يوسف جريس شحادة
كفرياسيف_www.almohales.org
نؤمن بكل كلمة في الكتاب المقدس موحاة من الرب، ولو لم يكن للحرف أهمية أو للكلمة لما كتبت ودوّنت في النص المقدس حسب إيماننا.
من هذا المنطلق الإيماني، نسال لماذا هذه اللفظة وليست سواها ان كانت في الترجمة.
من خلال مراجعة النصوص بالنسبة للفظة “الحمأة” وتأثيليا مثل “חמאה” العبرية. لن نسرد النصوص الكتابية لئلا يملّ القارئ الكريم ولمن يرغب بالتوسع يمكنه الرجوع للكتاب المقدس بعهديه.
فقراءة متأنية وبمفهوم مسيحي يمكننا ان نقول ان الغاية من استخدام هذه اللفظة لاستخدامها بالصناعة على يد الفخّاريّ الذي يصقل ويبني ويهيّء الشكل وهكذا الرب بمشيئته. {ولمن يريد القراءة للمادة بشكل موسع والنصوص والتفسير الآبائي المسيحي للنصوص يمكنه مراجعة موقع المنتدى www.almohales.org}.
“قَدْ أَنْهَضْتُهُ مِنَ الشَّمَالِ فَأَتَى مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ يَدْعُو بِاسْمِي. يَأْتِي عَلَى الْوُلاَةِ كَمَا عَلَى الْمِلاَطِ، وَكَخَزَّافٍ يَدُوسُ الحمأة”.
حمأة _Pelos، تعني “وحل_طين” المقصود تراب ممزوج بسائل ما ولا سيما الماء الأمر الذي يجعله مادة ليّنة مرنة جدا. المادة هذه “الحماة” يستخدمها البناؤون ومهارة البنّاء توحي بصورة لوصف الإنسان بأنه مثل التماثيل الصغيرة المصنوعة من الفخار.
في الفترة الهلينية كان النظر إلى الإنسان كقطعة من الصلصال أمرا منتشرا شائعا، وفي الحقيقة الرومانية نجد دليلا على استخدام الحمأة_الطين في الإجراءات الطبية.
تستخدم السبعينية الحمأة بمعنى وحل او طين قارن مثلا 2 صم ومزمور وطفل رملي _ طين حماة كما في اشعياء.
ان عمل الفخار في صنع الحمأة وتشكيله بصفة خاصة هو الذي يوحي ببعض الأفكار اللاهوتية ذات الأهمية.
لو عدنا لقصّة الخلق وخلق آدم من التراب في سفر التكوين وجبل التراب نجد لها صدى في سفر أيوب حين يصف : سكان بيوت من وكذلك : “«يَدَاكَ كَوَّنَتَانِي وَصَنَعَتَانِي كُلِّي جَمِيعًا، أَفَتَبْتَلِعُنِي؟
وهشاشة الحماة تقدّم صورة مناسبة للعجز الناجم عن المرض والمحن ويشعر انه على وشك الموت.
صورة الله كالفخّاريّ يشكل بالحماة كما ذكرنا أعلاه في نص اشعياء، حيث نقرأ ان أولئك الذين يعتقدون انه بمقدورهم ان يخفوا خططهم عن الرب قد تمّ تحذيرهم: “هل يحسب الجابل كالطين”؟ يَا لَتَحْرِيفِكُمْ! هَلْ يُحْسَبُ الْجَابِلُ كَالطِّينِ، حَتَّى يَقُولُ الْمَصْنُوعُ عَنْ صَانِعِهِ: «لَمْ يَصْنَعْنِي». أَوْ تَقُولُ الْجُبْلَةُ عَنْ جَابِلِهَا: «لَمْ يَفْهَمْ»؟{اشعياء } وكذلك نص اشعياء: “«وَيْلٌ لِمَنْ يُخَاصِمُ جَابِلَهُ. خَزَفٌ بَيْنَ أَخْزَافِ الأَرْضِ. هَلْ يَقُولُ الطِّينُ لِجَابِلِهِ: مَاذَا تَصْنَعُ؟ أَوْ يَقُولُ: عَمَلُكَ لَيْسَ لَهُ يَدَانِ؟” ويصف ابن سيراخ بدقة قائلا : “فَمِنْهَا مَا أَعْلاَهُ وَقَدَّسَهُ، وَمِنْهَا مَا جَعَلَهُ فِي عِدَادِ الأَيَّامِ. وَكَذَا الْبَشَرُ كُلُّهُمْ مِنَ التُّرَابِ وَآدَمُ صُنِعَ مِنَ الأَرْضِ، لكِنَّ الرَّبَّ مَيَّزَ بَيْنَهُمْ بِسَعَةِ عِلْمِهِ، وَخَالَفَ بَيْنَ طُرُقِهِمْ. فَمِنْهُمْ مَنْ بَارَكَهُ وَأَعْلاَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّسَهُ وَقَرَّبَهُ إِلَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَعَنَهُ وَخَفَضَهُ وَنَكَسَهُ مِنْ مَقَامِهِ. كَمَا يَكُونُ الطِّينُ فِي يَدِ الْخَزَّافِ، وَتَجْرِي جَمِيعُ أَحْوَالِهِ بِحَسَبِ مَرْضَاتِهِ”.
