كلدايا مي: نختار مواضيع التي تعالج ظروف اليوم اتعس مما كان يوم امس
وضـع كنيستـي اليـوم
اسمحوا لي بالتحدث الآن عن الحالة الراهنة التي تحياها كنيستي اليوم.
لا شك ان كنيستي في العراق تعرضت لهزات عنيفة عبر الاجيال، ولا سيّما في هذه السنوات الأخيرة. ولست هنا بصدد استعراض تاريخها الطويل المنسوج بالبطولات والزاخر بالمآسي أيضًا.
كيف حال كنيستـي اليـوم؟
لقد كُتبَ الكثير عن وضع كنيستي في مطلع الألف الثالث وما انتابها من ويلات الحروب، وما ألمَّ بها من احداث الفوضى والدمار. فتعرضت كنيستي لحالة من الفوضى والهلع والقلق ازاء الحال الراهنة وامام المستقبل المظلم. فتولّى الرعب مختلف شرائح كنيستي، ولم ينجُ منه حتى بعض من رؤسائها. وسرعان ما ظهرت نتائج هذه الفوضى بالهجرة والتهجير، وهي حركات قصمت ظهر كنيستي في بلاد الرافدين.
الهـجرة والتهـجير
وما أكثر ما كُتب في هذا الموضوع ذي الوجهين في هذه السنوات الأخيرة…
فإن “الهجـرة” كانت قد بدأت منذ عقود عديدة في العراق. وكانت أسبابها متعددة: سياسية، دينية، اقتصادية، إلخ… فتوجهت أُسر كثيرة، منذ القرن الماضي، إلى بلاد العم سام، وغيرها نحو الدول الغربية، ومنها، في هذه السنوات الأخيرة، إلى استراليا ونيوزيلندا. وكان الشعب المهاجر يهرب من حال تعسة ويهدف إلى الذهاب إلى مواضع فيها تتوفر له الحرية، الإنسانية والدينية، والحياة الكريمة، في ظل حكومات أو أنظمة سياسية عادلة إلى حـدّ ما. وازدادت موجات هذه الهجرة، وتلاحقت قوافل المهاجرين الذين تركوا وطنهم وبيوتهم واعمالهم، وتوجهوا نحو مستقبل مجهول… فمنهم من توجّه إلى خارج البلاد، وغيرهم اكتفوا بالذهاب إلى امكنة داخل البلاد أكثر أمنًا واستقرارًا. ولكن المعروف ان كل هجرة يرافقها الكثير من المآسي. ويقول سفر الامثال في هذا الشأن: “كالعصفور الذي يشرد من عشه، هكذا الإنسان الذي يشرد من وطنه” (أمثال 27/8).
أما “التهـجيـر” فهو الهجرة التي تفرضها فئات ظالمة على شرائح من الشعب العراقي المسالم بدوافع دينية أو عرقية أو مذهبية أو حزبية…، فتُضطرُّ أُسر آمنة إلى ترك بيوتها واموالها والهرب إلى المجهول، وإلا تعرضت للقتل والسلب والنهب وليس من يحميها أو يدافع عنها. وهكذا اضطرت مئات بل ألوف من العوائل المسيحية والمسلمة إلى ترك كل شيء والهرب إلى اماكن لا يتوفر فيها أقل شروط للعيش الكريم. أجل، لقد أُلقي بكثير من هذه العوائل في البراري، واضطروا إلى العيش تحت الخيم – إذا توفرت – وهم يفتقرون إلى كل مستلزمات الحياة الإنسانية، من ماء وطعام وظروف صحية، ناهيك عن حرمانهم من المؤسسات التعليمية والتثقيفية والمهنية وغيرها. إنهم يعيشون حياة بائسة لا تليق بكرامة الإنسان.
ولقد استطاع غيرهم الوصول إلى مناطق أخرى من بغداد، وتوجه غيرهم نحو الشمال وسكنوا في المدن والقرى الشمالية. أما الحديث عن مئات الألوف من العراقيين – من مسلمين ومسيحيين – الذين رست قواربهم على الشواطىء الاردنية أو السورية أو غيرهما من الدول المجاورة، فلا يخلو من هموم وشجون. انها الغربة والضياع. انها اقتلاع أسر برمتها من تربتها ووطنها وتشتيتها في أمكنة غريبة وغير ملائمة لهم. إنه الارتماء في أحضان الفقر والجوع، وفي أحضان الرذيلة أيضًا. فان الحاجة تدفع الإنسان إلى السير في مسالك يرفضها شرفه وتأباها كرامته، ولكن ما العمل؟ فليس من وسيلة شريفة للحصول على لقمة العيش. وهناك عوائل لا نصير ولا مساعد لهم في الخارج ليرسل لهم شيئًا من المساعدة. اما المعونات التي توزعها جهات محسنة، كنسية أو مدنية، فانها لا تفي بالغرض. فيبقى المهاجر تحت كابوس الفقر والمذلّة… وإلى متـى؟
موقـف كنيستي
هل كانت كنيستي مهيَّـأة لتلقّي مثل هذه الصفعات الأليمـة؟ ربما نسيت أنها كنيسة الشهداء والقديسين. أو لعلها تغافلت عن حياة الفقر والقيم الإنجيلية، وعاشت في أجواء من الطمأنينـة، بل من اللامبالاة! وربما كانت ملتهية بأمور أخرى جانبية عندما انقضّت عليها الصاعقة وتفجّر الوضع بركانا هادرًا، وتأزمت العلاقات الإنسانية، وتدهورت الأوضاع. وربما أصابها شيءٌ من الذهول والارتباك الذي شلَّ طاقاتها عوض دفعها إلى الإسراع في القيام بمبادرات تهدف إلى الخير والمساعدة وتبرهن عن مدى اهتمام كنيستي بشؤون إنسان اليوم.
