الجـزء الأول
حان الوقـت ــ بعـد صمتٍ ــ طويل أن يعـلم الشعـب الكلداني حقائق لم أعـلن عـنها من قـبل عـن سبب توقـيف وإبعاد القس بـيـتر لورنس عـن الساحة الكـنسية وسلطتها . نبـدؤها أولاً بالرسائل الموثـقة والمبعـوثة إلى غـبطة البطريرك والسادة الأساقـفة الأجلاء ، لكـشف واقع كـنيستـنا المؤلم بموجـب مسؤوليتـنا الكـنسية والروحـية أمام الله ، وما يتوجب عـلينا فعله بموجـب الكـتاب الـقـدس وتعاليم الرب يسوع . هذه الرسائل تكـشف عـن واقع مرير هـزت مضاجع الرؤساء في الكـنيسة الكلدانية من قِـبَـل كاهـن متـزوج بسيط له ضمير كـنسي حي ، لا يقـبل الإزدواجـية بـين المصالح الشخصية والتوجهات السياسية ورسالة الإنجـيل . مقارنة صعـبة جداً (إما أن يُـكـرم ، أو يُهان) .
الرسالة الأولى :
الهـروب من المسؤولية
عـندما نـتصفح الصفحات الأولى من الكـتاب المقـدس ونرى فـيها حـقـيقة صورتـنا الإنسانية التي يُعـبر عـنها سفـر التكـوين وبشكل رمزي من الفصل الثالث والفصل الرابع ، يعكس فـيها خطيئة الإنسان الأول آدم وحواء ، قايـين وهابـيل ، كتيف يَهربون من وجه الله النقي والصافي بسبب ما إقـترفـوه ضد وصية الرب .
خطيئة آدم رمز لخطيئـتـنا :
إن ما صنعه آدم هـو أنه أكل من شجـرة معـرفة الخير والشر التي أوصى الله أن لا يأكـلوا منها ، بعـدما قـدّمت له حواء ليأكل ، حـينها عـرفا أنهما ليسا في حالة النعـمة والشركة مع الله ، عـندما واجه الله آدمَ على فعـلته تـنصّل من مسؤوليته وألقى اللوم عـلى حـواء (المرأة التي أعـطتـني لآكـل) ، هنا آدم لم يعـترف أنه صنع معصية ضد وصية الرب . آدم يلقي المسؤولية عـلى حواء ، وحواء تلقي المسؤولية عـلى الحية التي أغـرتها . وهكـذا قايـين عـندما يسأله الرب : أين هابـيل أخوك ؟ يجـيـب : (لا أعـلم ، أحارس لأخي أنا) ؟ أيضاً قايـين يتهـرب من مسؤولية ما صنعه ضد أخيه هابـيل . هاتان الصورتان تجعـلنا نـقـف أمام صورتـنا الحـقـيقـية وهي أنـنا دائماً نـتهـرب من مسؤولياتـنا تجاه خطيئـتـنا التي نـقـترفها ضد إلهنا وضد كـنيستـنا اليوم .
لنـنـظـر إلى خـطيئـتـنا :
إن الكـنيسة هي مؤسسة إلهـية وبشرية ، تحمل الوجه الإلهي من جهة ، والوجه البشري من جهة أخرى ، ومن المفـروض أن تعكـس ما في الوجه الإلهي في الحياة الإنسانية . والكـنيسة من أحـد واجـباتها هي أن تـشهد للمسيح ، وأن تعـترف بخطيئـتها تجاهه . فهي تواجه شر العالم وتضحي من أجل الرعـية . من خلال هـذا الواقع الكـنسي لنلـتـفـت إلى كـنيستـنا الكلدانية اليوم وما تعانيه من شر العالم . منذ رحيل المثلث الرحمات البطريرك مار بولس الثاني شيخـو وإلى يومنا هـذا ، إن أنظارنا تـتوجه نحـو شخص البطريرك متـناسين أن يسوع أسس كـنيسته على جماعة الرسل برئاسة مار بطرس . إذاً البطريرك ليس هـو الوحـيد بذاته يمثل كـنيسته ، لكـن بمجمع الأساقـفة . المشكلة الحـقـيقـية التي نعاني منها هي الإنـفـرادية بالسلطة ، وأن التصور بحد ذاته أن الخلاص يأتي من الرأس فـقـط ، لا بل من الجـماعة ، وأنـنا تـَعـلمنا على مر العصور أنْ نلقي اللوم عـلى الآخـرين دون أن نـنظر إلى خطيئـتـنا ونواقـصنا . لـنـنظر إلى آدم إنه يلقي المسؤولية عـلى حـواء ، وحـواء تـلـقـيها على الحـية ، في الحـقـيقة إن الخـطيئة إرتـُـكِـبت ، لكـن كل ما نحتاجه هو أن نعـترف بها ، وأن لا نـقـول أن السبـب هـو فلان (البطريرك أو الأسقـف أو الكاهن) . خطيئـتـنا هي أن لا نسمع ولا نـتبادل الآراء ووجهات النظر بالرغم من إخـتلافها ، إن ما يهـدم كـنيستـنا اليوم هـو الخِلاف وليس الإخـتلاف ، مبتعـدين عـن حـقـيقة واقعـنا المؤلم ، هـو أنـنا لا نريد أن نسمع بعضنا البعض . وأن نطلق التصريحات والبـيانات والتهـديدات والحـرومات ، كأنـنا أصبحـنا مكـفـرين واحـدنا الآخـر . أين نحن من دعـوة ربنا يسوع المسيح (لنكـون واحداً) ؟ إن الوحـدة الحـقـيقـية يجـب أن تبـدأ من الداخل وليس من الخارج . إن كلام الرب يسوع لمار بطرس (ثـبت إخوتك) .. هـنا يأتي دور البطريرك في أن يثـبت إخـوته الأساقـفة أولاً وأن يجعل لغة الحـوار والسماع للآخـرين دون أجـنـدات مسبقة وقـرارات دون دراسة . إن ما ينـقـصنا هو عـدم السماع وعـدم الدراسة لمشاكـلنا ونواقـصنا . إن الله أعـطى لكـل واحـدٍ منا موهبة ونعـمة ، علينا أن نستغلها من أجل خـير الكـنيسة ، وليس من أجل مصالحـنا الذاتية . لنرجع إلى سفـر أعـمال الـرسل وبالأخص ما حـدث في مجمع أورشليم ، كـيف أن مار بطرس هامة الرسل يتبع تعـليم مار بولس أصغـر الرسل وأحـدثهم في الرسالة ، لأن هـناك فعلاً الروح الـقـدس الذي يكشف حـقـيقة الأمور في مجـريات الكـنيسة . يجـب عـلينا كـكـنيسة مسؤولة ، أن لا نكون مثل آدم وحواء أو مثل قايـين نـتـنصل من مسؤولية خطيئـتـنا التي نـقـترفها بحـق إيمانـنا وكـنيستـنا . إن المرآة الصافـية والنـقـية هي أمامنا اليوم لا نهملها وهي الإنجـيل ، أي شخص المعلم الأعـظم يسوع ورسله الـقـديسين . إن مشكلة آدم ! لم ينظر إلى الوصية الإلهـية ، لكـنه ينظر إلى حواء . وإن مشكلـتـنا اليوم هي أنـنا لا نـنظر إلى الإنجـيل وإلى قـوانين الكـنيسة ، لكـن نـتـرصد واحـدنا الآخر . نعم كـلنا خطأة ، بل نحـن مدعـوون إلى الملكـوت مع يسوع . لنـتعـلم من مار بولس (إنـنا لسنا لبطرس أو لآبلس أو لأحـد الرسل ، إنـنا كـلنا للمسيح) ، نحن لسنا لك أيها (البطريرك أو أيها الأسقـف أو أيها الكاهن ، إنـنا كلنا للمسيح وكـنيسته) . نحـتاج إلى التواضع حـتى نعـترف أنـنا خطأة ، وأنـنا نرتكـب الخطيئة ضد الله والكـنيسة ، لكـنـني لواثق ومؤمن بأن لكـنيستـنا رجالاً واعـين مستعـدين لأن يتحـملوا المسؤولية من أجل خلاصها . إن الرجاء هـو قـوة لإيمانـنا بكل ما نعانيه من تـبعـثـر وإنهـزام ، لأني عالم أن الروح القدس هو الذي يقـود الكـنيسة ، وأن هـناك أنبـياء من حـيث لا نعلم يقـودون إلى طريق الخلاص .
خاتمة :
إلى غـبطة أبـينا البطريرك ، بطريرك الكـنيسة الكلدانية مار لويس الأول روفائيل ساكـو الكلي الطوبى : إنـنا نكـن لكم كل الإحترام ، وإنـنا نـذكـركم كل يوم في قـداسنا وصلواتـنا ، ومستعـدون أن نـنحـني أمام أقـدامكم المباركة المسددة بخطى الرب يسوع في أن يكون لكم إعـتراف صريح على ما نعانيه ، وأن توجه أنظارك نحو كـنيستك الكلدانية (لأن خطايانا كـثيرة) بدون تصريحات وبـيانات أو قـرارات قـبل مجمعكم المقـدس ، بأبوّة لأبنائك وأخوّة لإخـوتك الأساقـفة ، وأن تكـون الوكـيل الأمين لوزناتك . إن ما نحـتاجه اليوم هـو مجمع كـبير يفحص مشاكـلنا وضميرنا ونعـترف بها بكل تواضع وأن نـتبع إرث آبائـنا الـقـديسين في تـثبـيت كـنيستـنا الكلدانية حتى نـتجـدد بالرب يسوع ، وأن لا نـفـقـد ما فـقـدانه في الماضي ، وتصبح خطيئـتـنا خـبرة لنا لـغـدٍ مشرق ، وكل واحدٍ منا لا يتهـرب من مسؤوليته في أي مكان توجـد فـيه كـنيستـنا الكلدانية وشعـبنا الكلداني المؤمن .
الأب بـيتر لورنس
لا أقـول سـوى : (( إنها مقـدمة رائعة ))
هـنيئاً لك عـزيزي الأب بـيـتـر لـورنس
نـنـتـظـر الخـفايا الأكـثر إثارة وإعلان الحـق المخـفي كي تـبـدو جـلـية أمام الأنـظار