يوسف جريس شحادة
منتدى أبناء المخلص _ كفرياسيف
كثيرة هي الرموز في المسيحية، ومنها: الصّليب والسمكة والنسر والكرمة والسنبلة والراعي الخ.
أصبح “الصليب” الرمز الأساسي للمسيحيّين، وخصوصا بعد ان أعلن الرب: “وَقَالَ لِلْجَمِيعِ: «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي، فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ كُلَّ يَوْمٍ، وَيَتْبَعْنِي.”.
يفتخر بولس الرسول بصليب الرب: “وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ.”، وصرّح المسيح ان علامة ابن الانسان سوف تظهر في السماء: وَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ عَلاَمَةُ ابْنِ الإِنْسَانِ فِي السَّمَاءِ. وَحِينَئِذٍ تَنُوحُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ، وَيُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا عَلَى سَحَاب السَّمَاءِ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ.” حسب القديس يوحنا الذهبي الفم والقديس كيرلس الكبير انها “علامة الصليب”، مثلما ورد في سفر نشيد الانشاد: “أَدْخَلَنِي إِلَى بَيْتِ الْخَمْرِ، وَعَلَمُهُ فَوْقِي مَحَبَّةٌ.”.
يقول الذهبي الفم: “كما ان ملاك النقمة اهلك جميع ابكار المصريين ولم يهلك الموسومين بدم خروف الفصح، فأي شيء يوضع عليه صليب الرب، لا يقترب اليه المُفْسِد”.
والقديس امبروسيوس: “لا تقوى الكنيسة ان تقوم دون الصليب، كما لا تقدر السفينة ان تُبحر دون سارية”.
يقول القديس اوريجانوس { 185 _ 245 م}: “انها العلامة التي يضعها المسيحيون على جباههم، سواء قبل الصلاة، او قبل قراءة الاسفار المقدّسة” وكذلك القديس باسيليوس الكبير {330 _ 379 م}: “تعلمنا من التقليد ان نرسم الصليب على جبهتنا وعلى سائر الأمكنة”. ويفسر ذلك امبروسيوس {339 _ 397 م}: “نرسم الصليب على جبهتنا ثم على قلبنا. نرسمه على جبهتنا حتى نعترف علنا بالمسيح، وعلى قلبنا حتى نظلّ نحبّه، ونرسمه على ذراعنا حتى يكون عملنا لمجده”.
استقرّ رسم الصليب على الجبهة فالبطن والكتف اليمين ثم الشمال منذ القرن السادس تقريبا، ونرى بعض الطوائف _ اللاتين مثلا، فيضعون الأصابع على الفمّ وذلك ان يتقدّس الانسان وينطق بالإلهيات وبكل حق وشهادة.
يجب رشم إشارة الصليب قبل البدء بكل عمل، مهما كان. عند رشم إشارة الصليب نُعلن الايمان بالآب والابن والروح القدس، وهم واحد.
إنّ ضمّ الأصابع الثلاثة “الابهام والسبابة والوسطى” اعلان اتحاد الأقاليم الثلاثة وضمّ الخنصر والبنصر لراحة اليد هو اعلان اتحاد الطبيعة الإلهية والإنسانية المنزهة عن كل عيب وخطيئة، واتحاد اللاهوت بالناسوت.
يقول ترتليانوس {155 _ 225 م}: “في جميع اعمالنا نحن كمسيحيين حين ندخل ونخرج، حين نلبس الثياب او نجلس للمائدة، او نستلقي على السرير، نرسم إشارة الصليب على جباهنا.
التقليد اليهودي
حسب التقليد اليهودي، وهذا يساهم الكثير في فهم لماذا نضع “خاتم _ محبس” الزيجة في اليد اليمنى وبالأصبع البنصر.
فالإبهام {אגודל} يرمز ويدلّ للأهل، والسبّابة {המורה} رمزا للأخوة، والوسطى {אמצעית} ترمز لنفسنا لذاتنا لروحنا، والبنصر {קמיצה} دلالة لشريك\ة حياتنا، والخنصر {זרת} يرمز للأولاد والنسل. فليقارن كل منا والمفهوم المسيحي ومعنى الأصابع واليد اليمنى “للعظمة والقوّة” والجالس عن يمين الرب.
