Articles Arabic

وعـلى الله التـكـلان

بقـلم : مايكـل سـيـﭘـي / سـدني

يُحـكى عـن شيخ متـواضع في شخـصه ، غـنيّ بتـراثه ، راضٍ بحاله ، معـتـز بأرضه ، مؤمن بربه . وكان له أولاد كـثار إتـفـقـوا عـلى رأي فـتركـوا أرضهـم والشيخ جـدّهـم ، فـتاهـوا في أرض الله الواسعة حـتى إستـقـرّوا في بلـد حـقـوله شاسعة . كان لابد لهـم أنْ يكـدّوا ليحـصلوا عـلى رزقـهـم ويسدّوا حاجـتهـم ، وكـلما سنحـتْ لهـم الـفـرصة ، بعـثـوا إلى جـدّهـم الشيخ (( وهـو عـلى المنـصّة )) مكـتـوباً فـيه مِن الحـبّ له ، ووصفاً عـن حـياتهـم ما يشبه القـصة . فـرح الشيخ ، وقـبل أن يتوفى باركَ أولاده مِن بعـيد وأوفى ، فـفـكـّـر ليـبعـث لهـم هـدية تـُحـفة ، كـرسياً قـديماً يغـطيه الصدأ ويتخـلـّـله الصدع ، ومَن يجـلس عـليه يُـصيـبه الصرع ويغـلبه الطمع . نكـعَ شيخـُـنا الكـرسيّ بدون هـلع وقال : إني أبعـثـك لأولادي عـسى أن يطهّـروك في ماء الـنبع . طار الكـرسي في الهـواء ثم وقـع وأخـيراً في أرض الأولاد هـكـع ، ولم يـدروا به بأنه أوكـع ، وأمل الشيخ في أولاده أنْ يرحـموا الكـرسي فـتستـحـسنه عـيونهـم ، ويضعـونه في ديوانهـم ، فـيُـزيّـنـون به مجـلسهـم . ولكـن الأولاد الذين كانوا عـلى إتـفاق وقـت اللهـفة ، صاروا في إنشقاق بشأن الـتحـفة ، فـمنهم مَن قال : نـنـفـض غـباره ونطلي سطحه فـيخـتـفي صدأه . وفـريق قال : كـرسيّ جـدّنا عـزيز عـلينا ، لا يمسّه أحـد منا ، بل نضعه في صدارة الديوان بـينـنا ، نهـزّ له الخـصرَ ونغـمزه بالعـين أحـيانا . وقـوم قالوا : أليس الأجـدر أنْ نحـك سطحه حـتى نصل أساسه فـنعـرف معـدنه ؟ ولمّا لم يتـفـقـوا في هـذا الشأن ، بقي الكـرسيّ كـما كان ، وقالوا : عـلى الله الـتكـلان . وبعـد مرور الأيام إزداد صدأ الكـرسي حـيث قـبع ، وفاحـت منه رائحة العـفـونة وحـمّى الوجـع ، ولم يعـد فـيه نـفـع ولا طـمع ، وبعـض الحـمامات العـزيزات طِـرنَ مِن عـنـده إلى نـبع ، ولم يعـد يحـتـضنُ في دجى الليل حـتى ضفـدع ، ولكـن صريره صار يُسمع ، وصدأه يتـناثـر هـنا وهـناك وعـلى الأحـباب يقـع ، فـثار بعـض من أشراف القـوم والجـمع ، رفـعـوا الكـرسيّ مِن أذنه فإنصدع ، ثم في حـفـرة وقع ، فـجاءه صوت صارخ من بـين المروج المزهـرة يقـول له : إذهـب وإنـقـلع ، إلى مثـواك ولا ترجـع ! فـمروجـنا لا يُـزرع فـيها حـنـظل أو خـروَع . فإجـتمعـتْ شلـّة مِن الدجاجات والبجـع ، وقالوا له : إنْ أنتَ نـُـفـِـضْتَ مِن البردع ، فـبمَن نحـن نـتـشفـّـع يا ( ﮔـدع ) ؟ وجـماعة من الفـئران جالـوا الأزقة بحـثاُ عـن كـعـبٍ ملطخ بماء مستـنـقـع ، يـبـصم عـلى برقـع ، فـيغـطي وجـهه الأصلع . أما الكـرسي الجَـزَع ، لمّا رأى أنَ الأمر حـقـيـقة وليس فـيه مجال للخـدع ، مـدّ يـده إلى كـيس الديـوان وفـرّغه بـين أضلاعه بكـل جـشع ، ثم نطـق : أنا الكـرسيّ الكـبـير المصنوع من شمع ، أذهـب ، وأنا أذهـب برغـبتي وليس بقـوة غـيري أو دفـع ، وإعـلموا أنْ ليس في الديوان فـتيل ولا نـقـع ، ثم قال لنفـسه : الأولاد يقـتـفـون الآثار وقـبل أن يأتـيني منهـم صفـع ، وينـك يا فـحـل ! …………. إشلع .

Follow Us