يوسف تيلجي
أستهلال:
أود أن أبين أولا ما هو المقصود “بالموروث الأسلامي”، فقد جاء في موقع الويكيبيديا التالي ((التراث الإسلامي، مصطلح شامل يتسع لكل ما له علاقة بالإسلام، من نصوص القرآن والسنة النبوية، واجتهادات العلماء السابقين في فهم هذه النصوص وتطبيقها على الواقع، وقد حصل خلاف حول ما إذا كان هذا التراث دينا مقدسا يجب الالتزام به، أو نصوصا واجتهادات مرتبطة بأزمانها وأماكنها الغابرة، تعامل على أنها تاريخ ينقل لنا تجربة بشرية قابلة للنقد والنقض والتعديل والتطوير بما يتناسب مع الزمان والمكان والظروف الخاصة بكل عصر. وهو لا يقتصر بالضرورة على الإنتاج المعرفي في العلوم الشرعية وحدها كالتفسير والحديث والفقه ونحو ذلك، بل يتسع ليشمل كل ما خلَّفه العلماء المسلمون عبر العصور من مؤلفات في مختلف فروع المعرفة، ويمكن تعريف التراث الإسلامى على أنه كل ما خلفه الأسلاف المسلمون من عقيدة دينية “القرآن والسنة” وعطاءات حضارية مادية ومعنوية”.)).
الموضوع:
تم تفجير الكنيسة البطرسية بالقاهرة في يوم الأحد 11 ديسمبر 2016، وقد قُتل على إثره 25 شخصاً وأصيب 31 آخر، وجاء في موقع مصريون/ بقلم عبدالراضي الزناتي – الثلاثاء، 13 ديسمبر 2016 21:55 التالي (تبنى تنظيم “داعش” الإرهابي، التفجير الذي استهدف الكنيسة البطرسية في حي العباسية صباح الأحد الماضي وقال التنظيم في بيان صحفي، إن “أبا عبد اللـه المصري”، فجّر حزامه الناسف في الكنيسة، ما تسبب بمقتل وإصابة 80 شخصًا . وتابع: “وليعلم كل كافر ومرتد في مصر وفي كل مكان، أن حربنا على الشرك مستمرة، وأن دولة الخلافة ماضية في إراقة دمائهم، وشوي أبدانهم”، حسب نص بيان التنظيم. وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي أعلن الاثنين، إن التفجير الذي استهدف الأحد، كنيسة ملحقة بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس، تم عبر انتحاري فجّر نفسه..).
النص:
قد يقول البعض أني قد تأخرت في الكتابة عن تفجير الكنيسة البطرسية، ولكني توقعت حدوث عمليات أخرى، حتى أكتب، وذلك من أجل أن تكون قراءتي للموقف (قراءة واحدة لحادثين أو أكثر) أختصارا للجهد الفكري، وتقليلا للوقت المبذول من قبل القراء!!، وهذا ليس تهكما!! وذلك لأن السبب واحد لكل العمليات الأرهابية وهو الجانب المظلم من الموروث الاسلامي، كما أن الأرهاب باق ومستمر ما دام هناك ينبوع ومنهل فكري يغذيه وينهج منه وهو “الموروث الأسلامي”..
1. سوف لن أذهب الى منحى من كتب قبلي، كتحميل المسؤولين المصريين العملية لجماعة الاخوان أو داعش أو أنصار بيت المقدس، وذلك لأن هذا ليس هو الجواب، وليس الجواب أيضا، التقصير الأمني لوزارة الداخلية، أو الحرس الخاص للكنيسة .. أوغير ذلك.
2. وذلك لأن الجواب واضح وضوح الشمس، ولكن الولوج أليه يضعك بين المطرقة والسندان، وهو الموروث الأسلامي، الذي يعتبر قنبلة موقوتة تنفجر حين ملامستها، وهذه كارثة ليست عقائدية فقط بل أنسانية أيضا!!.
