Articles Arabic

غبطة البطريرك لويس ساكو: “التأوين” الذي تمارسه يرقى إلى جريمة إبادة ثقافية بحق شعبك وكنيستك والإتكاء على خطاب شعبوي لن يجدي نفعا

منقول من صفحةLeon Barkho 

أخذ أخر منشور أو بيان للبطريك لويس ساكو حيزا كبيرا وأثار شجونا كثيرة على صفحات التواصل الإجتماعي. المنشور دار حول لقاء أجراه في فرنسا وفيه يشيد بعملية “التأوين” التي يقوم بها، رغم أنها ممارسة وتأليفا وقولا وفعلا ما هي إلا حملة إبادة ثقافية تمس تراث وطقس وليتورجيا ولغة وآداب وفنون وريازة شعبه وكنيسته في الصميم.

وهو لقاء مطول جدا. ومن فرنسا نشر بيانات كثيرة على موقعه الإعلامي وفي صفحته في الفيسبوك (أنظر الروابط في خانة التعليق).

وحدث ما حدث حيث رافقت نشر الحديث موجة من المناشير والتعليقات السلبية والمسيئة جدا التي بدلا من أن تتناول أقوال البطريرك او أعماله أو ممارساته التي من خلالها يقترف ما يرقى إلى جريمة إبادة ثقافية ضد شعبه وكنيسته، تم شخصنة الموضوع وتحول إلى هجوم دون روية للشخص والمنصب ما أفقدها مصداقيتها.

وشخصيا أقف ضد أي خطاب أو حوار يتخذ من شخص الكاتب أو القائل هدفا للهجوم والشتائم والمسبات. لا يجوز أن نشخصن الموضوع أي أن نهاجم الكاتب مثلا بدلا من مناقشة المكتوب أو القائل بدلا من القول. الذي يهاجم شخص القائل أو الكاتب بدلا من القول أو المكتوب يخسر قضيته مهما كانت عادلة.

شخصيا أيضا لا يهمني البتة كل ما يقوله البطريرك ساكو أو زياراته او مقابلاته او كتاباته أو بياناته وهي كثيرة جدا يصعب حتى متابعتها. ما يهمني هو التراث والطقس واللغة والفنون والريازة والآداب الكلدانية. خلافي مع البطريرك ساكو محصور في النقاط هذه وعداها لا علاقة لي ولا أكترث ولا هم يحزنون.

وهو كتب الكثير في تغطيته عن ما وقع في غضون زيارته الأخيرة لفرنسا حيث يمضي فترات طويلة في هذا البلد الأوروبي دون غيره والعلم عند الله؛، ولكن يعرج على “التأوين” ويصفه بأنه ممارسة “علمية” غايتها تبسيط النصوص كي يفهمها الناس. هذه النقطة بالذات هي التي تهمني وحسب.

والقول إن “الـتأوين” عملية علمية تهدف إلى تبسيط النصوص وفهمها قول حق يراد به باطل. “التأوين” الذي يقوم به البطريرك ساكو لا علاقة له بالعلم على الإطلاق او التبسيط من أجل الإستيعاب. البطريرك ساكو يزور وينتحل ويشوه ويستبدل التراث واللغة والطقس – والدليل الدامغ أنظر الكتب الطقسية المزورة التي يقول إنه قد ألفها. والأنكى يضع إسمه الصريح على هذه الكتب المزورة والمنتحلة في عملية ترقى إلى إحتقار المتلقي والإستخفاف بعقله والتجاهل أن بين المتلقين من يفهم وله الجراءة على كشفه وإنتقاده ومن ثم فضح النهج المدمر الذي يسير عليه.

في الغالب المزور أو المريب يخفي هويته ولكن البطريرك ساكو مثله مثل “كاد المُريب بأن يقول خذوني” مع ذلك لا يهتم لأنه أساسا يتجاهل الشعب، الذي رغم كم التزوير والإنتحال الذي يقوم به، لا يزال البعض يصفق ويطبل له.

