الجزء الاول : الصيام كما تعلمناه من السيد المسيح
نمر هذه الأيام بفترة الصوم لذلك ارتأينا ان نقدم ما نعرفه وما تعلمناه من نصوص الكتاب المقدس “العهد الجديد” حول هذه المفردة المهمة جداً لكوننا ما زلنا نمارسها كطقوس مؤسساتية. سنتكلم اليوم عن مفردة الصيام في فكر السيد المسيح له المجد مدعمين بالنصوص التي قدمها لنا بعد ان كثرت الفتاوى حول الصيام وشروطه وقواعده :
اولاً : صيام لتثبيت الأرتقاء بالروح :
يبيّن لنا الكتاب ان السيد المسيح صام … ( متى 4 : 1 – 11 ) يقول الكتاب : 1 وقاد الروح القدس يسوع إلى البريّة … ليجربه ابليس … ( وهنا يوضع يسوع الإنسان امام اختبار الجسد … وكان هذا الاختبار بعد عماد يسوع في نهر الأردن على يد يوحنا المعمدان حيث حل الروح القدس فيه ” اختبار التثبيت ” … إذاً هذا الاختبار لغرض تهيئة الرب للبشارة … الفصل الذي يليه ) 2 فصام أربعين يوماً وأربعين ليلة حتى جاع ( وكان الغرض من هذا الصيام الصعب والمستحيل امام البشر لغرض تطويع الجسد واضعاف ارادته ” شهواته ” بالمقابل ارتقاء الروح وتقويتها فكلما قويت الروح سيطرت على الجسد والعكس صحيح ) 3 فدنا منه المجرب وقال له : … ( وهنا يبدأ مشوار المحاورة ” ابليس امام روح الرب يسوع والتي مصدرها الروح القدس الذي قاده لخوض تلك التجربة لكون الجسد هنا قد اخرج من المعادلة بعد عملية تطويعه وترويضه ” بالصيام ” ) نترك لكم تكملة النص .
من هنا نعلم اننا كبشر عاديين لا يمكن بل استحالة ان نصوم كما صام سيدنا يسوع المسيح
** إذاً الغاية الأولى من الصوم هي لتطويع وترويض الجسد لارتقاء الروح وعندما ترتقي الروح تنفتح أبواب السماء لاستقبال التواصل مع الله.
ثانياً : الصوم علاقة خاصة بين الإنسان والله
( متى 6 : 16 – 18 ) هذا النص هو تكملة لكلام الرب يسوع حول ” الصلاة “ ثم يعقبها كمثلها على ” الصوم “ … 16 وإذا صمتم فلا تكونوا عابسين مثل المرائين ، يجعلون وجوههم كالحة ليظهروا للناس انهم صائمون . وهنا نعلم ان جميع العلاقات الخاصة ليست مرتبطة بقواعد ولا قوانين ولا شروط
** الغاية الثانية من الصوم ان يكون بينك وبين الرب الإله لأنه علاقة خاصة كالصلاة ولا يجوز تعميمها لكي لا تفقد أهميتها الروحية … وان عممت أصبحت علاقتها جسدية من اجل التفاخر والمباهاة وهذا ما يفعله المراؤون .
ثالثاً : لم يفرض السيد المسيح علاقتيّ الصوم والصلاة على أبنائه
إذاً علاقتيّ الصوم والصلاة ( غير مفروضة أي اختيارية لغرض التواصل مع الرب الإله لتشذيب الجسد للارتقاء بالروح لأنها علاقات خاصة بين الإنسان وربه ولا تعني تلك العلاقات عموم البشر ) وهنا لابد ان نعرج على نص مهم :
( متى 9 : 17 ) نستقي منه التالي : 14 جاء تلاميذ يوحنا المعمدان إلى يسوع وقالوا له : لماذا نصوم نحن والفريسيون كثيراً وتلاميذك لا يصومون ؟ 15 فاجابهم يسوع : أتنتظرون من اهل العريس ان يحزنوا والعريس بينهم ؟ لكن يجئ وقت يرفع فيه العريس من بينهم فيصومون …. ( بدايةً نفهم ان الرب يشير إلى ان الصوم شكل من اشكال الحزن لارتباطه بالحرمان ويؤكد ذلك بوقت يرفع فيه العريس من بينهم فيحزنون أي ” يصومون ” ) .
