Articles Arabic

الجزء الأخير سهل نينوى ومفاعلات تموز وهالة جربوع

الجواب : غارت على مفاعلات تموز 1 بالذات ( 7 إلى 8 ) طائرات واحدة فقط ( قاصفة ) تحمل صاروخين ” برينة أي ثاقب “ وصواريخ عادية وقنابل عنقودية والبقية كانت مرافقة ( للحماية والإرضاع الجوي ) لضخامة حجمها تمت معالجة الموقع من خلالهما فانفجر الأول محققاً الهدف في إخراج المفاعل من الخدمة فلم يكن ضرورياً تفجير الآخر واعتقد انه ترك كرسالة لعلمهم عدم استطاعة كوادرنا من فك رموز تفجيره فتركوه وكأنه جثّة ميّته كون عملية إخراجه لم تكن سهلة ابداً وقد استغرقت اكثر من ثلاثة أيام فعلية، بعد ايام انتظار مستوجبه للتأكد من انه غير مؤقت لفترة زمنية للتفجير وخشية من تقديم شهداء لا مبرر لاستشهادهم … نعم لقد عرفوا انهم اخرجوا المفاعل من الخدمة بالصور التي رافقت عملية الإغارة … الخراب الذي احدثه ذلك الصاروخ كان كافياً لعدم تدمير المنطقة وكما ذكرت فأن المفاعل تموز 2 لم يتأثر ولم يتشقق حوضه لكان قد خسر مائه (D2O) وليس (H2O) . بينما المفاعل تموز 1 فقد دمر حوضه وخسر مياهه كذلك تأثر القلب بشكل كبير. وهذه كانت الغاية من الأغارة .


هذه ليست المرّة الأولى ايضاً في اخراج المنظومات من الخدمة بالأغارة عليها فقد تكررت للمرّة الثالثة بعد عشر سنوات تقريباً في موقع الجزيرة في الموصل ( موقع التخصيب ) والذي كان يحتوي على بنايتين واحدة منهن تدعى (ترﭘل زيرو أي ثلاثة اصفار000 ) والثانية كنت انا المسؤول عنها بعد ان اغارت عليه الطائرات وتأكدت من إخراجه من الخدمة كتبت في السماء بدخانها (000) وفوقه علامة ( اكس ) أي انتهى الموقع ورحلت نعم انا ايضاً كنت في داخل الحدث وشهدت ذلك وكان لا بد لي ان افتكر ما حصل معي كل تلك المرات وتيقنت ان هناك يداً كانت تحميني وتخلّصني على اثر ذلك قررت ان اجتهد في موضوع نهاية خدمتي ( طلب احالتي على التقاعد ) ونشكر الرب انني استطعت الحصول عليه وبتكتيك محكم …. وهنا استوجب ان نقول هذه الحكمة : ان لم تحترم قوّة عدوّك فلن تعرف كيف تواجهه… لم تكن هناك خسائر بشرية نتيجة الغارة ، بعد الغارة بحوالي الشهر توفى مسؤول الإطفاء ( عبد الزهرة عبد ثاني ) لأصابته بالسرطان بعد ان حملته غيرته ان مسك بالمسحاة يجمع ( الباودر الأصفر ) ليملأ به البراميل .
للأمانة نقول : ان المفاعلات النووية تموز 1 و 2 لم يكونا مجهزين لأغراض الصناعات العسكرية بقدر ما كانا لأغراض ( تقنية بحثية ) كون الصناعات العسكرية تحتاج لعنصر البلوتونيوم وهذا العنصر ليس بالسهولة ولا الوقت ولا الكمية التي يستطيع هكذا مفاعلات وبتلك القدرة الواطئة توفيرها بالإضافة إلى معدل خصوبة وقوده مع المراقبة المستمرة للشركة المزوّدة ( الفرنسية ) له باستلام المحروقات من الوقود القديم لتجهيزه بالوقود الجديد . وبعد ان ضرب المفاعل كان هناك قرار من القيادة للشروع بمشاريع تخصيب الوقود للوصول إلى نسب عالية التخصيب وواحد منهم كان مشروع الموصل الآنف الذكر . لقد تزامن موضوعنا هذا مع زيارة ماكرون ولقائه رئيس الوزراء وطرح موضوع المفاعلات من جديد ، وشخصياً أرى ان هذا الموضوع يستخدم للدعاية لكون ( الظرف الذاتي والموضوعي للعراق غير مهيأ حالياً ولا للمستقبل المنظور على الأقل للمباشرة بهكذا مشروع ).
هذا التدليس الذي نشر يتوافق والخطط المرسومة لسهل نينوى بعد اجلاء وتهجير ما تبقى من سكانه المسيحيين الأصلاء انه محط صراع كان سابقاً بين ( حكومة المركز وحكومة كردستان ) من اجل النفوذ فيه اليوم جاء طرف ثالث وهو ( تركيا ) ليشترك في الصراع وليدخل كقوّة لاستعادة امجاد  (الإمبراطورية العثمانية ) في بناء احلام ( الدولة الإسلامية ) وطموحهم اعادة ( الموصل وكركوك ) على اعتبار انهما جزء من الإمبراطورية … إذاً فسهل نينوى اصبح مركز صراع دولي محلي لمن يرث بقاياه ( فدولة الفقيه تسعى ليكون لها موطئ قدم والدولة الإسلامية بطموحها وكذلك الإقليم وهناك ايضاً اجندات دخلت على الخط ليست محل تحليل ) .
اخيراً لا بد ان ندلي بهاتين الملاحظتين المهمتين :