“الـتأوين” كما يمارسه البطريرك ساكو كارثة إن حلت بأي أمة وإن قبلت بها أي أمة لخسرت هويتها وذابت وأنتهت في غضون 15-20 سنة.

لا يحق لأي كان أن يتلاعب بالتراث. البطريرك ساكو لا يتلاعب بالتراث وحسب، بل يزوره وينتحله ويشوهه ويستبدله لغة ومتنا بكل ركيك هجين سمج ويفرضه علينا وكأنه عملية “علمية” يقوم بها إختصاصيون وينشر السردية الشعبوية هذه وتأخذ مداها ويتقبلها بعض الناس ومع الأسف الشديد.

لقد هدم “تأوين” البطريرك ساكو أركان التراث الكلداني بلغته وأجناسه الأدبية السامية التي قد لا تمتلك أي أمة أخرى مثلها.

أين أصبحت “الحوذرا الكلدانية المقدسة”؟ ألم ينسفها البطريرك ساكو ويحرقها ويرميها في سلة المهملات ومعها كتبنا التراثية الأخرى ومنها كتاب دقذام ودواثر الذي يعد أهم وأقدم كتاب شعري إنشادي تراثي وفني في العالم؟ ألم يجلب البطريرك ساكو “إختصاصيين” إقرأ “شعبويين” كي يلقوا محاضرات في السينودس الكلداني وفيها يهاجمون الحوذرا والتراث الكلداني برمته وبلغته على أنه أصبح شيئا من الماضي وعلينا القبول“بالتأوين” وممارسته، أي تبني وممارسة الكتب الطقسية المزورة من تأليف لويس ساكو؟

فقط المتضلعين بالتراث والطقس الكلداني يدركون مدى الجريمة الكبرى التي إقترفها ويقترفها البطريرك ساكو بالتراث، حيث إستبدل وزور وبدل وحرّف حتى الأنافورات الكلدانية التي لا مثيل لها وتلاعب بها وأنتحلها ودون وخز للضمير يكتب إسمه على النسخ الموزروة منها: تأليف أو إعداد لويس ساكو، وهي لها أصحابها ومؤلفوها الأصليين؟

في أي مجتمع أو أمة يكون للعلم والمنطق دورا حتى هامشيا في تكوينها لن تقبل وتحت أي ظروف أن يتم تزوير وإنتحال تراثها بهذا الشكل إلى درجة أن المزور والمنتحل يكتب إسمه الصريح على التزوير وثم يقدمه على أنه عملية “علمية”؟

أين أصبح التراث الكلداني بأجناسه الأدبية المختلفة ومواضيعه وألحانه الملائكية الشيقة؟ كل هذا هدمه البطريرك ساكو ولو لم يقف في وجهه مجموعة من الكلدان الغيارى لكان حدث ربما أكثر من هذا بكثير.

إن أردنا أن نفهم التراث ونستوعبه فهذا من أبسط ما يكون ونحن اليوم في خضم ثورة تقنية رقمية وذكية تمكننا من جعل أي نص مهما بلغت صعوبته وبأي لغة يسيرا وسهلا للإستيعاب والفهم دون التلاعب بالنصوص، لأن التلاعب بنصوص التراث جريمة.

الأدلة دامغة على جريمة الإبادة الثقافية التي إقترفها ويقترفها البطريرك لويس ساكو. تصوروا ماذا كان سيفعل الأكراد لو قام صاحب شأن فيهم وهدم تراثهم بالطريقة التي يفعل بها البطريرك ساكو؟ ليس الأكراد بل قل الفرس، العرب، الترك، الفرنسيون، الألمان، السويديون، الخ. في أي شعب الذي يقترف جريمة بحجم جريمة التأوين، لجرت محاكمته وإيداعه السجن إن لم يكن أكثر.