كنيستي “أمٌ ومعلمـة”. أمٌّ تحب جميع اولادها وتهتمُّ بهم وتحيطهم بعنايتها الوالدية وبعطفها الرؤوم. وهي “معلمة”، أي انها مكلَّفـة بقيادة ابنائها البشر إلى الحقيقة، إلى المسيح الذي يجب ان يكون لها دومًا “الطريق والحق والحياة”. وعليها ان تسعى لكي تربي اولادها تربية إنسانية ومسيحية أصيلة وتوفر لهم الوسائل الكفيلة بتلقّي تعليم الحياة. ونشر الكلمة هو من أهم واقدس واجباتها، ولابد لها من القيام بهذه المهمة: “الويل لي إن لم أبشّر!” ويتم نشر الكلمة بالوعظ والارشادات والنصائح، ويكون أيضًا بتوفير التربية والتثقيف لمختلف شرائح الشعب المسيحي، وذلك بالوسائل العصرية التي تتجاوب مع ذهنيات إنسان اليوم. فهل كنيستي مهتمة بهذه الأمور الأساسية؟ أم انها منشغله بأمور جانبية اخرى. صحيح ان لديها هيئات ولجانًا مختصة بالتعليم المسيحي، ولكن ما مدى فاعليتها، وهل تغطي جميع فئات الصغار والشباب؟ وما المناهج التي يتبعونها؟ وما مستوى التعاليم التي يلقونها على هؤلاء الطلاب؟ اني اتساءل عن فاعلية هذه الهيئات التعليمية، وهل انها تتلقى الدعم الروحي والأدبي والمادي من رؤساء الكنيسة؟ بلغني ان الأموال التي يخصصها بعض المحسنين بالتعليم المسيحي تضيع في طريقها إلى الطلاب، وربما يبلغ شيء منها إلى جيوب المعلمين والمعلمات. اما القسم الأكبر فينزل في جيوب الكبار وأرصدتهم. فأين الأموال المخصصة مثلاً لنقل الطلاب، ولمساعتهم، ولتحفيزهم، ولاجتذابهم بالهدايا والمكافآت وغيرها؟ وهل يجوز ان يدفع بعض المعلمين أو المعلمات، من الكهنة والعلمانيين، من جيوبهم الخاصة لسدّ بعض احتياجات طلاب التعليم المسيحي؟ وإلى أين تذهب اموال الكنائس ووارداتها الضخمة؟ في الامور المادية والبنايات والترميمات؟ ومتى كان البنيان المادي أهم من البنيان الروحي، بنيان النفوس ومساعدتها في مسيرتها إلى الله؟ ما اسهل البنيان المادي وما اوفره ربحًا! اما البنيان الروحي فبذل وعطاء وتضحية بدون مقابل. وهذا أمر صعب
اقتباس : “ونشر الكلمة هو من أهم واقدس واجبات كنيستي الكلدانية، ولابد لها من القيام بهذه المهمة : “الويل لي إن لم أبشّر” ام ان كنيستي منشغلة بامور
جانبية اخرى” انتهى الاقتباس
ان راعي كنيسة بابل على الكلدان السيد لويس ساكو من ناحية يدعوا الاثوريين والسريان والكلدان الى الصلاة من اجل تحقيق الوحدة المسيحية والوحدة الكنسية، ومن ناحية اخرى نراه يرفض التبشير بالمسيحية ونشر انجيل الخلاص بين المسلمين، ويؤمن بالعقيدة الابيونية التي تحارب العقيدة الكاثوليكية،
انه يحاول القضاء على القومية الكلدانية وانهاء وجود الكلدان، واحتوائهم واخضاعهم مع كنيستهم لسيطرته، والتمتع بالسلطة الروحية والمكانة المرموقة كبطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم، والسعي الى تحقيق هدف كبير يتمثل في تبرئة بني قومه اليهود من تهمة الحكم على السيد المسيح بالموت على الصليب ومن دمه، ومن قيامهم بعملية الصلب، ( وصاح الشعب اليهودي : اصلبه.. اصلبه.. دمه علينا وعلى اولادنا )، وايضاً تحقيق الحلم الكبير بالحصول على موطىء قدم للأثوريين النساطرة في مناطق سهل نينوى والشمال العراقي، ووصول الاثوريين النساطرة الى مراكز القيادة من خلال دعوته لايجاد تسمية توحد وتمثل المسيحيين جميعاً وتمثل التجمع المسيحي السياسي، كالذي حصل مع الرابطة الكلدانية، ومن ثم اللجوء الى العصيان والتمرد المسلح، لاثبات وجود الاثوريين النساطرة، ومقاومة السلطة، والمطالبة بحكم ذاتي اشوري او دولة اشورية مزيفة، قد يكون لها مردودها السلبي على وجود الكلدان والسريان في سهل نينوى والشمال العراقي، وقد تعرضهم الى خطر الابادة الجماعية