المقدمة :
يسامحني اخوتي المتابعين على عدم الدخول في التفاصيل الدقيقة لهذا الموضوع في ذكر المصادر فهي جميعها من الكتاب المقدس وعلى من يرغب في معرفتها ما عليه إلاّ ان يتعب نفسه قليلاً في البحث للوصول إلى تمام المعرفة وسنبيّن فقط اصل النص … تحياتي
سنبدأ من اصل مفردة الزنا وأين استعملت :
أولاً : كان اول تصريح عن الزنا ( صراحةً ) من خلال الوصايا التي انزلها الرب الإله على موسى ( العهد القديم ) في الوصية بالرقم ( 7 ) من مجمل الوصايا والتي تقع بالرقم ( 2 ) بعد وصية ( القتل ) فيما يخص بتقسيم الوصايا لعلاقتين ونعيدهما :
1 ) علاقة الله بالإنسان وتقع ضمن الوصايا الخمسة الأولى … والغاية منها تهيئة الإنسان لملكوت السماوات
2 ) علاقة الإنسان بأخيه الإنسان وتقع ضمن الوصايا الخمسة الأخيرة … والغاية منها حثه لبناء ملكوته الأرضي . …
( كتابي الوصايا العشرة الصادر بتاريخ 9 / 10 / 2010 من سلسلة تأملات في الكتاب المقدس السلسلة 2 )
من هنا نفهم ان الرب الإله في الوصايا الخمسة الثانية يركّز على العلاقة الأهم في بناء المجتمع المقدس السليم من خلال الحفاظ على قيم الأخلاق الاجتماعية وقدسيّة الأسرة وان عملية الزنا الجسدي ( الخيانة ) هي واحدة من تلك العلاقات التي تهدم القيّم الأخلاقية وبالتالي تقويض المجتمع وحرمانه من انشاء منظومته الأخلاقية في بناء ” الملكوت الأرضي “ والذي هو الوسيلة الوحيدة للوصول إلى ” الملكوت السماوي “.
من هنا لابد لنا ان نفهم كيف تعامل الرب الإله مع هذه الفقرة ( الزنا ) وكيف مارسها من لم يحافظوا على قدسية اخلاقهم ..
العهد القديم :
1 ) كان الحكم بالرجم للزانية حد الموت
2 ) ينبئنا العهد القديم ان السبيين الذين حدثوا من قبل ( الآشوريين والكلدان ) على مملكتيّ ( السامرة وإسرائيل ) كان بسبب ( تعدد الولاءات ) (( يوماً مع آشور وبابل وآخر مع الفراعنة ” تبعية سياسية ” ويوماً مع الله وآخر مع العبادات الوثنيّة ” تبعية إلهية ” )) وهذه واحدة من ممارسات الزنا ( الخيانة ) ( الملوك الثاني : 17 إلى 25 ) وهذا ما أكده فيما بعد السيد المسيح
3 ) يركز انبياء العهد القديم على هذه الفقرة وقسم آخر منهم يصف إسرائيل ( بالزانية لتعدد ولاءاتها والتي كانت سبب مباشر لسقوطها أي بتعدد ولاءاتها بين الله والآلهة الأخرى عدا زناها السياسي )
العهد الجديد :
تصريح الرب يسوع المسيح ( العهد الجديد ) بإعطاء مفهوم اشمل وتركيز اكبر لمفردة ( الزنا ) وهو ( الخيانة ) راجع ( الشريعة متى 5 : 17 لا تظنوا .. متى 5 : الزنى 27 – 31 سمعتم انه قيل لكم … وانا أقول … ) من هنا فالسيد المسيح يبيّن عمق وصيّة الزنا ليشملها بكل اشكال ( الخيانة ) بعدما كانت تقتصر على ( الزنا المجتمعي ” الخيانة بالجسد ” ) … فالعين واليد وكل ما يخص الجسد يشتهي ما ليس له يقع في محضور الزنا إذاً أي شهوة هي زنا وهنا يُخْرِج السيد المسيح الزنا من اطاره التقليدي الجنسي الخاص للإطار العام ( الخيانة المجتمعيّة ) وهذا ما شرحناه في ( العهد القديم ” تعدد الولاءات ” ) وهنا ايضاً يؤكد الرب يسوع المسيح على ( الزنا أي الولاء لإلهين .. سيدين متناقضين في نص ” الله والمال ” لا يمكن ان تعبد ” تتبع ” سيدين الله والمال … لأنك لو فعلت فستكون ” زانياً .. خائناً ” لأنك ستوالي احدهما وتستخدم الآخر لمصالحك وبالأحرى ستستغل الأثنان من اجل مصالحك ) وهذا ما نعيشه اليوم من مدّعي الإيمان فلا هم لله ولا للمبادئ الأخلاقية ( ملحدون ) انما هم من اجل مصالحهم ( مراؤون منافقون كذابون ).
