بعد ان انتهت احتفالاتنا بعيد الفصح المسيحي المجيد ( عيد قيامة سيدنا يسوع المسيح ) نعود لنكمل بحثنا عن المذابح ونذكركم ان : (( المذبح هو وسيلة التواصل بين الإنسان وإلهه )) لهذا فلكل إله مذبحه الخاص وقواعده الخاصة .
نترك تفاصيل بحثنا المطوّل للدخول إلى تشكيل المذبح المسيحي ( سفر اعمال الرسل ” الرسول بولس ” ) يحدثنا هذا السفر عن رحلات الرسول المجاهد للتبشير بالمسيحية وصولاً إلى انشاء الكنائس واعداد هيكليتها بما يتناسب والإيمان الجديد وبالتالي شروط ديمومتها وبما انه ( كان فريسياً غيوراً قبل ان يهتدي إلى المسيح يسوع ) كان لا بد ان يستخدم ( خلفيته الإيمانية ) ليشذبها ويطوّعها لسيده الجديد بعد ايمان كامل به انه المسيح المنتظر المخلّص .. (( ولهذا كان وصفنا له بأنه كان المتمم للرسول يوحنا في كشف شخصية السيد المسيح الناسوتية كما كشف يوحنا شخصيته اللاهوتية )) ومنهما تشكلت العقيدة الإيمانية ( يسوع المسيح الكلمة الذي كان منذ البدء عند الله وكان الله الكلمة فصار جسداً وحل بيننا ” انسان كامل بالتجسد من مريم العذراء وإله كامل بالتبعيّة ” كلمة الله ) من هنا نستطيع ان نقول ان ركيزتي ايماننا المسيحي تنصب على تعليم هذين الرسولين الكبيرين . من هنا نقول ان (( رجل الله موسى هو من اسس الكهنوت اليهودي اما الرسول بولس فهو من أسس الكهنوت المسيحي )) ( راجع رسائل بولس حول انشاء الكنائس ومتابعتها وشروط انتخاب الكهنة وتعيينهم واقالتهم في حالة زوغانهم وسنتكلّم عن المذبح والقربان وكيف انشأوا )
** الهيكل الواحد اصبح هياكل متعددة : من هنا انتهت نظرية ( بيت الله الواحد ) فاصبح لله بيوت كثيرة ..
** المذبح : وكما حصل مع بيوت الرب الإله كذلك حصل مع المذبح فقد كان في كل هيكل مذبح ( فتعددت المذابح المسيحية نظراً لتعدد الهياكل ” بيوت الرب الإله ” ) فتناسبت وجغرافية تواجد المؤمنين ( الرسول بولس والكنائس السبعة ) . وهنا ابتدأت نظرية ( يسوع المسيح الأممي الذي جاء مخلّصاً للعالم وانتهت نظرية يسوع القومي الذي جاء من اجل اليهود ليكون أحد انبيائها ) ثم انتقل هذا التقليد ليستخدمه بقية الرسل في انشاء الكنائس الامميّة للتبشير بالسيد المسيح في ارجاء العالم بعد ان كانت حكراً على اليهود .
** القربان : عمد الرسول بولس على انهاء موروث القرابين التقليدية واستند على تقليد ( العشاء الأخير في خميس الفصح اليهودي بين يسوع وتلاميذه ليعممه وليصبح تقليداً مسيحانياً يذكر فيه السيد المسيح كلما اجتمع المؤمنين على مائدة الطعام ) وقد باشرت جميع الكنائس التي انشأها الرسول بولس بهذا التقليد الجديد ان ينصبوا مائدة يأتي بمأكلها ومشربها جميع المؤمنون فيفرشونها في باحة الكنيسة ويتشاركون الطعام سوية حيث تذكر كلمات الرب يسوع المسيح قبل كل وجبة طعام ( هذا جسدي وهذا دمي كلوا واشربوا منهما كلكم لذكري ” للعهد الجديد ” …. ) ليكون تقليداً مسيحانياً مستمراً لذكره من هنا كانت نظرية ” يسوع المسيح بالأمس واليوم وغداً “ . وهنا لا بد لنا من وقفة قصيرة نتكلّم فيها عن ( العهد الجديد ) .