في الجامعات إن شوه أو زور أو إنتحل أستاذ جامعي في كتاب أو بحث أو تقرير له فقرة واحدة من تراث او نص معين لجرى فصله من الجامعة، فكيف ببطريرك يدعي أن له شهادة دكتوراه دولة من جامعة سوربون الفرنسية (ضع هنا عدة خطوط وعلامات الإستفهام) يزور وينتحل ويحرّف تراث أمة ويكتب كتبا جرى طبعها عدة مرات وهي في مجملها مزورة ومنتحلة ورغم ذلك يكتب المزور إسمه عليها كمؤلف غير مبال او مكترث لأي تباعات بل متوقع المديح والتبجيل. يا للطامة الكبرى …

ورغم حجم جريمة الإبادة الثقافية التي يقترفها البطريرك لويس ساكو ضد شعبه وكنيسته يأتي ويقول إنه كلداني وأن هويته كلدانية. أليس هذا ضحك على الذقون: كيف أكون كلدانيا وهويتي كلدانية وأنا أنسف التراث الكلداني بحوذرته المقدسة وفنونه وآدبه وريازته مثلأ وأستبدل حتى اللغة؟

كل من يتفاخر بهويته وتسميته وهو لتراثه ولغته وفنونه وآدابه وطقسه مزور ومنتحل وكاره ليس إلا شعبويا يتبنى خطابا شعبويا لغايات في نفس يعقوب.

وأنظر المفارقة لا بل النفاق في الشعبوية حيث يقول إن الكلدان ترجع جذورهم إلى كلدان مدينة بابل، أي نحن الكلدان المعاصرين أصولنا تعود إلى مدينة بابل وهذه حقيقة، ولكن لماذا بحق السماء رفعت إسم بابل من البطريركية الكلدانية إن كان الأمر كذلك؟ هذه هي الشعبوية بأدق تفاصيلهاـ، أي النزول أحيانا عند رغبة الناس ومعتقدات الناس لتحقيق غايات سياسية مثلا بينما الشعبوي لا يؤمن بما يقوله البتة.

لو أن البطريرك ساكو كلداني وهويته كلدانية لأوقف أولا “التأوين” وثم فورا سحب كتبه المزورة والمنتحلة التي يشوه بها التراث ويعيد لنا تراثنا مثل ما ـوصل إلينا ويقيم جوق ومدرسة لتدريس التراث واللغة والطقس الكلداني في البطريركية اولا وثم كل الخورنات الكلدانية الأخرى، ويعيد لنا حوذرتنتا المقدسة وكتبنا التراثية الأخرى.

ولو أن البطريرك ساكو كلداني وهويته كلدانية لشكل لجنة ذات صلاحيات واسعة لدراسة التراث وتقديمه لنا كما أتانا من خلال إنتقاء نماذج دون تشويه أو تزوير لدراستها وإنشادها وحفظها؟ الهوية الكلدنية ليست إطلاق كلام لغايات محددة، بل ممارسة وممارسة التراث بلغته وفنونه وآدابه وريازته تأتي في المقدمة.

التأوين هدم وتزوير وإنتحال وإستبدال للتراث ولغته وليس من “العلمية” في شيء. أي شعب يفعل ذلك لأنقرض وأنتهى وأصبح في خبر كان. الأصالة والحداثة تنبع من التراث وتبني عليه وتقدمه للأجيال الحديثة بحلة جديدة وبلغته وكما هو.

الطقس والليتورجيا ليسا موديل سيارة نبدلها كيف ما نشأ أو بدلة أو قميصا أو زيا نغير لونه او تصميه متى ما نشأ، وهذا ما أكده البابا ليون الرابع عشر وتؤكده مقررات الفاتيكان الخاصة بالكنائس الشرقية التي هي في

شراكة مع البابا ومنها كنيسة بابل للكلدان.

والطقس والليتورجيا ليسا جلب حلول لتغيير او تأوين التراث وليسا “موديلات جديدة كما تفعل شركات السيارات. الليتورجيا تختلف كل الاختلاف عن كونها اختراعا للنصوص” كما يأتي في منشور بابوي.

