هل قد حُكم على كنيستي بأن تبقى في هذه الحال؟
أفيرضى المسيح بأن تكون كنيسته جامدة هكذا، وبأن يكون رؤساؤها منشغلين بأمور جانبية ومادية او تلك التي تخدم، والأبرشية اسقفها. على مثال مصلحتهم الشخصيـة؟ وهل يرضى المسيح بأن يقتصر اهتمام رؤساء كنيسته على الشؤون الخارجية والبنايات الفخمة التي توليهم المجد والعظمة امام الناس. أما البنيان الروحي فليس من يبالي به. وما أسهل بنيان الحجارة، وما اصعب بنيان النفوس! أترانا نسينا ما قاله الرب: “ان بيتي بيت صلاة يُدعى، وانتم قد جعلتموه مغارة للصوص!” كم اتمنى ان ينعش روحُ الصلاة أساقفتنا وكهنتنا، فيكونون حقًا رجال الصلاة ويعلّمون شعبهم ان يصلي. لماذا اصبحت كنائسنا فاترة لا روح ينعشها؟ أليس ذلك لأن روح الصلاة غائب عنها؟ من البديهي ان تكون الكنيسة على مثال راعيها، والأبرشية على مثال أسقفها. ولماذا تعاني خورناتنا وابرشياتنا من اهمال مؤسف في الآمور الروحية؟ فأين الاهتمام الجدّي بالعوائل وبمختلف الاشخاص الذين يكوّنونها؟ اين الندوات الثقافية؟ اين السهرات الانجيلية؟ أين زيارات المرضى وتفقّد شؤون الفقراء والمحتاجين؟ أين المواكبة الروحية للمؤمنين حسب مختلف اعمارهم؟ ألا ينبغي ان تكون كنيستي حية ونشطة وقادرة على حمل نور الانجيل الى شعبها والى العالم ؟
اقـتـر ا حات
في سبيل إجراء إصلاح جذري في مصاف رؤساء كنيستي وفي مختلف الفئات من المسؤولين والمؤمنيـن، اسمحوا لي بتقديم بعض اقتراحات أخوية بسيطـة:
اقترح تشكيل هيئـة او لجنة عليا، منبثقة من سينودس الطائفة، تنعـم بصلاحيات واسعـة تخوّلهـا حق القيام بإصلاحات ضرورية في كنيستي.
يكون لهذه الهيئة – المكوَّنـة من شخصين او ثلاثـة – حق الإشراف على الأوضـاع في جميع الأبرشيات والكنائس والتدخّـل في شؤونها، في سبيل إصلاح بعض الأخطاء التي تكون قد حدثـت فيها والتي من شأنها ان تشوّه رسالتها او تعيقها.
ان تتّصـف هذه الهيئة بالنزاهة وعدم الانحياز وعدم التأثّر باعتبارات مادية او بدوافع الصداقة او المحسوبية، وان تقول الحق وتعمل الحق، حتى إذا كان عليها.
أن تتّـخـذ الإجراءات الضرورية للحـدّ من التجاوزات لدى بعض السادة الأساقفة او الاخوة الكهنة. فان المآخـذ عليهم كثيرة، ويتحتّـم معالجتهـا معالجة فعّالـة وحاسمة، على ان تجري الأمور بكثير من المحبة والاحترام أيضًا.
سادتي الأساقفـة واخوتي الكهنـة،
ليس كلامي هذا صادرًا عن أغراض شخصية ولا عن حقد كنسي دفيـن. كـلا وألف كـلا! فقد قلتُ وأكرر القول اني أحب رعاة كنيستي كلهم واحترمهم كلهم، وبعضهم من تلاميذي القدامى،
وتربطني ببعضهم علاقات صداقة عميقة …. ولكني لست مؤيّـدًا لجميع تصرفاتهم. ففيها امور يجب إصلاحها وإزالتها، لكي يظهر وجه كنيستي، من خلالهم، ناصع البياض وكير الشفافية ليعكس نور المسيح على جميع الذين يتعاملون معهم. اقول ايضًا وأيضًا انه يتحتم إصلاح بعض الأمور، حتى اذ كان ذلك بثمن تضحيات جسيمة ومؤلمـة. ولا ينبغي ان تُخيف هذه التضحيات آباءَنـا الأساقفة الأجـلاء. عليهم ان ينظروا الى ما يريده منهم المسيح ويتحركوا لتحقيقه بجرأة وفعّالية، وان يكونو مستعدين لكي يضحوا بمصالحهم الخاصة، ويجنّدوا طاقاتهم وامكاناتهم لرفـع شأن كنيستهم واعطائها زخمـًا جديدًا بحيث تلتحق بركب الثقافة العالميـة، بل تتفوق بغنى تراثها العريق والأصيـل وبالامكانات التي ينعم بها ابناؤها الذين يحتاجون الى تشجيع وتوحيـد ودعم معنـوي ومادي. فان حقل الرسالة واسع جدًا امام الرعاة والمؤمنيـن، وكل منهم مدعو للعمل الجأد مـن موقعـه، لكي تنتشر المحبـة والتعاون والسلام، في سبيـل إعـداد عالـم جديـد، هـو عالم اليـوم والغـد.
الأب ألبيـر أ بـو نــا
كركـوك، في 14 تموز 2009