“قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلًا فَاذْهَبْ وَبعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي»”. متى 21:19
29- حزيران – 2020
أيها الإخوة والأخوات الأعزاء
ليكن سلام ربنا يسوع المسيح معكم جميعا.
تصادف اليوم الذكرى السنوية الأولى لرسامتي الكهنوتية. في مثل هذا اليوم من العام الماضي ، قبلتُ من كل قلبي هبة الكهنوت التي اسسها ربنا نفسه ، وإلى جانب هذا قبلت التحديات العديدة التي تأتي مع الكهنوت ، حياة منفصلة عن العالم العلماني، والقدرة على خدمة أسرار الكنيسة ، وأخيرًا ولأول مرة واجهت سلاما إلهيًا لم أجربه من قبل في حياتي بعد كل التحديات التي واجهتها خلال السنين الماضية.. في هذا اليوم تبدلت حياتي وبدأت أعلم أنني سأبقى بما تبقى من حياتي في خدمة مذبح ربنا إن شاء الله لذلك ، واني اقبل ذلك من كل قلبي.
أريد أن استغل هذا الوقت لأشكر عائلتي بأجمعها ، والتي كانت معي طوال الوقت ، خلال اوقاتي الجيدة والأوقات الصعبة ، شكرا لدعمكم لي الى حد هذا اليوم بالذات. وشكرا لجميع أصدقائي الذين كانوا طيبين معي وحافظوا على صداقتنا. وكل المخلصي، لقد أثبتتم من كل قلبكم بأنكم تخدمون الرب وترغبون بالبقاء معه. شكرا لأولئك الأصدقاء الذين هم في أمريكا وأوروبا لانهم بينوا دعمهم وبقاءهم على اتصال معي. شكراً لأولئك الكهنة الذين هم باقون على اتصال دائم معي بتقديم دعمهم ومساعدتهم اللامتناهية. شكرا للذين هم دائما صادقون، والذين يريدون أن يسعوا ليكونوا مسيحيين صالحين. امثال هؤلاد هم الناس الذين يساعدوني ان اكون بقرب المسيح من خلال خدمتي لكم جميعا ، سواء ان كان ذلك بمباركة منزلكم، أو بموعظة لكم، أو بزيارة اي شخص مريض من عالتكم، او بتلبية احتياجاتكم الروحية، أو بمساعدتكم في أمور شخصية.
ان الفرح المستمر الذي اختبره من خلال الاحتفال بالقربان المقدس اسبوعيا يعيش في داخلي دائما ، هذا الفرح لا يوصف ، وكم أتمنى أن يكون بإمكاني ان اشرحه حتى ولو ببضع كلمات ، لكنني لا أستطيع. واود ان اقول بانني اقيم كل قداس وكأنه الاخير لي ، وبهذا اكون قد وصلت الى درجة اقدم فيها ذهني كليا لـله كي لا أكون في تجربة من قبل الخطيئة، وان لا ادع الشيطان ان يهاجم اثناء وقوفي هناك بحضور الـله وتقديمه للذبيحة.
ان الفرح الذي اختبره عندما اذهب لأبارك احد البيوت سيبقى في . كذلك ابتسامة الناس وسعادتهم تشجعني على القيام بأشياء أكبر من ذلك وذلك باستخدام الهدايا والوزنات التي وهبني إياها الـله، والتسبيح لـله على الدوام. وعلى طوال هذا العام، اشعر باني كبرت مع اللـه وثبتٌ بطرق لم أكن أتوقعها ، ولكن المهم أن الـله ، أثبت حبه لي كل يوم حيث اني اقولها بكل صدق بإنني لا أستحق كل ما أعطاني اياه.
