يوسف تيلجي
المقدمة:
كان وما زال موضوع اللوح المحفوظ والنص القرأني، يؤسس لأشكالية معقدة وحساسة بالوقت نفسه بالنسبة للباحثين والدارسين والمهتمين، خاصة الذين ينهجون منهج البحث العلمي، بحرية فكرية بعيدا عن العاطفة والأنتماء الديني والمذهبي، فهناك القليل من نهجوا هذا المنحى، أمثال .. الراحل نصر حامد أبو زيد وشهيد الكلمة الحرة د.فرج فودة ود.سيد القمني والسيد أحمد القبانجي وأسلام البحيري، وغيرهم من فرسان الرأي الحر والتفسير العقلي والحداثوي للنص. في هذا البحث المختصر، أعرض قراءتي المتواضعة لهذا الموضوع، وما وددت قوله بادئ بدأ أن رحيل أصحاب المذاهب الأربعة/الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي، والمفسرين/بن جبير ومجاهد المكي وأبن عباس وشهر الأشعري ..، والمحدثين/يحي القطان وبن معيان والبخاري والأثرم ..، والفقهاء/السيوطي وأبن تيمية وبن العربي والأوزاعي .. وغيرهم، لا يعني أن التفسير والتحليل والأجتهاد والقراءات أنتهت لموت هؤلاء، كما أن البحث العلمي لا يرتبط بجماعة معينة، ولكنه حالة مستمرة لها صفة الديمومة، ما زال هناك رجال وهناك تغييرات زمانية ومكانية لقراءة النص، أن الرؤية الحداثوية للنص ليست حكرا لأهل وجمهور الفقه والشريعة والتفسير وباقي رجالات الدين بما فيهم خريجي المؤسسات الدينية كالأزهر ..، ولكن الأمر الأن أصبح أكثر شمولية، ما دام الدارس أو الباحث يسلك منهج البحث العلمي، وحتى من غير خريجي المدارس الدينية، كالدكتور كامل النجار/ وهو طبيب جراح وغيره ..
الموضوع هو الأصعب والأعقد، وقد نهجت الأسلوب التالي لكي أصل الى قراءتي الخاصة، حيث وزعت هذا البحث المختصر ألى خمسة محاور وهي كالتالي، اللوح المحفوظ، حادثة الأفك/جاءت في مجرى البحث كمثال، أنتقادات حادثة الأفك، تبرئة أم المؤمنين عائشة .. ثم قرائتي الحداثوية للموضوع.
المحور الأول / اللوح المحفوظ:
في هذا المحور سأسرد ما جاء في القرأن والحديث بما يخص اللوح المحفوظ/موضوعنا الرئيس، وبعض الشروحات والتفاسير والوصف الواردة بصدده.
فاللوح المحفوظ، كتعريف “هو مصطلح في العقيدة الإسلامية يدل، بشكل عام، على أداة حفظ بها اللـه مقادير الخلق قبل أن يخلقهم وهو مستودعٌ لمشيئاته”، أي بمعنى أنه “الكتاب الذي كتب اللـه فيه مقادير الخلق قبل أن يخلقه”. وفي القرأن، قال اللـه تعالى: (ألم تعلم أن اللـه يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب)[ الحج :70 ]، قال ابن عطية: هو اللوح المحفوظ وقال تعالى: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها) [الحديد: 22 ]، قال القرطبي يعني اللوح المحفوظ. ظهر قول “اللوح المحفوظ” في القرأن الكريم بشكل مباشر في سورة البروج، والتي ربطته بالقرأن الكريم نفسه. كما ظهر في أيات أخريات بشكل غير مباشر بتعابير مثل “الكتاب” و”الإمام المبين” و”أم الكتاب”. وتم تفسير المعنى الحقيقي للوح المحفوظ في الأحاديث النبوية وعن طريق مفسري القرأن والسنة. وهناك ملل أخرى فسرته بحسب