( الزنا .. الخيانة ) في ظل المؤسسات الدينية :
1 ) الزنى السياسي :
عانت المؤسسة الدينية من حشرها وخاصةً من قبل الجالسين على الكراسي من ( تعدد الولاءات ) فباتت تترنّح بين ولائها لله وولائها للدولة من اجل ان تتدخّل في سياسة الدولة وتفرض نفسها على انها ليست فقط تمثل الله انما تمثل دولة وهنا نؤكد على ( الزنا ” الخيانة ” لمبادئ المؤسسة الروحي ).
2 ) الزنا العقائدي :
وهذا الزنا ينسّب على انه التخبط بين ( الولاءات العقائدية ) بتدنيس مذابحها ( راجع الحلقات الماضية عن” المذابح المسيحية قداستها ونجاستها “) .. فكل عقيدة تكفّر اخواتها من العقائد الأخرى وهذا ليس بجديد ومع هذا نلاحظ ان هناك كهنة وشمامسة ( زناة ” خونة ” ) يزدرون عقيدتهم بتدنيس مذبحهم فيبطلون قسمهم بالمحافظة على ايمانهم العقائدي وعدم الأشراك به وخاصة في ( خصوصية مذابحهم العقائدية ) لأن المذبح يمثل خصوصية الله العقائدية فنرى ( زناة من الكهنة والشمامسة يدنسون انفسهم وعقيدتهم بالصعود على مذابح الذين يكفروهم ) فعندما يصعد كاهن او شماس كاثوليكي على مذبح ارثدوكسي او بروتستانتي او غيرها فأنه ينجس نفسه اولاً ثم ينجس المذبح المناقض له والعكس صحيح .. ( النجاسة في الفكر ) وعندما يصر كاهن او شماس على تلك النجاسة فهذا يعني ان الكاهن ( بصورة خاصة ) يساهم في التخلي عن قسمه العقائدي في الحفاظ على مبادئ عقيدته وبهذا فهو يعترف ببطلان ( قسمه ) فلا يعد ( منتمياً إلى عقيدته بل زانياً بمذبحه ” راجع تعدد الولاءات ” مرائياً ومنافقاً ” كذاباً ” والكذابون كما وصفهم السيد المسيح بأنهم أولاد الشياطين بل هم الشياطين .. ) ولو اعطينا وصف دقيق لهؤلاء الزناة لن نقول سوى انهم يرتمون يوماً في أحضان هذه العقيدة ويوماً آخر في أحضان أخرى فيحق عليهم كلمة ” زناة … خونة “ ومن هنا فهؤلاء يدخلون في باب الإلحاد لكون ( ولائهم متعدد ) فلا ايمان ثابت لهم والمثل الموصلي الشعبي يعطيهم وصفاً دقيقاً ( الكلب اللي عندو بيتين ما ينحوي … والأمثلة تضرب ولا تقاس ) أي (( متعدد الولاءات لا يؤتمن ))… بالمناسبة فنحن سنكشف عن هؤلاء المرائين المخادعين من كهنة فاسدين وفريسييهم ” الشمامسة الفاسدين ” في هذا الزمان فنخلع عنهم اقنعتهم ليكونوا عبرة لكل ( زاني ومرائي خائن كذّاب ) الرب يبارك حياتكم جميعاً واهل بيتكم
الباحث في الشأن السياسي والديني والمختص بالمسيحية
اخوكم الخادم حسام سامي 12 / 6 / 2024