إعداد د.علاء عيد
في الأيام القليلة الماضية حدث ما اعتبره كثيرون صدمة عجزوا عن تفسيرها حيث عُقد سينودوس الأمازون في الفاتيكان، وتم الاحتفال بالباتشاماما، الإلهة الوثنية التي يعبدها السكان الأصليون للأمازون وجبال الأنديز والذين يزيد تعدادهم عن ال400 قبيلة. وتم هذا الاحتفال الذي أُقيم بطقوس وثنية في حديقة الفاتيكان، وبعد ذلك حمل الأساقفة تمثال الباشاماما ودخلوا بها إلى كنيسة القديس بطرس
والباشاماما في مُعتقد أتباعها هي إلهة الخصوبة المسؤولة عن الزراعة والحصاد وثبات الجبال، وتسبب الزلازل. وهي واهبة الحياة وخالقة الأرض والشمس والقمر والماء. ويقدّمون لها قرابين من ذبائح حيوانية. هي أيضًا إلهة دائمة الوجود ومستقلة ولديها قوتها الذاتية والاكتفاء الذاتي للحفاظ على الحياة على هذه الأرض. لذلك تُسمى “أم الأرض
المؤسف أن وثيقة عمل مجمع الأمازون الذي عُقد في الفاتيكان تضمّنت قرارات مخالفة للمسيحيةً تماماً، بل ومؤيدة للوثنية منها
الأمازون مصدر للوحي الإلهي، وعلينا أن نعترف بما علّمه روح الله لهؤلاء الناس خلال القرون الماضية
الإيمان بالله الآب، والأم الخالقة، الشراكة والإنسجام مع الأرض
الاعتراف ب “أُمنّا الأرض”، فيحق لجماعات الأمازون العيش بصورة صحية أي بمعنى منسجمة مع ما قدّمته “الأم الأرض” لنا
الإقرار بإمكانية الحديث مع الأرواح
هذه جميعها معتقدات أهل الأمازون وبهذا تشترك الكاثوليكية معهم في إيمانهم هذا
وكل استخدام لمصطلح “الأرض الأم” في الوثيقة يظهر فيها بين قوسين، هذا اعتراف بلغة أهل الأمازون. ولخّصت هذا الأمر الراهبة “أديلا لوبيز” من راهبات الرحمة بالقول: “الأرض الأم هي إلهة تُعبد من قِبل سكان الأمازون
الكاردينال الكاثوليكي جيرهارت ميولر (الرئيس السابق لمعهد العلوم التاريخي في الفاتيكان) قال: “الأرض الأم هذا تعبير وثني، الأرض أتت من الله وأمنا في الإيمان هي الكنيسة. ورقة العمل هذه الموجودة بيد أساقفة سينودوس الأمازون تُشكّل انتهاك خطير لوديعة الإيمان ونتيجتها هو تدمير ذاتي للكنيسة، أو تحويل جسد المسيح السري لمنظمة غير حكومية مدنية بيئية اجتماعية نفسية! وورقة العمل هذه تناقض تعاليم الكنيسة الملحّة بنقاط أساسية وبالتالي يجب اعتبارها هرطقة .. ويجب علينا هنا أن نتحدّث عن جحود للإيمان
لفتني وأنا أُتابع هذا الموضوع ما جاء في الكتاب المقدس عن “أرطاميس”، واحدة من آلهات العالم الوثني القديم التي يقول عنها الكتاب المقدس: “كُلَّ آلِهَةِ الشُّعُوبِ أَصْنَامٌ” (مز5:96). لقد اتسعت دائرة نفوذها جداً حتى شملت جميع أرجاء المسكونة خلال القرن الأول، عبدها أُناس من كل مكان، ويسجل لنا سفر الأعمال ما كان يُقال عنها وقتها: “أَرْطَامِيسَ، الإِلهَةِ الْعَظِيمَةِ .. الَّتِي يَعْبُدُهَا جَمِيعُ أَسِيَّا وَالْمَسْكُونَةِ” (أع27:19 ). وكان مركز عبادتها مدينة “أفسس”، حيث اعتقد المؤمنون بها أن تمثالها هبط هناك من السماء “مَدِينَةَ الأَفَسُسِيِّينَ مُتَعَبِّدَةٌ لأَرْطَامِيسَ.. وَالتِّمْثَالِ الَّذِي هَبَطَ مِنْ زَفْسَ؟” (أف35:19). لذلك شَيّدوا لها هيكلاً ضخماً هناك أعتُبر من عجائب العالم القديم السبع
