يوسف جريس شحادة
منتدى أبناء المخلص _ كفرياسيف
مقدّمة
كثيرا ما ينشر البعض من الهراطقة عن وجود نصوص في الكتاب المقدس وكأنها متناقضة هي، مقارنة ونصوص أخرى. سوف نقف عند نص من العهد القديم، على امل توضيح النص.
نؤمن ان الكتاب المقدس بإيحاء الروح القدس هو، وان لم نفهم النص وحكمة الله لصِغر العقل البشري، هذا لا يعني ان هناك تناقض في التعاليم.
مراجعة نص الخروج 20 _15 : 1 : “وَكَلَّمَ مَلِكُ مِصْرَ قَابِلَتَيِ الْعِبْرَانِيَّاتِ اللَّتَيْنِ اسْمُ إِحْدَاهُمَا شِفْرَةُ وَاسْمُ الأُخْرَى فُوعَةُ، وَقَالَ: «حِينَمَا تُوَلِّدَانِ الْعِبْرَانِيَّاتِ وَتَنْظُرَانِهِنَّ عَلَى الْكَرَاسِيِّ، إِنْ كَانَ ابْنًا فَاقْتُلاَهُ، وَإِنْ كَانَ بِنْتًا فَتَحْيَا». وَلكِنَّ الْقَابِلَتَيْنِ خَافَتَا اللهَ وَلَمْ تَفْعَلاَ كَمَا كَلَّمَهُمَا مَلِكُ مِصْرَ، بَلِ اسْتَحْيَتَا الأَوْلاَدَ. فَدَعَا مَلِكُ مِصْرَ الْقَابِلَتَيْنِ وَقَالَ لَهُمَا: «لِمَاذَا فَعَلْتُمَا هذَا الأَمْرَ وَاسْتَحْيَيْتُمَا الأَوْلاَدَ؟» فَقَالَتِ الْقَابِلَتَانِ لِفِرْعَوْنَ: «إِنَّ النِّسَاءَ الْعِبْرَانِيَّاتِ لَسْنَ كَالْمِصْرِيَّاتِ، فَإِنَّهُنَّ قَوِيَّاتٌ يَلِدْنَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَهُنَّ الْقَابِلَةُ». فَأَحْسَنَ اللهُ إِلَى لْقَابِلَتَيْنِ، وَنَمَا الشَّعْبُ وَكَثُرَ جِدًّا.”
الكذب في التوراة
الكذب نقيض الصدق، يخبرنا العهد القديم ان الله صادق وكلمته صدق ونثق بها، عدد 19 :23 و1 صم 29 :15.
سقوط البشرية نتيجة “كذب” وعزلوا أنفسهم عن الله وبدلا من ان يصدّقوا الله اتّبعوا قوّتهم الذاتية وسمعوا لأنبياء كذبة، ار 31 :5 وحز 19 :13 و28 :22 وهو 13 :10.
وضع الشعب ثقته في الاوثان المرئية الملموسة والتي يدعو اليها الأنبياء الكذبة بدلا من الله، اش 19 :28 و13 :59 وار 12 :5 وحز 8 :13 وعا 4 :2. ولم يكن الكذب في نظر الأنبياء مخالفة أخلاقية، بل موقفا أخلاقيا يرفض الله الواحد الحق، صف 13 :3 ومز 3 :58 و 11 :16.
المؤمن يتعلق بثبات الله ولا يلتفت الى الغطاريس المنحرفين الى الكذب، مز 4 :40 و 6 :5 .
التوراة تعلن بوضوح، لا 11 :19: «لاَ تَسْرِقُوا، وَلاَ تَكْذِبُوا، وَلاَ تَغْدُرُوا أَحَدُكُمْ بِصَاحِبِهِ.” وأبرز الوصايا العشر “ان لا تشهد بالزور”، خر 16 :20 ولا 12 :19 وام 28 :21، وقضاء إسرائيل القديم يقوم على شهادة لاثنين او ثلاثة لثبوت الشهادة، العدد 30 :35 وتث 7 _6 :17 و21 _15 :19.
لمن يرغب بمراجعة النصوص عن الكذب بالعهد الجديد، نسرد اغلبية النصوص: {أخ كاذب، 2 كو 26 :11 وغل 4 :2 . رسول كاذب 2 كو 13 :11 ومعلم كاذب 2 بط 1 :2 وكذّاب 1 تي 2 :4 وتقديم شهادة زور مت 18 :19 ومر 56 :14 وشاهد زور مت 60 :26 و1كو 15 :15 وشهادة زور مت 19 :15 و 59 :26 ونبي كاذب مت 15 :7 و 24 ،11 :24 ورؤ 13 :16 و 20 :19 ومسيح كذاب مت 24 :24 ومر 22 :13 وكاذب الاسم 1 تي 20 :6 والكذب رو 7 :3 والله لا يكذب عب 18 :6 و 2كو 31 :11 وغل 20 :1 واستبدال حق الله بالكذب رو 25 :1 والكشف عن غضب الله على فجور الناس رو 20 :3 الى 18 :1 والشيطان كذاب يو 48 _41 :8 والفكرة موسّعة عند 1 يو 10 :1 واخفاء الحقيقة اع 4 _3 :5 والتحذيرات من الكذب راجع اف وكو وفي الرؤيا يوضح معنى الكذب، الخائفون وغير المؤمنين والرجسون، 27 ، 8 : 21 و 15 :22 .}.