معتقداتها. فسرت كل الأيات القرأنية التي تدل على اللوح المحفوظ “على أنه هو أم الكتاب الذي عند اللـه تعالى المدوّن فيه كل شيء إذ أن اللـه وضع كل سنن ومجريات الحياة وما سيحدث في الكون منذ خلقه للكون وحتى نهايته وحفظها بشكل غير قابل للتغيير” . واختلف حول نوعية وشكل اللوح فمنهم من قال أنه لوح مكتوب ومنهم من قال أنه على جبهة اسرافيل (وإسرافيل هو أحد الملائكة المقربين من الـله عز وجل وهو الموكل بالنفخ في الصور (بوق) يوم القيامة لإعلان قيام الساعة) . وأيضا أسرافيل يعرف بأنه “هو حاجب الربّ ونافخ الأرواح في الأجساد والمبلّغ لأوامر اللـه لجبرئيل عليه السلام وهو الملك الموكّل بركن الحياة، وله جهة وأجنحة عقلانية يطير بها في الجهات العقلية ويتبعه في تلك الجهات أعوانه المجانسون لها، وله جهة وأجنحة نفسانية يطير بها في الجهات النّفسية ويتبعه في تلك الجهات أعوانه المجانسون لها، وله جهة وأجنحة جسمانية يطير بها في الجهات الجسمية ويتبعه في تلك الجهات أعوانه المجانسون لها، فهذه ثلاثة أركان لأسرافيل عليه السلام يتصرف بها كما أمره اللـه تعالى في العوالم الثلاثة: عالم الجبروت، وعالم الملكوت، وعالم الملك، نقل من www.ahl-ul-bayt.org/ar “. ومن الأحاديث النبوية التي ذكرت به اللوح المحفوظ مايلي “وقد روى البخاري في صحيحه من حديث عمران بن حصين – الطويل – وفيه أن النبي صلى اللـه عليه وسلم قال: “كان اللـه ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السموات والأرض “. قال الحافظ ابن حجر أن المراد بالذكر هنا: هو اللوح المحفوظ . وعن ما يرويه النبى صلى الـله عليه وسلم عن ربه ويسمى هذا الحديث عند العلماء حديثا قدسيا قوله “كَتَبَ” أي كتب وقوعها وكتب ثوابها، فهي واقعة بقضاء الـله وقدره المكتوب في اللوح المحفوظ، وهي أيضاً مكتوب ثوابها . أما وقوعها: ففي اللوح المحفوظ . وأما ثوابها: فبما دل عليه الشرع . “ثُمَ بَيَّنَ ذَلِك” أي فصله .. / نقل بتصرف من شرح الشيخ بن العثيمين للحديث.
وحول وصف و تفسير اللوح المحفوظ، ذكرت كتب التفسير وغيرها آثاراً عن ابن عباس في وصفه منها أنه قال: اللوح من ياقوتة حمراء أعلاه معقود بالعرش وأسفله في حجر ملك، كتابه نور، وقلمه نور ينظر اللـه عز وجل فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة ليس منها نظرة إلا وهو يفعل ما يشاء: يرفع وضيعاً، ويضع رفيعاً يغني فقيراً ويفقر غنياً، يحيي ويميت ويفعل ما يشاء لا إله إلاَّ هو. ومنها أنه قال: خلق الـله اللوح المحفوظ لمسيرة مائة عامٍ فقال للقلم قبل أن يخلق الخلق: اكتب علمي في خلقي، فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة. ويقول أبن كثير”أنه لوح من درة بيضاء طوله ما بين السماء والأرض وعرضه ما بين المشرق والمغرب وحافتاه الدر والياقوت ودفتاه ياقوتة حمراء وقلمه نور وكلامه معقود بالعرش وأصله في حجر ملك. ” /نقلت بتصرف بعض فقرات وأفكار المحور الأول من موقعي / مركز الفتوى & الويكيبيديا، مع أضافات الكاتب.
