د. عامر حنا فتوحي
الحق أقول لكم، أنني كنت قد قررت منذ سنوات التوقف عن الدخول في نقاشات لا جدوى منها وجدالات عقيمة، ناهيكم عن الترفع عن المهاترات التي تضيع من أوقاتنا وطاقتنا، بخاصة وأن قناعتي كانت تدفعني لأن أتحاشى الكذاب لأنه سيستميت دفاعاً عن أكاذيبه من أجل حفظ ماء وجهه، وأن لا أجادل الجاهل لأنه لن يفهم، ولا العنيد لأنه لن يقتنع ولا المتحيز لأنه لن يسمع ولا الإنتهازي لأنه سيستخدم ما أقول فيحوره لصالحه. لكن ذلك لم يمنعني في حالات معينة من تلقين بعض الأكاديميين الذين تجرأوا للتجاوز على الكلدان الدرس الذي يستحقون، وكل هذا مثبت في وسائل الإعلام.
نحن الكلدان، منفتحون وحضاريون ولا نكترث لمن يعتقد أنه قومياً (عربي أو آشوري أو مريخي) لأن تلك القناعة مشكلتهم. نحن مهتمون بتوعية الآخرين بالتاريخ العريق للكلدان، سكان العراق الأصليين والتعريف بمآثر الكلدان منذ الألف السادس ق.م. لذلك نحن الكلدان لا نتعرض لمن لا يتعرض لنا، لأننا نعرف أنفسنا وتاريخنا، وبأننا لم نخذل وطننا الام العراق التاريخي على طول التاريخ ولا نبدل حبة من ثراه بالثريا. لكن وكما يبدو، فقد بلغ السيل الزبى وصار كل من هب ودب يتعرض للكلدان لسبب أو لآخر، متوهمين، بأننا سنمرر ذلك التهجم اللا مبرر واللا أخلاقي، لأننا (حضاريون ومسالمون)، وهنا يقعون في الخطأ ويكون حسابهم عسيراً، بدليل الرابط أدناه!
أفتخروا أيها الكلدان لأنكم وحدكم سكان العراق الأصليين
بعد هذه المقدمة التي ليس هنالك ثمة ما هو أوضح منها وأكثر جلاءاً، أود أن أؤكد للجميع، لا سيما المحسوبين على الأكاديميين، بأن من المعيب حقاً على من لا يعرف أصله أن يسعى دونما مسوغ لتصحيح أصول الآخرين. من المعيب أيضاً على من يقدم نفسه بصفة مختص بالتاريخ الرافدي أن يكون جاهلاً بأساسيات الموضوع الذي يدلو بدلوه فيه. أن أي مؤرخ يقارن بين مفهوم الإنتماء الآشوري (الإقليمي) ومفهوم الإنتماء الكلداني (القومي) متوهماً تساوي المفهومين، هو شخص غير مؤهل علمياً مهما أدعى ومهما تعالم على الآخرين،لأنه في الحق، كمن يقارن بين النملة والشمس، وشتان ما بين الشمس والنملة.
أن على من يسعى لأن يتفلسف برأس الكلدان أن يعرف حجمه وإمكاناته أولاً، قبل أن يدلو بما لا فهم له فيه وما يجهله جهلاً مدقعاً، ذلك أننا متمكنون وقادرون على أن نسحق أضغاث أوهام الموهومين وإدعاءات المدعين ونضعهم في المكان الذي يلائم حجمهم الحقيقي.
لعلم من لا يعلم، تؤكد كل المكتشفات الآثارية والمدونات التاريخية والبيانات الكتابية (العهدين)، بأن مؤسسي المملكة الآشورية (مادياً وروحانياً) بابليون أصلاً (شمشي أدد الأول 1813 ق.م/ آشور البابلي تك 10 : 11)، مثلما تؤكد تلك المصادر الدامغة، بأن الكلدان قومياً هم أصل البابليين (أنظروارابطي البحثين المرافقينأدناه).
How Did Chaldeans Compute Their National Calendar, 5300 BC to Present?