وقفة والنص
غاية الله من وعده لإبراهيم “تكاثر النسل” وفرعون يعمل على عكس إرادة الله. نفهم من النصّ أعلاه {خر 20 _15 :1} ان الرب قام بمكافأة للقابِلتَين بالرغم من عدم قول الحقيقة لفرعون وبسبب عدم قول الحقيقة {كذبتا} تمّت نجاة أطفال العبرانيين. خافتا الله وكذبتا على فرعون، لكن لم يكذبا على الله ولا على تعاليم وإرادة الرب، سوء فهم هدف الكتاب يظن البعض من الهراطقة ان الله يشجّع الكذب وهذا مناف ويتناقض وتعاليم الرب الواضحة، أمثال 22 :12 : “كَرَاهَةُ الرَّبِّ شَفَتَا كَذِبٍ، أَمَّا الْعَامِلُونَ بِالصِّدْقِ فَرِضَاهُ.”.
قراءة النص تبيّن ان الله كافأهما على عملهما لانهما نفذا تعاليم الرب وهدف الرب ب”كثر النسل”، والسؤال: هل قول الصدق امر مطلق هو؟
خالفت القابلة أوامر الحاكم الأرضي لكن لم تخالف امر الله وبالرغم من وصية بولس رو 1 :13: “لِتَخْضَعْ كُلُّ نَفْسٍ لِلسَّلاَطِينِ الْفَائِقَةِ، لأَنَّهُ لَيْسَ سُلْطَانٌ إِلاَّ مِنَ اللهِ، وَالسَّلاَطِينُ الْكَائِنَةُ هِيَ مُرَتَّبَةٌ مِنَ اللهِ،” ولكن من ناحية أخرى النص ان يُطاع الله أكثر من الناس، اع 29 :5 : “فَأَجَابَ بُطْرُسُ وَالرُّسُلُ وَقَالُوا: «يَنْبَغِي أَنْ يُطَاعَ اللهُ أَكْثَرَ مِنَ النَّاسِ. “.
سلوك القابلة يُظهر ضعف فرعون وعجز فرعون امام قدرة الله وعظمته، ويظهر بالتالي ان القابلتين تمكنتا من خداع الحاكم المستبدّ الارعن فرعون، وخلال القداس الإلهي نقول: “مفصّلين بإحكام كلمة حقّق” أي على الحاكم ان يفسر كلمة الله بحق وليس كما يشاء هو، وهنا سلوك القابلة يثبت انها نفذت تعاليم الرب وبالتالي ما من كذب بسلوكها او عملها النابع من مخافة الرب.
يسرد لنا الكتاب المقدس حالات مشابهة، تك 20 _10 :12 و 7 _ 1 :20 و 11 _ 6 :26، والحديث عن إبراهيم واسحق.
التشابه بين الحالات:
+ الزيارة لأرض غريبة.
+ مرافقة الزوجة لزوجها.
+ خوف من جمال الزوجة.
+ خداع من اجل حماية الزوجة _ الزوج.
السؤال، هذه النصوص الثلاثة هل كذب إبراهيم واسحق؟
مفهوم الزوجة _ الأخت حسب فترة التوراة، ليس كما نفهمه اليوم، يجب ان ندرك جيدا الخلفية الحضارية الاجتماعية لفترة الكتاب المقدس.
كانت العادة ان يقوم الزوج بتبنّي زوجته شرعا وقانونيًا لتصبح اختا له. والهدف من ذلك:
+ رفع مكانة زوجته كأنها اخته فعليه حمايتها ورعايته شأنها.
+ سلطة الزوج على زوجته على غرار سلطة الأخ لأخته.
التفاصيل النصّية، تك 61 _53: 24 تبين ذلك كما في تك 12 أعلاه، من هنا نفهم لماذا اطلق إبراهيم _ اسحق على زوجته لقب “اختي”.
من المفسّرين في العصور الوسطى، من يفسّر ان إبراهيم أراد ان يُظهر انه شقيق سارة لأنه بذلك يستطيع رفض المتقدّمين منها للزواج. هذه كانت العادة قديما، اذ نرى الاخوة بإمكانهم تأجيل _ تأخير زواج اختهم كما حدث مع “لابان ورفقة”، تك 55 :24 و “دينة واخواتها” تك 17 _13 :34، من ناحية أخرى سارة ابنة تارح من “ابيه” وليس من امه، تك 12 :20 .
حسب نص التكوين 13 :12 باستعداد إبراهيم للضحية “بزوجته” لنجاته ومن هنا ندرك جيدا، انه حتى ابطال “الايمان” معرضون للسقوط وارتكاب الخطية.
من المهم ان ندرك مغزى النص المقدس وبعين شاملة واسعة لفهم ادق لحكمة الله وارادته. ان حادثة القابلتين العبرانيتين وكذب راحاب، قض 6 _2 كان الهدف هو انقاذ أمّة وبقاء الأمّة ونجاة شعب كامل.
مقارنة والعهد الجديد ينسحب السؤال على سلوك المجوس وعدم انصياعهم لأمر الوالي بالعودة ليخبروه عن امر الصبي المولود وكذلك السماح بقتل الأطفال حين وُلد الطفل الرب.
