يوسف تيلجي
هذا ليس جلدا للذات بل هو عرضا لهذا الذات المتهرئ، فقد أتعبنا هذا الذات المأبون بكل أنواع التوحش والعنف والقهر والمآسي، حتى أصبح هذا الذات مسكونا بهذه المفردات بشكل شبه مترابط، بل في بعض الأحيان أخذت هذه المفردات والذات يعرف بعضه البعض، وكأن هذه المفردات أصبحت دلالة على المفاهيم التي تميز أو أتصف بها العرب المسلمين كأمة، أمة أنزلت بحقهم أية (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ .. ) سورة أل عمران / 110 . فأي أمة هذه الأمة!
أمة القتل والرجم والنهب والغزو والسبي والتأمر والعدوان والتكفير والتهجير والترحيل .. فمنذ صدر الرسالة المحمدية، والمأسي مستعرة، نعم كان هناك دينا جديدا هو الأسلام، ولكن القتل والغزو والسبي والتهجير .. كان عنوانا لتلك الحقبة، تمثل بقتل الأسرى من يهود بنو قريظة وتهجير يهود بنو النضير، مع 28 غزوة .. وأنتهت هذه الحقبة بسم الرسول (عن أنس “رضي الله عنه” قال: أن يهودية أتت النبي “صلى الله عليه وسلم” بشاة مسمومة ليأكل منها فجيء بها إلى النبي “صلى الله عليه وسلم” فسألها عن ذلك؟ فقالت: أردت قتلك، فقال “صلى الله عليه وسلم” ما كان الله ليسلطك على ذلك. أو قال: على كل مسلم. قالوا: أفلا تقتلها؟ قال لا. متفق عليه. / نقل عن موقع ملتقى أهل الحديث ).
تلتها حقبة الخلفاء الراشدين، بدءا من حروب الردة في عهد أبي بكر الصديق، والتي كانت كلها حرق وقتل للمرتدين، وأنتهت خلافة أبو بكر بسمه (أختلف أهل السير في سبب وفاة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وذكروا أسبابا عدة: منها: السم، كما في كتاب (الرياض النضرة) للمحب الطبري، و(الإصابة) للحافظ ابن حجر وغيرهما. والله أعلم. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم / نقل عن موقع الأيمان، كتاب: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء).
ثم قتل كل الخلفاء من بعده فعمر بن الخطاب قتله أبو لؤلؤة المجوسي، وقتل الثائرين من المسلمين عثمان بن عفان بسبب كيفية حكمه وتفضيل أقاربه، أما علي بن أبي طالب فبدأ حكمه بمعركة الجمل (بعد استلامه الحكم ببضعة أشهر، وقعت معركة الجمل36 هـ التي كان خصومه فيها طلحة والزبير ومعهما عائشة بنت أبي بكر زوجة محمد الذين طالبوا بالقصاص من قتلة عثمان/ نقل من الويكيبيديا).
ومات عليا أيضا مقتولا من قبل عبد الرحمن بن ملجم، هكذا كانت مرحلة الخلفاء الراشدين كلها قتل وغزو و..، القاتل والمقتول من المسلمين، تتخللها غزوات وفتوحات وكلها أيضا قتل … أما الحسن بن علي فقد مات مسموما، ( وسمته زوجته جعدة بنت الأشعث، بإيعاز من يزيد بن معاوية، وقيل: بإيعاز من معاوية نفسه، وقيل: بإيعاز من نفسها، وقيل من أبيها .. / نقل بتصرف من موقع البرهان).
