Articles Arabic

الكاردينال لويس ساكو والإبادة الثقافية، والهجوم غير المبرر على أقرانه من البطاركة والأساقفة العراقيين، والسينودس الكلداني القادم

ليون برخو

في العنوان هناك ثلاث قضايا، بيد في ظني أن مصطلح “الإبادة الثقافية” قد يسترعي الإنتباه رغم اهمية القضيتين الأخريين. وفي الحقيقة وقع ناظري على هذا المصطلح الخطير وربطه بنيافة الكاردينال بعد قرأتي لمقال لأستاذ في جامعة غربية يردد إتهامات الإبادة الثقافية ويذكر إسم نيافة الكاردينال لويس ساكو صراحة.

أبسط تعريف للإبادة الثقافية هو تطويع إستخدام السلطة من قبل شخص أو مجموعة لإلغاء تراث وثقافة شعب ما وفرض تراث دخيل عليهم، مستغلين ما يملكونه من سطوة وصلاحية.

والتراث يتكون من اللغة والفنون والآداب والموسيقى والطقوس التي في مجملها تشكل أرقى ثمار الحضارة الإنسانية، وهي العمود الفقري لهوية وخصوصية الأمم والشعوب.

وللكلدان مع مؤسستهم الكنسية (أخص هنا الكلدان لأن نيافة الكاردينال ساكو هو أيضا بطريرك، أي الرئيس الأعلى لمؤسسة الكنيسة الكلدانية) لهم تراث هائل لا مثيل له في العراقة والسمو ومن ثم التناص مع المسرة والبشارة ويشتركون في أغلب أركانه مع أشقائهم من المكونات الأخرى من شعبنا وأطيافة المختلفة تسمية وأنتماءا مذهبيا.

وهذا التراث بلغته وطقسه وفنونه وموسياقه عميق بعمق الحضارة التي ينتمي إليها الكلدان وهي بألاف السنين. في كل هذه المدة الطويلة الكلدان ملتزمون بلغتهم وطقسهم وفنونهم وتراثهم.

ولكن فجاءة يأتي غبطة البطريرك ساكو ويلغي الطقس واللغة والتراث علانية ويرفض إستخدامها وممارستها ويؤلف ما يقول إنه كتب طقسية جديدة ولكن أقل ما يقال عنها إنها مشوهة ومعربة بشكل فج ومنتحلة (أي مزورة).

والأدلة دامغة وكثيرة، وها هو غبطته يضع إسمه على الغلاف الأول لهذه الكتب الطقسية الجديدة “تأليف الكاردينال لويس ساكو” وهو لم يؤلف حرفا منها بل هي مجرد نصوص أغلبها معربة بشكل سمج قام بجمعها من هنا وهناك.

وغبطته يكتب في سيرة حياته إنه حاصل على شهادتين للدكتوراه وليس واحدة، وبينها كما يدعي شهادة دكتوراه دولة من جامعة سوربون. هذا أمر عجيب. الدكتوراه الأولى لا إعتبار لها لأن تتذكر غبطتكم أن جامعة الموصل – عندما كانت صرحا يشار له بالبنان – لم تتعرف بها ورفضت تعينكم على ملاكها؛ بيد أن يكون من يقول إنه يحمل شهادة دكتوراه دولة من جامعة سوربون ويزور كتب التراث والطقس الكلداني فلعمري لهذا أمر جلل ومريب.

لا أظن هناك حامل لشهادة دكتوراه دولة من جامعة مثل جامعة سوروبون يقوم بالإنتحال بهذا الشكل. هذا أمر خطير، ومن هنا هناك شكوك إن كان غبطة البطريرك حقا قد حصل على شهادة دكتوراه دولة من جامعة السوربون كما يدعي؛ لأن إن كان الأمر كذلك فإن تزويره الخطير للتراث والطقس بهذا الشكل الواسع كاف ليس لسحب شهادته بل لإدانته.

