يوسف جريس شحادة
كفرياسيف _www.almohales.org
مجموعة الكلمات “Eulogeo” مركّبة من الظرف {Eu} حسَن، والجذر أو الأصل {log} يتكلّم ومن هنا تفيد: التحدّث الحسن، ومن حيث المضمون تدلّ على الرضى لتعبّر عن المدح والإطراء، سواء الأشخاص او ألآلهة، وهنا تقع اللفظة في المجال الدلالي لمعنى : “Eucharisteo“ أي يشكر.
فئة الكلمات “Eulogeo“ وردت في الترجمة السبعينية ما يقارب ال 450 مرّة وغالبا ما تُرجمت إلى {ברך_ بارك}بشكل أساسي منح البركة بقوّة، وتتضمّن عملية إعطاء البركة وحالة الذي وُهبت له.
لذلك فالبركة في الأصل هي اكتساب قوّة نافعة يستطيع الشخص ان ينقلها لآخرين وهي بذلك تناقض مع قوّة اللعنة المدمّرة {Kataraomai _ קללה}، في العهد القديم وخصوصا سفر التكوين36 _12 .
والفعل باللغة العبرية “ברך” يعني البركة والانحناء على أساس أنها تفيد “الركبة” الركبة ليس الفعل بل الاسم من الثلاثي، ولذلك،”ان تحني الركبة” ولهذا فأنني ان باركت أحدا بالحقيقة، فلست فقط أتمنى له الخير لا بل انحني له. وعندما ننشد “باركي يا نفسي الرب” او “مبارك هو الرب إلهنا” فنحن نقبل بان نلتزم ليس فقط بان نقدم تسبيحنا لله ولكن أيضا بان نقدم أنفسنا له. {لاحظ الارتباط بين المبارك واسم الله في خروج والعد والمزمور }
+ تُصبح البركة مؤثرة بسبب الكلمات جنبا إلى جنب مع الأعمال وتستثمر قوة نافعة : أنت الآن مبارك الرب { التكوين والتثنية }.
الأعمال التي تصاحب إعلان البركة لها دلالتها الرمزية، مثلا وضع الأيدي {راجع التكوين } او رفع الأيدي والأذرع {الخروج } او التقبيل والعناق {التكوين .} او لمس الثياب او الهُدب { 2 ملوك.} او وضع اليد تحت الفخذ والتكوين }.
تعمل البركة الممنوحة دون شرط او قيد لا يمكن إلغائها فهي دائمة راجع سفر التكوين و2 صم مناسبات مختلفة للبركة عند لقاء شخص او مغادرته تكوين والميلاد قارن راعوث وقارن لوقا والزواج سفر التكوين والموت سفر التكوين {نشير للسفر للاختصار لمن يرغب بقراءة النص يمكنه مراجعة السفر او الموقعwww.almohales.org حيث ننشر المادة بالكامل}.
انتبه خاصة بركة الوارث، قبل ان يموت رأس العائلة فهو أساسا ينقُل قوّته لابنه البكر، يستطيع أي شخص ان يبارك_يلعن ولكن أعطي بعض الأشخاص سلطانا ليباركوا ليلعنوا، ملكيصادق: التكوين وبلعام الرائي العدد 22 والقادة الملهمين مثل يشوع.
كانت البركة في الأزمنة المبكّرة لها صفة متبادلة فيمكن من أعلى شأنًا او أدنى شأنًا ان يمنح البركة مثل ملكيصادق وإبراهيم ويعقوب مع فرعون راجع سفر التكوين
تعطي البركة خصوبة للناس سفر التكوين، وفي الماشية والأرض وهي تعمل تصاعديًّا بالنمو المستمر في الأجيال المتتابعة وأفقيا في السلام والأمن من الأعداء {انتبه لأفقي وعامودي رمزا ودلالة للصليب}.
قصة بلعام { سفر العدد } تبرهن سلطة الله على المباركة، قصة بلعام العراف والله اله إسرائيل هو صاحب السلطان لنطق البركة. ان نطق البركات في قصة بلعام لها مكانتها الحقيقية في النطق الرسمي للبركات واللعنات قارن سفر التكوين والتثنية ان البركة تعود إلى لغة الرائي وهي تختلف عن وعد الخلاص النبوي من طريقة وصفها للخلاص مثلا العدد.
ان الحادثة الفاصلة في فهم البركة في تاريخ إسرائيل يرد في المقدّمة التمهيدية لقصص الإباء قارن تك 12 حيث يشمل النص على وصية ثلاثية ووعد سداسي.
في الوصية الثلاثية ينبغي على إبراهيم ان يترك أرضه وعشيرته وعائلته واضعا حدًّا لنهج الحياة المستمرة من اجل ان يرتحل تجاه مصير مجهول وغير واضح.
