يوسف جريس شحادة
كفرياسيف _ منتدى أبناء المخلص
مقدّمة
الكثير من الجماعة تتذمّر من طول القداس الإلهي في الكنيسة الأم “الأرثوذكسية“، الطقس الإلهي ليس بلعبة ولا نزهة أسبوعية هو.
“الطقس” لفظة يونانية الأصل تعني: “النظام او الترتيب” وبالتالي فهو الترتيب الإلهي لأنه مقام على الإيمان بالتقليد والتسليم الرسولي وهو توضيح لما في التوراة ومن ثم في الإنجيل المقدس.
نرى الإنجيل في التوراة والتوراة مُفَسَّرة بالإنجيل، نصوص توراتية عديدة تثبت عن وجود الطقس في خدمة الله.
ما زالت منذ أكثر من ألفي عام والكنيسة الأم الأرثوذكسية محافظة على الطقس بكل نظام وترتيب لان الله الذي نؤمن به، هو رب النظام والترتيب فيقول بولس 1 كور 40 :14: “وَلْيَكُنْ كُلُّ شَيْءٍ بِلِيَاقَةٍ وَبِحَسَبِ تَرْتِيبٍ. ” ويضيف شاؤول 1 كور 33 :14: “لأَنَّ اللهَ لَيْسَ إِلهَ تَشْوِيشٍ بَلْ إِلهُ سَلاَمٍ، كَمَا فِي جَمِيعِ كَنَائِسِ الْقِدِّيسِينَ. “.
ينشر البعض من طائفة الروم الكاثوليك عن رفضهم للاحتفال الموحد بعيد قيامة الرب ويتفذلك البعض من بعض “خوارنة الطائفة” ان الكنيسة الأم والكهنة لا يقيمون الاحتفال بحسب الليترجيا ليوم 25 ديسمبر.
لن ندخل بالموضوع بتوسع هنا، لان هدف المادة الشرح عن معنى “الطقس”، لكن بعصارة الرد، كم خوري رومي كاثوليكي يقيم الخدمة الليترجية الطقسية حسب كتبه هو؟! نص كتاب الافخولوجي الكبير وغيره يمنع إقامة الذبيحة بعد الظهر، كم خوري لا يقيم الذبيحة بعد الظهر؟ والانكى من كل هذا، تطبيق الطقس في الزمن الأربعيني والأسبوع الأخير _ الأسبوع العظيم؟! فعلى سبيل المثال، يقيم خوري من طائفة الروم الكاثوليك يوم الأربعاء وبعد الظهر وفي الصوم الأربعيني المقدّس الذبيحة؟! فعن أي التزام وطقس وخدمة.
الطقس له المرجعية الكتابية التوراتية، سنسرد هنا البعض منها، لأنه سوف ننشر المادة بتوسع ضمن لقاءات التنشئة المسيحية التي تقام في كنيسة القديس جيورجيوس للروم الأرثوذكس في كفرياسيف.
1 _ طقس نوح، تك 21 _20 :8، بعد جفاف مياه الطوفان يصعد المحرقات على المذبح: “وَبَنَى نُوحٌ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ. وَأَخَذَ مِنْ كُلِّ الْبَهَائِمِ الطَّاهِرَةِ وَمِنْ كُلِّ الطُّيُورِ الطَّاهِرَةِ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ عَلَى الْمَذْبَحِ، فَتَنَسَّمَ الرَّبُّ رَائِحَةَ الرِّضَا. وَقَالَ الرَّبُّ فِي قَلْبِهِ: «لاَ أَعُودُ أَلْعَنُ الأَرْضَ أَيْضًا مِنْ أَجْلِ الإِنْسَانِ، لأَنَّ تَصَوُّرَ قَلْبِ الإِنْسَانِ شِرِّيرٌ مُنْذُ حَدَاثَتِهِ. وَلاَ أَعُودُ أَيْضًا أُمِيتُ كُلَّ حَيٍّ كَمَا فَعَلْتُ.”