ولكن ما الذي حدث؟ ذهب القديس العظيم بولس إلى هناك، ومكث نحو سنتين في أفسس حيث مركز عبادتها، مبشّراً بالمسيح وخلاصه، ومُقراً بأن آلهتهم هذه ليست سوى أصنام، فاستمال قلوب الكثيرين إلى المسيح وأخرجهم من وثنيتهم، مما جعل أتباع أرطاميس يقولون: “أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ وَتَسْمَعُونَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفَسُسَ فَقَطْ، بَلْ مِنْ جَمِيعِ أَسِيَّا تَقْرِيبًا، اسْتَمَالَ وَأَزَاغَ بُولُسُ هذَا جَمْعًا كَثِيرًا قَائِلاً: إِنَّ الَّتِي تُصْنَعُ بِالأَيَادِي لَيْسَتْ آلِهَةً. فَلَيْسَ نَصِيبُنَا هذَا وَحْدَهُ فِي خَطَرٍ مِنْ أَنْ يَحْصُلَ فِي إِهَانَةٍ، بَلْ أَيْضًا هَيْكَلُ أَرْطَامِيسَ، الإِلهَةِ الْعَظِيمَةِ، أَنْ يُحْسَبَ لاَ شَيْءَ، وَأَنْ سَوْفَ تُهْدَمُ عَظَمَتُهَا، هِيَ الَّتِي يَعْبُدُهَا جَمِيعُ أَسِيَّا وَالْمَسْكُونَةِ». فَلَمَّا سَمِعُوا امْتَلأُوا غَضَبًا، وَطَفِقُوا يَصْرُخُونَ قَائِلِينَ:«عَظِيمَةٌ هِيَ أَرْطَامِيسُ الأَفَسُسِيِّينَ!»” (أع26:19-28)
هذا ما فعله القديس بولس، لم يجامل أو يعترف بآلهة الأمم كما حدث في سينودوس الأمازون في الفاتيكان، بل ذهب إلى معقل الوثنية، وبشّر بالمسيح هناك، وسحق آلهة الأمم، وأصبحت أفسس بأكملها للمسيح وزال سلطان أرطاميس الوثني عن شعبها
وأرطاميس الأفسسيّين، لا تختلف شيئاً عن باتشاماما الأمازونيين. كلاهما أوثان وشعوبهم الوثنية بحاجة لمعرفة المسيح وخلاصه
لكن الكثلكة لا ترى مشكلة في وثنيّتهم بل وتعترف بهم وبآلهتهم! لذلك “اخْرُجُوا مِنْهَا يَا شَعْبِي لِئَلاَّ تَشْتَرِكُوا فِي خَطَايَاهَا، وَلِئَلاَّ تَأْخُذُوا مِنْ ضَرَبَاتِهَا” (رؤ4:18) يقول الرب
وأختم بكلمات المزمور: “يَخْزَى كُلُّ عَابِدِي تِمْثَال مَنْحُوتٍ، الْمُفْتَخِرِينَ بِالأَصْنَامِ. اسْجُدُوا لَهُ يَا جَمِيعَ الآلِهَةِ. سَمِعَتْ صِهْيَوْنُ فَفَرِحَتْ، وَابْتَهَجَتْ بَنَاتُ يَهُوذَا مِنْ أَجْلِ أَحْكَامِكَ يَا رَبُّ. لأَنَّكَ أَنْتَ يَا رَبُّ عَلِيٌّ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ. عَلَوْتَ جِدًّا عَلَى كُلِّ الآلِهَةِ” (مز7:7-9).
“أَيُّهَا الأَوْلاَدُ احْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ الأَصْنَامِ. آمِينَ” (1يو21:5)
د.علاء عيد
#عودوا_الى_الارثوذكسية