الأب بـيتر لورنس
في هـذا المقال سوف نـتـناول موضوعاً قانونياً يخص مجموعة قـوانين كـنيسة المشرق يـذكـرها المؤلف في كـتابه ويشدد عـليها القانون الشرقي في صلاحيات البطريرك وعلاقـته بالمطرافـولطيات والأبرشيات الأسقـفـية التابعة له.
من كـتاب مجامع كـنيسة المشرق ص 45:
شددت قـوانين كـنيسة المشرق عـلى ضرورة العـمل الجماعي ، مُحـذرة بل مُنـدّدة بالعـمل الإنـفـرادي وذلك حـتى عـلى أعـلى المستويات (أي عـمل الجاثليق البطريرك وقـراراته) . فـنـقـرأ في مجمع مار يوسف المنعـقـد عام 554 م عـلى سـبـيـل المثال:
إنه لا ينبغي أن يعـمل البطريرك بمفـرده دون إسـتـشارة الأساقـفة، وأن لا يقـرر أمراً مِن دون حضورهم ومشاركـتهم، بل عـلى البطريرك، والمطران كـذلك، أن يعـمل “كل شيء بمشورة الجماعة”. وإنْ تعَـذّر الأمر ، أي صعُـبَ عـقـد مجمع، أو إستوجَـبت الحالة إتخاذ قـرار مستعجـل، فلا بد له من إسـتـشارة ثلاثة أساقـفة عـلى الأقـل يمثـلون الآخـرين في مثل هذه الحالات.
وسوف نـذكـر في بحـث آخـر أنّ قـوانين كـنيسة المشرق لا تجـيز حـتى للبطريرك أن يتـدخـل بشكل مباشر في شؤون الأبرشيات المطرافـوليطية والأسقـفـية، ولو إنه الأب العام الشامل لكـنيسته بأسرها. وتجـيز له إتخاذ قـرارات مستعجلة لـفـض نزاعات وخصومات ومشاكل عـلى أن يتـداول مع المطارين والأساقـفة في القضية عـنـد أول مجمع يعـقـده ويُـطلعهم عـلى الأمور والإجراءات المتخـذة. وهذه حكمة وفطنة أكّـدت عـليهما قـوانين كـنيسة المشرق لترسيخ العمل الجماعي والطابع المجمعي في حياة الكـنيسة.
تحـليل :
من النص أعلاه نستـنـتج الآتي:
ليس للبطريرك صلاحـيات مطلقة قانونية، لا عـلى الأبرشيات داخل الحـدود البطريركـية، ولا عـلى الأبرشيات خارج حـدود البطريركـية. أي أن الأساقـفة مستـقـلين بإدارة أبرشياتهم بموجـب الـقـوانين المنصوص عـليها في مجموعة قـوانين كـنيسة المشرق. لكـن عـلى الأساقـفة واجـب تباعة قـرارات البطريركـية الصادرة مِن قِـبَـل المجمع البطريركي بمجمع الأساقـفة. ومِن المعـيب عـلى الأساقـفة أيضاً أن يتخـلّـوا عـن مسؤولياتهم القانونية والإدارية داخل الأبرشيات ويسمحـون للبطريرك أن يتـدخـل فـيها خارج نطاق القانون. عـلى سبـيل المثال: هذا المثال الذي سوف أطرحه، هو ليس من أجل التبرير، لكـن من أجل كشف الحـقـيقة وبـيان وجهـتها القانونية الصحـيحة.
إنّ قـرار البطريرك لويس ساكـو بتوقـيف الأب بـيتر لورنس، وإبعاد الأب نوئيل كوركيس عـن الكـنيسة الكلدانية غـير قانوني. سنوضح ذلك: أنا الأب بيتر قانوناً وإدارياً أنـتمي إلى أبرشية البصرة، ملزم بموجـب القانون الكـنسي تباعة الأبرشية ومطرانها فـقـط لا غـير، وبما أن قـرار التوقـيف صادر مِن قِـبَـل البطريرك جاء عَـبر الموقع البطريركي، وليس بكـتاب رسمي منه، فإنه يُعـتـبَـر غـير قانوني، لماذا؟.
