يوسف جريس شحادة
كفرياسيف _ www.almohales.org
كنّا قد نشرنا تحت عنوان: ” لينير اعيننا _ ليترجيا الكورونا ” ، لفت نظرنا احد الآباء لِما كنّا قد كتبنا ان الخوري : ” يمسك بيده اليسرى الانجيل ويبارك بيده اليمنى الباب الملوكي ” فلفت نظرنا الكاهن الصديق ان ما قام به الكاهن هو الصواب وما نشرت غير دقيق، موجها ايانا لكتاب الليترجيا للبطريرك لحام سنة 2006 صفحة 70 ، فمن باب المصداقية العلمية الكتابية قررنا اقتباس النص بالكامل ومن ثم نوضح: ” يشير الشماس بطرف الزنّار الى الشرق قائلا بصوت منخفض:
الشماس: بارك يا سيد هذا الدخول المقدّس.
الكاهن: {يبارك قائلا بصوت منخفض} مباركٌ الدخول الى اقداسك. كل حين. الان وكل أوان والى دهر الداهرين امين.
حينئذ يقدّم الشماس الانجيل للكاهن فيقبّله، فيما هو يقبّل يد الكاهن. ثم يتّجه نحو الباب المقدّس. ومتى اتم الخورس الترنيم، يقول الشماس بصوت جهير، رافعا الانجيل بكلتا يديه وراسما إشارة الصليب”.
فهم النص الكتابي واضح وبسيط يبارك الخوري الدخول بيده اليمنى في حال وجود الشماس وان لم يكن فهو الذي يبارك بالإنجيل وليس الا. لا يوجد ابسط من هذا، وفي كل المواضع المكتوب بها الشماس ، في حال عدم وجوده الخوري يقوم بكل الخدمة، وكتاب خدمة الكاهن في الكنيسة الام الأرثوذكسية { ص 108 ط 1997 }: ” يبارك الكاهن بيمناه الدخول ويرسم الشماس إشارة الصليب بالإنجيل الشريف” اذا في حال وجود الشماس نعم، لكن ما كتبنا في ما نشرنا مسبقا لم نذكر وجود الشماس ولم يكن الشماس بل كاهن وبرتبة مرموقة ارشمندريت وآخر ايكونوموس مع كفوف بلاستيكية لابسا.
{هذه من كتابنا القداس الإلهي، قيد المراجعة، وكل من لديه ملاحظة لإكمال ما ناقص نشكره}
صوفيا أورثي {أي حكمة فلنستقم، ويدخل إلى الهيكل ثمّ نرتل ترتيلة الدخول فطروباريات المعيّنة والقنداق}.
حتى القرن السابع كان القدّاس الإلهيّ يبدأ بدخول الإنجيل الشريف، ويرتدي الكاهن حلّته في المكان الذي تحفظ فيه الآنيات الكنسية المقدسة.
الدخول الصغير أو الدخول بالإنجيل {عند العامة دورة الإنجيل} يقول القديس جرمانوس: ” حضور ابن الـله ودخوله إلى هذا العالم، ودخول رئيس الكهنة إلى الكنيسة”.
أمام اٌلإنجيل شمعة مضاءة ترمز للمعمدان، السراج الموقد المُنير، . ويقول “صوفيا أورثي” كما لو كان يقول: ” ها أنا أبشّركم بفرحٍ عظيم”.