2 _ طقس إبراهيم، تك 8 _7 :12: “وَظَهَرَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ وَقَالَ: «لِنَسْلِكَ أُعْطِي هذِهِ الأَرْضَ». فَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ الَّذِي ظَهَرَ لَهُ. ثُمَّ نَقَلَ مِنْ هُنَاكَ إِلَى الْجَبَلِ شَرْقِيَّ بَيْتِ إِيل وَنَصَبَ خَيْمَتَهُ. وَلَهُ بَيْتُ إِيلَ مِنَ الْمَغْرِبِ وَعَايُ مِنَ الْمَشْرِقِ. فَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ وَدَعَا بِاسْمِ الرَّبِّ. “
3 _ طقس يعقوب، تك 20 :33: “وَأَقَامَ هُنَاكَ مَذْبَحًا وَدَعَاهُ «إِيلَ إِلهَ إِسْرَائِيلَ». ” وهناك عن موسى وابنا هارون وعزيا الملك وسليمان ونصوص كثيرة تبين ممارسة الطقوس تعود لبدء الخليقة كما يخبرنا سفر التكوين وفرض السجود والصلوات اليومية ونصوص تخبرنا عن عقاب من يخالف الطقس، مثالا لذلك 1 أخ 10 -7 :13: “وَأَرْكَبُوا تَابُوتَ اللهِ عَلَى عَجَلَةٍ جَدِيدَةٍ مِنْ بَيْتِ أَبِينَادَابَ، وَكَانَ عُزَّا وَأَخِيُو يَسُوقَانِ الْعَجَلَةَ، وَدَاوُدُ وَكُلُّ إِسْرَائِيلَ يَلْعَبُونَ أَمَامَ اللهِ بِكُلِّ عِزّ وَبِأَغَانِيَّ وَعِيدَانٍ وَرَبَابٍ وَدُفُوفٍ وَصُنُوجٍ وَأَبْوَاق. وَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى بَيْدَرِ كِيدُونَ، مَدَّ عُزَّا يَدَهُ لِيُمْسِكَ التَّابُوتَ، لأَنَّ الثِّيرَانَ انْشَمَصَتْ. فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى عُزَّا وَضَرَبَهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ مَدَّ يَدَهُ إِلَى التَّابُوتِ، فَمَاتِ هُنَاكَ أَمَامَ اللهِ.”.
الطقس هو القالب الذي يصبّ فيه معان روحية عقائدية يتذوّقها ويتمتع بها المؤمن ويعيشها من خلال الصلاة الجماعية، والنصوص الإنجيلية كثيرة هي التي تعطينا هذا المعنى مثلا 1 كورنثوس وكولسي والعبرانيين.
المسيح ربنا، هو مؤسّس ومتمم الطقس الإلهي كما يقول بولس الرسول: “لأَنَّنِي تَسَلَّمْتُ مِنَ الرَّبِّ مَا سَلَّمْتُكُمْ أَيْضًا: إِنَّ الرَّبَّ يَسُوعَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي أُسْلِمَ فِيهَا، أَخَذَ خُبْزًا وَشَكَرَ فَكَسَّرَ، وَقَالَ: «خُذُوا كُلُوا هذَا هُوَ جَسَدِي الْمَكْسُورُ لأَجْلِكُمُ. اصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي ».كَذلِكَ الْكَأْسَ أَيْضًا بَعْدَمَا تَعَشَّوْا، قَائِلًا: «هذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي. اصْنَعُوا هذَا كُلَّمَا شَرِبْتُمْ لِذِكْرِي».”
قراءة الإنجيل المقدّس تعلمنا على ان المسيح الرب أقام الطقس بكل حذافيره، الأمثلة كثيرة ومنها:
خضوعه لشريعة الختان، راجع لوقا.
وخضوع الرب لشريعة التطهير وافتداء الابن البكر، راجع لوقا.
واحترم الرب يسوع أعياد اليهود وطقوس العبادة كلها، يوحنا
وحينما شفى الرب الأبرص طلب منه التوجه للكهنة لأنه هذا حسب الطقس كما اخبرنا متى البشير والكثير من الأحداث.
فكيف لك أيّها الخوري من طائفة الروم الكاثوليك ان تطلب عدم الاحتفال، لان الكنيسة الأم لا تقيم القداس لميلاد الرب يوم 25 ديسمبر، هل لك ان تفسّر كم خوري يقيم عيد البشارة بتاريخه؟ كيف تفسر “احد الصعود“؟ لان الأغلبية الساحقة تقيم الخدمة يوم الأحد وأصبح بالتالي احد الصعود؟ هذا ما تسال الناس: “في أي يوم خميس الصعود” استهتارا!
الطقس الليترجي ليس بمريض ولا بحاجة لإنعاش وتجديد، الطقس مبني بشكل الهي لا يمكن إضافة او حذف، مهما تطور العلم والتكنولوجيا فالطقس يتجاوب مع كل التقدم والعلم، ولسنا بحاجة لإضافة إنعاش وطلبات وصلوات، فالقارئ المؤمن والحاضر بالصلاة يدرك تماما ان كل ما يحتاجه يناله بالقداس الإلهي.