المحور الثاني / حادثة الأفك :
أن عرض حادثة الأفك جاء على سبيل المثال وليس الحصر، حيث أن من متطلبات البحث عرض واقعة محددة وجاء الأختيار عليها، ولهذه الحادثة روايتان ، فحسب المذهب السني تروى كالأتي :
(اثناء عودة الرسول إلى المدينة من غزوة غزاها، تخلفت السيدة عائشة رضى اللـه عنها لمدة قليلة تبحث عن عقدها، ولما عادت القافلة رحلت السيدة عائشة رضى الـله عنها دون أن يشعر الركب بتخلفها، وظلت وحيدة حتى وجدها صفوان بن المعطل وأوصلها إلى منزلها، إلا أن حاسدات عائشة رضى اللـه عنها وأعداء النبى اختلقوا الإشاعات غير البريئة عن السيدة عائشة رضى الـله عنها وأتهموها رضى الـله عنها بالزنى، فتأذى النبى وهجرها وكان دائماً يسأل الأقرباء له وللسيدة عائشة عن ما حدث فيقولوا أنهم ما سمعوا عن عائشة رضى الـله عنها إلا خيراً وإنها من المستحيل ان تفعل ذلك ابداً، ولكن الشك بدأ يزيد عند النبى وأخذ دائماً يسأل اللـه تعالى أن يبرأ السيدة عائشة، فذهب إلى السيدة عائشة فى بيت أبيها أبى بكر الصديق وقال لها: يا عائشة: إن كنتى قد اصبتى ما يقولون فتوبى إلى الـله واستغفريه، فنظرت السيدة عائشة لأبيها ابى بكر وامها وقالت لهم: آلا تجيبان؟ فقال لها ابى بكر: والـله ما ندرى ما نقول، فقالت لهم السيدة عائشة: واللـه لا أتوب إلى اللـه مما ذكرت ابداً، واللـه يعلم أنى بريئة، وواللـه ما اقول اكثر مما قال أبو يوسف{فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّـهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ). نقل بتصرف من موقع www.elahmad.com/rasoul/efk.htm .
أما حسب المذهب الشيعي فلها مغزى وتفاصيل ليس لها علاقة بالرواية الأولى:
(..وهي عدة روايات تدل على أن المرأة المقذوفة بالزنا هي مارية القبطية رضوان الـله عليها، منها … / نقل من موقع الشيخ علي آل محسن) … وحسب تفســير القمي قدس سره : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال قال: حدثنا عبد الـله (محمد خ ل) بن بكير عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليهما السلام يقول: لما مات إبراهيم بن رسول اللـه صلى اللـه عليه وآله حزن عليه حزناً شديداً فقالت عايشة: ما الذي يحزنك عليه فما هو إلا ابن جريح، فبعث رسول اللـه صلى الـله عليه وآله علياً وأمره بقتله فذهب علي عليه السلام إليه ومعه السيف وكان جريح القبطي في حائط وضرب علي عليه السلام باب البستان فأقبل إليه جريح ليفتح له الباب فلما رأى علياً عليه السلام عرف في وجهه الغضب فأدبر راجعاً ولم يفتح الباب فوثب علي عليه السلام على الحائط ونزل إلى البستان واتبعه وولى جريح مدبراً فلما خشي أن يرهقه صعد في نخلة وصعد علي عليه السلام في أثره فلما دنا منه رمى بنفسه من فوق النخلة فبدت عورته فإذا ليس له ما للرجال ولا ما للنساء فانصرف علي عليه السلام إلى النبي صلى اللـه عليه وآله فقال: يا رسول الـله إذا بعثتني في الأمر أكون فيه كالمسمار المحمى في الوتر أم أثبت؟ قال فقال: لا بل أثبت، فقال: والذي بعثك بالحق ما له ما للرجال ولا ما للنساء فقال رسول اللـه صلى اللـه عليه وآله الحمد للـه الذى يصرف عنا السوء. نقل من موقع / منتديات يا حسين .