وَفِي الْغَدِ نَظَرَ يُوحَنَّا يَسُوعَ مُقْبِلاً إِلَيْهِ، فَقَالَ: «هُوَذَا حَمَلُ اللـهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ! كَانَ هُوَ السِّرَاجَ الْمُوقَدَ الْمُنِيرَ، وَأَنْتُمْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَبْتَهِجُوا بِنُورِهِ سَاعَةً. فَقَالَ لَهُمُ الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ. وَهذِهِ لَكُمُ الْعَلاَمَةُ: تَجِدُونَ طِفْلاً مُقَمَّطًا مُضْجَعًا فِي مِذْوَدٍ». وَظَهَرَ بَغْتَةً مَعَ الْمَلاَكِ جُمْهُورٌ مِنَ الْجُنْدِ السَّمَاوِيِّ مُسَبِّحِينَ الـلهَ وَقَائِلِينَ” {يوحنا البشير 29 :1 و35 :5 ولوقا 13 _10 :2 }. وكما في بيت لحم كذلك في القداس ، يتّحد البشر والملائكة. وعبارة : ” هَلمَّ نسجد..” قارن ونص المزمور 6 :95 : ” هَلُمَّ نَسْجُدُ وَنَرْكَعُ وَنَجْثُو أَمَامَ الرَّبِّ خَالِقِنَا”.
{يقول القديس جرمانوس : “بعد انتهاء السلاميات يُرتّل انتيفونات ومزامير فهي تدلّ على انذار الانبياء الى السابق “يوحنا” فالانتيفونا هي من اقوال الانبياء الذين تقدّموا وانذروا بحضور ابن الـله على الارض المولود من البتول”، ويقول القديس كافاسيلا: ” ان اقوال الانبياء المُرتَّلة تدلّ على زمان يوحنا المعمدان حين لم تكن قد حضرت القرابين المقدّسة التي تدلّ على المسيح وكانت مستورة في ذاتها وتدل ايضا الانتيوفنا على زمان حضوره لما لم يكن بعد أُعْلِنَ لكثيرين” والقديس فيليراس: “ان التيبيكا دُعيت بهذا الاسم لأنها رسم انذار الاجداد والانبياء” وحسب المؤرّخ فوتيوس اوّل من اوجدها هو القدّيس اغناتيوس”. وترتيل يا كلمة الله… تتلى لكون ان ابن الـله المنذر به من الانبياء الذي هو منذ الازل مولود من اللـه الاب وبحسب الزمن فهو ابن البتول ويشرح القديس سمعان التسالونيكي: ” ان بواسطة هذه المزامير أُنذر بتجسّد ابن الـله”.
الايصودون، الدخول الصغير {دورة الانجيل} يصوّر لنا مجيء ابن اللـه ونزوله المقدس للعالم لذلك يقول الكاهن: ” هلمّوا نسجد ونركع….” ويقول رسول الأمم { عبرانيين 6 :1 }: ” وَأَيْضًا مَتَى أَدْخَلَ الْبِكْرَ إِلَى الْعَالَمِ يَقُولُ: «وَلْتَسْجُدْ لَهُ كُلُّ مَلاَئِكَةِ اللهـِ». وكذلك داوود {مزمو 4 _1 :66 }:” اِهْتِفِي للـهِ يَا كُلَّ الأَرْضِ! رَنِّمُوا بِمَجْدِ اسْمِهِ. اجْعَلُوا تَسْبِيحَهُ مُمَجَّدًا. قُولُوا للـهِ: «مَا أَهْيَبَ أَعْمَالَكَ! مِنْ عِظَمِ قُوَّتِكَ تَتَمَلَّقُ لَكَ أَعْدَاؤُكَ. كُلُّ الأَرْضِ تَسْجُدُ لَكَ وَتُرَنِّمُ لَكَ. تُرَنِّمُ لاسْمِكَ» اولا نحنى الركب طالبين من اللـه الغفران وكذلك اشارة لفرح الناس بقبول الانجيل البشار الحسنة، فمن بعد هذا يبارك الشعب قائلا: “لأنك قدّوس انت يا إلهنا…” .
