ما احوج اشباه المثقفين اليوم لتشذيب ثقافتهم

وما احوج المؤمنون اليوم مراجعة ايمانهم ….

المقدمة :

كما تعوّدنا ان نعطي من ( فقرنا ) ما يجود به ايماننا … وبكل تواضع وفقر في هذا الإيمان نسعى دائماً لتجديده والارتقاء به متبعين الرب يسوع المسيح عندما يدعونا للقداسة والكمال كما ابينا الذي في السماوات ( قدوس وكامل ) انها دعوة ( للوحدة ) مع الله الآب واوصانا ايضاً ان نهتم بعضنا ببعض كأخوة تربطهم مع الله الآب رابطة الإنسانية بعيداً عن التطرف والفرقة ان كانت ( مذهبية سياسية اقتصادية … الخ ) لذلك استوجب علينا ان ( نعلّم ) ما نعلمه وان نتعلّم مما لا نعرفه للوصول إلى جزء من ذاك التكامل الذي دعانا له سيدنا الرب يسوع المسيح … لقد كنّا لا نهتم سابقاً في تقديم ما نعرفه وخاصةً لمن يحتل موقع في المؤسسات الكنسية ليس للتفاخر انما للارتقاء به لأنه يمثل واجهة ( دينية ) فعليه ان يكون على أقل تقدير ( مثقفاً ) وليس من ( اشباه المثقفين ) لأنه بالتالي محسوب على ( كبار ملّته ) ويعتبر ( قياساً لمثقفي الملّة ). نقول هذا لأننا قدمنا في السابق ما ساعد غبطة البطريرك الكاردينال المحترم لويس ساكو من فهم الكثير من المفاهيم التي كانت خافية عليه مثلاً ( الفرق بين الوحدة والاتحاد وشرحنا المفهومين ” سياسياً ومنهجاً فكرياً للرب يسوع المسيح “) كذلك درجة ( الكاردينالية ) معناها وماذا تشكل وكتبناها مع اخريات بستة حلقات نشرت في موقع كلدايا مي ، واخريات لاهوتية إيمانية … اليوم سنتكلّم باختصار عن مفهومي ( القومية والهوية) نظراً لما طرحه غبطته في الأول من تموز من العام 2020 …

اولاً : تعريف مفهوم القومية : هو الأنتماء ( الأسري العشائري القبلي ) ومنه تعرّف الأنساب واشجار العائلات …. ويحكم هذا المفهوم ( الدم ) فقط ، وفي تعريفنا العلمي اليوم ( الجينات ) التي تميّز الشعوب … إذاً لا يحكم هذا المفهوم ( الأرض ولا الدين“ المعتقد والمذهب والطائفة … الخ “) مثلاً : انا كلداني تنحدر اسرتي من القبيلة ( الفلانية ) التي فيها العشيرة ( الفلانية ) إذاً انا معرّف الآن ( قومياً ) وتم تفصيل انتمائي القومي ( قبائلياً وعشائرياً واسرياً )… هذا ينعكس على جميع بني البشر … فالقوميات كثيرة نذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر ( السومريون الأكديون الكلدان ، الآشوريون ، الأرمن ، الأكراد ، العرب ، الأمازيغ ” شمال افريقيا ، الفايكنغ ” الدنمارك ” ، الكلواز ” فرنسا ” ، الجرمان ” المانيا ، الرومان ” إيطاليا …. الخ ) إذاً القومية هو انتماء يبدأ من الأسرة ” العائلة فيتشضى “ مثل آخر من الكتاب المقدس ( إبراهيم … كلداني القومية من أور الناصرية اليوم ، أولاده جميعاً ينتمون إلى القومية الكلدانية مهما اختلفت خلفية امهاتهم او عقائدهم ان كانوا من زوجتيه الأصليتين ” سارة وقطورة ” وان كانوا من الجواري ” السورية والمصرية والكلدانية “… هاجر إلى بلدان أخرى فتطبع الجميع بعادات وتقاليد تلك البلدان ودمجوها بموروثهم الحضاري انتقلوا من بلد لآخر لكنهم لم يفقدوا انتمائهم القومي شكّلوا عشائر وقبائل لكن انتمائهم القومي بقى واحداً ) … … من هنا نعرف ان ( القومية ) هو انتماء ( دم ويميّزه موروثه الحضاري ” اللغة والعادات والتقاليد ” ) يبدأ من الأسرة ، لا تحدّه جغرافية ارض وحتى ممكن ان يتأثر بالموروث الحضاري للبلد الذي يعيش فيه الشخص القومي ” اللغة والعادات والتقاليد “.