وفي هذا البحث سأعتمد الرواية الأولى دون الثانية لنزول أيات تبرئة/قرأنية، أكثر بيانا بحق السيدة عائشة وليست بحق السيدة ماريا القبطية، أضافة الى أنه كل المؤشرات تدل على أن المقصود بها هي عائشة وليست ماريا القبطية، ولكن بالرغم من كل هذا سأترك الباب على مصراعيه للقارئ!! لأن مسار البحث سوف لا يتأثر بأي المرأتين كان المقصود بها حادثة الأفك .. بالرغم من أن بعض المصادر تؤكد أن المقصود بحادثة الأفك هي عائشة، وتبين أن قوله تعالى: “إن الذين جاؤا بالافك” إن العامة روت أنها نزلت في عائشة وما رميت به في غزوة بني المصطلق من خزاعة، وأما الخاصة فإنهم رووا أنها نزلت في مارية القبطية، وما رمتها به عائشة ملاحظة: يقصدون بالعامة /أي أهل السنة، والخاصة/ أي الرافض، الرد عليهم: مما يبطل هذه الفريه: أن حديث الإفك ونزول هذه الآيات كان في غزوة بني المصطلق سنة أربع أو خمس أو ست على أقوال وأرجحها أنه كان في سنة خمس، وأن بعث المقوقس بمارية القبطية إلى رسول كان عام مكاتبة رسول ملوك الأرض سنة سبع أو ثمان أرجحهما أنه كان سنة ثمان وذلك بعد غزوة بني المصطلق التي حصل فيها القذف والتي سلف آنفاً تاريخها فنزول الآيات في براءة عائشة كان قبل مجيء مارية بحوالي ثلاث سنوات فكيف ينـزل في شأنها قرآن وهي في مصر على دين قومها وكيف حصل هذا القذف المزعوم وهي في بلادها من وراء السهوب والبحار ./ نقل بتصرف من موقع الدفاع عن الصحابة.
المحور الثالث / أنتقادات حادثة الافك:
وسأسرد أنتقادا مهما في قرار الرسول محمد بهذه الحادثة، حيث أنه لم يتعامل بأنصاف وعدل بين الحالتين، فهناك انتقادات بخصوص أمر النبي بقتل مأبور القبطي في حادثة اتهامه بالزنا بمارية القبطية؛ في حين أنه لم يأمر بقتل صفوان بن المعطل الخزرجي في قضية عائشة على الرغم من تشابه القصتين؛ وكيف يأمر رسول بقتل مأبور القبطي دون أن يتحقق عنده ذلك الأمر لا بوحي ولا بعلم صحيح ولا ببينة ولا بإقرار، وهذا يخالف ما تقرر في الشرع من وجوب التحري لا سيما في مثل هذه القضية الحساسة؟ ثم كيف يأمر بقتله دون أن يسمع منه دفاعه عن نفسه؟ وكيف يكون الحكم بالقتل، والقضية متعلقة بالزنا، وحد الزاني الرجم أو الجلد؟ وقد أظهر اللـه تعالى براءته بعد ذلك بيقين لا شك فيه، وكيف يأمر عليه السلام بقتله ولا يأمر بقتلها والأمر بينه وبينها مشترك، ومن الأجوبة على هذه الشبهة، ما أشار إليه أبو محمد بن حزم في (الإيصال إلى فهم كتاب الخصال)، فانه قال: من ظن أنه صلى اللـه عليه وسلم أمر بقتله حقيقة بغير بينة ولا إقرار فقد جهل، وانما كان النبي صلى اللـه عليه وسلم يعلم أنه برئ مما نسب إليه ورمي به، وان الذي ينسب إليه كذب، فأراد صلى الـله عليه وسلم إظهار الناس على براءته يوقفهم على ذلك مشاهدة، فبعث عليا ومن معه فشاهدوه مجبوبا – أي مقطوع الذكر – فلم يمكنه قتله لبراءته مما نسب إليه، وجعل هذا نظير قصة سليمان في حكمه بين المرأتين المختلفتين في الولد، فطلب السكين ليشقه نصفين إلهاما، ولظهور الحق، وهذا حسن. / نقل بتصرف من الويكيبيديا مع أضافات للكاتب .