اعلان الكاهن ” صوفيا أورثي _ حكمة مستقيمة” فهذه الحكمة هي المسيح، لهذا يُدعى هو “المستقيم” وامّا رفع الانجيل في الوسط فيدلّ على غلبة الكرازة بالإنجيل التي انتشرت في كل المسكونة وغلبت العالم، ويقول في ذلك يوحنا في رسالته الاولى {5 _4 :5 }: ” لأَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ مِنَ اللـهِ يَغْلِبُ الْعَالَمَ. وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا. مَنْ هُوَ الَّذِي يَغْلِبُ الْعَالَمَ، إِلاَّ الَّذِي يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ابْنُ اللـهِ”؟
من القدّيسين من يدوّن صيغة الجمع {لنقف بحكمة مستقيمين}، ويذكر المعلّم جاورجيوس كوريسيوس: ” ان الكاهن في حين هذا الكلام يسدل الافلونية الى اسفل مشيرا بذلك الى ان المسيح قد لبس الانسانية بكمالها. ويدلّ أيضًا على تواضعه غير المحدود. والدّاعي الى ترتيل التسبيح المثلّث التقديس بعد ترتيل الطروباريات اليومية هو لان سرّ الثالوث المتساوي الجوهر قد ظهر منذ زمانٍ انذار يوحنا السابق الذي سمع الآب شاهدا لابنه الحبيب محقّقًا الوهيّته ونظر الروح القدس منحدرا بهيئة حمامة ومستقرا عليه، وإشارة الى ان البشر لما تعلّموا سر الثالوث بتعليم الانجيل مجّدوا الـله بنعمةٍ واحدةٍ مع الملائكة اذ اصبحوا معهم رعيّةً واحدةً للراعي الواحد.
{دورة الانجيل للقديس نيقولا: ” بعد دخول الكاهن للهيكل _قدس الاقداس، نبدأ بترتيل طروباريات القيامة والقديس اليومي والقديس صاحب الكنيسة {شفيع الكنيسة} وقنداق العيد السيدي او يا شفيعة المسيحيين. فالقيامة كانت اولا البند الاول في بشارة الرسل اعمال الرسل الفصل الثاني والرسالة الثانية الى اهل كورنثوس الفصل الخامس عشر، هذه البشارة ضمّت البشر الى الملائكة فصار رجال اللـه المختارون شفعاءنا لدى المخلّص. وحسب المزمور 2 :96 و 14 :89 الحكم والعدل اساس عرشك: ” رَنِّمُوا لِلرَّبِّ، بَارِكُوا اسْمَهُ، بَشِّرُوا مِنْ يَوْمٍ إِلَى يَوْمٍ بِخَلاَصِهِ. الْعَدْلُ وَالْحَقُّ قَاعِدَةُ كُرْسِيِّكَ. الرَّحْمَةُ وَالأَمَانَةُ تَتَقَدَّمَانِ أَمَامَ وَجْهِكَ”ويوحنا 31 :12 : ” اَلآنَ دَيْنُونَةُ هذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هذَا الْعَالَمِ خَارِجًا”. غنّ عمل الفداء ليس “الرحمة والحقّ” بل ” عدل ودينونة” ونص مزمور 7 :145 و 15 :92 الرب الهنا عادل :” ذِكْرَ كَثْرَةِ صَلاَحِكَ يُبْدُونَ، وَبِعَدْلِكَ يُرَنِّمُونَ” لِيُخْبِرُوا بِأَنَّ الرَّبَّ مُسْتَقِيمٌ. صَخْرَتِي هُوَ وَلاَ ظُلْمَ فِيهِ.ومزمور 2 :92 ومزمور 1 :34 :” أَنْ يُخْبَرَ بِرَحْمَتِكَ فِي الْغَدَاةِ، وَأَمَانَتِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ، أُبَارِكُ الرَّبَّ فِي كُلِّ حِينٍ. دَائِمًا تَسْبِيحُهُ فِي فَمِي”. دورة الانجيل تتمّ والانجيل مغلق،والاغلاق هذا يُمثّل ظهور المخلّص الاوّل، اذ كان بعد مستورا، وبعد اعتماد الربّ فقد خرج ليبشّر الناس بنفسه وبواسطة رسله الذين ارسلهم مرّتين الى البشارة. فقد أرسل الاثني عشر مرّة والسبعين، وهذا ما ترمز اليه قراءة فصل من الرسائل واخرى من الانجيل. يسوع هنا قد دخل حياته العامّة واعظًا الناس بالملكوت والاخلاق الفاضلة وتجلّي الرسائل والانجيل في حياتنا، يعني تجلّي كلام الـله، قال يسوع لتلاميذه طانتم اطهار” يو 3: 15 : ” أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ الْكَلاَمِ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ”. }.
