لقد كان العالم يرزخ منذ ان كان الإنسان تحت أنواع تلك العبوديات تحت عنوان واحد ( عبودية القداسة ) ولهذا قلنا في ( المقدمة ) ان الرب يسوع المسيح ضرورة تاريخية لتغيير معالم التاريخ نحو الإنسان الفاضل الذي يجب ان يتمتّع بحرية ( الفكر ) ( فيتخلّص من عبودية الذات ” تحريرها ” التي يفرضها هو على ذاته ويبدأ بالنضال من اجل إرساء ذاك المفهوم ” الحرية ” في المجتمع للتخلّص من العبودية الثانية )… كيف ذلك …؟
نتأمل الآن في اول نص من العهد الجديد المقدس ( جوهر هذا الموضوع ) المطلوب الآن ان نسافر في هذا النص الذي تطرّق إليه الإزائيين الثلاث ( متى ، مرقس ، لوقا ) واما يوحنا يعطي صورة رائعة لهذا الحدث ( يوحنا 1 : 32 – 35 ) وهذا النص شهادة يوحنا المعمدان عن الرب يسوع المسيح .. ( جميع هذه النصوص تتكلّم عن هذا الحدث تعطي صورة تجسد الروح القدس ” ونزوله ” كحمامة ليستقر على الرب يسوع .. وصوت واضح من السماء يقول ” هذا ابني الحبيب الذي به رضيت وفي يوحنا ” شهادة يوحنا .. والذي ترى الروح ينزل ويستقر عليه هو الذي سيعمّد بالروح القدس. ” ويكمل ” وانا رأيت وشهدت انه هو ابن الله ” فالذي يُقَدَس من الروح القدس يُقَدِس الآخرين بالروح القدس) (وهنا يقول لنا الكتاب ان الرب يسوع المسيح الذي قدسه الله بحلوله فيه هو من يقدس الآخرين بالروح القدس ولهذا قال الرب : خير لي ان ارحل وان رحلت ارسل لكم المعزي ” الروح القدس ” ليحل فيكم أي في المؤمنين بالرب يسوع المسيح ) ما أروع هذه الصورة التي تبيّن ( نزول روح الله المقدسة لتحل في الإنسان فتقدسه .. فقداسة الإنسان تأتي من لبس روح الله له أي سكنه في جوهر الإنسان ” عقله الناطق ” ليرتقي بالإنسان إلى جوهر الله المقدس … وهذا ما نردده في طقوسنا ” عقيدة المساوي لله في الجوهر مجمع نيقية قانون الإيمان “) من هنا بدأ مفهوم ( قداسة الإنسان المستمدة من قداسة الله من خلال الرب يسوع المسيح ) ومن هنا تواصل هذا المفهوم مع الرب يسوع المسيح عندما خاطب الشعب المؤمن بقوله ( كونوا قديسين كما اباكم الذي في السماوات قدوس ) ومن هنا تم الإعلان عن القداسة ( الشخصية الفردية )يعطينا الرب يسوع أهمية لقداسة الإنسان في علاقته الفردية الشخصية مع الله (اذا اردت ان تصلي ادخل مخدعك… واقم علاقتك المباشرة مع الله بدون توّسط … ويقول لتلاميذه : لا بد لي ان ارحل فان رحلت ارسل لكم الروح القدس ليسكن فيكم ” عمومية الأرسال خصوصية العمل في كل واحد ” وهنا لا يخص بالذات شخصية التلاميذ الأولون وانما كل من انتمى لفكر الرب يسوع المسيح فالروح القدس سيكون ( خاصته ) … للتوجيه والتعليم للتبكيت والاستحسان وصولاً للقداسة ) وهنا فيكم تعني الفرد في الجماعة وهذا الروح يتمثّل في ضمير الإنسان ” عقله ” ليشذبه وينقيه ويطهره أي ( يقدسه ) والقداسة هي الطريق إلى كمال الإنسان ( كونوا كاملين كما اباكم السماوي