لقد خلق “تأوين” البطريرك ساكو بلبلة كبيرة في صفوف الشعب الكلداني وكنيسته من خلال بث خطاب شعبوي بالقول إن هذه رغبة الفاتيكان، اي أن الفاتيكان يأوي المزورين والمنتحلين ومشوهي ومستبدلي التراث والليتورجيا، وأن ليتورجيتنا فلاحية زراعية لا توائم العصر وغيره من الخطاب الشعبوي الذي تبناه البطريرك ساكو لتمرير جريمة “التأوين”، وهي جريمة إبادة ثقافة بأدق تفاصيلها، ومع الأسف إنطلت ولا تزال على الكثير من الناس وعلى الخصوص من الأخوة والأخوات غير المتضلعين بالتراث الكلداني بطقسة ولغته وآدابه وفنونه وريازته.

ومن ثم، أين اصبح يا غبطة البطريك التراث الكلداني الضخم باللهجة الكلدانية الساحرة الذي قام بتأليفه شعراء وكتاب ومؤلفون كلدان مبدعون في مستهل ومنتصف القرن العشرين؟ هل تريد أن اسرد ما قمت به من ممارسات غير حميدة لوأد هذا التراث أيضا؟

وأخيرا، وليس أخرا، أرجو الكف عن التباهي بأن الكنيسة الكلدانية في إزدهار ونمو قل نظيره إلى درجة أن باقي الكنائس والمكونات تحسدها. عن أي إزدهار تتحدث وأنت على خصام مع كثير من أساقفتك وأبناء طائفتك ومنهم الأسقف الكلداني المثبت من قبل روما زائرا رسوليا على الكلدان في أوروبا، حيث أن كل زيارتك إلى فرنسا والرسامات التي تقوم بها تحدث دون علمه وحضوره لا بل هي نكاية ومناكفة به؟

حتى في مراسيم الرسامة الكهنونتية في باريس خرجت عن النص الأصلي كي تشوه سمعة الأسقف الكلداني في أوروبا، مقاطعا القسم الكهنوتي بالقول ليس هناك أسقف كلداني في أوروبا وموجها كلامك إلى الكاهن الجديد بأنه تابع إلى الأسقف اللاتيني أو البطريرك. هذه هي التنشئة الكهنوتية التي تنادي بها، والتي مفادها خلق بلبلة وفوضى حتى في صفوف أهلك وكنيستك وتدمير تراث وطقس ولغة وآدب وفنون شعبك وكنيستك.

وأخيرا وليس أخرا، أرجو الكف عن إيراد نسب مئوية لا يمكن التحقق منها من مثل أن الكلدان يشكلون 85% من المسيحيين في العراق أو ان الكلدان أكثر من 90% في المحافظات الشمالية (إقليم كردستان). هذه أرقام جزء من الشعبوية، لا سند إحصائي علمي لها. كنت أتمنى أن تكون لك الجراءة وتتحدث عن الإختراقات الكبيرة للكنائس الإنجيلية الحرة في كنيستك بالذات وكيف أنها صارت رقما صعبا في عدد أتباعها والكثير منهم تركوا كنيستك وانضموا إليها. كم شمعة “مضيئة” ستطفىء في القداس كما كنت تفعل في كركوك؟

وفي الختام أمل أن تكف عن توصيف زياراتك ونشاطاتك على أنها لصالح المسيحيين، لأنها لا تقدم ولا تؤخر وهي محض مجاملات نعرف حيثياتها بالتفصيل؛ ومن ثم إن كنتم حريصين على المسيحيين في العراق كما تدعي فأطلب من الأكراد والبارزانيين من اصدقائك أن يوقفوا إضطهادهم للمسيحيين في مناطقهم وهذا بشهادة منظمات حقوق الإنسان الغربية المستقلة ويعيدوا الأملاك والعقارات المغتصبة للكنائس والأملاك الكثيرة والقرى والقصبات العديدة التي إستولوا عليها عنوة.

Follow Us