الغاية الثالثة : السيد المسيح يجيز لنا الصوم لكنه لا يفرضه وكما النص الذي يؤكد ذلك ( إذا صليتم … إذا صمتم … وهنا الـ إذا في اللغة شرطية غير جازمة ) في نفس الوقت لم يتطرّق السيد المسيح إلى قواعد الصوم وشروطه ( زفر او زفرين مواقيت زمنيّة قواعد شروط قوانين … الخ ) لأنه غير مفروض أي انه اختياري فعلى الإنسان ان يختبر تطويع جسده بما يلائم ترويضه واخضاعه للسيطرة عليه أي السيطرة على مشتهياته … مثلاً (الإدمان” نوع من المشتهيات ” التدخين المخدرات المسكّرات الزنا بانواعه – الجنس السرقة الكذب المراءات ” … الخ ) جميعها تسيطر على الجسد والصوم هنا هو العلاج الأمثل لتطويع المشتهيات وهو الغاية والهدف . ( فالصوم هنا لتصحيح المسارات الخاطئة للجسد وتقويمه والحفاظ عليه سليماً لكونه وعاء الروح كذلك فيه الدماغ صندوق العقل والفكر الذي يسكن فيه الروح القدس … فلكيّ يبقى العقل سليماً يجب ان يكون الجسد سليماً )
رابعاً : (( النيّة )) هي الوجوب في الصوم
وهنا نقول ان الرب يسوع المسيح امرنا بـ ( الصوم لوجوب النيّة ) على الرغم من ان هذه الفقرة من النص موجودة فقط في الأنجيلي متى دون بقية الأناجيل الإزائية مع ملاحظة عنه إلاّ اننا استخدمناه لموافقته دراستنا المتواضعة : ( متى 17 : 14 – 21 ) يسوع يشفي صبياً فيه شيطان … عندما لا يستطيع تلاميذه ان يخرجوه … 21 هذا الجنس من الشياطين لا يطرد إلاّ بالصلاة والصوم …
الغاية الرابعة : وهنا نستنتج ان الرب يدفعنا للصلاة والصوم لأحقاق العلاقة السليمة مع الرب الإله في التواصل لكيّ نقوي دفاعات الروح لكون الشيطان ( روح فساد ) فلا يقدر عليه إلاّ روح القداسة وروح القداسة توصلنا للتكامل مع الله فنستطيع ان نعمل كل شيء معه وبه … وهنا لا بد ان نقول ان روح الفساد هي سبب جميع العلل لهذا فالرب يسوع المسيح عندما يهم بشفاءات لأمراض في البداية يستخدم غفرانه لخطايا الذي سيحرره ( مغفورة لك خطاياك .. ) ليهيئه للشفاء ( البداية شفاء الروح ليتم بعدها شفاء الجسد ) وغفران الخطايا العامة من اختصاص الله فقط .. لهذا فصلاة وصيام النيّة مستوجبة ( لشفاء الأمراض والاستخارة طلب المشورة امنيات صالحة ) ونحن كمسيحيين نستخدمها دائماً .
واخيراً ملاحظة مهمة جداً فيما يتعلّق بالعريس : وسؤالنا هو هل غادرنا العريس لكيّ يستوجب الصيام كفرض علينا ام انه لا يزال معنا … ؟؟
الجزء الثاني سيكون … الصيام المؤسساتي ما له وما عليه وما شكل صيامنا اليوم كمسيحيين ؟
الرب يبارك حياتكم جميعاً واهل بيتكم
اخوكم الخادم حسام سامي 19 / 3 / 2022