يوسف جريس شحادة
منتدى أبناء المخلص _ كفرياسيف
مقدمة
حِينَئِذٍ خَاطَبَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَتَلاَمِيذَهُ، قَائِلًا: عَلَى كُرْسِيِّ مُوسَى جَلَسَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ “مت 3 _2 :23.
في اللغة اليونانية “Thronos “ تعني ” عرش _ كرسي.
في العهد القديم تعني أصلا كرسيا له مسند للقدمين، وأشارة الى مكانة كرامة، وأصبحت الكلمة تعني “عرش إله” وفي المعنى المجازي تعني “السلطة” والجلوس على الكرسي علامة للسيادة الملكية او الإلهية.
يشتق مفهوم العرش الملوكي من المشرق، ويشير الجلوس على الكرسي _ العرش، الى التفوّق على الاخرين، ويتمتّع الملك بسلطانه فقط عندما يعتلي العرش.
الزخرفة على جنبي الكرسي مثل الكروبيم هي رموز للسلطة الحاكمة، 1 مل 20 _18: 10 .
كان الملك في الأصل “القاضي” أيضا و”كرسيّه” رمزا مرئيا للسلطة الملكية، 2 صم 10 :3 و 9 :14 والقضاء مز 5 : 122وهكذا وعد ناثان باستمرارية الحكم الداوودي 2 صم 13 :7 وارتبط “بالعرش” 1 أخ 5 :28 و 23 : 29 .
العرش _ الكرسي”في العهد القديم دلالة لقوة الله وبرّه، كان الملك الإسرائيلي في علاقة تبنّي بالإله “الله” ك “ابنه ” مز 21 :14 وحزقيال 7 :43 رأى الهيكل الجديد “الهيكل الإلهي”، وبينما في اش 1 :66 ان السماء عرش الله. قا 1 :6 و 13 :14 .
مفهوم العرش _ الكرسي في العهد الجديد يمكن مراجعة النصوص التالية: لو 32 :1 مقارنة و 2صم 16 ،12 :7 واع 21 _ 20 :3 و”كرسي المجد” مت 28 :19 و 31 :25 قارن 1 صم 8 :2 و”عرش النعمة” عب 16 :4 و2 :12 ومت 28 :19 “السلطة الحاكمة” مت 46 _31 :25 ومز 1 :110 وكو 20 _15 :1 قارن 1 مل 19 :22 ورؤ 6 :4 “شبه بلور”، مقارنة وحز1 “قبة السماء”، ورؤ 4 :4 الشيوخ رؤساء الاسباط،وفي رؤ 9 _6 :5 “وسط العرش” الخ.
عَلَى كُرْسِيِّ مُوسَى جَلَسَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ
ما قصد المسيح بهذه العبارة؟ هل غاية المسيح ان نكون تحت “سلطة الحكماء”؟ لماذا المسيح اظهر لنا عكس هذه الفرضية؟ مت 15 “غسل اليدين” او : “ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حَسَنًا! رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ!” مر 9 :7 بمعنى ان تفاسير الحكماء “الفريسيون والكتبة” غير صحيح بتاتا، رو 2 :10 : “لأَنِّي أَشْهَدُ لَهُمْ أَنَّ لَهُمْ غَيْرَةً للهِ، وَلكِنْ لَيْسَ حَسَبَ الْمَعْرِفَةِ.”.
في زمن المسيح “الهيكل الثاني” لم تكن الكتب متوفّرة بين ايدي الناس، ومن رغب بقراءة الكتاب المقدس، ليس بالسهل ان لم يكن مستحيلا. المكان الوحيد لسماع وقراءة التوراة هو “كرسي موسى” في المجمع {على سبيل المثال في اثار المجمع الكنيس القديم في كورازيم من القرن الرابع نرى “كرسي موسى} لذا شجّع المسيح الناس بسماع التوراة.
هل من هدف ما ليسوع بان اليهود يسمعوا التوراة؟
الهدف الأول، ان نسمع التوراة ونعمل بوصاياها، لان موسى في التثنية 15: 18 : «يُقِيمُ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِكَ مِنْ إِخْوَتِكَ مِثْلِي. لَهُ تَسْمَعُونَ.” كذلك بولس عب 3 :3 ورو 3 :10 ويو 46 :5 و 35 _31 :6 : “فَإِنَّ هذَا قَدْ حُسِبَ أَهْلًا لِمَجْدٍ أَكْثَرَ مِنْ مُوسَى، بِمِقْدَارِ مَا لِبَانِي الْبَيْتِ مِنْ كَرَامَةٍ أَكْثَرَ مِنَ الْبَيْتِ.”.
ان موسى والتوراة والانبياء والكتب كلها تتحدّث عن المسيح الرب، وفي نفس الوقت يهاجم الفريسيون والكتبة بكل قساوة، ان نسمعه وهم جالسون على “كرسي موسى” ليقرأوا التوراة نعم، اما تفاسيرهم واقوالهم فكلا. لان التوراة: “لأَنَّكُمْ لَوْ كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَ مُوسَى لَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونَنِي، لأَنَّهُ هُوَ كَتَبَ عَنِّي. فَإِنْ كُنْتُمْ لَسْتُمْ تُصَدِّقُونَ كُتُبَ ذَاكَ، فَكَيْفَ تُصَدِّقُونَ كَلاَمِي؟»”يو 47 _46 :5 .
