Articles Arabic

مصير رفاة الإنسان والعـصر الحـديث

بقـلم : مايكل سـيـﭘـي / سـدني ــ

نحـن الشـرقـيـون ورثـنا عادات وتـقالـيـد عـن أجـدادنا منـذ سنين طـويلة لا تـبـدو لها معاني منـطـقـية في عـصرنا الـيـوم ولا يـزال أغـلـبنا متمسـكاً بها .

وبـفـضل وعـينا وتـطـورنا ، أدركـنا أن الـزهـرة العـطرة مصيرها الـذبـول ، وجـسم الإنـسان ينـتهي إلى القـبر داخـل التراب ، وعـليه ماذا سأرى لو ذهـبتُ إلى قـبر والـدي أو جـدتي وأمعـنـتُ الـنـظر عـليها ؟ بل وحـتى لو نـبـشـتُ التراب وحـفـرتُ الأعـماق ! ماذا سأكـتـشـف ؟ سأرى قـطعاً من عـظام متعـفـنة لـونها تـرابي لا أكـثر ؟ ومعها رائحة مقـززة .

ثم لـنـتـساءل : هـل الهـنـود فـقـدوا عاطـفـتهم وشوقـهم ومحـبـتهم وإحـتـرامهم لأحـبائهم حـين يحـرقـون جـثـث موتاهم كـتـقـلـيـد عـنـدهم ؟ وينـثـرون رمادها هـنا وهـناك ؟ …… حـبـذا لـو نـتعامل مع رفاة أعـزائـنا الموتى بعـقـلية متـفـتحة وعـلمية عـصرية (( وحـتى بإيمان مسيحي قـويم )) ، فـنحـن من التراب وإلى التراب نعـود ، بمعـنى لا يـبقى لـنا شيء ، أما الإحـتـفاظ بـذكـرياتهم ، فلا يكـون عـن طريق حـفـرة مستـطيلة ، بل حـين نشتاق إليهم فـهـناك صوَرهم تعَـبّـر عـنهم فـنـتخـيّـلهم أمامنا أحـياءً ، أفـضل من تـراب وقـطع متـناثـرة لا ترسم لـنا ملامحهم ولا مواصفاتهم .

من جانب إيجابيّ آخـر … حـين تستهـلك ماكـنة أو جهاز لا تستحـق التـصليح ، لم تعـد فـيها فائـدة فـنـقـرر رميها مع القاذورات ونـفـكـر قـليلاً ، قـد يكـون فـيها جـزء سـليم يمكـن الإستـفادة منه كـقـطعة غـيار لماكـنة مشابهة عاطلة بحاجة إلى ذلك الـجـزء السليم ، فـنعـمد إلى فـصله والإحـتـفاظ به ثم نرمي بقايا الماكـنة العاطلة .

وهـكـذا في عـصرنا الحـديث ، قـد يصيب كـلية الإنسان أو كـبده أو أي جـزء من جـسمه عـطلاً ، سيموت إن لم تستـبـدل بجـزء آخـرمماثل سليم ! وفي ذات الـوقـت يصادف أن شـخـصاً آخـر أوشك عـلى مفارقة حـياته أو مات قـبل دقائق ، فـما المانع من أن يُـسـتـفاد من أعـضاء جسمه ( الفاني مصيره التراب ) لإحـياء شخـص ثاني بحاجة إلى (( عـضو مماثل لإدامة حـياته )) ؟ …… ولـذلك وُضِـعَـت برامج ــ لـمَن يـرغـب ــ للـتـبرّع بأعـضاء جـسمه عـنـد مفارقة حـياته لم يعـد بحاجة إليها ، ولكـنها تـفـيـد غـيره .

ومع تـطـور هـكـذا أفـكار (( الإنسان مصيره تراب )) صار الـبعـض يتبـرع بالجـثة الكاملة عـنـد مفارقـته الحـياة ، لفائـدة المرضى أو حـتى كـوسيلة إيضاح لطلاب كـلية الطب ؟ وهـو مخـيّـر (1) بإسترجاع بقايا الجـثة (2) حَـرقها وإستلام رمادها (3) أو الجامعة تـدفـن الرماد …. عـلماً أن الكـنيسة الكاثـولكـية / روما ، لا تمانع حـرق الجـثة .

أنا شخـصياً أقـدمتُ عـلى هـكـذا خـطوة وقـدّمتُ تـبرعي بجـثـتي إلى جامعة سـدني يتصرفـون بها عـنـد مفارقـتي الحـياة وفـق الحاجة ، وزوّدوني بهـوية رسمية دالة عـليها .

2982 UTS

BODY DONATION PROGRAM

DONOR CARD. Cipi Michael

About the author

Kaldaya Me

التعليق

Click here to post a comment
  • أول إشارة إلى الدفن في العهد القديم جاءت على لسان ابراهيم عند موت سارة، الفصل (23: أية 4) حيث توجّه إلى الحثيين قائلاً

    (وَقَامَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ أَمَامِ مَيِّتِهِ وَكَلَّمَ بَنِي حِثَّ قَائِلًا:

    «أَنَا غَرِيبٌ وَنَزِيلٌ عِنْدَكُمْ. أَعْطُونِي مُلْكَ قَبْرٍ مَعَكُمْ لأَدْفِنَ مَيْتِي مِنْ أَمَامِي»

    فَأَجَابَ بَنُو حِثَّ إِبْرَاهِيمَ قَائِلِينَ لَهُ:

    اِسْمَعْنَا يَا سَيِّدِي” أَنْتَ رَئِيسٌ مِنَ اللهِ بَيْنَنَا. فِي أَفْضَلِ قُبُورِنَا ادْفِنْ مَيْتَكَ، لاَ يَمْنَعُ أَحَدٌ مِنَّا قَبْرَهُ عَنْكَ حَتَّى لاَ تَدْفِنَ مَيْتَكَ .”