3 . يظهر أن الأسلام اكتشف مفهوم DNA !! قبل أكتشافه الفعلي بأكثر من 12 قرنا ((أن أكتشاف وجود الحامض النووي في حد ذاته تم في منتصف القرن التاسع عشر (1800)، وبدأ الباحثون يرجحون أنه يحمل المعلومات الوراثية في أوائل القرن العشرين حتى بين تركيبه عام 1953 الإنجليزيين جيمس واتسون James Watson وفرانسيس كريك Francis Crick ، والذي حاز أولهما (جيمس واتسون) لهذا الكشف جائزة نوبل في الطب لعام 1962./ نقل عن موقع ملك الجبل))، والدليل على ذلك التفريق بين دم المسلم ودم الكافر، في حالة القصاص، حيث أن المسلم لا يقتل أذا قتل كافرا/ يهودي، مسيحي أو صابئي ..، وقد جاء بهذا الصدد في / موقع مركز الفتوى التالي ( .. وأما بخصوص هذه العبارة : “لا يقتل مؤمن في كافر، ولا ينصر كافر على مؤمن”. فقد ثبت معناها في السنة من عدة أوجه، منها حديث علي بن أبي طالب في الصحيفة التي عهد بها النبي، وفيها: لا يقتل مسلم بكافر، رواه البخاري وغيره. وفي رواية أحمد والنسائي وابن ماجه : المؤمنون تكافأ دماؤهم، وهم يد على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، ألا لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد بعهده.) .
4 . ولكن هذا الحديث يتناقض مع الأية التالية (وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ/ سورة النساء 58 )، فأين العدل أذن! في تفجير الكنيسة البطرسية، فمن مفهوم الأية هناك مؤشر وجوب تحقيق العدالة بين الناس، ولم تذكر الأية أي تفضيل في الدم، وقد جاء في تفسيرها، (وقد ورد في الأثر” أن عدل ساعةٍ يعدل أن تعبد اللـه ثمانين عاماً”. وقد ورد أيضاً أن حجراً ضَجَّ بالشكوى إلى اللـه عز وجل، قال: يا رب؛ عبدتك خمسين عاماً، ثم تضعني في أُسِّ كنيف ـ أي في دورة مياه، في الحمام، لقضاء الحاجة ـ ورد هكذا أن اللـه عز وجل قال له: “تأدَّب يا حجر إذ لم أجعلك في مجلس قاضٍ ظالم”، أي أن مكانك في الكنيف أشرف لك ألف مرة من أن تكون في مجلس قاضٍ ظالم، والله عز وجل هو الحق، لذلك شرع القصاص / نقل من موقع موسوعة النابلسي ) .
5 . كذلك الأية والحديث السابقين، يتناقضان مع الأية التالية/ التي بها “طبقية وفئوية وقبلية وتصنيف بشري غير متحضر”، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ{178} وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ / سورة البقرة }، وتفسيرها ( .. في مطلع وصدر هذه الآية، يدرك أن الـله سبحانه وتعالى نادى عباده بوصف الإيمان، لأن المؤمن هو الذي يأتمر بأمر اللـه، ولذا قال جل وعلا { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ } { كُتِبَ } يعني فرض ووجب عليكم { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى } وهذا يدل على أن أهل الإيمان هم المؤتمرون بأمر اللـه سبحانه وتعالى، فمن كان مؤمنا تمام الإيمان عليه أن يقوم بهذا الواجب، ما هو هذا الواجب؟ هو إقامة القصاص، والقصاص من معناه يدل على التماثل والتساوي، وإذا كان كذلك فإن تنفيذ القصاص عدل، وإذا كان عدلا وواجباً على الأمم والدول أن تقوم به، دل على أن قيام الدول والأمم لا يمكن أن يتم إلا بالعدل .. / نقل بتصرف موقع الشبخ زيد بن مسفر البحري)، وبالرغم من التمايز الطبقي في متن الأية ، ولكن جاء التفسير مشددا على “والقصاص من معناه يدل على التماثل والتساوي” وهو أمرا مقبولا.