المحور الرابع / تبرئة السيدة عائشة :
هناك عدة روايات مقترنة بأيات قرأنية بأحاديث نبوية بخصوص تبرئة السيدة عائشة منها التالي: وهنا نزل الوحى على النبى وأخبره ببراءة السيدة عائشة من هذة الحادثة الشنيعة وأنزل اللـه فى هذا الموقف قرآناً، قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ سورة النــور) وهنا تبشر الرسول وأبتسم وأخبر عائشة رضى الـله عنها فقالت لها أمها: آلا تشكرى رسول اللـه؟ فقالت لها السيدة عائشة رضى اللـه عنها: بل أشكر اللـه الذى برءنى وأنزل فى قرآنا يبرءنى من هذا الذنب العظيم. نقل بتصرف من / www.elahmad.com/rasoul/efk.htm . ومن الأحاديث التي تبرئ عائشة ( .. وقال الإمام أحمد: حدثنا هشيم، أخبرنا عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن عائشة، رضي الـله عنها، قالت: لما نزل عذري من السماء، جاءني النبي صلى الـله عليه وسلم فأخبرني بذلك، فقلت: نحمد اللـه لا نحمدك ../ نقل بتصرف من موقع المنتدى الأسلامي العام)، بعض المصادر .. تشير الى أن اتهام عائشة بالفاحشة هو اتهام للنبى محمد انه ليس نبى، لأنَّه لو كان نبيًّا لأخبره ربُّه – عزَّ وجلَّ – بما تفعله زوجته ليطلِّقها، ويتبرَّأ منها على أقلِّ تقدير، أوْ يَعْني أنَّ الـله – سبحانه وتعالى – أخبر نبيَّه، لكن النبي – صلَّى اللـه عليه وسلَّم – آثر الإبقاء على عائشة رغم عِلْمه بما تفعله، وهذا نوعٌ من الدَّياثة الملعونِ صاحِبُها. لو كانت عائشة فعلت الفاحشة فلماذا لم يطلقها النبى صلى الـله عليه وسلم؟ لم يطلقها النبى لأنها طاهرة وقد برائها الـله فى القرأن والنبى يشهد على ذلك وبقيت زوجتة الى اخر لحظة فى حياته وتوفي ودفن فى بيتها ومات وهو فى حضنها. الـله تعالى يقول (وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ) سورة النو . وهذا يؤكد طهارة عائشة فالنبى محمد لم يطلقها وجلس معها الى اخر لحظة فى حياته فهو يشهد انها طاهرة ولو كان هناك شك فى اخلاقها لطلقها. كما أن اتهام عائشة بالفاحشة هو اتهام للـه بأنه اختار أختيار خطأ فالذى اختار عائشة لتكون زوجة للنبى هو اللـه وقد ارسل اللـه جبريل للنبى محمد ليخبره ان عائشة زوجته فى الدنيا والاخرة وقد وصف الـله زوجات النبى بأنهم امهات المسلمين، ومن يصف أختيار الـله بأنه خطا فقد كفر ومن يتهم عائشة بالفاحشة فقد كفر واتهم الـله بأنه يختار اختيار خطأ . / نقل بتصرف من موقع -الدفاع عن السنة.
المحور الخامس / القراءة :
1.أن نص اللوح المحفوظ يثير أشكالية معقدة، حيث ليس من المنطق والعقلانية، وليس من حقيقة تعاقب التأريخ والتغييرات الزمكانية للوجود، أن يكون لدى الـله تعالى كتابا أو سجلا، موثقا به الأعمال والأقدار والأفعال والأحداث والأرزاق. لأكثر من 7.5 مليار فرد / عام 2015، ولو رجعنا لبدء الخليقة ولحد الأن/لكان الرقم لا نستطيع أن نقرأه، كذلك أضف الى ذلك كتبا للحروب والمجاعات والفيضانات والثورات والأنقلابات والتحرير والأمراض والبراكين ..، وكتبا للخير والشر والطيبة والرحمة والشفقة، وكتبا للقتل والصلب والجلد والرجم والحرق ..، وكتاب للموت والحياة – كقوله تعالى (وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ)/ فاطر 11، ليس علميا أن يكون كذلك كتب، ولو قبلنا أيمانا بالكتاب الأخير، فأننا سوف لا نقبل أو أن نتقبل الكتب الاخرى. نعم أن اللـه تعالى هو القادر الجبار العليم. ولكن لا أرى علميا أن يكون كل شي مكتوب ومعلوم ومعروف منذ الأزل للبشر! كما يقول العامة “كل شئ مقدر ومكتوب” / هذه المقولة أتت من هذا الفهم، هذه القرأة الماضوية لمفردة اللوح المحفوظ وترابطها بالنص القرأني تعمل على تحجم العقل وتقوقعه وتحصره في دائرة مغلقة مظلمة، ولا تعطيه نبضا حياتيا للخلق والنمو والتطور والأجتهاد، وتجعله بالوقت نفسه مستسلما وأسيرا للقدرية !.
