9- وفي موضوعة مراجعة وتجديد الطقوس وضمن وعظة غبطته فانه اشار الى ان طقس قداسي مار نسطوريوس ومار تيودوريوس هو يوناني بخلاف قداس مار ادي ومار ماري الذي هو قداس بروحية مشرقية.
اتفق مع غبطته في ان مار نسطوريوس ومار تيودوريوس هم من الملافنة اليونان، ولكني لست اعلم مدى يونانية الروح والنصوص في قداسيهما حيث انهما يمتلكان ذات الهيكلية الطقسية لقداس الرسل مار ماري ومار ادي ولكن بنصوص مطولة للصلوات سواء التي يؤديها الكاهن بصوت مسموع مثل (ܩܢܘܢܐ قانونا) اوالخافت او مع نفسه بدون صوت في (ܓܗܢܬܐ كهنتا) و(ܟܘܫܦܐ كوشابا).
في جميع الاحوال وبغض النظر عن الجزئية التفصيلية في يونانية روحية نصوص القداسين، فاني احيي غبطته على دعوته (كما افهمها من ملاحظته في الوعظة) للحفاظ على الروحية والهوية والاصالة الشرقية للطقوس الكنسية ونصوصها.
ولكن تظهر هنا اشكالية او تساؤلات او مترتبات على هذه الدعوة من بينها:
هل تقتصر هذه المراعاة على تجديد طقس القداس وربما الغاء قداس مار نسطوريوس ومار تيودوروس فقط بسبب يونانية واضعيها؟
هل تشمل هذه المراعاة ايضا الغاء تذكار الملافنة اليونان من تذكارات التقويم الكنسي للكنيسة الكلدانية؟ فمن المعروف ان كنيسة المشرق، الكنيسة الأم للكنيسة الكلدانية، لها بين تذكاراتها تذكار للملافنة السريان (مار افرام ومار نرساي ومار اوراهام) واخر للملافنة اليونان (مار نسطوريوس وتيودوريوس وديودوروس). واحتفظت الكنيسة الكلدانية بهذين التذكارين في تقويمها وفي كتب صلواتها (الخذرا) مع ابدال اسماء مار نسطوريوس ومار تيودوروس ومار ديودوروس الى مار باسيليوس ومار غريغوريوس ومار يوانيس، كما في صورة الصفحة ادناه من الطبعة الكلدانية للخذرا.
وهل تشمل هذه المراعاة للهوية والروحية المشرقية ازالة الدخيل الغربي في الكنيسة الكلدانية من طقوس او تذكارات او نصوص. مثل صلاة الوردية ودرب الصليب وعيد ختان الرب وغيرها..؟
وكذا الامر مع هندسة المذبح والتمايز في تراتبية الدرجات الكهنوتية (مثل الاسقف ܐܦܣܩܘܦܐ ورئيس الاساقفة ܡܝܛܪܦܙܠܝܛܐ) وغيرها..
فالسؤال الذي يرد هو اذا كانت مراعاة مشرقيتنا تقودنا الى اقصاء او تغيير (لا اعرف ما المطروح من قبل الكنيسة الكلدانية امام المجمع الشرقي للمصادقة عليه) طقوس او نصوص لملافنة يونان اعتمدتها الكنيسة منذ 1400 سنة فكم بالاحرى تفرض هذه المراعاة مراجعة الدخيل الغربي قبل قرن (زائد ناقص)؟
اطرح هذه الاسئلة لان غبطته طرح النقطة ضمن موعظته التي باتت موضوع نقاش.
وهنا اكرر ايضا، بغض النظر عن الملاحظات والاسئلة اعلاه فما شان يونانية قداسي مار نسطوريوس ومار تيودوروس بالاساءة الى الكتاب المقدس والطقوس الكنسية؟
10- اعتقد ان غبطته لم يكن دقيقا في ان قداس مار نسطوريوس وقداس مار تيودوريوس يتطلبان ساعتين ونصف..
بالمبدأ انا متفق مع غبطته (كما اوضحت في الجزء السابق من المقال) بضرورة مراعاة طول وقت عموم الطقوس الكنسية (ليس القداس فحسب)، ولكن قداسي مار نسطوريوس ومار تيودوروس هما اطول من قداس الرسل بما يقارب نصف ساعة وقداسيهما باكمله (باستثناء الوعظة والتناول) لا يزيد عن الساعة والنصف.