هؤلاء هم العرب، حتى حفيد الرسول تسمه زوجته بتأمر من قبل أل سفيان، والحسين بن علي نحر رأسه/ ورفع على الرماح، من قبل شمر بن أبي الجوشن وقتل معظم آل بيته في واقعة الطف، بأمر يزيد بن معاوية، دون أكتراث بأن المنحور هو بن بنت الرسول محمد!، فأذا كان هذا سلوك وأفعال ونهج العرب المسلمين في صدر الأسلام وما عقب ذلك من سنين، فمن المؤكد أن الحقب التي تلتها/ الدولة الأموية والعباسية فالسلطنة العثمانية، ستكون ذات نفس الصبغة والألية حكاما ونظاما ورجالا ووقائعا! أضف الى ذلك سيادة نظام ما ملكت أيمانكم/ اللا محدود لعدد النساء، ترفيها عن الحكام والأمراء وقادة المسلمين، أضافة الى الزواج بأربع زوجات!.
وأذا قفزنا الى الزمن الحالي/ القرن 21، ماذا سنرى من هذه الأمة، نرى أن هذه الأمة تمزقت وتهرئت الى دول، تجمعها شكلا جامعة الدول العربية وهي دول مختلفة ومتضادة أصلا، وغير متفقة لا رأيا ولا موقفا ولا نهجا ولا دستورا ولا نظاما ولا فكرا ولا ثقافة! فلا أعرف ما جدوى الجامعة التي تجمعهم! أنهم دول يتأمرون فيما بينهم لأسقاط بعضهم البعض.
فالسعودية الوهابية مع قطر السلفية راعية الأخوان المسلمين، هما راعيتان للأرهاب، وهما متفقتان على أسقاط سوريا من باب الديمقراطية وحرية الشعب في حكم نفسه بنفسه، وهما أصلا بلا ديمقراطية، وخاصة السعودية، القاهرة لشعبها، فلا حرية أعتقاد ولا حرية دينية ولا كلمة حرة ولا رأي سوى رأي أل سعود ولا قضاء سوى قضاء المؤسسة الدينية الوهابية المتطرفة!.
لأجله لاحظنا/مثلا، أن السعودية تستنكر قتل قائد منظمة أرهابية في سوريا من صنيعتها! (استنكر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير قتل زهران علوش، قائد فصيل “جيش الإسلام” السورية، في ضربة جوية روسية الأسبوع الماضي، معتبراً ذلك بأنه لا يخدم عملية السلام في سوريا. / نقلا عن موقع العربية).. دول تنتهي، أو كما يقال بالأنكليزية (dyeing ( أي دول تحتضر، فليبيا أنتهت والعراق وسوريا والصومال واليمن تدمرت ..، والسعودية لديها معضلة ستدمرها وهي تنصيب الامير الشاب محمد بن سلمان ما بعد الملك الحالي/ أبيه، والذي سيخلق معركة بين أمراء العائلة المالكة! والبحرين أقلية سنية تحكم أكثرية شيعية.. وباقي الدول يغزوها الأسلام السياسي كتونس ومصر والجزائر والمغرب والكويت..
كل هذا من جانب، ومن جانب أخر، هذه الدول بكل واقعها المزري، أنطلق من فكرها الأسلامي الوهابي المتطرف/ المنبثق من السعودية وقطر بشكل أو بأخر، الأرهاب نفسه، التي أخذت تصدره الى الغرب، متمثلا بالقاعدة وما ولد من رحمها من منظمات كداعش وغيرها ..، كأننا لم نكتفي كعرب مسلمين بما نحوي من واقع كارثي ومأساوي في رحم دولنا، فأخذنا نصدر فضائحنا وغسيلنا القذر الى الخارج من باب الجهاد على الكفار! .. فمنذ عمليات 11 سيبتيمبر 2001 مرورا بالكثير من العمليات الأرهابية كعملية صحيفة شارلي أيبدو وغزوة باريس كما أسمتها داعش .. وغيرها الكثير، فكل هذا القتل أرتبط تنفيذا أما بالعرب أو بأشخاص أصولهم عربية، أو بأفراد قد تحولوا الى الأسلام، ولكن الكل يجمعهم التطرف والقتل والتوحش نهجا وغاية وتجمعهم راية الأسلام دينا … هذه هي أمة العرب التي قال عنها القرأن قديما ((كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) فأي خير وأي معروف وأي منكر!