لم يكن هدفي في الحياة أن أصبح كاهنًا فحسب ، بل كان هدفي أن أقترب من يسوع اكثر، وأعيش حياتي على افضل حال قدر الإمكان حسب تعاليمه. ولو كان هدفي بأن أصبح كاهنا فقط ، لكنت بعد الوصول الى الهدف ، لكان لا يوجد لدي اي شيء اكبر بعد ذلك ان اعمله بعد. لكن في سعيي للوصول إلى هدفي النهائي في الحياة، تكمن الرغبة بالتشبه بيسوع لكسب الحياة الأبدية ، وسيكون لدي حينها طريقا طويلا للسير عبر السنوات التي من خلال كهنوتي ساسعى بالوصول اليها وتحقيق هدفي السامي.
انا واثق ان الـله كان له مخطط لي ، وهذه كانت خطته بالنسبة لي من خلال كهنوته الذي وهبه لي ، حيث كان بامكاني على الأقل أن أعمل لكي أصبح مسيحياً أفضل وأكمل رغبتي في الاتحاد مع يسوع والحصول على القداسة. ولم أتمنى شيئًا اكثر سوى أن أكون كاهنًا صالحا، وأن أخدم بصبر وبشغف كهنوتي بغض النظر عن العوائق التي أواجهها وبغض النظر عن مدى اضطهادي من قبل هذا العالم والشر فيه وفي شعبه.
خلال رسامتي الكهنوتية في مثل هذا الوقت من العام الماضي ، كان هناك الكثير من الارتباك الذي أعتقد بانه الان لم يعد موجودا عند البعض ، خلاف أولئك الذين لا يستطيعون، أو لا يرغبون في معالجة شكوكهم ورؤية الحقيقة بشأن رسامتي ، وعلى يد من تمَّت. هذا الامر لا شك فيه بتاتا بعد منذ أن أوضحت ذلك ونشرته في عدة مناسبات. ففي مثل هذه الايام وقبل عام، تلقيت الكثير من الكراهية من أشخاص كان يبدو عليهم انهم متدينين وكالقديسين ، ولكن خلال الأسبوع الذي سبق رسامتي ، أثبتوا وجههم الحقيقي ومن كانوا بالحقيقة. كما وتلقيت باستمرار مكالمات ورسائل هاتفية من ناس يشتمونني ويطلقون علي أسماء غير لائقة . لقد جعلوني كالمهرج وضحكوا علي ، وكان هناك الكثير من الشائعات والشكوك الخاطئة والتعليقات ضدي. والتي قبلتُها بقلب واسع وشجاع. هذا وكنت أعلم بالتأكيد أن هؤلاء الناس لا يعرفون ماذا يفعلون وانما مندفعين بتأثيرات سيئة. ومع هذا كنت أعلم أن اللـه سيتدخل في مرحلة ما حسب وقته ومشيئته ، ومع الاحداث كل شيء استقر ، وكنت متأكدا بأن الرب كان المعين.
كثيرون لم يستطيعوا من تقبل الحقيقة بأنني بالرغم من كل هذا كنت اسير في حياتي، واخيرا، مستمرا بالرحلة التي بدأتها مع المسيح بعد ان تعرقلت بسبب فعل دنيء للغاية. رحمة من الرب لذلك الكاهن ، فأنا قد سامحته على ما فعله بي، حتى ان كثيرون حينها لم يرغبوا ان يرونني أواصل دعوتي ، كانوا فقط يريدون ان يروني في معاناة بينما كانوا هم يبحثون عن منصة لهم مبنية على اسباب خاطئة حسب سوء فهمهم بان ما يفعلونه هو لهم ليكتسبوا مجده، بل ان من واجبهم أن يعطوا المجد لـله وحده في الواقع.
كل ذلك تم قوله وفعله ضدي وضد رسامتي الكهنوتية في العام الماضي. كم من الكراهية وُجِّهت نحوي ، وكل التعليقات والافتراضات كانت غير صحيحة وباطلة، وغير مسيحية على الإطلاق ، وأظهرت كيف يمكننا في بعض الأحيان ان نحكم على الأبرياء دون معرفة الحقيقة، وان تدخلنا في حياة الناس هو ليس من واجبنا ابدا. وهذه المشكلة مستمرة وقائمة في مجتمعنا.