2 . أما حادثة الأفك، فبها تداعيات كثيرة، أولا ان اللـه تعالى رسم روايتين للحادثة، الرواية السنية/ المقصود بها عائشة والرواية الشيعية/ المقصود بها ماريا القبطية، بالرغم من عدم وجود مذهبية في ذلك الوقت، ثانيا، ان الرسول شك بهما/ عائشة وماريا .. الى أخر الرواية، وأرى أن شك الرسول بمحله، لأن الرسول لا ينطق عن الهوى، لأنه معصوم، قال تعالى: “وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى” النجم : 3-4، قال ابن القيم ـ رحمه اللـه ـ: (ولم يقل: « وما ينطق بالهوى»؛ لأن نفي نطقه عن الهوى أبلغ؛ فإنه يتضمن أن نطقه لا يصدر عن هوى، وإذا لم يصدر عن هوى فكيف ينطق به؟ فتضمن نفي الأمرين: نفي الهوى عن مصدر النطق، ونفيه عن نفسه، فنُطقه بالحق، ومصدره الهدى والرشاد لا الغي والضلال). [بدائع التفسير (4/672) / نقل بتصرف من موقع / منتدى التوحيد، ثالثا، لماذا لم يرجمهما الرسول/عائشة وماريا، حيث (أن حكم الرجم للحر المحصن ثابت بالقرآن والسنة والإجماع، فعن ابن عباس ـ رضي الـله عنهما ـ قال: قال عمر: إن اللـه قد بعث محمداً صلى اللـه عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل عليه آية الرجم قرأناها ووعيناها وعقلناها فرجم رسول الـله صلى الـله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب اللـه فيضلوا بترك فريضة أنزلها اللـه، وإن الرجم في كتاب اللـه حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف. متفق عليه)./ نقل بتصرف من موقع مركز الفتوى. رابعا، لماذا لم يقتل الرسول الفاعل / صفوان بن المعطل ومأبور القبطي، قبل علم الرسول كون مأبور القبطي مجبوب لا ذكر له ( .. روى ابن أبي خيثمة وابن السكن وغيرهما من حديث ثابت عن أنس رضي الـله عنه أن ابن مارية كان يتهم بها فقال النبي صلى اللـه عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الـله عنه اذهب فإن وجدته مارية فاضرب عنقه فأتاه علي فإذا هو في ركي يتبرد فيها فقال له علي اخرج فناوله فأخرجه فإذا هو مجبوب ليس له ذكر فكف عنه علي ثم أتى النبي صلى اللـه عليه وسلم فقال يا رسول إنه مجبوب ماله ذكر وفي لفظ آخر أنه وجده في نخلة يجمع تمرا وهو ملفوف بخرقة رأى السيف ارتعد وسقطت الخرقة فإذا هو مجبوب لا ذكر له/ نقل بتصرف من موقع ملتقى أهل الحديث)، خامسا، كيف للرسول أن يصبر و أن ينتظر الى أن تنزل أيات التبرئة! والكلام واللغط منتشر في العشير، سادسا، ولكن من ناحية أخرى كيف يشك الرسول بعائشة والـله أختارها له، ( .. كما أن اتهام عائشة بالفاحشة هو اتهام للـه بأنه اختار أختيار خطأ فالذى اختار عائشة لتكون زوجة للنبى هو الـله وقد ارسل الـله جبريل للنبى محمد ليخبره ان عائشة زوجته فى الدنيا والاخرة / نقل بتصرف من موقع – الدفاع عن السنة)، هذه كلها جزء من تساؤلات عديدة، أيعقل أن اللـه تعالى كتب وسجل كل هذا في اللوح المحفوظ، الأمر الذي أدخل الشك في نفس الرسول بداية، ثم أراح له نفسه بتبرئته لعائشة، وبعد البراءة. (أن تبشر الرسول وأبتسم وأخبر عائشة رضى اللـه عنها فقالت لها أمها: آلا تشكرى رسول الله؟ فقالت لها السيدة عائشة رضى الـله عنها: بل أشكر الـله الذى برءنى وأنزل فى قرآنا يبرءنى من هذا الذنب العظيم ./ نقل بتصرف من موقع www.elahmad.com/rasoul/efk.htm ) .