كامل )… الشواهد كثيرة ونكتفي بهذه … وهنا نقول ان القداسة الفردية هي الأساس لقداسة المجتمع وهي التي ترفد المجتمع بالقديسين فتصبح جميع مؤسسات المجتمع قديسة ( بدون فساد ) مستمدّة قداستها من افرادها الذين تحرروا من العبودية الذاتية وعبودية الإنسان والمجتمع ( وصولاً إلى مجتمع فاضل يحترم الإنسان ويعمل على ترسيخ إنسانيته ). وهذا ما يطلق عليه ملكوت الله على الأرض الذي هو البوابة الرئيسية لملكوت السماوات ولا يمكن لأحد ان يمر إلى ملكوت السماوات من دون ان يحقق اولاً ملكوت الأرض ( المملكة الفاضلة الخالية من الفساد والتي تتحدد بشريعة الله لموسى والتي اكد الرب يسوع عليها في لقاءه مع نيقوديموس ” محبة الله والقريب ” )
هل صعبة على الإنسان ان يحب أخاه الآخر كنفسه من خلال تأطير تلك المحبة بعامل محبة الله ( القيمة السامية الإنسانية )… وحكمتنا هنا هي (( إذا اردت ان ترتقي إلى الله فكن إنساناً ))
الرب يبارك حياتكم جميعاً
اخوكم الخادم حسام سامي
14 / 8 / 2019
الأخ الخادم حسام سامي
كثيرا يعجبني موضوع القداسة
أبداً ليس صعبة على الإنسان ان يحب أخاه الآخر كنفسه… لماذا نرى الأمر بمستوى الصعوبة لو كنا حقا نعترف بجوهر القداسة. وإن لم نكن قد وصلناها، فنجد سبل الوصول اليها والتنعم بها وإظهارها صافية واضحة للآخرين لربما ينعكس شعاعها في قلوبهم
ذكرتَ قائلاً ان ملكوت الله على الأرض هو البوابة الرئيسية لملكوت السموات التي يدخلها الانسان خالياً من الفساد، وتتحدد بمحبة الله والقريب… فأي محبة تلك نقدمها نحن لله ان لم تكن متجسدة بمحبة القريب اللامتناهية كمحبة الله اللامتناهية لنا…
فأنا اقول: صعبة على الانسان ان يحب الله إن لم يحب اخاه الآخر كنفسه… وهنا يأتي السؤال عن القداسة كم استحقها او ارفضها… في اقدس الأماكن هناك فساد يحوم ليطعن المحبة في قلب من هم قديسين او في طريقهم الى القداسة، بل يضطهدوهم وينتقدوهم لأنهم قديسين
وانا معك في الحكمة التي قلتَها في النهاية وهي (( إذا اردت ان ترتقي إلى الله فكن إنساناً)) …. نعم لأن ” الإنسان ” هو أرقى ما خلقه الله… وأنا اذا لا اصبو الى القداسة، فأنا لست مخلوقة على صورة الله
الأخت الفاضلة وسن جربوع المحترمة
احسنت … مداخلة جميلة تظهر تطوّر في نظرتنا لمفهوم القداسة … لم يعد هناك إيمان ساذج كما يتصوّره البعض من الأكلوروسيين باحتكارهم مبدأ ( القداسة ) وهذا ما سنأتي على نشره لاحقاً
شكراً لتواصلكم معنا الرب يبارك حياتك واهل بيتك
الخادم حسام سامي 18 / 8 / 2019
أخي الخادم حسام ’، وما أفضل من ان نكون خدام الرب وكنيسته،؟ …. دعائي لكم بالمِثلِ
اشكرك على ردك ودعواتك الطيبة لي،، واستحقاقي لما اجتنيه منها لا يأني إلا من تطور الفكر الذي يؤدي الى تطور الروح…فهل يا ترى من عائق لنيل القداسة؟؟؟ وليس فقط لأنه يحتكرها البعض، بل يبدلون موقعها من الإعراب حسب المزاج