مقدمة كادر الموقع:
حـين كـنا أطفالاً لابـد وأن كـذبنا مرة أو أكـثر ، وحـين كـبـرنا ربما تـطـلـب منا موقـف مخـيـف فـكـذبنا أو تجـنباً لمشكـلة أكـبر …. ولا نستـغـرب أن نـكـذب يوماً من أجـل إنـقاذ حـياة شخـص دون أن نـؤذي غـيره …. هـذه كـلها أمور حـياتية عادية وليست جُـرماً يُـذكـر …… أما أن نمتهـن الكـذب (( من موقع المسؤولية القـيادية !! )) ممارسة نـظامية مقـصـودة وسـلـوكاً يومياً مخادعاً ، تـضليلاً وتعـتـيماً وإصراراً لتحـقـيق غايات خـبـيثة مخـفـية ، فـتـلك مسألة فـيها نـظر .
قـرأتُ مقالاً بعـنـوان ( إكـذب ثم إكـذب .. بقـلم : محمود حـسونة 11 شأباط 2014 )
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2014/02/11/320220.html
فـتـذكـرتُ كـل تلك الأسـطر التي كـتبتها في أعلاه ، فـما أشـبه البارحة بـيـومنا الآن . قـد يـبـرّر أحـدهم بقـوله أن الكـذب مألـوف في عالم السياسة وفي السوق أيضاً ، بل أن السياسة هي كـذب وخـداع ومفـسِـدة لكـل شيء ، حـيث المصالح الشخـصية الآنية ، والمنافـسات اللاأخلاقـية ، والتحالـفات العـميلة السرية منها والعـلـنية ، كـلها غـدر وخـيانة تـتخـذ شعاراً قـذراً ــ إكـذب وإكـذب وإكـذب عـلى نـفـسك أولاً ثم عـلى الآخـرين … حـتى تـصدّق نـفـسك أولاً ثم الباقـين ــ !!!!!! . وهـؤلاء البـشر تـقـودهم مبادئهم البشرية المريضة بإتجاه أهـدافهم الأرضية الفانية .
لكـن الأمر يخـتـلـف تماماً حـين نـتـكـلم عـن أناس اللـه ذوي مبادىء سامية ، عـن بشر إخـتارهم اللـه فـعَـلة في كـرْمه ليأتـوا بثمار سماوية ، عـن رسل نـذروا أنـفـسهم من أجـل نـشر بُـشرى الخلاص لخـلـيقة اللـه التي أوصاهم بها فادي البشرية …. إنّ هـؤلاء حـين يتخـذون لهم من ذلك الشعار وتلك الممارسة ، نهجاً حـياتيا وظيفـياً ، فإنهم يسقـطـون في أنـظار الناس إجـتماعـياً .
إن مراجعة المقالات الخـمس بهـذا الصدد والمنـشـورة في موقـعـنا ( kaldaya.me ) بعـنـوان ــ كـفاكم كـذباً ــ سـتـتـوضح الصورة أمام القارىء ليحـكم بنـفـسه عـلى مَن يكـذب ويكـذب ويكـذب لكي يخـدع الآخـرين …. ولا نـنسى حـكـمة في الحـياة العـسـكـرية سـبق أنْ تعـلـّـمناها وتـقـول : (( إنّ الـبـزّة العـسـكـرية لا تـزكــّي مرتـديها )) فملابس الشخـص لن تـغـطي أكاذيـبه ، وموقـعه لا يُـبـرئه .
*************
يـقـول الكاتب محـمود حـسونة :
إكـذب ثم إكـذب …
إكـذب ثم إكـذب … إستمر في الكـذب … كـذّب ما تسمع … كـلما كـبُـرَت الكـذبة سهـل تصديقها … لا تسمح لأحد بالتكلم . ما سبق هـو ركائـز الـدعاية السياسية للنازية المجـنـونة !!!
يقـول جوزيف غـولبز وزير تلك الدعاية : كلما سمعـت كلمة مثـقـف تحسستُ مسدسي !!! أعـطني إعلاما بلا ضمير أعـطيك شعـباً بلا وعي !!! …. دعاية مبرمجة تـقـوم على التلـفـيـق الخـدّاع ، الوهم الشتم بأقـذر الألفاظ ، دعاية جـرّتْ الملايـين كالبهائم إلى الساحات للهـتاف والتصفـيق .
في آيار 1945 تكـشفـت الحـقـيقة وحـصل الإنهـيار الراعـد ، سُحق الرايخ الثالث ، 50 إلى 70 مليون إنسان قـتلوا في الحرب !!! ملايـين الأطنان من الركام والجـثـث ، خـراب واسع ومذهل ، سبعة ملايـين لاجئ ألماني ، في مدينة دردسن وحـدها أكـثر من 35 ألف قـتيل في ليلة واحـدة ، ملايـين فـقـدوا كل شيء في الحياة بسبب الأحلام المريضة ، عاث جـنـود الحلفاء إغـتصابا في الألمانيات ، يقـول أحد قادة الجيش الروسي لجـنوده : كـدسوا جـثـث الألمان فـمنظر جـثـثهم المكـدسة يثير الضحك !!!
