يوسف تيلجي
أستهلال :
نشرت في العديد من المواقع ، منها موقع / الحوار المتمدن ، مقالا في 2.1.2016 بعنوان ( العراق خسر نفسه كعراق ، فلنسعى لـ ” نوبل ” لليزيدية نادية مراد .. كتعويض ) ، وتمر الأيام وتمنح نادية مراد العراقية / الأيزيدية ، التي أغتصبت من قبل داعش .. جائزة نوبل للسلام .
الموضوع :
طالعتنا الاخبار اليوم بنيل العراقية / الأيزيدية ، نادية مراد جائزة نوبل للسلام ، واسرد الخبر كما جاء في موقع CNN: أتلانتا ، الولايات المتحدة الأمريكية 5 . 9 .2018 (CNN)– أعلنت لجنة نوبل ، الجمعة ، منح جائزة نوبل للسلام لعام 2018 ، إلى الناشطة الأيزيدية العراقية نادية مراد والطبيب الكونغولي دينيس ماكفيغا ، بسبب جهودهما لإنهاء استغلال العنف الجنسي كسلاح خلال الصراعات المسلحة . وقالت رئيسة لجنة نوبل للسلام بيريت ريس أندرسون ، خلال الإعلان عن الفائزين بالجائزة ، إن نادية مراد ، التي احتجزها واغتصبها عناصر تنظيم ” داعش “، بعد هجومهم على الأيزيديين في سنجار بالعراق عام 2014 ، أظهرت ” شجاعة غير عادية في التحدث عن معاناتها ومعاناة الضحايا الآخرين“. وأضافت رئيسة لجنة نوبل للسلام أن الطبيب الكونغولي دينيس ماكفيغا ، دكتور أمراض النساء والولادة ، عمل على مدار سنوات لمعالجة عشرات آلاف النساء والفتيات من ضحايا الاغتصاب والعنف الجنسي ، الذي أصبح يتم استخدامه كسلاح حرب منذ بدء النزاع في الكونغو عام 1995. وأوضحت رئيسة اللجنة أن رسالة جائزة هذا العام هي أن “ النساء ، اللاتي يمثلن نصف المجتمع ، يتم استغلالهن كأسلحة حرب ، ويجب حمايتهن ومحاسبة المعتدين على أفعالهم ومحاكمتهم“. .
القراءة :
1 . نادية مراد ، هي فتاة إيزيدية عراقية من قرية كوجو في قضاء سنجار/ العراق ، ولدت في سنة 1993، تزوجت في شهر أغسطس من عام 2018 من العراقي عابد شمدين في مدينة توتغاد بألمانيا ، ونادية هي إحدى ضحايا تنظيم الدولة الإسلامية –داعش الذي قام بأخذها كجارية عندهُ بعد أن تمكنَ من احتلال منطقتها وقتل أهلها في القرية من بينهم أمها وستة من أخوانها ..
2 . في سبتمبر عام 2016 ، عين مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ، رسمياً ، نادية مراد سفيرة للنوايا الحسنة من أجل كرامة الناجين من الإتجار بالبشر ، وقالت المنظمة أن هذا التعيين الرسمي ، التي جرت وقائعه في المركز الرئيسي للمنظمة في نيويورك ، يمنح للمرة الأولى لأحد الناجين من الفظائع .
3 . زارت نادية مراد الكثير من البلدان وبعض المحافل الدولية لتعريف العالم ، بما عانته من داعش ، من ذلك مايلي : ألقت خطابا بمجلس الأمن في 16.12.2015 ، وزارت دولا منها السويد وفرنسا والمملكة المتحدة و إيطاليا .. ، ثم زارت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ، ومن ثم شيخ الأزهر أحمد الطيب في شهر ديسمبر 2015 / علما أن شيخ الازهر لم يكفر داعش الذي هو سبب نكبة هذه الفتاة ، كما ظهرت في عدة قنوات إعلامية في مصر منها قناة القاهرة مع عمرو أديب ، كما ظهرت في قناة البغدادية مع أنور الحمداني في برنامج استوديو التاسعة وروت قصة خطفها من قبل التنظيم هناك ، بعد ذلك التقت أيضاً برئيس اليونان بروكوبيس بافلوبولوس برفقة عون حسين الخشلوك مدير قناة البغدادية ..
