الأنبياء. السامري هو المسيح. الجراح هي العصيان. الفندق هو المستقبل، كل من يدخله هو الكنيسة. الديناران الاب والأب والعهدان، صاحب الفندق هو راس الكنيسة الذي عُهد اليه ان يُعنى بها. ووعده بالعودة، يمثّل المجيء الثاني للمخلّص.
الآية 31: “فَعَرَضَ أَنَّ كَاهِنًا نَزَلَ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ، فَرَآهُ وَجَازَ مُقَابِلَهُ.”
قارن خر 5 _4: 23 وتث 4 _1: 23 ومز 11 :38 واش 7: 58: “أَحِبَّائِي وَأَصْحَابِي يَقِفُونَ تُجَاهَ ضَرْبَتِي، وَأَقَارِبِي وَقَفُوا بَعِيدًا.”. كان محرّما على اليهودي عامة عد 16 ،13 _11 :19 وعلى الكاهن واللاوي خاصة لا 1 :21 ان يمسوا جثة الميّت والا اضطروا الى الابتعاد عن خدمة الهيكل 7 أيام.
“كاهن” أحد أبناء هرون، وكانت اريحا مقام كثيرين من الكهنة واللاويين حين فراغهم من خدمة الهيكل.
“جاز مقابله” أي لم يقترب منه، والابتعاد عن المريض، منافٍ للشريعة فيخبرنا هوشع النبي 6 :6 عن الرحمة المطلوبة عوض الذبيحة قارن نص خر 5 _4 :23: “إِذَا صَادَفْتَ ثَوْرَ عَدُوِّكَ أَوْ حِمَارَهُ شَارِدًا، تَرُدُّهُ إِلَيْهِ. إِذَا رَأَيْتَ حِمَارَ مُبْغِضِكَ وَاقِعًا تَحْتَ حِمْلِهِ وَعَدَلْتَ عَنْ حَلِّهِ، فَلاَ بُدَّ أَنْ تَحُلَّ مَعَهُ.”.
الآيات 37 _32 : “وَكَذلِكَ لاَوِيٌّ أَيْضًا، إِذْ صَارَ عِنْدَ الْمَكَانِ جَاءَ وَنَظَرَ وَجَازَ مُقَابِلَهُ. وَلكِنَّ سَامِرِيًّا مُسَافِرًا جَاءَ إِلَيْهِ، وَلَمَّا رَآهُ تَحَنَّنَ، فَتَقَدَّمَ وَضَمَدَ جِرَاحَاتِهِ، وَصَبَّ عَلَيْهَا زَيْتًا وَخَمْرًا، وَأَرْكَبَهُ عَلَى دَابَّتِهِ، وَأَتَى بِهِ إِلَى فُنْدُق وَاعْتَنَى بِهِ. وَفِي الْغَدِ لَمَّا مَضَى أَخْرَجَ دِينَارَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا لِصَاحِبِ الْفُنْدُقِ، وَقَالَ لَهُ: اعْتَنِ بِهِ، وَمَهْمَا أَنْفَقْتَ أَكْثَرَ فَعِنْدَ رُجُوعِي أُوفِيكَ. فَأَيَّ هؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ تَرَى صَارَ قَرِيبًا لِلَّذِي وَقَعَ بَيْنَ اللُّصُوصِ؟» فَقَالَ: «الَّذِي صَنَعَ مَعَهُ الرَّحْمَةَ». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ أَنْتَ أَيْضًا وَاصْنَعْ هكَذَا».”.
“سامري” السامري يخالف اليهودي عرقا ودينا.
“لاوي” احد أبناء لاوي وهم مساعدو بني هرون في خدمة الهيكل، عد 23 _5: 8 .
“رقّ له” استعمل لوقا هذا الفعل ثلاث مرات السامري رقّ لليهودي ويسوع يرقّ لابن ارملة نائين لو 13 :7 والأب يرقّ لابنه لو 20 :15
“الزيت والخمر” عادة عالجوا الجراح بالزيت والخمر، اش 6 :1.
“واركبه على الدابة” لئلا يتعب وبالتالي ينفتح الجرح، ومشى هو.
الثلاثة هم الكاهن والسامري واللاوي.
“فقال الذي صنع الرحمة” رفض اليهودي لفظ السامري فأشار اليه بالمعنى لا باللفظ.
*حسب الطقس البيزنطي