أولاً: لأن الكاهـن المعـني لا ينـتمي إلى الأبرشية البطريركـية. ثانياً: إنّ مطران البصرة ملزم قانوناً بتوجـيه كـتاب رسمي للكاهـن المعـني. ثالثاً: بما أن الكاهن المعـني هو خارج الأبرشية منذ سنة 2005 حـتى قـرار التوقـيف الغـير قانوني سنة 2016 مِن قِـبَـل البطريرك! فإن الكاهن بموجـب القانون ــ بعـد مدة تـزيد عـن الخمس سنوات دون السؤال أو الإستـفسار مِن قِـبَـل مطران أبرشيته الأم ــ يُـعـتـبَـر منـتمياً إلى الأبرشية التي يخـدم فـيها. إنّ هذا يوضح … إمّا بسبب عـدم مطالبة مطران الأبرشية بالكاهـن المعـني، أو بسبب ضعـف مطران الأبرشية القانوني أمام متطلبات البطريرك الدكـتاتورية.
اليكم وثيقة قبولي لمدة سنتين في ابرشية مار بطرس من قبل قداسة البابا فرنسيس
وتم كسر القرار من قبل البطرك ساكو
هكذا يكون تعامل الكنيسة رسميًا وليس على فيسبوك
بالنسبة للأب نوئيل كوركيس، فإن قـرار إبعاده عـن الكـنيسة الكلدانية هـو غـير قانوني أيضاً، لأن بموجـب القانون الكـنسي فإنّ الراهـب الذي يتـقـدم بطلب رسمي إلى الكـرسي الرسولي بالإنـفكاك من رهـبنـته، والحصول عـلى الموافـقة رسمياً، يحق له الإنـتماء إلى أية أبرشية يرغـب الإنـتماء إليها بموافـقة مطران تلك الأبرشية، ويُعـتـبَـر قانوناً منـتمياً إلى الأبرشية التي فـيها. وبما أنّ الأب نوئيل حصل عـلى جميع الموافـقات الرسمية مِن قِـبَـل الكـرسي الرسولي، وقـبوله مِن قِـبَـل مطران أبرشية مار بطرس السابق، إذن يُعـتـبَـر بموجـب القانون كاهـناً مثبتاً رسمياً في الأبرشية. وهـذا يوضح … (1) أن الكاهـن المعـني لا ينـتمي إلى الأبرشية البطريركـية، وغـير ملـتـزم بها قانوناً، حـينـئـذ يصبح قـرار الإبعاد غـير قانوني أيضاً. (2) هـو يخص مطران أبرشية مار بطرس الحالي الـذي بسبب ضعـفه أمام البطريرك، وعـدم إلـتـزامه القانوني بكاهـن أبرشيته الرسمي، جعـل من البطريرك أن يتـدخل وينـفـذ دكـتاتوريته السلطوية والغـير قانونية عـلى كهـنة الأبرشية دون وجه حق. إنّ مطارنة الأبرشيات بموجـب القانون لهم السلطان الـفعال والواجـب عـلى كهـنة الأبرشية وأفـرادها لا غـير، وليس من حق أي مطران آخـر أو بطريرك أن يتدخـل فـيها.
اليكم رابط يوضح التفاصيل مع الوثائق
البطريرك ساكو يـدّعي بأن الكـنيسة الكلدانية هي أقـوى مِن سابق عهـده. أما أنا فأقـول: إن الكـنيسة الكلدانية هي أضعـف مما كانت، بسبب عـدم إلـتـزامها بالقانون الكـنسي الذي يعـطي كل ذي حـق حـقه. إنّ عـدم إلـتـزام الأساقـفة بحـقـوقهم القانونية، يجعـل من البطريرك ذلك الـدكـتاتور الـذي يُـسَـيّـر رغـباته فـوق رؤوسهم، ورغـماً عـن أنوفهم، ولم يقـل له كـفاً أحـد.