Articles Arabic

الحلقة الاولى: بمناسبة مرور عشر سنوات على تولي السدة البطريركية لكنيسة بابل الكلدانية العريقة المسكينة

بمناسبة مرور عشر سنوات على تولي السدة البطريركية لكنيسة بابل الكلدانية العريقة المسكينة

وبداية انتهاء سقوط حكم الصنم من على عرشه البائس والمضطرب

البطريرك ساكو الهارب من وجه العدالة

خنزير متوحش بري.. يأتي من اسطبلاني.. يهجم على السواقي.. ويخرب المراعي

صوتٌ صارخٌ في البرية

كم مثيرٌ للجدل في الوقت التي تحتفل الكنيسة الكلدانية في العراق والمهجر في قداس الأحد الواقع فيه سابوع الثاني من الصيف ويختص هذا اليوم المقدس بالنص الإنجيلي الذي يحكي عن أروع القصص من الكتاب المقدس وهي قصة مثل الابن الضال. وجرت العادة ان يقوم المترأس اثناء القداس وتحديداً بعد الانتهاء من تلاوة الإنجيل وهو ما زال واقفاً على منبر الأقداس بشرح النص الإنجيلي وتفسيره بشكل مبسط يقدمه كزوادة روحية للمؤمنين، بعيداً كل البعد عن أي أفكار خارجة عن السياق الكنسي أو دخيلة قد تشكك المؤمنين السامعين لكرازته وتشتت أفكارهم. ونقتبس ما جاء في بداية رتبة القداس بحسب الطقس الكلداني التجريبي الذي طبعه البطريرك ساكو في بغداد 2014، جاء في تعليمات تخص الاحتفال بالقداس:

(6- القراءات: تقرأ ثلاثة نصوص من الكتاب المقدس، ومن المحبذ أن تقدم ببعض الأسطر لأنها تعكس خصوصية الأحد. 7- موعظة قصيرة ومعدة لتعميق الإيمان والرجاء في المؤمنين (بين 7-10 دقائق). 8- التوصية تبقى في نهاية القداس، أي بعد البركة الأخيرة لئلا تشوش المؤمنين).

ونذكر أيضا بما جاء في بداية رتبة القداس بحسب الطقس الكلداني المثبت والمعتمد الذي طبعه البطريرك ساكو في بغداد 2020، جاء في تعليمات تخص الاحتفال بالقداس:

(4- القراءات: -الفقرة الثالثة- هناك ثلاثة قراءات من الكتاب المقدس لأيام الآحاد والأعياد، وحبذا لو تقدم ببعض الأسطر كي تعكس خصوصية الأحد أو العيد، كما هو مثبت في كتاب “حياتنا الليتورجية”. 5- الموعظة: ينبغي أن تكون قصيرة (لا تتجاوز 7-10 دقائق) ومعدة لتعميق الإيمان والرجاء في نفوس المؤمنين ولربط القراءات بحياتنا اليومية. 7- التوصيات والاعلانات عن فعاليات ونشاطات الكنيسة تؤجل الى نهاية القداس، أي بعد البركة الأخيرة، لئلا تشوش المؤمنين). اقتضى التنويه.

(إنجيل لوقا 15: 11-32) مثل الابن الضال:

11 وقال: “كان لرجل ابنان. 12 فقال له الأصغر: يا أبي، أعطني الحصة التي تخصني من الميراث! فقسّم لهما كل ما يملكه. 13 وبعد بضعة أيام، جمع الابن الأصغر كل ما عنده، ومضى الى بلد بعيد. وهنالك بذّر حصته من المال في عيشة الخلاعة. 14 ولكن لما أنفق كل شيء، اجتاحت ذلك البلد مجاعة قاسية، فأخذ يشعر بالحاجة. 15 فذهب والتحق بواحد من مواطني ذلك البلد، فأرسله الى حقوله ليرعى خنازير. 16 وكم اشتهى لو يملأ بطنه من الخرنوب الذي كانت الخنازير تأكله، فما أعطاه أحد! 17 ثم رجع الى نفسه، وقال: ما أكثر خدام أبي المأجورين الذين يفضل عنهم الخبز، وأنا هنا أكاد أهلك جوعاً! 18 سأقوم وأرجع الى أبي، وأقول له: يا أبي، أخطأت الى السماء وأمامك، 19 ولا أستحق بعد أن أدعى ابناً لك: اجعلني كواحد من خدامك المأجورين! 20 فقام ورجع الى أبيه. ولكن أباه راه وهو ما زال بعيداً، فتحنن، وركض إليه وعانقه وقبّله بحرارة. 21 فقال له الابن. يا أبي، أخطأت الى السماء وامامك، ولا أستحق بعد أن أدعى ابناً لك… 22 أما الاب فقال لعبيده: أحضروا سريعاً أفضل ثوب وألبسوه، وضعوا في إصبعه خاتماً وفي قدميه حذاءً. 23 وأحضروا العجل المسمّن واذبحوه، ولنأكل ونفرح: 24 فإن ابني هذا كان ميّتاً فعاش، وكان ضائعاً فوجد. فأخذوا يفرحون! 25 وكان ابنه الأكبر في الحقل. فلما جاء واقترب من البيت، سمع موسيقى ورقصاً. 26 فدعا واحداً من الخدّام واستفسره ما عسى أن يكون ذلك. 27 فأجابه: رجع أخوك، فذبح أبوك العجل المسمّن لأنه استعاده سالماً! 28 ولكنه غضب ورفض أن يدخل. فخرج أبوه وتوسل إليه. 29 غير أنه ردّ على أبيه قائلاً: ها أنا أخدمك هذه السّنين العديدة، ولم أخالف لك أمراً، ولكنك لم تعطني ولو جدياً واحداً لأفرح مع أصدقائي. 30 ولكن لمّا عاد ابنك هذا الذي أكل مالك مع الفاجرات، ذبحت له العجل المسمّن! 31 فقال له: يا بني، أنت معي دائماً، وكل ما أملكه هو لك! 32 ولكن كان من الصّواب أن نفرح ونبتهج، لأن أخاك هذا كان ميّتاً فعاش، وكان ضالاً فوجد!”.