“كرسي موسى” يعني الجلوس وقراءة التوراة والانبياء والكتب، اما تفاسير وعظات الكتبة والفريسيون فالأمر مرفوض هو، قارن مت 9 _1 :15 عن غسل اليدين حسب التقليد ومر 9 : 7 “ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حَسَنًا! رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ!” عن علاقة المسيح والكتبة والفريسيين، كما يؤكد اشعياء عن الكتبة والفريسيين 14 _13 :29 : “فَقَالَ السَّيِّدُ: «لأَنَّ هذَا الشَّعْبَ قَدِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ بِفَمِهِ وَأَكْرَمَنِي بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَأَبْعَدَهُ عَنِّي، وَصَارَتْ مَخَافَتُهُمْ مِنِّي وَصِيَّةَ النَّاسِ مُعَلَّمَةً. لِذلِكَ هأَنَذَا أَعُودُ أَصْنَعُ بِهذَا الشَّعْبِ عَجَبًا وَعَجِيبًا، فَتَبِيدُ حِكْمَةُ حُكَمَائِهِ، وَيَخْتَفِي فَهْمُ فُهَمَائِهِ». .”
هل “كرسي موسى” يعني “سلطة الفريسيون والكتبة”؟
قول المسيح، لا يعني ابدا “سلطة” بل المكان “الجغرافي” في المجمع ومنه كان يقرأ الكاهن النصوص المقدسة.
المكان الوحيد في زمن المسيح والهيكل الثاني لسماع التوراة هو المجمع _الهيكل _ الكنيس الخ، فلا وسائل تواصل ولا شبكة عنكبوتية ولا مطابع لطباعة التوراة، ومن “كرسي موسى” قرأ الكاهن _ الراب التوراة والكتب والانبياء. {1}.
قول المسيح لسماع “الفريسي والكتبة” لا ليتبعوهم بل لسماع التوراة، لان التوراة تتكلم عنه وهو يحقق التوراة، يو 46 :5 : “لأَنَّكُمْ لَوْ كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَ مُوسَى لَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونَنِي، لأَنَّهُ هُوَ كَتَبَ عَنِّي.”.
“كرسي موسى” في المجمع هو المكان الوحيد الذي يسمع اليهودي كلام التوراة والنبؤة عن المسيح، تث 15 :18 : “«يُقِيمُ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِكَ مِنْ إِخْوَتِكَ مِثْلِي. لَهُ تَسْمَعُونَ.” أراد يسوع ان يسمع الشعب لموسى لان موسى تكلم عنه، قارن مت 21 _16 :19 لان المسيح غاية وهدف التوراة وكل الوصايا التوراتية. {راجع ما نشرنا تحت عنوان الهدب شفاء المرأة ولمس هدب المسيح _ ציצית 613 وهي مجموع الوصايا תרי”ג}.
لأنه في مت 13 :23 يصف الكتبة “الْمُرَاؤُونَ” و”ابْنًا لِجَهَنَّمَ والْقَادَةُ الْعُمْيَانُ والْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ ” الخ {للمزيد الآيات 23 و 28 و33 و35 ومت 9 : 15 مقارنة واشعياء 13 :29 }.
قول المسيح: “وَلكِنْ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ لاَ تَعْمَلُوا، لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَلاَ يَفْعَلُونَ.” يعني ان الكتبة والفريسيين من خلال سلوكهم ينالون الخلاص، لكن البون واسع شاسع بين اقوالهم السلطوية المادية الشخصية وتفسير كلمة الله الحيّة، وهو الذي سينقل “المفاتيح” للتلاميذ. مت 19 _ 18 :16 و18 :18 و 45 _43: 21
تعاليم المسيح هي التي تلزم المؤمن وليس اقوال الفريسي او الصدوقي، والعجيب بالأمر ان هناك الكثير من النصوص “التوراة الشفهية” والتي كانت متداولة في زمن المسيح {تم تدوينها كتابيا في فترة متأخرة جدا} نقرأ ان تعاليم المسيح هي الملزمة: “תורה שאדם למד בעולם הזה, הבל היא לפני תורתו של משיח”;{2} או: “הקדוש ברוך הוא יושב ודורש תורה חדשה שעתיד ליתן על ידי המשיח”.{3}.
{1} סור חננאל מאק מהמחלקה לתלמוד באוניברסיטת בר אילן מאשר במחקרוThe Seat of Moses כיסא משה”) שהביטוי “כיסא משה” בברית החדשה מתייחס לכיסא הפיזי שממנו היה נהוג לקרוא את כתבי הקודש בבית הכנסת. את זה הוא מבסס על ממצאים ארכאולוגים ועל הפרשנות הרבנית הקדומה פסיקתא דה רב כהנא.
{2} מדרש קהלת רבה ח’.
{3} “ילקוט שמעוני”, ישעיהו פרק כ”ו, רמז תכ”ט. דבר דומה נאמר במדרש “אליהו זוטא”: “הקב”ה יושב ודורש תורה חדשה שעתיד לתן ע”י משיח” {פרק כ}.