الجـزء العاشر
مقـدمة:
النبي إبراهيم ܐܒܪܗܝܡ وإسمه أبرام ܐܒܪܡ من أور الكـلدان يأخـذ حـيزاً كـبيراً في سفر التكـوين من الفـصل 12-25.
من الواضح ان كـتاب سفر التكـوين وجامعه، يركـزون على أهمية هذا النبي في التأريخ المقـدس، الذي من خلاله عرف اسرائيل اصلهم العـرقي الذي يمتد الى أرض أور الكلدان هذا من جهة، ومن جهة أخرى عـرفـوا من خلاله اللـه خالق السماء والارض وتكـوين البشرية. نستطيع ان نـقـول هنا ـ أنه أول إنسان أحـدث نـقلة فكرية في المفهوم الديني للإنسان.
نـشأة أبرام:
ولد أبرام الكلداني في ارض أور الكلدانية جـنوب العـراق حالياً … من تارح بن ناحور (تك 11/28)، له أخـوان هما: ناحـور وهاران. يذكـر لنا كـتاب اليوبـيل اليهودي سنة 200- 250 ق.م الفـصل 11 أن ابرام نشأ في عائلة وثـنية معـروفة، أبوه كان كاهن في الهيكل الوثـني لهذه الارض (والطفل إبتـدأ يفهم الخلل في الارض، بالرغم من ان الجميع يذهب خـلف عـبادة الأوثان. ووالده كان يُعـلمه الكـتابة وهو إبن أسبوعـين من السنين القـديمة. وكان منـفـصلاً (على حِـدة) عـن أبيه لأنه لا يعـبد الأصنام معه). هذا يـبـين لنا ان أبرام في فـترة نضوجه كان يمتاز بالذكاء المنـفـرد بين أفراد عائلته ومجتمعه، مما يجعله ان لا يقـبل بمجـريات عـبادة الأوثان كما سُـلـّمت .. في عادات وتـقاليد مجـتمعه.
كـتاب اليوبيل اليهودي الفصل 12 يكـشف لنا كان هناك جـدال بين أبرام وأبـيه حـول عـبادة الاصنام، يبرز من خلالها تطور الفكـر الديني بشخص أبرام من عـبادة الاوثان المصنوعة من فكـر وأيدي البشر، الى الـله الخالق للكـون. أنا شخصياً اعـتبرها طفـرة وراثية في الـفكـر الديني في ذاك الزمان. هنا!! بـدأ الانسان بشخص أبرام يفكـر ويسأل ويـبحث عن سبب وجوده ونقطة إنطلاقه في العالم البشري.
حوار أبرام مع أبيه تارح (كـتاب اليوبيل الفـصل 12 ):
(1) في الأسبوع السادس، في السنة السابعة، قال أبرام لأبيه تارح: “يا أبي” فأجاب هذا: “ها أنا يا ابني”.
(2) فقال (ابرام): “أي عـون لنا وأية فائدة من هذه الأصنام التي تَعـبد والتي أمامها تسجد؟
(3) لا نسمة فـيها. هي بكماء وضلال الروح. فلا تعـبدها.
(4) … بل إعـبد إله السماء الذي يُـنزل على الأرض المطر والندى، الذي يُـنتج كل شيء على الأرض، الذي خلق كل شيء بكلمته والذي منه تـنبثـق كل حياة.
(5) لماذا تعـبدون هذه الأشياء التي لا نسمة فـيها؟ لقد صنعتها أيدي (البشر). تحملونها أنتم على أكتافكم، فلا يأتيكم منها عـون، بل خـزي كـبير للذين صنعـوها، وضلال الروح للذين يعـبدونها. فلا تعـبدوها“.
(6) فـقال له أبوه: “هذا ما أعرفه أنا أيضاً يا إبني. ولكـن ماذا أفعـل لهـؤلاء الناس الذين رسموني (كاهـناً) لكي أخـدم (الأصنام)؟
(7) إن قـلت لهم الحـقـيقة يقـتـلوني، لأن عـقـلهم تعـلّق (بالأصنام) جـداً بحـيث يعـبدونها ويكرمونها. حافظْ على الصمت يا ابني لئلا يقـتلوك”.
(8) ونـقـل (تارح) هذه الأقـوال إلى أخـويه فغـضبا. أما هو فحافظ على الصمت.
لا نعـلم مدى تاريخية مثل هـذا الحوار المنـقـول والمتـداول في التـقـليد الاسرائيلي، لكـنه يكـشف امامنا ثلاث محاور رئيسة:
أولاً: تطور الفكـر الديني واللاهوتي في شخصية أبرام.
ثانياً: التعـصب الديني الذي لا يقـبل الجـدال فـيه مِن قِـبَل عامة الشعب، قـد يوصل الذين يعارضوه الى القتل.
ثالثاً: المؤسسة الدينية التي تعـرف الحق وتـتغاضى عـنه أو لا تعـلنه خوفاً على مصالحهم، المتمثلة بالكاهن تارح.
الاب پـيتر لورنس
بسما كيانوخ ابونا بيتر – وشكراً
حقا نحن بعيدين شاسع البعد عن جوهر التطور الفكري لشخصية النبي ابراهيم دينيا ولاهوتيا، ومدى قرب علاقة هذا الانسان المؤمن بالتعرف على اللـه خالقه بدون ان يراه
وكذلك مدى التعصب الديني منذ ذاك الزمان الذي سيّر المجتمع ويقيّد الانسان الحر الى يومنا هذا عكس ما يريده اللـه من الانسان
هذا كلام جميل وأتمنى من رجال الدين كافة ان يتعلموا من أبينا أبراهيم هذه الحكمة
يكفينا ان نسمعها من البعض… لأن قضية “كافة” رجال الدين لا اعتقد اننا سنراها إلا اذا عشنا الى الآخرة… وحتى في الآخرة… قيل لنا ان الباب ضيق … ربما لا يسع الى كافتنا… والمهم علينا ان لا ندين
وأما البعض الذين نسمع منهم كلاما جميلا لكن شديدا ذي حكمة وحق فهو لان القضية قد وصلت الى العظم… فالانسان لا يصيح من الأذى إالا اذا كانت الطعنة عميقة… فيعمل ما بإمكانه ان يداويها ويعالجها كي يصون حياته لأنها ليست مُلكه بل وهبها اللـه له