{عند وقوف الكاهن امام الباب الملوكي يرفع الانجيل ويُعلنه للحاضرين وهذا يرمز لحضور الى ظهور الرب بين الناس فالإنجيل يُمثِّل المسيح تمامًا كما كُتُب العهد القديم تُسمَّى “الانبياء”: ” قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: عِنْدَهُمْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءُ، لِيَسْمَعُوا مِنْهُمْ” لوقا 29 :16 . فبعد ظهور الانجيل تتوقّف النصوص النبويّة ونشرع بإنشاد نصوص من العهد الجديد، نُسبّح والدة الاله والقدّيسين ونُمجّد المسيح لمجيئه. }
من اللافت للنظر ان قراءات العهد القديم تكون كلها قبل العهد الجديد، إشارة الى ان ما سبق واخبَر به القديم قد تمّ. والمزامير التي تسبق الاسرار وترتّل بصوت واحد، يعبّر عن ارادة واحدة للشعب واتحادهم باللـه.
والمراوح التي نستخدمها أثناء الدخول الصغير والكبير الخ، دلالة على انتسابهم للطغمة الملائكية، فهي مثل الاجنحة ولكن للعقل وليس للجسد، فالعقل يطير دون سقوط.
عندما يخرج الكاهن بالإنجيل الشريف من الهيكل والعودة، يمثّل ذلك خروج المسيح ليبشّر بالإنجيل، والدخول الى الهيكل به لان المسيح لم يدخل الى اقداس مصنوعة من البشر : ” لأَنَّ الْمَسِيحَ لَمْ يَدْخُلْ إِلَى أَقْدَاسٍ مَصْنُوعَةٍ بِيَدٍ أَشْبَاهِ الْحَقِيقِيَّةِ، بَلْ إِلَى السَّمَاءِ عَيْنِهَا، لِيَظْهَرَ الآنَ أَمَامَ وَجْهِ اللهِ لأَجْلِنَا”{عب 24 :9 }.
حين يدخل الكاهن ويقبّل المائدة المقدّسة، هذا لا يقول ان المائدة بحد ذاتها مقدّسة او أضحت شيئا مقدّسا بل لان قداستها نفسها تكمن في اعادتها الى حقيقة الملكوت وفي تحويلها الى رمز الملكوت.
يقرأ الكاهن أفشين قبل التطواف بالإنجيل: ” أيها السيّد المحب البشر…”، من أوّل الاوصاف التي وصلتنا من شهادات الكنيسة الأولى: ” يجتمع جميع سكان المدن والقرى في مكان واحد في اليوم المسمّى ” يوم الشمس”، ثم نبدأ بقراءات مذكرات الرسل وكتب الأنبياء بقدر ما كان يسمح الوقت بذلك. وعند انتهاء القارئ من القراءة كان رئيس الاجتماع_ الإمام، يخطب فينا محذّرا من مخالفة الوصايا وحاثًّا ايانا على الاهتداء بهذه التعاليم القيّمة، ثمّ ننهض جميعًا لنصلّي سويّةً، وبانتهاء الصلاة كان يُؤتى بالخمر والخبز والماء”.
الدخول الصغير _ دورة الانجيل عند العامة، يجمع بدء الافخارستيا وصعود الكنيسة الى الهيكل السماوي وكمال بدء الافخارستيا في سرّ الكلمة الالهيّة.
والدخول اعلان المسيح القائم من بين الأموات وكما سبق وقال : ” لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ».”{مت 20 :18 وقارن النص العبري للفيفة سوطا ذات النص}. والدخول بالإنجيل هو لقاؤنا البهيج مع المسيح ولهذا يجب الخروج من الباب الشمالي ونحو الغرب وللوسط حتى الباب الملوكي والدخول لنعلن للكل لقاؤنا والمسيح وكلمة الحياة.