ثانياً : تعريف مفهوم الهوية : هو الأنتماء للبلد الذي يعيش فيه الإنسان جغرافياً ويتأثر بموروثه الحضاري وليس له علاقة بالقومية لا من قريب ولا من بعيد انما ممكن ان يؤثر على القومية للإنسان الذي يعيش فيه وخاصة في حالة ( الأندماج ) وهنا يجب ان يفهم ( الاندماج ) على أساس ( توافق مفهوميّ التعايش بين الموروث الحضاري للبلد مع الموروث الحضاري لخلفية المندمج ) بهذا يكون مفهوم الاندماج هو إضافة حضارية تساهم في تقدم البلد الجديد من ناحية اغنائه بالموروث الأصيل مع الموروث المكتسب … إذاً تعريف ( الهوية ) هو الأنتماء لبلد الهجرة مع الأخذ بنظر الاعتبار الموازنة بين الموروث الأصيل مع الموروث الجديد ليكوّنوا وحدة التقاء وتقدم ( الاندماج ) … مثال من الكتاب المقدس : عندما تم ( سبي الشعب الإسرائيلي ) مرتين إلى بلاد ما بين النهرين ” العراق “ لم تتأثر قومية الشعب الإسرائيلي بينما هويته تغيّرت إلى بلد السبي فأصبح المسبيين يدعون ( عراقيين يهود او إسرائيليين ) بتقادم الزمن ومنهم لم يعود إلى مجتمعه القديم عندما حانت له الفرصة وفضل الاستمرار في التعايش بـ ( الاندماج ) في المجتمع الجديد ليشكل ( هوية ) جديدة … إذاً ( الهوية ) تتبع الانتماء للبلد وليس لها علاقة بالقومية … ومن هنا نعرف ان اليهود الذين رحلوا إلى مصر اصبحوا يحملون الهوية المصرية وفي العراق الهوية العراقية نعم يوجد بينهم اختلافات وهذا تأثير ( الأندماج الحضاري بالمواريث ) لهذا نلاحظ تأثير ذينك الموروثين على ( العهد القديم وموروثه الثقافي ) … مثال آخر : عندما ( فتحت او غزيت ) شعوب من قبل الأمبراطورية الإسلامية كانت هناك حملة في تغيير ( الموروث الحضاري وخاصة الثقافي الأيديولوجي ) هوية الشعوب لكنهم لم يستطيعوا التأثير على القومية على الرغم من محاولات تطبيعها وقولبتها بالقالب ( الديني العقائدي ” الثقافي الأيديولوجي ” ) … نعم تغيّر افراد عديدون إلى المذهب الجديد ( بأي حكم كان … الهروب من الاضطهاد ، قناعة إيمانية ، ضغط اقتصادي ، قيمة مجتمعية … الخ ) لكنهم لم يفقدوا انتمائهم القومي وعلى سبيل المثال … اور الناصرية ( كلدان مسلمون كانوا سابقاً مسيحيين … الانتماء القومي لم يتأثر بل الانتماء المذهبي العقائدي تغيّر وهنا تغيّرت الهوية كذلك ” الحيرة ” النجف اليوم )..

إذاً نطلق على الهوية هو الانتماء للبلد الذي يعيش فيه الإنسان القومي بغض النظر عن قوميته وعقيدته ” دينية كانت ام سياسية ” …

ملاحظة مهمة : نستطيع ان نطلق على قومية معيّنة ان كان الكلام عنها فقط بدون ذكر اخريات معها بـ ( الهوية ) على الرغم من انها ( ضعيفة لغوياً ومفهوماً فكرياً ) مثال عندما يتكلّم الكلداني عن هويته يقول مثلاً ( هويتي كلدانيتي فأنا كلداني الهوية ” ضعيفة جداً ” ) لكن ذلك لا يصح عندما يكون الحضور متعدد القوميات ان يقول أي واحد منهم ان هويته هي قوميته انما يقول ( انا كلداني القومية عراقي الهوية … كذلك الأرمني والآشوري والصابئي والأيزيدي والكردي والعربي عندما يكونون ساكنين في العراق )… مثلاً الخادم حسام سامي الماني الهوية كلداني القومية خلفيته عراقي الانتماء وهنا يقصد بها ” الهوية “ وليس القومية … فليس صحيحاً ان يقول غبطة البطريرك ( … مذهب الكنيسة الكلدانية كاثوليكي اما هوية شعبها فهي الكلدانية ) وهنا يتبيّن عجزه في فهم مفهوميّ ( الهوية والقومية ) والأصح يقول ( … مذهب المؤسسة الكلدانية كاثوليكي اما هويتها فعراقية وقوميتها الكلدانية ) وهنا يتم الفصل بين مفهوميّ ( الهوية والقومية ) لأنه ساكن في العراق ومحسوب على الهوية العراقية والقومية الكلدانية ومثل ذلك ( السوريون من الكلدان يقولون : مذهب المؤسسة الدينية الكلدانية كاثوليكي وهويتنا سورية وقوميتنا كلدانية …. وهلم جرا ). ونحن نعتقد ان مفهوم القومية هو انتماء أصيل بينما مفهوم الهوية هو انتساب يفرض حسب الظروف الذاتية والموضوعية للشخص والبلد

الرب يبارك حياتكم جميعاً واهل بيتكم…

اخوكم الخادم حسام سامي13 / 12 /2020