لماذا عـلى كاهـن أن يحـلل سـرقـته

الاب نوئيل كوركيس
تـنـصّ الوصية السابعة من وصايا الله العـشـر (لا تـسرق) ، أما رجـل الـدين بكافة درجاته ــ درغا ــ يحاول أن يلـويها بما يناسب مصلحـته ويضمن حـياته الكـريمة عـلى الأرض . أما لـقاؤه مع ربه فهـو شأن شخـصي هـو الـذي يتـكـفـل به ، كل ذلك لأن في إعـتـقاده قـد مُـنِـحَ الحـل والـربـط في يـدَيه ، ولا ذنب عـليه.
أولاً:
إن رجـل الـدين يـفـدي عـمره لأجـل المؤمنين ، وبـدَورهم يجـلـّـونه بقـبلات عـلى يـدَيه ما دامت له سلطة في ساحة الكـنيسة ، وعـنـدما تخـتـتم سلطته بوصوله إلى سن الـتـقاعـد ( 75 عاماً قابلة للمـط حسب ولائه للسلطة الكـنسية ) أو لسبب ما ، فإنهم يتركـونه وحـيداً في صومعـته ولا يسألون عـنه حـتى بأرخـص وأبسط طريقة مثل : شلاما أو رسالة قـصيرة عَـبر الهاتف ، إنهم فعلاً ناكـرو الجميل !! ولا يـرَونه إلاّ للمرة الأخـيرة حـين يشيّعـونه بضرب رأسه عـلى زوايا الكـنيسة الأربع وهم يمطرون دموع التماسيح عـلى أنغام المدراش “ܥܕܬܐ ܦܘܫ ܠܟ ܒܫܠܡܐ عـيتا ﭘـوش لاخ بشلاما ” وهـو مغـمّض العـينين ذاهـب إلى مثواه الأخـير . هل يـرغـب الكاهـن الحُـر والـنزيه أن تكـون نهايته هكـذا ؟ أم يكـتب في وصيته بأنه يرفـض هـؤلاء في جـنازته؟
لـذا يفـكـر في ضمان مستـقـبله المعـيشي بحـكمة ( الفـلس الأحمر ينـفع لليوم الأسـود )… فـنـراه يسرق بألـف طريقة وطريقة.
ثانياً:
إنّ المرائين المؤمنين الـذين يخـدمهم ، يسرقـون زبائـنهم عـلـناً كما يتهـرّبـون من دفع الضرائب الحـكـومية ( دكاكـين وأسواق وبارات وكل الوظائف ) ويريـدون تـزكـية المال المسروق كي يحـلـلـوا مبـيعاتهم ، فـما العـمل ؟ إنهم يشتـرون الملكـوت من الكاهـن الـذي يخـدمهم وهـنا يأتي دَوره فـيشعـر بضرورة أن يسرق منهم عـلـناً أيضاً فـيـدعـوهم إلى الإعـتـراف بخـطاياهم ويصلي من أجـلهم ( كـل شي بـفـلـوسه ) مع (صكـوك الغـفـران …. رازا أبـدينايا !!) ، والـنـتيجة واحـد يضحـك عـلى الآخـر.
ثالثاً:
يسرق الكاهـن بسبب غـياب عـدالة السلطة الكـنسية ولربما يأتي يوم كما هو حال عـند الكـلدان في عهـد غـبطة البطرك ساكـو ، يطرد الكاهـن بتهمة ملـفـقة من السلطة الكـنسية ذاتها (عـلى أعـلى مستوى المحاكم الكنسية ان نيافة الكردينال ليست له قضية بالأساس) بعـد أن يفـني عـمره للكـنيسة بأمان أو يوقـفه بسبب كـتابته سطـراً في مقال يكـشف حـقـيقة ساكـو بأدلة وبراهـين ، أو ليس عـلى وفاق مع مزاجه النرجسي ، أو يحـب الـذين حـواليه فـقـط ومَن عـلى شاكلة معاونه روبرت سعـيد والقس خـدوري أبو الـبُطل وووو