How Did Chaldeans Compute Their National Calendar, 5300 BC to Present?
يوم سكان العراق الأصليين الكلدان الأحد الأول من شهر تموز
جدير بالذكر أيضاً، تأكيد المصادر الآنفة الذكر، بأنه لم يكن هنالك على طول التاريخ (قومية أو لغة آشورية). لذلك لا نسمح لكائن من يكون أن يفتي برأسنا، لاسيما من لا يعرف أصله أصلاً، وهل هو عربي أم مستعرب وإن كان عربياً فما هو التاريخ الفعلي للعرب الذي يمكننا أن نشبهه بحصاة في فلاة، وإن كان مستعرباً، فمتى وكيف وأين أستعرب أجداده؟
وبالتالي، هل أن من يتفلسف برأسنا مطلع أصلاً على نظام الموالاة الذي فرضه الغزاة المسلمون في القرن السابع على السكان الأصليين الكلدان، فصار الكلدان بعد بضعة عقود من القهر والتنكيل يتسمون مكرهين “عبيديين وروبيعيين وتميميين ومواجد، ألخ”، وذلك وفقاً لتلك الممارسة الإجرامية القسرية التي فرضها الغزاة المسلمون على سكان العراق الأصليين الكلدان.
تلك المساهمة الإجرامية البشعة التي أدت إلى ذبحنا وإذلالنا والتجاوز على كل ما يمت إلينا من تاريخ وأرض وعرض وحقوق، وأدى إنقاص عددنا من نسبة 95% قبل الغزو الإسلامي إلى أقل من نسبة 0.01% في يومنا هذا، جراء دين الرحمة الذي طلع علينا من ثنيات الوداع!
هنا من حقنا أن نتسائل أيضاً، كيف يمكن لأي باحث يحترم مكانته العلمية أن يدلو بسفاسف ما أنزل ألله بها من سلطان، فيفتي بقومية (الآشوريين) الوهمية مع أن مؤسسو الملكة الآشورية كانوا بابليون أصلاً، وبالتالي هل كان تاريخ (المتأشورين) الذي (يفترضه الباحث) سيتبدل ويتوافق مع تاريخ الغالب الأعم من الكلدان إذا ما بقى هؤلاء المتأشورين كلدان نساطرة؟
وأيضاً هل من الممكن أن يتغير تاريخ فئة ما لدوافع سياسية، بعيداً عن منطق (العلم والحقائق التاريخية)، وذلك لمجرد أنهم أستبدلوا هويتهم (القومية الكلدانية) بهوية قومية وهمية (آشوريون) بعد أن تخلوا عن هويتهم الحقيقية (نساطرة كلدان) في عام 1976م، في (سينهودس لندن) المدعوم ظاهرياً من الكنيسة الإنكليكانية وفعلياً من جهاز المخابرات البريطاني، لاسيما بعد إغتيالهم للبطريرك مار إيشاي شمعون 23 الذي رفض التسمية الآشورية غير الواقعية؟
لمن يريد أن يدلي بتاريخ شعوب المنطقة، عليه أن يدرس تاريخه أولاً قبل أن يتفلسف برأسنا، وهنا لا أستثني أحداً. تاريخ الكلدان الذي تدعمه حقائق التاريخ والمصادر الحاسمة الآنفة الذكر، أكبر من أن تخدشه خربشات المتجهبذين. لذلك، ها أنذا أعيد وأكرر، هذا هو تاريخنا أيها الجهلة المتفلسفون، ونتحدى كائن من يكون أن ينال من تاريخ ومكانة سكان العراق الأصليين الكلدان.
إنتباهة: لمن لا يعرف تاريخ المتأشورين وكيف تمت أشورتهم ويعتبرهم (قومية) بسبب من فقر معلوماته أو لأنه يتوهم ذلك أو لأسباب مخجلة لا نريد الخوض فيها، أدعوه لأن يطلع على الحقائق الدامغة في الفديو الوثائقي أدناه:
من هم النساطرة الكلدان متأشورو القرن العشرين؟
Add Comment أضف تعليق