قرداغ مجيد كندلان
ان رؤية القيامة لا تعتمد على قوة البصر العادية ، وتدخل الوعي البشري بمراكزه الحسية المعروفة ، ولكنها حالة انفتاح الوعي الروحي الذي يستمده الإنسان مما هو فوق الطبيعة من قوى غير حسية او مادية، وهي موهبة لا تُعطى بمعيار واحد للناس ، لكن لكل إنسان تُعطى موهبة الرؤية ليرى بقدر ايمانه واستعداده وخبراته الروحية السابقة .
المسيح في حالة قيامته يمكن أن يرتفع بإرادته بحالة من الشفافية فلا يُرى على الإطلاق لآي بصيرة روحية ، ويمكنه ايضا ان يخفض من حالة شفافيته حتى يمكن لإنسان عادٍ أن يراه وكأنه إنسان عادٍ.
ظهر المسيح في حالة شفافية منظورة بمجد اي رُئِيَ المسيح في حالة تجلٍ كاملة كنور في السماء وتكلم مع القديس بولس : لما كنت ذاهبا في ذلك الى دمشق، بسلطان ووصية من رؤساء الكهنة، رايت في نصف النهار في الطريق، ايها الملك، نورا من السماء افضل من لمعان الشمس، قد ابرق حولي وحول الذاهبين معي. فلما سقطنا جميعنا على الارض، سمعت صوتا يكلمني ويقول باللغة العبرانية: شاول، شاول! لماذا تضطهدني؟ صعب عليك ان ترفس مناخس. فقلت انا: من انت يا سيد؟ فقال: انا يسوع الذي انت تضطهده . ولكن قم وقف على رجليك لاني لهذا ظهرت لك، لانتخبك خادما وشاهدا بما رايت وبما ساظهر لك به . (أع 26: 12-16 ). استخدم المسيح هذه القدرة الفائقة عندما دخل الى التلاميذ في العلية مساء الأحد والكل مجتمعون ، دخل والأبواب مغلقة بقدرة شفافيته الفائقة وظهر أمامهم بجسده العادي ، ذلك بعد ان خفض من شفافيته تماما . وامعانا في تعريفهم بالقيامة الحقيقية لجسده الحقيقي أراهم جسده: ولما كانت عشية ذلك اليوم، وهو اول الاسبوع، وكانت الابواب مغلقة حيث كان التلاميذ مجتمعين لسبب الخوف من اليهود، جاء يسوع ووقف في الوسط، وقال لهم: سلام لكم ! ولما قال هذا اراهم يديه وجنبه، ففرح التلاميذ اذ راوا الرب. (يو20: 19و20 ) . ثم عاد
بعد اسبوع وفي نفس الميعاد والمكان وظهر خصيصا لتوما الذي لم يكن قد رآه في الاسبوع السابق : ثم قال لتوما: هات اصبعك الى هنا وابصر يدي، وهات يدك وضعها في جنبي، ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنا . اجاب توما وقال له: ربي والهي قال له يسوع: لانك رايتني يا توما امنت! طوبى للذين امنوا ولم يروا. (يو20: 27-29 ) .
وقد امكن المسيح أن يظهر بحالة طبيعية ولكنه أخفى نفسه عن عيون تلميذي عمواس فلم يعرفاه ، وإن كانا قد احسا به في قلبهما: وفيما هما يتكلمان ويتحاوران اقترب اليهما يسوع نفسه وكان يمشي معهما . ولكن امسكت اعينهما عن معرفته. (لو24: 15و16) . ويعدما كلمهم ووبخهما على عدم ايمانهما ، دخل معهما بيتهما فلما اتكأ معهما اخذ خبزا وبارك وكسر وناولهما فانفتحت اعينهما وعرفاه ثم اختفى عنهما فقال بعضهما لبعض: الم يكن قلبنا ملتهبا فينا اذ كان يكلمنا في الطريق ويوضح لنا الكتب؟ (لو24- 30-32) ، ففي هذه القصة التي لتلميذي عمواس مرَّ جسد المسيح المقام بحالة الشفافية الكاملة والنصف شفافية والحالة الطبيعية جدا . كذلك التلميذان من عدم رؤية تماما، لنصف رؤية مع حساسية ، لرؤية كاملة فاختفى عتهما لما بلغ حالة الشفافية الكلية ثانية .
ولكن عبورا بحالة الإفخارستيا التي عملها المسيح في بيت تلميذي عمواس ندرك أن عند كسر الخبز يُستعلن المسيح لذوي العيون المفتوحة . وهذا سر القيامة الآعظم . فالخبز خبز والخمر خمر ولكنهما جسد ودم المسيح في حالة قيامة ، في حضرة الرب يسوع مقاما من الاموات.
المسيح قام حقا قام ونطلب من القائم من الاموات ان يحل السلام والامن في ربوع عراقنا الحبيب وكل عام والجميع بالف خير.