كرازة ايش هذه!! يا أبا الآباء ورأس أكبر كنيسة بابل الكلدانية العريقة في العراق والعالم؟ يا صاحب الشهادات والدكتورات (عدد اثنين!!) كان يجب عليك وأنت الاب للصغير وأخ للكبير وخادماً أميناً للإنجيل في إيصاله لعامة المؤمنين سواء الحاضرين في الكنيسة أو المتابعين على البث المباشر، على مثال سيدك ومعلمك ومخلصك ربنا يسوع المسيح له كل المجد، هذا إذا كنت تؤمن ببشارته وتعاليمه ومعجزاته، بل إذا كنت تؤمن بصلبه وموته وقيامته! ألم يكن الأجدر بك أن تستغل هذه المناسبة وفي هذا اليوم الأحد المقدس وأمام الملء ان تغفر وتسامح الأخرين، من دون اسعافات وتعقيدات! إذا كان البعض منهم قد اساء إليك، كما تزعم؟ وأنت تعود وتشهرهم من جديد وتنعتهم بعبارات قد لا تليق بمقامك الرفيع، (والأهم إنك في قدسية المكان الذي تقف عليه!). فإذا كانت تصريحاتك على هذا النحو، ترى ماذا بقى لدينا ليميزنا عن الأخرين؟ كيف نفسر لك ذلك، لا نعلم!

يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم:

]وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي، هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ. وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [،}سورة فصّلت:34–35{. يريد الله من خلال هاتين الآيتين، أن يبين لعباده الأسلوب الذي ينبغي أن يواجهوا به الإساءات التي قد تصدر عن الآخرين، وقد يكون ذلك بالعفو والتجاوز، وهو خُلق دعا إليه سبحانه وتعالى وحثَّ عليه، ]وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا، فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ[،} سورة الشورى:40{. وعندما قال: ]وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [، }البقرة:237.{ ولكن الله سبحانه وتعالى أراد من خلال الآية التي ذكرناها، أن يترقى الإنسان في ردود فعله، فلا يكتفي بالعفو عمّن أساء إليه، بل أن يبادل الإساءة بالإحسان. الم تمر عليك هذه الآيات والتعاليم في دروسك قبل نيلك شهادتك الدكتورة الثانية في الفقه التي كنت وما زلتَ تتغنى بها في كل مناسبة (في مقابلاتك ولقاءاتك الصحفية المبهرة)، أم أصبحت لديك حبر على ورق، (فتنادي بما لا تعيش به، وتعيش بما يتعارض مع ما تنادي به)، يا حامل كتلة من الحياة الازدواجية المغموسة بالمزاجية المقيتة، لم تتعلم قط أي شيء من دروس الحياة وسنينها، وكما اعترفت إنك أصبحت مسنّاً في كرازتك، ولكن ما هي خبرتك في الحياة بعد كل هذه الانتكاسات التي خلقتها وابتدعتها مما جعلتَ بتعصبك وعنادك العقيم وعنجهيتك المريضة، بجمع كم هائل من الإخفاقات والتي لا تعد ولا تحصى، بالحقيقة لا شيء يذكر.

نعود الى النص الإنجيلي:

هذا النص يحتل في إنجيل لوقا موقعاً مميزاً، فيلخص في اثنتين وثلاثين آيةً قصة الخلاص بأكملها، ويوضح طبيعة العلاقة بين العهد القديم والعهد الجديد، واكتمال القديم بمجيء يسوع المسيح كمخلص أُعطي للبشرية بأسرها لا لشعب واحد أو لأقلية مختارة. وهذا المثل من الإنجيل، هو الأخير من ثلاثة أمثال تؤلف الفصل الخامس عشر من إنجيل لوقا، أمثال تدور حول فكرة الضياع: الخروف الضائع والدرهم المفقود والابن الضال. وتشدد هذه الأمثال على تفتيش الراعي عن خروفه، والمالك عن ممتلكاته، والاب عن ابنه. تختتم هذه الأمثال بحدث مشترك: الدعوة الى الوليمة والاحتفال، والتشديد على ضرورة الفرح (15: 6 و15: 9 و15: 32). هي أمثال الفرح المسيحاني، فرح الخلاص الذي يتم بواسطة يسوع المسيح، الفرح الذي سوف يتحقق في ملكوت الله في وليمة عرس الحمل.

صوتٌ صارخٌ في البرية

Follow Us