لا أعلم كيف يقبل الكلدان وعلى الخصوص الطبقة المثقفة منهم وعلى رأسهم الأساقفة أن يتم تزوير تراثهم وإلغاء طقوسهم ولغتهم بحجة، كما أتى في أخر منشور لنيافة الكاردينال، أن اللغة الأم لدى الكلدان قد عاف عليها الزمان حيث ينسبها على هواه للقرن السابع ويعترف بعظمة لسانه أنه يقوم بنشر العربية وجعلها اللغة الدارجة في صفوف الكلدان وكنيستهم محل لغتهم الأم.

وغبطة البطريرك لا يترك مناسبة إلا ويهاجم فيها الكلدان المحبين للغتهم وطقسهم وتراثهم وأخرها هجومه على الأساقفة والكهنة والشمامسة الكلدان الذين لا زالوا يمارسون لغتهم الأم وطقوسهم وفنونهم وآدابهم الكنسية، متهما أياهم بأنهم متحجرين يعيشون في الكهوف المظلمة.

أسأل ومعي الكثير من القراء، من هو يا ترى المتحجر الذي يعيش في الكهوف المظلمة يا غبطة البطريرك وأنت عشت بين ظهراني الأكراد فترة طويلة: الكردي الذي يعرب لغته وتراثه ويزوره ويجعل اللغة العربية اللغة الأم بدلا من الكردية، أم الكردي الذي يحارب التعريب ويعمل ما وسعه لممارسة وتعليم وتدريس تراثه ولغته الأم؟

هذ أمر عجيب ومقلق ولا أعرف كيف يقبل به الكلدان واساقفتهم لأن للكلدان تراث ضخم نبوي سام رفيع تعود جذوره الى العقود الأولى للميلاد ويعد كنزا ومؤشرا للهوية الكلدانية الأصيلة، هذا بالإضافة الى تراث ضخم بلغتهم المحكية الساحرة التي يتحدثها أغلبهم اليوم وهو تراث كنسي لا أظن تملك مثله أي كنيسة مشرقية أخرى؟

لماذا يا غبطة البطريرك لماذا تفعل كل هذا بتراث ولغة وفنون وطقس شعبك وكنيستك؟

وهذا غيض من فيض ولوحده يرقى إلى جريمة الإبادة الثقافية التي كما يدلنا عليه التاريخ لا يقترفها إلا الأعداء لشعب ما، ولم يحدث أن إن إقترفها صاحب شأن ضد شعبه، لا بل أصحاب الشأن يستقتلون من أجل لغتهم وتراثهم وطقوسهم وفنونهم كما يفعل الأكراد والعرب والترك والفرس والسويديون والفرنسيون وغيرهم من الشعوب.

مع جلّ إحترامي لغبطة البطريرك ساكو ولكن أظن أن القارىء الكريم يشاركني السؤأل قائلا “بالله عليكم يا نيافة الكاردينال هل لكم أن تخبرونا من أي طينية أنتم؟”

ومن ثم ينشر بيانا فيه تهديد مبطن للأساقفة الكلدان إن قرروا مقاطعة السينودس الكلداني القادم في تموز، مستندا إلى قوانين الكنائس الشرقية في الفاتيكان. بالطبع هذا ليس صحيحا لأنه مجرد تخويف لأن الفقرة لم تطبق وإن تم تطبيقها فيجب أن تطبق اولا وأخرا على غبطة البطريرك ساكو لأنه لم يلتزم بها على الإطلاق في عهد سلفه.

وأشرح أكثر وأقول إن قوانين الكنائس الشرقية تدعو لا بل تلزم رؤوساء الكنائس والأساقفة المشرقيين الكاثوليك بالتشبث بتراثهم الليتورجي بلغته وعدم تحريفه او تعريبه او تزويره والإبقاء عليه وممارسته وتدريسه وتعميمه لأنه ركن مهم من الإرث الكنسي. اين غبطة البطريرك ساكو من هذا؟

وأتي إلى النقطة الثالثة وكي لا أطيل وأقول إن هجومك يا نيافة الكاردينال المستمر على أقرانك من البطاركة والاساقفة من الطوائف الأخرى ولم تستثن حتى الكلدان منه يرتد وبالا.

