بقلم: حسيب عـم بولص
استطاعت قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا من السيطرة على العراق واسقاط نظامه عام 2003، ثم انسحبت هذه القوات تدريجياً من العراق بعد قيامها بتنفيذ المهام العسكرية المكلفة بها، وكانت القوات الامريكية هي اخر القوات التي انسحبت في نهاية عام 2011، وتم عندئذ اعادة السيادة اليه بتشكيل حكومة توافقية شاركت فيها جميع الكيانات والفئات السياسية والقومية الموجودة في العراق، وكان من ضمن هذه الطوائف التي انضمت الى هذه الحكومة الجديدة، مجموعة عرقية يسمى افرادها بالأكراد، الذين يعتقدون خطأً بان هذه التسمية تدل على هويتهم القومية، في حين ان السبب الحقيقي الذي يقف وراء اطلاق هذه التسمية عليهم، هو لكونهم اقوام همجية غير متحضرة من البدو المتخلفين البرابرة القادمين من اواسط اسيا، والذين لا يعرفون سوى لغة الدم والدمار والسلب والنهب وغزو المناطق وارتكاب مجازر وجرائم قتل وابادة ضد السكان المدنيين الابرياء القاطنين فيها، والاستيلاء على اموالهم وممتلكاتهم ومدنهم واراضيهم. قام هؤلاء الاكراد بغزو شمال العراق بعد فشل ثورتهم وسقوط دولتهم في مهاباد في آذار 1947 في ايران، المحطة التي كانوا قد استقروا فيها بعد مغادرتهم لمناطقهم الاصلية في اواسط اسيا، وبدأ تاريخ تواجدهم في شمال العراق منذ هذا التاريخ، بعد أن تمكنوا من الهروب والنزوح من ايران والنجاة بحياتهم، والتخلص كلياً من ملاحقة الفرس، الذين حاولوا القضاء عليهم وابادتهم بعد اسقاط دولتهم في مهاباد، وتوجهوا حينها الى شمال العراق واستوطنوا فيه بعد قيامهم بابادة الكلدان، السكان الاصليين، وتدمير مدنهم وقراهم والاستيلاء على هذه البقعة الغالية من ارضهم، ولم يكتفوا بهذا فحسب وانما استمر زحفهم باتجاه المدن الكبيرة المهمة مثل كركوك والموصل الغنيتان بالنفط بالاضافة الى ديالى، وتم استيطانهم فيها من اجل ان يتم احداث تغيير ديموغرافي فيها والسيطرة عليها ورفع العلم الكردي عليها، ثم سمحوا بدخول الاكراد من مثلث الحدود السوري التركي الايراني وبالتحديد في الفترة ما بعد سقوط البلد في عام 2003، وتم استيطانهم في شمال الوطن من اجل ان يتم بسط سيطرتهم على مساحات شاسعة من الارض العراقية.
ثم يأتي دور بريطانيا الخبيث في نشر الفوضى والدمار وخلق الفتن الطائفية في هذه المنطقة، وذلك بفتح حدود هذه المنطقة امام الهجرة الكردية، وتشجيع وحث الاكراد على النزوح الى شمال العراق والتمسك بالارض والارتباط بها، من خلال اطلاقها للتسمية كردستان العراق على شمال العراق، والقيام باستخدام هذه التسمية بشكل رسمي والتعامل بها كأمر واقع، فضلاً عن القيام بالترويج لهذه التسمية واعتمادها في المكاتبات والمخاطبات الرسمية بدلاً من الشمال العراقي، لكي يتم الغاء الهوية التاريخية للشمال العراقي وتكريده من خلال فرض هذه التسمية الدخيلة عليه. ان الهدف الاساسي من اطلاق الانكليز لهذه التسمية على الشمال العراقي هو منح الاكراد سند ملكية رسمي، يثبت حقهم في تمليك الارض وحقهم الشرعي في الاستيطان فيها، بالاضافة الى حقهم في المطالبة بالانفصال وتأسيس دولة كردية لهم فيها، ثم بدأت بريطانيا وحليفاتها بتقوية الاكراد من خلال تزويدهم بجميع انواع الاسلحة الخفيفة والثقيلة، وخلق صراع بين الاكراد وابناء الشعب العراقي من اجل ان يتم اضعاف العراق وتقسيمه، وربما سوف يتطور هذا الصراع ويؤدي الى اقامة صراعات اخرى ما بين الاكراد والفرس وما بين الاكراد والتركمان وما بين الاكراد وأهل سوريا في المستقبل، وسوف تقوم بريطانيا وحلفائها بتغذية هذه الصراعات وبيع اسلحة متطورة جداً لجميع الاطراف المعنية فيها.