أستطيع أن أقول إنني أسامحكم جميعاً، وأشكر أولئك الذين أساءوا الي، لأنكم جعلتموني ان اكون اقوى. وايضا جعلتموني ان أقترب أكثر من الرب وأحبه أكثر. كما تقول الآية “طُوبَاكُمْ إِذَا أَبْغَضَكُمُ النَّاسُ، وَإِذَا أَفْرَزُوكُمْ وَعَيَّرُوكُمْ، وَأَخْرَجُوا اسْمَكُمْ كَشِرِّيرٍ مِنْ أَجْلِ ابْنِ الإِنْسَانِ.
23اِفْرَحُوا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ وَتَهَلَّلُوا، فَهُوَذَا أَجْرُكُمْ عَظِيمٌ فِي السَّمَاءِ.لأَنَّ آبَاءَهُمْ هكَذَا كَانُوا يَفْعَلُونَ بِالأَنْبِيَاءِ. “.( لوقا 6: 22- 23).
الكهنوت هو: ليس للفرد أن يخلق منصة او منبر لنفسه ، وهو ليس للكهنة أن يبحثوا عن مجد لأنفسهم، وهو ليس لعبة، وبالتأكيد الكهنوت ليس لاختطاف كنيسة المسيح، ولكن لسوء الحظ لدينا اليوم العديد من الكهنة غير مقدسين تسببوا في أضرار كبيرة للكنيسة، وأثروا عليها بأفعالهم واعمالهم الشريرة، حتى ان العديد من الكهنة استخدموا الكهنوت لمجرد اكتساب المجد الذاتي والمال وبناء المنازل وشراء أحدث السيارات والاستمتاع بحياة فاخرة مع عدم الاهتمام بقطعانهم، مما سبب في مغادرة الكثيرين الكنيسة وعدم العودة إليها ، وهذا يعتبر اذى للعائلات والجماعات المؤمنة..
ان معظم الكهنة اليوم يسخرون بالمسيح وقد طردوا يسوع من كنيسته. هذا ليس كهنوتًا ، بل هو في الواقع تأثير الشر والإغراء والجشع والكبرياء والإهمال.
الكهنوت مقدس ، الكهنوت نقي ، الكهنوت هبة ، وهذه الهبة ينبغي استخدامها لتمجيد يسوع في كل الأوقات، ولبناء ملكوت الله، ولقيادة جميع المؤمنين إلى ملكوت السماوات. يجب على كل كاهن أن يتذكر ما فعله له الإله الصالح العظيم بجعله كاهنًا للكنيسة حيث قليلون هم من يتم اختيارهم للعمل في كرم المسيح. الكهنوت هو خدمة أسرار الكنيسة للمؤمنين لكيما بهذه الاسرار يرثوا الملكوت والخلاص. ومن ناحية أخرى ، يجب ان أقول أن هناك العديد من الكهنة الاتقياء والاجلاء في الكنيسة ممن يخدمون اللـه وكنيسته من كل قلبهم ، وقد كانت لهم بصماتهم في حياة الكنيسة من خلال جميع أعمالهم المميزة والمقدسة. نعم ، الكهنة هم بشر ، لكن بالتأكيد الكنيسة بحاجة ماسة إلى كهنة مقدسين وغيورين لكي يتغلبوا على كل الشر الذي يأخذ بسمعة الكنائس الى الهاوية بسبب تصرفات بعض رجال الدين والسلطة العليا. سيبقى الكهنة الصالحين دائما قريبين من الـله، ومن شعب اللـه ، ولا شيء يمكن ان يغير ذلك لانهم يعكسون الصورة الحقيقية ليسوع المسيح والكنيسة لأولئك المحصورين والمحبوسين في الظلمة. سوف يقاتل الكهنة الصالحين دائمًا من أجل الحقيقة ويكرزون بالحقيقة لأنها الحقيقة هي التي تحررنا. وسوف لن يخافوا من أي سلطة تهددهم بتقييدهم وايقافهم من قول الحقيقة، فهم لا يخافوا اي انسان بل يخافوا اللـه، والـله فقط. وهم يقبلون بالعواقب التي تواجههم عندما تتم معاقبتهم لكونهم أمناء واتقياء وكهنة صالحين.