مات منـتحـرا غـوبلز هو وزوجته ماكـدا و أطفالهما الستة ، في تابوته الإسمني مع قائده الفـوهرر المجـنون ، ونحر معه الملايـين من المخـدوعـين ، كـيف بهـذا الجـنون يسوق ألمانيا بمفكـريها وعلمائها إلى هاوية الجحـيم ؟؟ !! أكـذب ، ثم أكـذب حـتى تصير الكـذبة كارثة عـظمى !!! .
تـقـول ــ تحـية كاظم ــ زوجة جمال عبد الناصر في مذكـراتها : تابعت حقائق الأخبار لحـرب حـزيران 1967من إذاعة ( بي بي سي ) ! للأسف لم تبحـث عـن الحـقـيقة من إذاعة ( صوت العـرب ) المصرية التي مقرها قـلب القاهرة !!! لأنها خـشيت ألا تجـدها !!!
إحـتل صوت أحمد سعـيد رئيس أركان الحـرب الكلامية إذاعة صوت العرب بفوران وهـيجان ، من الساعة السادسة إلى الساعة التاسعة صباحا ، أسقط أحمد سعـيد سبعـين طائرة معادية !!! عـند الثانية ظهرا كانت قـواته الوهـمية تحاصر عـقـر دارهم !!!! ( هـنيئا لك أيها السمك الجائع ) ….. مسخـرة تلفيق تهـريج إعلامي في أسوأ اللحظات التأريخـية ، ضلّلَ وخـدعَ ناسه وأهله .
كان جـنود الجيش المصري الأبرياء بلا غـطاء ولا هـواء ولا ماء في صحـراء التيه ، ووهج شمس حـزيران المسعـورة تلتهم جلودهم وتمتص رحـيق الماء من أجسادهم . هُـزمنا يومها مرتين : هـزيمة عسكـرية ما زلنا لهـذا اليوم نـتجـرع شفـراتها الدامية … وهـزيمة التضليل والخـداع !!! إكـذب ثم إكـذب ثم تصدمك النكـسة !!
ثم أطل ّ عـلينا محمد سعـيد الصحاف بـبزته العسكـرية ومفـردته الذكـية (علوج ) ، نكـشنا المعاجم نبحـث عنها وعـن شواهـدها في الشعـر والمأثور من كلام العـرب !!! كان الصحاف يعـقـد مؤتمره الصحـفي من أمام واجهة فـنـدق فلسطين في بغـداد ويعـلن أن قـوات المغاوير والسمتيات تخـوض معـركة طاحنة في الفاو التي تبعـد 600 كم عن بغـداد ، وكاميرا الصحفي الشهـيد طارق أيوب تـفـضح الحـقـيقة من الطوابق العـلوية للـفـندق تلـتـقـط صور دبابات ( أم1 أبرامز وتـشيفـتن ) وهي تمزق بغـداد كسكـين يقـطّع الجـبن ، إستفاق الصحاف على القـذيفة الماكـرة التي أطاحت بولـيد أيوب وهـو ينـقـل الحـقـيقة المرّة !!!! الدبابات تربض في ساحة الفردوس وسط بغـداد تمزق الأقـنعة المهـترئة !!!
بقـينا نبحث عن العـلوج والجحـوش في مرادفاتـنا اللغـوية لنعـرف من هـم العـلوج والجحـوش ؟؟ !! و كــُـرة النار تـتـدحـرج وتكـبر إلى يومنا ، تحـرق بغـداد الرشيد ومعها أفـئـدتـنا ! .. إكـذب ثم إكـذب .. حـتى تصدق أنت الكـذبة !
تكلم بالحـقـيقة مهما كانت لنـتعـرف عليها ونعـرف حـقـيقـتـنا وماهـيتها ، فلا نتصرف كالنمور ونحن من فـصيلة أخـرى !!!
إعـذرونا عـندما كـنا نـتجـمع لسماع نـشرات الأخبار من إذاعة ( مونت كارلو ) الفـرنسية ، أو ( بي بي سي) البريطانية !!! . عـنـدما كـنا ندير مؤشر ( الترانزستور ) لإذاعة ( بي بي سي) ونـتـفادى كل الإذاعات العـربـية !!! فهي إذاعات (وطنية ) أكـثر من إذاعاتـنا !!! تـناولت هموم الناس لا الأحـزاب ، حياة العامة لا حياة الزعماء ، لم تستهلك وقـتها في عرض بطولات وإستعـراضات وزيارات وإستـقـبالات وحـفـلات الزعماء ، خاطبَـت سامعـيها على أنهم مجموعة من المهمومين المهمشين الأذكـياء ، خاطبَـتهم بصراحة وصدق دون تـقـريع أو شتم أو إتهامات ، ولأن إذاعاتـنا العـربـية إمتلأت بالمهرجـين المخادعـين الكـذابـين !!!
حـفـظنا أسماء مذيعي ( بي بي سي ) أفـتيم قـريطم ، رشيدة المدفعي ، حسن الكرمي اللغـوي الكـبـير صاحب برنامج ( قـول على قـول ) فاروق الدمرداش مقدم برنامج ( ندوة المستمعـين ) .
كان المخادعـون في العـلن يتهمون ( بي بي سي) بالإستعـمارية ، ويطلبون منها الخبر الصحيح في السر !!!!!!