في الوعد السداسي يرد الجذر “ברך” 5 مرات وتصبح البركة موضوع وعد الله للأزمنة المستقبلية في التكوين 12 لم يدعَ الابن بشكل خاص كالموعود فيه فالبركة لإبراهيم، بل البركة هي امة عظيمة والاسم العظيم الذي ستناله هذه الأمة يجيء موافقا لفترة داود وسليمان قارن 2 صم.
على كلٍّ فان سفر التكوين يأخذ بتقليد ابن الموعد والازدهار في القصص الابائية تفي سفر التكوين العبارة الختامية: “تتبارك فيك جميع قبائل الأرض”، تفهم هذه الجملة في سياق نص التكوين 11 _1 حيث تُذكر خمس لعنات على الجنس البشري وفي المقابل تضع “أمام” كل قبائل الأرض.
تاريخ البركة يشمل التحرر من النير الباطل سفر التكوين والتيه والعبودية وخراب ودمار الأمم وهكذا فان نص سفر التكوين يمدّ جسرا بين تاريخ الإباء وبين الأمة البشرية بوعد البركة.
بعد استيطان إسرائيل في كنعان بدا صراع واحتدم بين آلهة البعل البعليم والله الذي أخرجهم من مصر وظهرت حدة الصراع في الروايات عن إيليا النبي 1 مل.
يمكن فهم البركة في سفر التثنية ان تنال كل الأمة عطايا المجتمع المتحضر كبركة من الله سفر التثنية وعبّر عن بركة الله في مصطلحين من هذا العالم. وهذا نقيض لمفهوم البركة في التكوين، انتبه ان سفر التثنية هنا لا يتحدث عن البركة في شكل وعد غير مشروط، لكن الوعد في جملة محدّدة: “وان سمعت سمعا لصوت الرب…” فالوعد إذا هو مادة عهد بين الله وإسرائيل فعلى إسرائيل ان تلتزم بحفظ هذا الوعد.
الجانب العكسي لهذه البركة المشروطة هي اللعنة التي تلازم إخفاق إسرائيل في حفظها لالتزامها هذه هي دلالة الوصية في التثنية لوضع البركة على جبل جرزيم واللعنة على جبل عيبال وهما الاختيارين الذي ينبغي على إسرائيل ان تختار بينهما تث 19 .
إلى جانب الله المانح الحقيقي للبركة فهناك وسطاء للبركة: الملوك والأنبياء والكهنة ودور الملك ليس بأمر بارز ولكن الوعد الذي أعطاه ناثان 2 صم يُظهر ان الملكية الداووديّة توصل البركة فقد كان الهيكل الأول في اورشليم مُكرّسا بعمل البركة المزدوجة بواسطة سليمان قبل وبعد صلاة التكريس 1 مل والمدى الذي يظهر فيه الملك كجالب البركة يظهر بوضوح في النصوص الذي تتكلم عن ملك جديد_المسيح الذي سيُجْلِب البركة لامته والسلام والرفاهية اشعياء كان جزء من مهمات الأنبياء الأوائل هو ان يتشفّعوا من اجل بركات الله على الأمة مثلا إيليا في 1 مل واليشع 2 مل وعاموس.
أعلن الأنبياء المتأخرون السعادة وذلك في عمل الله في المستقبل والتي صوّرها كأنها خلاص ارضي ورُؤِيَت كأنها مملكة سلام مسيحي قارن اشعياء وزكريا وحياة هادئة مزدهرة، ميخا وصفنيا وعيشة رخاء اشعياء وهلاك الأعداء وسعادة عامة وشاملة.
البركة لها الدور الهام في العبادة الإسرائيلية ويظهر ذلك في تدشين سليمان للهيكل 1 مل فالهيكل كمكان مقدّس هو المكان الحقيقي لنوال البركة للأمة والأرض.
كانت تُمنح البركة للأعضاء أي جماعة العبادة عندما يرجعون لمنازلهم، قارن المزامير الخ. وكانت الجماعة تجيب بتسبيح الله مستخدمة الكلمة نفسها “ברך“ المزمور.
ان لاهوت البركة في التقليد الكهنوتي يستلزم وجود بيوت العبادة، لذا فمنح البركة هو امتياز خاص بالكهنة اللاويين فيخبرنا سفر اللاويين بأول نطق بالبركة الكهنوتية في نهاية أول خدمة للذبيحة في خيمة الاجتماع وقد تثبّتت بظهور مجد الله.
يُسجل سفر العدد كلمات البركة الكهنوتية لتُقال في نهاية كل خدمة عمل في العبادة: “يبارك الرب ويحرسك..” هذه البركة المقفّاة تنقسم إلى ثلاثة أقسام أجزاء، كل منها يصف بركة الله وتسرد مواعيده، حمايته ونعمته والسعادة والسلام والاطمئنان بينما مفهوم البركة في التكوين يحتضن ويشمل الكل وفي النهاية يقصد الله ان يبارك كل البشرية.