يصف ارميا النبي عمل الفخاريّ الذي يقوم بعمله على دولابه درسا موضوعيا وضح به دينونة الله على الشعب وحين رفض الحماة ان يتناغم وعمل الفخاري أعاد تشكيل حماة جديدة وعمل آنية أخرى، وهكذا ظل الله سيدا على الحماة “إسرائيل” كأمة وسوف يشكلها بحيث توفي بالغرض الذي قصده لها: “«فِي ذلِكَ الزَّمَانِ، يَقُولُ الرَّبُّ، يُخْرِجُونَ عِظَامَ مُلُوكِ يَهُوذَا وَعِظَامَ رُؤَسَائِهِ وَعِظَامَ الْكَهَنَةِ وَعِظَامَ الأَنْبِيَاءِ وَعِظَامَ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ مِنْ قُبُورِهِمْ، وَيَبْسُطُونَهَا لِلشَّمْسِ وَلِلْقَمَرِ وَلِكُلِّ جُنُودِ السَّمَاوَاتِ الَّتِي أَحَبُّوهَا وَالَّتِي عَبَدُوهَا وَالَّتِي سَارُوا وَرَاءَهَا وَالَّتِي اسْتَشَارُوهَا وَالَّتِي سَجَدُوا لَهَا. لاَ تُجْمَعُ وَلاَ تُدْفَنُ، بَلْ تَكُونُ دِمْنَةً عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ. وَيُخْتَارُ الْمَوْتُ عَلَى الْحَيَاةِ عِنْدَ كُلِّ الْبَقِيَّةِ الْبَاقِيَةِ مِنْ هذِهِ الْعَشِيرَةِ الشِّرِّيرَةِ الْبَاقِيَةِ فِي كُلِّ الأَمَاكِنِ الَّتِي طَرَدْتُهُمْ إِلَيْهَا، يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ. «وَتَقُولُ لَهُمْ: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هَلْ يَسْقُطُونَ وَلاَ يَقُومُونَ، أَوْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ وَلاَ يَرْجعُ؟ فَلِمَاذَا ارْتَدَّ هذَا الشَّعْبُ فِي أُورُشَلِيمَ ارْتِدَادًا دَائِمًا؟ تَمَسَّكُوا بِالْمَكْرِ. أَبَوْا أَنْ يَرْجِعُوا. صَغَيْتُ وَسَمِعْتُ. بِغَيْرِ الْمُسْتَقِيمِ يَتَكَلَّمُونَ. لَيْسَ أَحَدٌ يَتُوبُ عَنْ شَرِّهِ قَائِلًا: مَاذَا عَمِلْتُ؟ كُلُّ وَاحِدٍ رَجَعَ إِلَى مَسْرَاهُ كَفَرَسٍ ثَائِرٍ فِي الْحَرْبِ. بَلِ اللَّقْلَقُ فِي السَّمَاوَاتِ يَعْرِفُ مِيعَادَهُ، وَالْيَمَامَةُ وَالسُّنُوْنَةُ الْمُزَقْزِقَةُ حَفِظَتَا وَقْتَ مَجِيئِهِمَا. أَمَّا شَعْبِي فَلَمْ يَعْرِفْ قَضَاءَ الرَّبِّ! كَيْفَ تَقُولُونَ: نَحْنُ حُكَمَاءُ وَشَرِيعَةُ الرَّبِّ مَعَنَا؟ حَقًّا إِنَّهُ إِلَى الْكَذِبِ حَوَّلَهَا قَلَمُ الْكَتَبَةِ الْكَاذِبُ. خَزِيَ الْحُكَمَاءُ. ارْتَاعُوا وَأُخِذُوا. هَا قَدْ رَفَضُوا كَلِمَةَ الرَّبِّ، فَأَيَّةُ حِكْمَةٍ لَهُمْ؟ لِذلِكَ أُعْطِي نِسَاءَهُمْ لآخَرِينَ، وَحُقُولَهُمْ لِمَالِكِينَ، لأَنَّهُمْ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ، كُلُّ وَاحِدٍ مُولَعٌ بِالرِّبْحِ. مِنَ النَّبِيِّ إِلَى الْكَاهِنِ، كُلُّ وَاحِدٍ يَعْمَلُ بِالْكَذِبِ. وَيَشْفُونَ كَسْرَ بِنْتِ شَعْبِي عَلَى عَثَمٍ، قَائِلِينَ: سَلاَمٌ، سَلاَمٌ. وَلاَ سَلاَمَ. هَلْ خَزُوا لأَنَّهُمْ عَمِلُوا رِجْسًا؟ بَلْ لَمْ يَخْزَوْا خِزْيًا، وَلَمْ يَعْرِفُوا الْخَجَلَ! لِذلِكَ يَسْقُطُونَ بَيْنَ السَّاقِطِينَ. فِي وَقْتِ مُعَاقَبَتِهِمْ يَعْثُرُونَ، قَالَ الرَّبُّ.”