مع ملاحظة ان قداس مار نسطوريوس يتم التقديس به خمسة مرات فقط في السنة.
ولكن بغض النظر عن ذلك اعيد تاكيد رايي بانه يتوجب مراعاة طول الطقوس الكنسية عامة.
واكرر القول بان هذا لا شان له بالاساءة الى الكتاب المقدس والطقوس الكنسية.
11- اتفق مع غبطته في اننا نعيش وسط محيط اغلبيته شبه المطلقة من الاخوة المسلمون وبانه من متطلبات او اشتراطات التعايش السلمي والتفاعل هو ان نتحدث اليهم.
ومن فهمي لهذه الملاحظة بالسياق الذي اوردها غبطته، ارجو تصحيح خطأي ان كنت مخطئا، ان غبطته يعني بها ان نراجع طقوسنا بما يجعلها مفهومة (وربما مقبولة) لدى المسلمين.
لا بأس في ذلك من حيث المبدأ، ولكن بالتاكيد هناك تفاصيل واسئلة تاتي في تفاصيل الامر، مثل:
اليست المجلات والمنشورات والكتب المسيحية والمواقع والمنشورات الالكترونية وافية لهذا الغرض؟
هل يتوجب او يتطلب الامر ادخال الطقوس (اللغة والنصوص) في هذه المسالة؟
12- لم افهم وجه الترابط بين مخاطبة المسلمين وتجديد طقس القداس.. كما لم افهم المقصود بالتجديد من حيث هو فقط اعتماد اللغة العربية، ام اللغة والنصوص (اعتقد هذا هو مقصد غبطته)، ام يتوسع ليشمل جغرافيا اقامة القداس ومكوناتها والعناصر المادية للقداس؟
فان كانت فقط اعتماد العربية، فهذا ليس بالامر الجديد.
فالكنيسة الكلدانية ومنذ عقود توسعت في التعريب، ليس في الطقوس فحسب، بل وفي مجمل الانشطة والمخاطبات الكنسية حتى باتت اللغة الرسمية للكنيسة. لست اعرف متى كانت اخر رسالة بطريركية كلدانية او مقررات سنهاديقية كلدانية نشرت بالسورث.
الى بدايات القرن العشرين كان الكثير من الاكليروس الكلداني يكتب النص العربي بالحرف السرياني (ما نسميه كرشوني)، واليوم نكتب النص السرياني بالحرف العربي.
وهل يعني ذلك ان الكنيسة الكلدانية في كل ابرشية او دولة تعتمد لغة الاغلبية غير المسيحية (تحديدا الاسلامية) ففي ايران تعتمد الفارسية وفي تركيا التركية وفي كردستان الكردية؟
وان كان المقصود مراجعة النصوص،
فهل من بين متطلبات خلق جو من المقبولية لدى الاخوة المسلمون والحديث اليهم هو مراجعة نصوص او مبادئ عقائدية؟ مثل: ابن الله، والدة الله، صلب المسيح، جسد الرب، وغيرها.
بل وهل يتطلب اعادة تسمية اسماء الكنائس؟
وان كان يتوسع ليشمل جغرافيا اقامة الطقوس،
فهل يتوجب على الكنائس مراجعة هندستها والمواد الموجودة فيها واثناء طقس القداس لخلق جو المقبولية لدى الاخوة المسلمون (مثلا: ازالة الصلبان والايقونات وغيرها)؟
فمن المعروف ان الاستماع الى الطقوس يتطلب الحضور الشخصي الى موقع اقامتها (الكنيسة)، بل وحتى مع بث القداس على الانترنت (التجديد المقترح من غبطته كان قبل كورونا والقداديس على النت) فان بيئة وموجودات مكان اقامة القداس تسبق الاستماع اليه.
وفي نقطة التحدث الى الاخوة المسلمون ايضا، فانه وبغض النظر عن النقاط والملاحظات اعلاه فلا افهم ولم اجد رابطا بينها وبين الاساءة الى الكتاب المقدس والطقوس الكنسية.