لهذا اني اخذ عهدا أن انا أعيش كهنوتي بإخلاص للمسيح طوال حياتي بأفضل قدر ممكن، ومن دون النظر إلى الوراء ابدا، او فسح المجال لأي شيء لإيقافي. نعم اني قادر على أن أعيش كهنوتي بأمانة ، فلماذا أسمح للشيطان أن يدمر هبة الكهنوت هذه التي أوكلت إلي بسهولة؟ انا لا أريد اي شيء من هذا العالم ، انما الشيء الوحيد الذي اتمنى الحصول عليه، وأن أراه ، هو سعادة أولئك الذين أخدمهم من خلال القوة التي اعطيت لي من لدن اللـه، وأملي ان اوصل الكثيرين قرب ربنا ونحو الخلاص. وهنا أريد أن أوضح أن الطريق ليس طريقًا سهلاً ، ولكن بفضل نعمة الـله وقوته ، يمكنني التغلب على جميع العقبات مثلما فعلت في الماضي. وبكل صراحة اقول: لا مال ، ولا مجد، ولا شهرة، ولا شخص، ولا اي شيء مادي يمكنه ان يعطيني السعادة والقوة التي أحتاجها لخدمة اللـه وطريقه الذي اختاره لي، غيره هو. إنني أنتمي إلى اللـه وكل ما لدي ليس ملكي ، وأتمنى دائما أن أكون قريبًا ومتحدًا مع يسوع المسيح، اليوم ، غدًا، والى نهاية حياتي.
أشكر الرب وأمه التي هي الام الاجمل على الإطلاق، سيدتنا ام المعونة الدائمة، شكرا لك يا امي مريم على كل ما تفعليه، وشكرا لانك تقوديني أقرب إلى ابنك الحبيب.
اصلي لكم إخوتي وأخواتي كي تبقوا جميعاً مخلصين ليسوع دائماً، وان لا تتخلوا عنه ، لان لديه خططا عظيمة لكم.
اصلي للرب بأن يقويني كي أتمكن من الاستمرار في خدمة مذبحه المقدس حتى النهاية. صلوا من اجلي.
ختاما: لتكن مناسبة عيد القديس بطرس والقديس بولس مباركة عليكم، ومباركة لكل اخوتي الكهنة الذين يحتفلون بذكرى رسامتهم الكهنوتية في مثل هذا اليوم.
دُمتم بكل خير وسرور
أخوكم في الكهنوت
القس مينا كوركيس
الأب مينا المـوقـر
مبـروك لك رسامتـك الكـهـنـوتـية متمنـين لك حـياة كـهـنوتية ملـتـهـبة بالإيمان والـرجاء
في الحـقـيقة ، نحـن نـكـبّـر فـيـك رغـبـتـك العـمـيـقة لهـذا العـمل الـمـقـدّس
وأنت الشاب الـوسـيم ومن موالـيـد أسـتـراليا / هـذا العالم الغـربي المليء بالمحـفـزات التي يـنـخـدع بها شـباب الـيـوم
نعـم ، أنت تـركـتَ مـلـذات الـدنيا ومثـيـراتها ، فإخـتـرتَ طـريقاً يتـطـلـب الصـبـر والـثـبات بإرادة قـوية لمرافـقة الـرب المسيح
وأنـتَ لها ، والـنـعـم مـنـك
نـتأمـل فـيك ونـصلي معـك كي يمنحـك الله الـقـدرة والصمود لخـدمة كـلمته وإيصالها إلى المـؤمنـين