4 . ليس سهلا التكلم عن هذه الفتاة / نادية مراد ، ولكن الحياة أنتصرت لها ، الحياة أنتصرت للمظلوم والمقهور ، فمن وحشة الأغتصاب وشناعة التعذيب يتولد الأمل ، فضحية داعش يتبوأ أسمها اليوم الأخبار بنيلها نوبل للسلام وتسقط داعش في مزبلة التأريخ مرذولة .
5 . أن من مرتكزات المنظمات الأرهابية / داعش مثلا ، في حراكها هو الموروث الأسلامي ، خاصة بما حدث في صدر الدعوة الأسلامية ، فهم يستندون على أحداثه ورواياته ووقائعه ، فمثلا في واقعة سبي بني النضير ، سبى محمدا صفية بنت حيي ، بعد قتل ذويها / زوجها وأخيها وأبيها ، ولكن رجال الأسلام دائما يجملون الأحداث المخجلة ، فيحدثنا موقع / موضوع ، بالتالي أنقله بأختصار ” كان النبيّ قد جلس إلى صفيّة وذكر لها مفصِّلاً ما حلّ به وبالمسلمين من أذى اليهود ، وقومها تحديداً ، وبقي يخبرها عمّا حلّ بقومها حتى زال همّها وحزنها ، فلم يعاشرها الرسول وهي مبغضة له أبداً ، حيث قالت صفية في ذلك ( وكان الرسول من أبغض الناس إليَّ قتَل زوجي وأبي وأخي ، فما زال يعتذرُ إليَّ ويقولُ : إنَّ أباك ألَّب عليَّ العربَ وفعَل وفعَل ، حتَّى ذهَب ذلك مِن نفسي .. ) ” .
6 . والتساؤل هنا : ماذا أظهر لنا التأريخ من حقائق بهذا الحدث ! ، أرى أن الاعمال الشنيعة التي أرتكبتها داعش ، والذي من أفرازاتها ما حدث لـ ” نادية مراد ” ، لم ياتي من فراغ ، وذلك لأنه مرتكز على نصوص قرأنية لا تقبل الشك أو الجدل ، فقد جاء في موقع / ملتقى أهل التفسير – حول التعامل مع الأسرى التالي ، أنقله بأختصار ( ففي تفسير أية ” فأذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا 4 / سورة محمد ” ، فقد نص الفقهاء على أن الحاكم الذي يُدير المصالح السياسية للدولة إذا رأى مصلحة ، له أن يفعل بالأسرى أربعة أشياء – أولها : قتل الأسرى إذا رأى الحاكم أنهم يُشكلون خطرا على الدولة ، ثانيا : المن : أي إطلاق الأسرى بدون ثمن ، ثالثا : الفداء وهو أن يفتدي العدو أسراه بالمال ، رابعا : الرق : وهو أن يرى الحاكم أن يجعل هؤلاء الأسرى / النساء والاطفال ، ضمن مؤسسة الرق الموجودة في المجتمع .. ) ، وهذا الأمر / الأسرى ، والتعامل الوحشي والقسري معه متأصل بالتراث الاسلامي ، ( فقد قال عبد الكريم الجوزي : كتب إلى أبي بكر في أسير أسر ، فذكروا أنهم التمسوه بفداء كذا وكذا ، فقال اقتلوه ، لقتل رجل من المشركين أحب إلي من كذا وكذا ) .
خاتمة :
أرى أنه من الضروري أن تعترف المراجع الأسلامية ، أن ما حصل لهذه الفتاة / نادية مراد ، هي أنها كانت ضحية للموروث الأسلامي وليس أنها ضحية لـ ” داعش ” ، لأن داعش وليدة هذا الموروث المعبأ قتلا وعنفا ! .. وأن تكريم المجتمع الأنساني لـ نادية مراد هو تسقيط لهذا الموروث ، وأعلاء لشأن هذه الفتاة ، التي تكلمت بكل شجاعة وعنفوان عن ما مارسه عبدة الموروث الأسلامي من أغتصاب لحياتها ومن قتل لأسرتها ومجتمعها ، أرى أنه من المهم أن يدين العالم بكل مؤسساته المجتمعية هذا الموروث الذي أراه وصمة عار في جبين الأنسانية ، لما به من تكفير وألغاء للمجتعات المخالفة لمعتقده ! .