نريد ان نسأل الديمقراطيين والمثقفين من الاكراد ومن ابناء شعبنا الذين يتعاطفون مع الاكراد ويدافعون عن وجودهم وحقهم في الاستقلال، هذه الأسئلة: هل لا يزال الاكراد مضطهدون في شمال العراق؟ هل حصل الاكراد على حقوقهم المدنية والثقافية؟ هل تحققت مطاليبهم في الحرية والمساواة؟ وهل لهم الحق بالمطالبة بالاستقلال بعد لجوئهم الى العراق بطريقة غير شرعية؟ وما هو موقف هؤلاء الديمقراطيين والمثقفين من تدمير مئات القرى والمدن الكلدانية وابادة اهلها الكلدان على ايدي هؤلاء البرابرة الاكراد؟
الحكومة العراقية اليوم مطالبة بان تتحمل مسؤولياتها التاريخية في ان تقف بالضد من كل ما يؤدي الى الاخلال بوحدة ارض العراق، وان تتخذ موقفاً حازما وصارماً ضد تصرفات القادة الاكراد المتهورة، وايقاف زحفهم وتجاوزاتهم ومنعهم من التوسع وبسط هيمنتهم على الاراضي والمدن، والتصدي لمخططاتهم الانفصالية، وذلك بالوقوف ضد القرارالذي اتخذوه مؤخراً، والذي يقضي باجراء استفتاء شعبي على الانفصال من العراق، وطرد اكراد سوريا وتركيا وايران الذين تم ادخالهم الى شمال العراق بطريقة غير شرعية وبالتحديد بعد سقوط العراق، بالاضافة الى ابعاد الاكراد الذين تم ااستيطانهم في مدينة كركوك وديالى.
يجب ان يكون هناك تنسيق وتفاهم وتعاون ما بين القادة الاكراد والحكومة العراقية من اجل تجاوز جميع السلبيات، ويجب ان تكون الحكومة العراقية على بينة ودراية بمجمل التطورات التي تحدث في المنطقة الشمالية، اذا كان للاكراد فعلاً رغبة صادقة وجدية في الحفاظ على السلام، وفي تجنب حدوث صراعات وكوارث وصدامات وحروب في المستقبل. ومن جانب اخر اذا اراد الكرد ان يمارسوا حقهم في تقرير مصيرهم، فعليهم ان يطالبوا بالعودة الى البلد الذي غادروه خوفاً من ارتكاب الفرس لمجازر الابادة بحقهم، وهناك سيكون بامكانهم ممارسة جميع حقوقهم وبكل حرية لكونهم من ابناء ذلك البلد، واذا اصر هؤلاء الدخلاء على اغتصاب ارض العراق في الشمال واعلنوا الانفصال والاستقلال، فهذا يعني باننا لا نزال نعيش في عالم تسود فيه شريعة الغاب، اي بمعنى اخر ان اغتصاب الاكراد للارض العراقية واعلان دولة مستقلة عليها، تأتي من خلال استغلالهم لحالة اللااستقرار والفوضى التي يمر بها البلد، وضعف الحكومة في هذه الفترة من الزمن، الا انهم يجب ان يضعوا في حساباتهم بان الدول الكبرى تعمل وفق مصالحها، ومن الممكن ان تتغير الاوضاع في العراق، وتعود الى حالتها الطبيعية، وتزول الفوضى وتصبح الحكومة قوية فيما بعد، وتقوم باسترجاع الارض المغتصبة بالقوة مثلما تم اغتصابها بالقوة، وربما لن تسمح عندئذ ببقاء كردي واحد فيها.
المقالة تعبر عن رأي كاتبها.