إتهام الأخر دون دليل بالإرهاب وإستلام الأموال من الذين تصفهم أنهم على قائمة الإرهاب كرشوة لعمري لأمر خطير جدا وله تبعات خطيرة ما جعل من غبطتكم في موقف لا يحسد عليه.

وأنظر أن في طيلة بقائك في أربيل يا غبطة البطريرك لم تستقبلك بصورة رسمية على الإطلاق أي إبراشية كلدانية في الإقليم ولم تدعوك لإقامة قداس فيها. ألا يرسل هذا مؤشرا سلبيا لدى غبطتك أن هناك خللا كبيرا؟

وحتى الرهبنة الكلدانية التي لم يبعد ديرها الرئيسي في عنكاوة عن مقرك رمية حجر لم تستقبلك؟ وأظن من حقها أن تتجنبك، لأن أنا وأنت أكلنا من مائدتها وشربنا من مائها وتلقينا علومنا الاساسية في صفوفها المدرسية وعلى يد معلميها من الرهبان، وتطل غبطتكم اليوم وتعادي هذه الرهبنة، الأمر الذي لم يقم به أي من أسلافك حيث كانت الرهبنة الكلدانية البيت الأمن طوال التاريخ للكرسي البطريركي.

ليس هذا فقط بل تأنف أن تذكر في سيرة حياتك الرسمية أنك كنت تلميذا في هذه الرهبنة؟ لماذا يا غبطة البطريرك؟ هذا ليس نكران للجميل فقط بل تضليل أيضا.

الرهبنة الكلدانية واحدة من ضحاياك يا غبطة البطريرك، وأنا قريب منها جدا وممتن وشاكر لها لأن لولا العلوم التي تلقيتها في مدارسها – وأنت بجانبي – لما وصلت إلى ما أنا عليه من مكانة علمية وأكاديمية متواضعة. فضلها على غبطتك يوازي فضلها علي، ولكن غبطتك تنكر جميلها وتحاربها وكأنها عدو لكم.

كم راهب تم تهريبهم من الرهبنة، أي مساعدتهم على تركها بواسطتكم يا غبطة البطريرك واليوم ونتيجة لمحاربتك للرهبنة الكلدانية فإن لم يستلحق الكلدان هذا الصرح المهم في تاريخهم ونهضتهم لربما قضيت غبطتكم عليه في بضع من السنين؟ هل تريدني أن أذكر أسمائهم؟

كم كنتُ– ومعي الكثير من الكلدان –كم كنتُ أتمنى أن تنفّذ العهد الذي قطعته على نفسك الذي يرقى الى القسم وهو أن غبطتكم ستغاردون موقعكم طوعا حال بلوغكم السن الخامسة والسبعين، لأن تريدون أن تغادروا المنصب بكرامة. عبرتم عتبة العمر هذه – وإنشاء الله عمرا مديدا– ولكن لو نفذتم العهد والوعد لكان أفضل لكم وللكلدان ومؤسستهم الكنسية والطوائف المسيحية الأخرى التي غبطتكم في صراع مرير غير مبرر مع رئاساتها، وكذلك أفضل بكثير للقلة من المسيحيين الباقين في العراق.

 

 

About the author

Kaldaya Me

Comment التعليق

Click here to post a comment

  • يا دكتور ليون برخو
    لماذا تستهين بشهادات البطرك ساكو
    كل شهاداته الدكتوراه والماجستير هي شهادات صحيحة وموثقة ومعترف بيها
    دودكياً
    اليست هذه الشهادة بالرابط ادناه هي معترف بيها
    https://kaldany.ahlamontada.com/t8618-topic
    بما اننا في زمن العهر فعليكم ان تتوقعوا كل شئ لاثبات مصداقيته كما يفعل ساكو اللقيط
    ولماذا تستهين بعقلية ساكو أيظاً
    شوف هذا الرابط ادناه لكي تعرف ساكو جيداً ما هي افكاره العفنة
    https://i.ibb.co/PhGzbym/sako-meslem.jpg

Follow Us