رابعاً:
يجـب أن يسرق لأن سر الكهـنوت أصبح وظيفة يسترزق منه كـل فاشل ( وخــير دليل عـلى ذلك ، رسامة الكهـنة المتـزوجـين في عهـد ساكـو أكـثر من أي عهـد مضى وغـير مؤهـلين عـلى جميع المستويات الروحـية والطقسية والإجـتماعـية ووو … مع إحـترامي للمخـلصين في خـدمتهم الكهـنـوتية ) وراتبه الرسمي لا يكـفـيه (من الكـنيسة ومكـتب وزير المالية السابق في إقـليم شمال العـراق ، كم منح بركة الزكاة لجميع الأساقـفة ، هل يوجـد مَن يحاسب ويستـفـسر أين ذهـبت هـذه الملايين من الـدولارات ؟؟؟)، فكـيف إذا أراد السفـر وشراء الملابس ــ برانـد نيم ــ وسيارة حـديثة وووو وعشاء الكاهن في مطعم راقي أو فـندق مع زوجـته وأولاده أسبوعـيا؟؟

خامسا:
يحـلل سرقـته من خلال البناء وتصليحات وترميمات هـياكل كـنائسهم وأديرتهم … من المنح والهـبات والتبرعات من الدول والمؤسسات والجمعـيات … وخاصة ظروف العـراق المزرية التي تخـدم جشعهم ( يكـشفـون من الثور ذيله فـقـط ).
لماذا لا توجـد تحـقـيقات مستـقـلة مدنية من لجـنة مخـتصة عـلى جميع الواردات والـنـفـقات للأبرشيات ( كـلجـنة التحـقـيقات في بيع أوقاف كـنائس بغـداد والبصرة وعمارة وكوت وقاصة البطركخانة) وخاصة تلك التي تعـيش في بحـبوحة من كـثرة المنح والهـبات من الخارج بحجة المهاجـرين ومشاريع عـمرانية وغـيرها ، مثـلما تـوجـد لجـنة مِن قِـبَـل دائرة الضرائب الأميركـية على بعـض الكـنائس في أبرشية مار توما في ولاية مشيـﮔان ، حقا إذا كانت هـناك تحـقـيقات عادلة عـلى سرقة الأموال العامة وإستخـدامها بشكل صحيح ، لكان غالبـية الأساقـفة والكهـنة والرهبان والراهبات في السجـون الكـبـيرة وأولهم غـبطة البطرك ساكـو ، ولكـن يعـملون حسب الحكمة التي تـقـول ” حك ظهـري أحك ظهـرك ”
سادساً:
إن الكاهن الأمين يجـب أن يعـيش في الصحـراء (منعـزل) لأنه ليس له مكان في هـيكـلهم ــ هـيـكل أصحاب السلطة الكـنسية (( مغارة اللصوص )) وغالـبـيتهم حـرامية ــ كما عـمل يوحـنا المعـمدان الذي كان عـليه أن يعـيش في الهـيكل بإعـتـباره إبن مهـنة الكهـنوت بالوراثة . لا أمل في إنقاذ كـنيسة الكلدان ( إصلاحها ) إلاّ بالخـروج إلى الصحـراء ( أردن ).
سابعاً:
كلامي موجه لكل رجـل دين مسيحي ( الإكـليروس بـجميع درجاتهم ) بالأخـص من الكـنيسة الكـلدانية البابلية التي تهـمني أولا وأخـيرا وليس أية كـنيسة أخـرى التي ليس لي فـيها شأن حـتى الكاثوليكـية اللاتينية الرومانية الغـريـبة ، عـلـيه أنْ يقـف أمام المرآة ويحـدق في عـيـنيه ماذا يقـرأ ؟ عـليه أن يقـول كـلمته من ضميره ، إنْ كان هـناك بقـية ضمير لذلك الإنسان.
في الخـتام:
فهل من أسد بابلي كلداني شجاع ــ قـطيع صغـيرــ ينـزل في ساحة التحـرير ( الميادين – دراتا الكـنائس الكلدانية في جميع انحاء العالم ) وأن يزأر عـلنا مِن عـلى السطوح كما يرشدنا الإنجـيل عـلى قـول الحـق ؟؟ وليس سرد البطولات وتـذمر عـلى الواقع التعـيس في غـرف ليس فـيها كهـرباء؟؟؟