إعلانات البركة والتسبيح في اليهودية الربانية واسعة الانتشار هي ففي القطعة الأولى من المشناة لفيفة البركات “ברכות” والتي تتضمّن تسابيح عديدة وتقدّم بالصيغة “مُسبّح الرب” ولقد كان الرابيّون على علم بالتسابيح اللائقة لمعظم الحالات المتنوعة الأكثر انتشارا للحياة اليومية والدينية.
لا يقدّم العهد الجديد توضيحا لمفهوم وعمل البركة الأساسي ومجموعة الكلمات التي تشترك مع الجذر Eulog ترد 67 مرة في العهد الجديد وكثيرا ما نجدها عند لوقا ورسائل بولس.
يرد المعنى الجماليّ لِ Eulogia في اللغة اليونانية الكلاسيكية ويلمّح إليها في صورة استنكارية في رومية: “لان مثل هؤلاء لا يخدمون…”.
لأكثر من أربعين مرة يحمل الجذر Eulog معنى التسبيح والتمجيد والصفة Eulogetos تعني مبارك مُسبّح وهذا اشتقّ من المعنى العلماني اليوناني ويعني تكلم حسنا وفي السبعينية مبارك الله أي مسبّح الله وفي هذا السياق تأخذ شكل التمجيد،تسبحة زكريا إنجيل لوقا وفي بعض الرسائل 2 كو وافسس و 1بط “مبارك الله” وشكل آخر للتمجيد موجود في اقحامات قصيرة للتسبيح في رسائل بولس ، رومية و 2كو وقد استطالت التسبحة في رومية .
ان تحيات الرئيس لا تعبّر عنها بالصفة التمجيديةEulogetos باسم الفاعل في الماضي الكامل المبني للمجهولEulogeo _Eulogemenos هذا لا يمثّل فقط التسبيح والتحية ولكن الاعتراف بان الله قد بارك الشخص المعني.
يسوع على سبيل المثال، رُحّب به عند دخوله اورشليم بهتاف النصر مرقس ولمزمور وهذا الترحيب هو نفسه أيضا ترحيب بمجيء ملكوت الله والذي يصاحب مجيء المسيح مرقس ويُطبّق على مريم أم المسيح، لوقا.
يشهد العهد الجديد على العُرف اليهودي لتقديم التسبيح في المناسبات المختلفة على مسيرة الحياة اليومية لوقا و 1كو ويعقوب وحسب هذه النصوص فان يسوع نطق بالبركة كصلاة على المائدة قبل وبعد تناول الوجبات مرقس ولوقا وكتواز بين euloeoوeucharisteo نجد في مرقس تظهر البركة على الطعام بأنها تقدّم الشكر للخالق على العطايا.
حيثما ترد فئة الكلمة Eulogia بمعنى “بركة_يبارك” 28 مرة في الأناجيل الازائية فان فكرة البركة واضحة في ثلاثة مواضع:مباركة الأطفال وتكليف يسوع للاثني عشر وعند ارتفاع يسوع القائم تاركا أتباعه.
في الأولى وضع يديه على الأطفال ومباركتهم راجع مرقس البشير والثاني تكليف يسوع عند متى
والثالثة بركة المسيح القائم في لوقا وجود الربّ المُمَجّد مع كنيسته، راجع متى البشير قارن سفر التكوين.
يستخدم بولس مفهوم البركة بشكل مدروس ويعطيها شكلا خلاصيا خريستولوجي، انظر غلاطية مقارنة مع التكوين فيك تتبارك: “فيمكن ان نقول ان بولس رأى الآن إتمام الوعد بالبركة التي وعد بها إبراهيم على انه عمل المسيح في الفداء. ولم تعد البركة بعد في امة عظيمة او في إثمار ارض ولكن في روح المسيح الموعود به غلاطية.
يفسر بولس العلاقة بين البركة واللعنة خلال المسيح الذي حمل لعنة الناموس بموته غلاطية ونال المؤمنون من كل الأمم بركة فداء الله في المسيح غلاطية قارن افسس وأعمال ،العبارة في رومية: “بركة إنجيل الحق” تعني تأثير كرازة المسيح في الكنيسة {Eulogias christiu}.
والعلاقة بين البركة والعطايا راجع التكوين تظهر في 2 كو.تجعل اللغة العبرية ملء استخدام مفهوم “بركة” في قصص الآباء تكوين قارن عبرانيين ومتى.
ونضيف نصوص ذات طابع تهذيبي عن البركة لوقا ورومية و 1 كو و 1بط.