في محاضرتنا عن مراحل تواجد الرب الإله معنا ذكرنا ثلاث مراحل موجودة على قناتي في اليوتيوب باسمي :
1 ) مرحلة الرب الإله : التي ابتدأ مع إبراهيم عهده واستمر مع أبنائه وكان العهد ( انشاء دولة بمؤسسة دينية تدين للرب الإله قائداً وبقانون ” قواعد ، شريعة “ تحكم العلاقة بين الرب الإله والمؤمنين به لتكون الرابط الروحي بينهم كذلك لشريعة تحكم العلاقة بين المؤمنين انفسهم لتشكيل ملكوت ارضي متصالح بين الناس مرتبطاً بالرب الإله روحياً ” ايمانياً “ تكون فيها القيادة لرجل الله او رجل الدولة تساعده المنظومة الكهنوتية في إدارة الدولة ” تقليد النظام الفرعوني الذي خرج منه موسى ” ) ومن هنا نقول ان الرب الإله اوفى ( بوعده ) للإنسان المؤمن به وبذلك كان ( وبهذا حقق الرب الإله وعده من المعاهدة بينما لم يلتزم فيها الطرف الآخر الإنسان والذي كان غير ثابت على ولائه ) وهنا كانت المرحلة الثانية مستوجبه التطبيق وهي (( ان يكون الله نفسه حاضراً فيها ” بكلمته المتجسدة ” )) وبهذا يسلّم الرب الإله المهمة إلى ( الكلمة الأبن )
2 ) مرحلة الأبن الكلمة : وهنا أراد الله ان يعيش مع الإنسان وان يعلّمه وان يوصل ما يفكر به وخاصةً ما يساعد الإنسان لبناء ملكوته الأرضي للوصول إلى الملكوت السماوي فبدون العمل على الملكوت الأرضي لا ملكوت سماوي . وهنا نتعلّم ما قاله لنا سيدنا يسوع المسيح في موضوع ( شروط تكامل الملكوتين الأرضي والسماوي ) (( احبب الله بكل جوهرك وكيانك واحبب قريبك كنفسك )) فإن أحببت قريبك أي الإنسان تكون قد حققت اول واعظم شرط لبناء الملكوت الأرضي ، وان أحببت الله فستعمل مشيئته وتوفي بالعهد معه وبهذا تستحق ملكوت السماوات . وكما كان ما حدث في ( سفر التكوين عندما رفض الإنسان العيش مع الله كذلك كان مع الكلمة عندما رفضها الشعب بحكم خضوعهم المذل للكهنة الفاسدين والمرائين واتباعهم الفريسيين ) من هنا قرر الرب الإله ان يرحل بجسد الكلمة وان يسلم مهام المرحلة الأخيرة للروح القدس ليقودها
3 ) مرحلة الروح القدس : تبدأ هذه المرحلة بالمغادرة الأخيرة للسيد المسيح الذي اطلق كلمته لتلاميذه يبشرهم فيها ان الرب الإله لن يتركهم يتامى بل سيتمم مشروعه الخلاصي إلى النهاية (( خير لي ان ارحل وان رحلت ارسل لكم الروح القدس ليسكن فيكم يبكتكم على اخطائكم ويستحسن فيكم اعمالكم الحسن … )) وهنا تتغيّر القواعد ( فتكون ضمائرنا ” بيته هيكله “ ومذابحنا ” نوايانا الحسنة “ وقرابيننا محبتنا له وايماننا بإنسانيته التي نقدمها للعالم كلّه ليعرفوه انه الإله الصالح الذي احب كل البشر ) ( يقول السيد المسيح : اذا اردت ان تصلي فادخل مخدعك وصلي للرب إلهك .. أي افتح بوابة لإدامة العلاقة بينك وبين إلهك ليظل ساكناً في ضميرك فتكون مؤهلاَ لاستمرار العهد معه ) .
إذاً رجل الله موسى هو من أسس الكهنوت اليهودي ووضع ركائزه وشروطه من ( الهيكل للمذبح للقربان ) .
كذلك كان التلميذ النجيب بولس رسول الأمم هو من أسس الكهنوت المسيحي ووضع ركائزه وشروطه من ( الهيكل للمذبح للقربان ) وساعده بعدها الرسول يوحنا الحبيب الذي استلم مهام قيادة الكنائس السبعة ( درّة الرسول بولس وثمرة جهاده ) من منفاه من هنا كان ( سفر الرؤيا ) سفر تكملة ارث الرسول بولس بعد إعدامه . لقد سار جميع التلاميذ على خطى الرسول بولس في البشارة وتأسيس الكنائس ( الهياكل بيوت الرب الإله ) واعداد مذابحها وتطوير برامج قرابينها وصولاً لما نحن عليه اليوم ..
هذه المرّة لن نتأخر عليكم بالموضوع القادم … تفاصيل المذابح المسيحية وتبعيتها
الرب يبارك حياتكم جميعاً واهل بيتكم
الباحث في الشأن المجتمعي ( السياسي والديني ) والمختص بالمسيحية
اخوكم الخادم حسام سامي 13 / 4 / 2024