الشعر الجاهلي
يقول الاعشى:
” وما أيبليٌّ على هيكل بناهُ وصلَّب فيهِ وصارا
أقسم عدي بن زيد فقال {الأغاني 24 :2}:
“سعى الأعداء لا يألون شرّا عليك وربّ مكّة والصليب
والنابغة الذبياني:
“ظلّت أقاطيعُ انعامٍ مؤبَّلةٍ لدى صليبٍ على الزوراء منصوبُ
وذكر الاخطل الصليب يتقدم الحشد:
“لمّا رأونا والصليبَ طالعا خلّوا لنا رازان والمزارعا
{لمن يرغب بالمزيد من النصوص الشعرية مراجعة: “النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية، للاب لويس شيخو دار المشرق، طبعة ثانية 1989}.
قصيدة تحت عنوان: “إنسان آدم في إيسوعَ مصلوبُ”
إنسانُ آدمَ في إيســـــــــــــوعَ مَصــــــــــــــــــلوبُ ودمعُ مريمَ في الخَدَّيْنِ مسكوبُ
والرُّسلُ تَبكِي، ونورُ الشمسِ مُنْكَسِفُ والقُدْسُ من رجفةِ الزلزالِ مرعوبُ
أنا الذي كنتُ أولى ان اموتَ، كما أخطأتُ، دونَ مسيحٍ ما بهِ عيبُ
لكن خَطا شعبِ إسرائيلَ أشهَرَهُ على الصليبِ، وعنهُ الثوبُ مَسْلوبُ
وللمساميرِ في أطرافه وَجَعٌ وشرحُ ذلكّ في داوودّ مَكْتوبُ
اذ قال: أيدي معَ رِجْليَّ قد ثقبوا والخلُّ في عطشي والمُرُّ مَشروبُ
وقال شعيا مقالا في نبوءتِهِ حقًّا، وهل لمقالِ الحقّ تكذيبُ؟
أعطيتُ لِلّطمِ خدِّي والبُصاقُ معا فيه وظهري بِسوْطِ اللطمِ مَضروبُ
مع اللصوص أقاموني مُكلَّلةً بالشّوكِ رأسي، ولَعْ فيه مجلوبُ
وكم له من مقالاتٍ شواهِدها في العالمينَ لها علمٌ وتأديبُ
هذا المسيحُ الذي أبرأ جرائحَنا والدّمُّ من جنبِه والماءُ مصبوبُ
لاهوته كلّف الناسوتَ ما عَجَزتْ عنهُ الطبيعةُ والتكليفُ تهذيبُ
ونحن نؤمنُ أنّ الله كلّمنا بمَن رأيناهُ واللاهوتُ محجوبُ
حتى إذا ماتَ بالناسوتِ أنقذهُ لموتِهِ غالبًا والموتُ مغلوبُ
أقامهُ من جحيمِ الأرضِ مُبَعِثًا الى الحياةِ فما في عيشِهِ رَيْبُ
أقامنا فيه مولانا فقام لنا شريعةً مُلكُها للدهرِ مرهوبُ
إنجيلها شائعٌ بين الشعوبِ له على المجامعِ ترغيبٌ وترهيبُ
ونحن نسعى جميعًا في محبّتهِ فإنّما الإبنُ من أبيه محبوبُ
وَعْدُ الخلاصِ من الناموسِ تمّ لنا مؤكّدًا بحسابٍ فيه محسوبُ
يا ربُّ أثبتْ لنا نُعماكَ فيه فما لنا سواهُ عظيمُ القدرِ مطلوبُ
واٌغفر لمن نظمّ الابياتَ زلّتهُ فإثمُهُ بإزا عينـــــــــيْهِ منصــــــــــــــــوبُ
{سليمان الغزّي، الديوان الشعري،1985 لبنان من مجموعة نصوص وابحاث حول انتاج الفكر المسيحي القديم بإدارة المطران ناوفيطوس ادلبي}.