6. مما سبق من نصوص وأحاديث وتفاسير، أرى أن الموروث الأسلامي يضعك في دائرة الحيرة والتردد وعدم اليقين من أمرك، فالتناقض جلي وواضح، أما رجال الدين فأنهم يفسرون الوضع وفق فكرهم وعقليتهم، لذا فهم يوجهون المتلقي وفق ما يحملون من نهج.
القراءة:
أستهل قراءتي للحدث بأدانة مؤسسة الأزهر لتفجير الكنيسة البطرسية، فقد جاء في / موقع العين ، التالي (أدان الازهر الشريف التفجير الإرهابي الذي استهدف الكنيسة البطرسية قرب الكاتدرائية المرقسية في وسط القاهرة وأسفر عن سقوط 25 قتيلا و31 مصابا. وقال الأزهر في بيانه إن “استهداف دور العبادة وقتل الأبرياء أعمال إجرامية تخالف تعاليم الدين الإسلامي وكل الأديان، الذي دعا إلى حماية دور العبادة واحترامها والدفاع عنها “)
أولا – كيف تدينون وأنتم الوسيلة والغاية لأي عمل أرهابي وقع أو سيقع .. مناهجكم، كتبكم، منشوراتكم، تعليمكم محاضراتكم .. هي السبب والمسبب، لكل ما حدث وما سيحدث، وأخرها تفجير الكنيسة البطرسية.
ثانيا – سأطرح حديثا مثيرا للجدل، وهو: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إلاه إلا اللـه وأن محمدا رسول اللـه ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على اللـه تعالى) / متفق عليه. وتفسيره حسب موقع صيد الفوائد، التالي ((دل الحديث على مشروعية قتال الكفارعلى اختلاف أجناسهم لقوله صلى اللـه عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس). وهذا الحكم لم ينسخ بل باق إلى يوم القيامة فالأصل قتالهم عند الإستطاعة على ذلك لإعلاء كلمة اللـه ودخولهم في حكم الإسلام قال تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّـهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ))، فكيف يستوي عقل المتلقن لهكذا حديث، عندما يسمع أن نبيه قد أمره بمحاربة الكفار حتى يتحولوا الى مسلمين!! والانكى من ذلك تفسير الحديث ، وهي الطامة الكبرى “أن الحكم باق إلى يوم القيامة”، أي بمعنى أخر أن التفجير الأنتحاري الذي تم، كان وفق العقيدة الأسلامية وحسب أحاديث الرسول، وهو ليس الأخير، وليس هناك أي شذوذا أو خروجا عن العقيدة أو النهج العام للدين في تنفيذ أي عمل ضد الكفرة/وفق المعتقد الأسلامي!!.
ثالثا – ولكن وفق سورة المائدة 32 (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)، تلحظ أن القتل الغير مبرر غير مقبول، وذلك لأن الكافر/اليهودي والمسيحي، حسب المعتقد الأسلامي، ليس معتدي ولا فاسد، ألا في حالة الحرب، فكيف تقتله! أذن!! . ومتن الأية لا تبرر قتله! رابعا – ورجوعا الى حديث (أمرت أن أقاتل الناس ..)، ما هي القوة والامكانية الفائقة التي لدى المسلم التي تجعله أن يحول 6 مليار كافر ووثني الى الأسلام، أرى أن هذا أنتحارا أسلاميا وبتوجيه عقائدي / الموروث الأسلامي!، فهذا الموروث هو كارثة على المسلم قبل أن يكون كارثة على الاخرين، فكان الاحرى أن تكون النصوص موجهة الى التأخي وتقبل الاخر وليس قتلهم!!! .
كلمة لا بد منها:
أرى أن الجانب المظلم من الموروث الأسلامي يجب أن يلغى أو أن يجمد في كل المناهج والكتب التعليمية وفي كل كتب التفاسير، وأن توجه المؤسسات الأسلامية والمراجع بذلك، ومنها الأزهر، لكي يقوموا بواجبهم التاريخي، وألا في كل يوم قنبلة تنفجر أو منتحر يفجر نفسه .. فقد أن الأوان لعمل عقائدي وأنساني وحضاري من أجل البشرية جمعاء .