1 ) لم يكن اتفاق فرنسا حول تشييد هذا المفاعل الذي كان اسمه ” اوزيراك ” أي ( اوزريس العراقي ) مع العراق فحسب انما كان مع ايران الشاه ايضاَ ولكن بعد اسقاط النظام وتولي الخميني دفة الحكم في العام 1979 اعلن عن الغاء الأتفاق وتحويل بنايات المفاعلات إلى اسطبلات وطلب من الكادر العودة لإيران إلاّ ان البعض من الطلبة فضل اللجوء إلى فرنسا رافضاً العودة.

2 ) نقل التلفزيون الفرنسي مقابلة عبر التلفاز في العام 1977 أي عام وصولنا بين الرئيس الأمريكي جيمي كارتر والرئيس الفرنسي جيسكار ديستان يعبر فيه عن عدم موافقته لبناء المفاعلات للعراق بالذات معرباً عن قلقه بذلك كون العراق يعتبر من محاور المقاومة وان صدام حسين سيشكل خطراً كبيراً في المنطقة لو امتلك العراق القنبلة النووية وقد كان جواب جيسكار ( اننا نعرف ما نفعل ولنا سيطرة تامة حول الموضوع ولا نسمح لآخرين ان يتدخلوا في علاقاتنا الدولية ما دمنا نحن لا نتدخل في علاقاتهم ولو طلب العراق ذلك من أمريكا بذات المبلغ اعتقد انكم ستتسارعون لتعقدوا معهم تلك الصفقة ) .

لقد تم رسم الخطط لمستقبل ( سهل نينوى ) وعائديته بعد استكمال مرحلة التهجير للمسيحيين والأيزيديين بصورة ممنهجة فهناك أطماع كثيرة لتغيير ديمغرافية السهل تهدف إلى تقسيمه وتمزيقه بحيث يكون هذا السهل انطلاقة لأنهاء الخلافات بين مستعمريه ( بالمناسبة سهل نينوى هو العنوان الأصيل لتواجد من بقى من المسيحيين في المنطقة والسهل لا تحده حدود إدارية فهو يمتد من العراق وشمالاً إلى تركيا بل ويدخل فيها وشرقاً إلى ايران وايضاً يدخل فيها وغرباً إلى سوريا ليتصل بلبنان هذه هي حدود الإمبراطورية الآشورية والتي عقبتها الإمبراطورية الكلدانية عاصمة السهل هي ” الموصل ” والتي اليوم افرغت من سكانها الأصليين ) لن نبحث اليوم مصلحة السهل لمن يفترض ان تتبع لأن لنا فيها دراسة تاريخية بحثية … وهنا لابد من الإشارة إلى تحقيق طموحات المحتلين للسهل ما فعله ( غبطة البطريرك الكاردينال الكلداني لويس ساكو ) من تسهيل هذه المهمات لتلك الأطراف بأن شتت السهل بين الفرقاء المسيحيين بعد ان اعلن انسحابه من مجلس الكنائس بسبب عدم السماح له بالتسييد عليهم ليجعل سهل نينوى ينقسم بين سكانه المسيحيين من ( الكلدان والسريان )  وهذا كان واحد من طموحات الآخرين ” وكل له مناطقه ناهيك عن مناطق الأيزيديين وتالعفر ( ” المسلمين الأكراد من الشيعة ” ) مما سهّل على بقية الفرقاء التنافس في ضم ما تبقى من المسيحيين والأيزيديين تحت مظلة احزابهم وبذلك سيكتب على السهل كما كتب على المفاعل ان يضرب قلبه ( الموصل ) وتشتت توابعه لينتهي ما تبقى منه هكذا هي حكمة وعظمة قادتنا التي ابتلينا بهم وهكذا يفعل الغرور والكبرياء عندما يتسلّط على من هو غير مؤهل للقيادة وخاصة عندما يختلط معه الأمر فيتصوّر ان قيادته الدينية يجب ان تشملها قيادة سياسية وهنا كان لا بد لنا من ان نقف امام هكذا طموحات لغير المؤهلين والذين نفختهم ابواق الانتهازيين المرائين الذين شغلهم التبويق والتطبيل …. فهل سيشهد هذا السهل يوماً الراحة وهل سيكون لأهله مستقر فيه ام ستتقاذفه شهوات وحماقة وغباء الآخرين … الرب يبارك حياتكم جميعاً واهل بيتكم ….

الخادم حسام سامي 4 / 9 / 2020

Follow Us