    وهذا يدل على أهمية أن يُدفَن الميت، حتى قبل أن يتعرّف البشر على القيامة. وفي العهد الجديد،

    مرتا ومريم دفنتا أخاهم الذي مات (يوحنا 11).

    يوحنا المعمدان أخذه تلاميذه ودفنوه.

    وأهم الذين دُفِنوا هو السيد المسيح نفسه الذي وضعه يوسف الرامي في القبر.

    إلى هذا، في العهد الجديد أكثر من قول للسيد المسيح .يؤكّد على اعتماد الدفن للموتى كما في: “دع الموتى يدفنون موتاهم””…

    رفضُ المسيحيين الأوائل جاء من أن كل الذين يأتي الكتاب المقدس على ذكرهم قد دُفِنوا ولم يحرَقوا، حتّى حنانيا وسفيرة (أعمال 5).

    لأنهم يؤمنون بقدسية الإنسان. وفي فكرهم، لا تنتهي قدسية جسد الإنسان عند موته. لقد نظروا إلى الإنسان كنتاج خليقة الله، استناداً إلى تعليم كتاب التكوين عن أن الإنسان مخلوق على صورة الله (27:1)

    بالاستناد إلى هذه النظرة الكتابية لجسد الإنسان، وبالإضافة إلى الإيمان بقيامة الجسد، لم يكن المسيحيون الأوائل يرتضون تسليم الجسد، حتّى الميت، ليُحّرَق في النار. لقد رأوا أن حرق الجثث ليس كتابياً، ولا يمكن تصوره إلا كعمل تدنيسي وفوق هذا هم لم يروا أن جسدهم يخّصهم، وأنّ لهم الحرية في التصرف به.

    أما من الناحية القانونية لا يوجد قوانين كنسية واضحة وتحدد موقفاً من حرق الأجساد ولم يتطرّق إلى الآمرحتى في المجامع المسكونية. ومن ناحية أُخرى فالكنيسة تعطي قيمة روحية للجسد من خلال طقوسها للدفن، بدءاً من خدمة الجناز ومروراً بقانون الإيمان( وصُلب عنّا في عهد بيلاطس البنطي. تألّم ومات ودُفِنَ وقام في اليوم الثّالث كما جاء في الكتب) واضح من هذه العبارة أن القيامة تتبع القبر، لهذا لا مكان لحرق الأجساد في الكنيسة الكاثوليكية بإعتقادي.

  • الحقيقة أن الكتاب المقدس لا يتـناول موضوع حرق جـثـث الموتى بالتحديد. ونجد أن هناك ذكر لبعض الأحداث في العهد القديم والتي تم فيها حرق الناس حتى الموت ، ملوك الثاني 6:21)، وأيضاً حرق عظام الموتى (ملوك الثاني 16:23-20)، ولكن هذه ليست أمثلة لممارسة حرق جثث الموتى. ومن الجدير بالذكر أن حرق العظام البشرية في سفر ملوك الثاني 16:23-20 على المذبح تسبب في تدنيسه. وفي نفس الوقت، لا يوجد أي شيء في العهد القديم يأمر الناس بعدم حرق جثث الموتى، ولا تذكر أي لعنة أو دينونة على مَن تحرق جـثـته.

    ولقد تمت ممارسة حرق جثث الموتى في زمن الكتاب المقدس، ولكنه لم يكن أمراً شائعاً بين شعب إسرائيل أو مؤمني العهد الجديد. ففي ثقافات زمن الكتاب المقدس، كان من الشائع دفن أجساد الأموات في المقابر أو الكهوف أو تحت الأرض ….. ؛ أخبار الأيام الثاني 14:16؛ ….. وفي حين أن دفـن الأموات كان هو الطريقة الشائعة، فإن الكتاب لا يذكـر أبداً أنه الطريقة الوحيدة المسموح بها
    *************
    لا يوجـد نـص في الإنجـيل يمنع حـرق الجـثة ا

    فهل حرق جثث الموتى أمر يمكن أن يفكر فيه المؤمنين؟ كما ذكرنا من قبل، لا يوجد أمر كتابي واضح يعارض هذه الممارسة. ولكن يكمن إعتراض بعض المؤمنين في أنها تتجاهل أن الله سيقيم أجسادنا ويوحدها مع أرواحنا (كورنثوس الأولى 35:15-58؛ تسالونيكي الأولى 16:4). ولكننا لا نعتقد أن حرق الجثة سيعرقل إقامة الله للجسد. فنحن نعلم أن أجساد المؤمنين الذين ماتوا منذ آلاف السنين قد تحولت إلى تراب. وأن هذا لن يمنع الله من إقامة أجسادهم. فهو الذي خلقهم من الأساس؛ ولن يجد صعوبة في إعادة خلقهم. وحرق الجثة لا يحقق شيئاً غير إسراع عملية تحول الجسد إلى تراب. والله قادر على إقامة جسد من دفن ومن حرقت جثته. فمسألة دفن أو حرق الموتى هو ضمن نطاق الحرية المسيحية. ولكن يجب وأن يتفكر الشخص والعائلة في هذا الأمر وأن يصلوا طالبين حكمة من الله لإتخاذ هذا القرار (يعقوب 5:1) وأن يتصرفوا بحسب قناعتهم بعد ذلك.
    تعديل المشاركة

Follow Us