13- سألني أحدهم: اذا كان غبطة البطريرك مصرا على ان تشبيهه للكتاب المقدس والكنيسة وطقوسها بحديقة الحيوانات ليس اساءة، فهل له ان يشرح لنا التماثل بين الكنيسة في خدمة القداس وبين حديقة الحيوانات:
من هم زوار الحديقة؟ من هي الحيوانات؟ ما هو قفصها؟ ما هو طعامها؟ ومن يقوم باطعامها؟ كان جوابي: حاشا ان اقبل هكذا تشبيه. وليقدم الاجابات من يعتبر هذا التشبيه ليس اساءة.
14- من الكتاب المقدس نعرف ضعفنا البشري وان لا احد كامل غير الله، وان جميعنا نحن البشر، وغبطته احدنا، معرضون للهفوات والاخطاء.
وبذلك ليست نهاية العالم ان غبطته اخطأ استخدام كلمات غير مناسبة في وقت ومكان غير مناسب.
فغبطته يعترف في وعظة قداس 23 تشرين الأول انه كان منزعجا كثيرا من رسالة المجمع الشرقي ولقاء غبطته مع السفير البابوي وانزعاجه انعكس في وعظته السابقة ليوم 20 تشرين الاول (وهي الوعظة موضوع مقالنا).
وهذا امر حصل مثله ووارد الحصول لجميعنا نحن معشر البشر.
المؤسف والمؤلم ان غبطته عوض الاعتراف بحصول الخطأ وعلى انه زلة عابرة نتيجة الانزعاج الذي كان يعيشه، فانه اصر وما يزال يصر ان كلامه لم يكن فيه اساءة.
ففي توضيحه المنشور بتاريخ 22 تشرين الأول وفي وعظته في قداس يوم 23 تشرين الأول وفي رده على رسالة الاسقف مار عوديشو في 27 تشرين الاول، يصر غبطته اصرارا عجيبا ان كلامه لم يتضمن اية اساءة في الوقت الذي كانت الاساءة واضحة من حيث النص ولغة الجسد وموقع وزمان الحديث ومن حيث المستهدف بالاساءة، وهو الكتاب المقدس قبل اي شيء او جهة اخرى.
15- والاكثر ايلاما وسلبية من ذلك ان غبطته يحاول تحويل وجهة الموضوع الى سجال مع كنيسة المشرق الاشورية وبانه لم يسيئ اليها. وبهدف شد العصب الطائفي والمذهبي.
نعم غبطتكم لم يسيء الى كنيسة المشرق لان الاساءة كانت للكتاب المقس، والقربان المقدس، والكنيسة الكلدانية اولا، ثم بقية الكنائس واحداها كنيسة المشرق.
غبطته لم يذكر في كل ايضاحاته تشبيهه للكتاب المقدس والكنيسة المقدسة (كل كنيسة) وطقوسها بانها حديقة حيوانات في محاولة من غبطته لازالة الاساءة من المشهد وعوض ذلك تركيزه على ردود الافعال المشينة والمرفوضة قطعا من قبل الكثير من المعقبين والمعلقين، وتصوير غبطته نفسه بانه ضحية استهدفها الاشوريون بلغة الشوارع (كما سماها غبطته حرفيا).
اكرر وساكرر ادانتي باقسى العبارات لردود الافعال المسيئة والمشينة التي نشرها العديد الذين الشعب الاشوري والكنيسة الاشورية وجميع المسيحيين ابرياء منهم ويدينون ما كتبه هؤلاء المسيئين في ردود افعالهم.
ولكن ذلك لا يجوز توظيفه دخانا لتغطية وانكار الاساءة وشد العصب الطائفي والمذهبي.
16- نحن احوج ما نكون الى توحيد الجهد والعمل لمواجهة واقعنا وتحدياتنا المشتركة وليس صب الزيت على النار.
الحكمة والمسؤولية تتطلب الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه وليس البقاء فيه والاصرار عليه بما يعني الاستعداد لتكراره.
فاذا كان بطريرك الكنيسة الاكبر في العراق لا يكون جزءا من توحيد الجهد فمن يا ترى يكون؟