عند إعداد الحمأة للعمل يقوم الفخّاري بالدوس عليه بقدميه {ناحوم } وهذا مايصفه أيضا اشعياء النبي، بصورة حبّه عن المعاملة القاسية التي تتوقعها بابل على يد احد الغزاة. وكما يدوس الفخاريّ على الحماة سيقوم الفاتح الغازي بسحق أعدائه.
في سفر الحكمة يركز الكاتب على فخاري وثني يكسب عيشه من صناعة تماثيل الطين آلهة زائفة.
وبلاط البالوعات حكمة والهدف الكتابي هنا من ناحية الحديث عن الله كخالق والبشر الحماة وتمّ الجمع بينهما في سخرية واضحة والغرض منها الدفاع عن الوصفية الثانية التي تمنع عمل التماثيل المنحوتة راجع الحكمة.
يستخدم العهد الجديد “الحماة” بطريقتين في يوحنا وخليط من التفل والطين الذي طلى يسوع عيني المولود أعمى وهذه العادة كانت شائعة في فنون الشفاء لدى اليهود والإشارة المتكررة إلى هذا الخليط الذي يشبه الصلصال 5 مرات راجع يوحنا، وتوحي بشكل أعمق للمعنى. وبالعمل الذي عمله يسوع فانه يقوم بعملية خلق للإنسان البصر، وبهذا يوضح انه نور العالم انظر يوحنا “
يعتمد بولس الرسول في الرسالة إلى أهل رومية: “بَلْ مَنْ أَنْتَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الَّذِي تُجَاوِبُ اللهَ؟ أَلَعَلَّ الْجِبْلَةَ تَقُولُ لِجَابِلِهَا: «لِمَاذَا صَنَعْتَنِي هكَذَا؟» أَمْ لَيْسَ لِلْخَزَّافِ سُلْطَانٌ عَلَى الطِّينِ، أَنْ يَصْنَعَ مِنْ كُتْلَةٍ وَاحِدَةٍ إِنَاءً لِلْكَرَامَةِ وَآخَرَ لِلْهَوَانِ؟} على صورة شائعة في العهد القديم تتحدث عن الله انه الفخاري الذي يمارس سلطانه على صنعته وفي هذا السياق وُصف البشر كآنية صنعها الفخاري والله كالفخاري الذي صنعها لتفي أغراضه والسؤال المطروح هنا “أليس للخزاف سلطان على الطين ان يصنع كما يشاء وليكون كما يبتغي؟ {راجع اشعياء: “«وَيْلٌ لِمَنْ يُخَاصِمُ جَابِلَهُ. خَزَفٌ بَيْنَ أَخْزَافِ الأَرْضِ. هَلْ يَقُولُ الطِّينُ لِجَابِلِهِ: مَاذَا تَصْنَعُ؟ أَوْ يَقُولُ: عَمَلُكَ لَيْسَ لَهُ يَدَانِ؟ يَا لَتَحْرِيفِكُمْ! هَلْ يُحْسَبُ الْجَابِلُ كَالطِّينِ، حَتَّى يَقُولُ الْمَصْنُوعُ عَنْ صَانِعِهِ: «لَمْ يَصْنَعْنِي». أَوْ تَقُولُ الْجُبْلَةُ عَنْ جَابِلِهَا: «لَمْ يَفْهَمْ»؟}