وسؤالي وأستفساري هنا، أتوجد كذا سجلات في السماوات تؤرشف وتوثق مستقبل ما سيحصل للخلق والعالم والدنيا والكون والوجود. من أمور ووقائع واحداث! .. أخيرا، هو أن الـله تعالى يطلع”البعض” على جزء من الغيبيات. (وأما الإطلاع على بعض غيب الـله، مما تضمنه اللوح المحفوظ، فمن الممكن أن يحصل لمن يشاء اللـه تعالى من عباده فقد أطلع الأنبياء بطريق الوحي على كثير من المغيبات. كما حصل ويحصل لبعض عباد الـله الصالحين عن طريق المكاشفات والإلهامات الإلهية .. / نقل بتصرف من موقع مركز الفتوى)، والتساؤل هنا كيف الرسول محمد، المصطفى الامين وخاتم النبيين والمرسلين وأشرف خلق الـله، لم لم يطلعه الباري عز وجل على هكذا نوع من الغيبيات، حتى يبعده من هكذا حال من الشك والريبة والظن!! ويثير من حوله ظنون العشير والقوم!!
3. “من الممكن” أني لم أبين بشكل واضح في بداية البحث ما المطلوب بيانه من هذا السرد! وأرجأت الأمر للأخر، لغرض الأطلاع على المحاور الأربعة أنفة الذكر، وذلك من أجل وضع القارئ في حيرة ومحنة خلال أطلاعه على البحث فقرة فقرة، وجاء التوضيح مؤخرا على كل هذا الشك! فهل أن النص القرأني والأحاديث النبوية وكل الأفعال ..، كانت في لوح محفوظ لدى الباري عز وجل! والجواب:
أولا، لا أعتقد هذا لأن النص القرأني، كغيره من النصوص، هو “صيغةُ الكلام الأصلية التي وردت من المؤلف/ كائن من كان الـله تعالى أو الرسول أو الوحي، النَّصُّ: ما لا يحتملُ إِلاَّ معنّىً واحداً، أَو لا يحتمل التأويل/ أحيانا؛ ومنه قولهم: لا اجتهادَ مع النصِّ “، ثانيا، النص القرأني هو وصف بنيوي لواقعة معينة، يجب التعامل معها كنص قائم بذاته، ثالثا، النص القرأني يخضع لتأريخية الزمان والمكان، وليس من الممكن أن تكون نصوصه أستجابة للظروف الزمكانية لما قبل التأريخ/ أي زمن توقيت كتابة اللوح المحفوظ، رابعا، النص القرأني جاء أستجابة لزمان ومكان الحدث، والدليل مثلا حادثة الأفك وكل ما نزل بها من أيات، أنها أستجابة لحالة معينة بزمن محدد وبمكان معلوم، خامسا، النص القرأني، بمعنى أخر هو رد الفعل لفعل معين محدد، سادسا، لو كان النص القرأني في لوح محفوظ، من المنطق أن نسأل بأي لغة كتب وبأي خط وضع وأين حفظ وكيف يصان! سابعا، وهل يحتاج القادر العليم الى لوح محفوظ، والأية تقول (أنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) يس:82، لا يحتاج اللـه تعالى مرجع أو سجل أو كتاب لأنه قادر على كل شي! ثامنا، قراءة النصوص القرأنية/عدا الخاصة بالعقائد وأركان الأسلام وثوابت الدين ..، من الممكن أن تخضع في تفسيرها لتأريخية القراءة، وليس دائما قراءة نصوص بداية الدعوة الأسلامية تتطابق مع القراءة الحالية لتلك النصوص !
خلاصة، أن النص القرأني أو أي مفهوم أخر / كاللوح المحفوظ، يجب أن يتبع في تفسيره على العقلانية، التي يجب أن تكون معتمدة على الأستنتاج والأستنباط، وأن يكون المنطق هو المقياس للتفسير والمعرفة، منتهجين نهجا علميا بدلا من المعايير الحسية والعاطفية ، كل هذا يجب أن يقترن بالقراءة الحداثوية للنص، أخذين بنظر الأعتبار الظروف الزمانية والمكانية، عدا ذلك نكون قد أنزلقنا في مستنقع وهم الأساطير والغيبيات.