من كتابي ( هكذا عرفت المسيح )
المقدمة : لأهمية ما طرحه الأخ الفاضل لوسيان المحترم على مداخلتي في موضوع الأخ الفاضل متي اسو المحترم … اقدم جزئيات مما يخص هذا الموضوع من كتابي ( هكذا عرفت المسيح … تحت عنوان ” الحقوق والواجبات في فكر الرب يسوع المسيح ” مقتطفات من الموضوع (والجزئية التي تخص ( ان الرسول بولس هو اول من تكلّم عن موضوع الحقوق وجوابنا سيكون
ان اول من طرح موضوع الحقوق بالمساواة مع الواجبات بل تفوّقها جزئياً هو ( الرب يسوع المسيح )
ينبني الفكر الشرائعي (المستمد من الشريعة) على مفهوم واحد فقط والذي يتمحور حول
(الواجبات) فقط كونه مرتبط بقداسة المصدر ولهذا تم تأسيس البناء المؤسساتي
الخاص بتطبيق الشريعة الذي يلزم الآخرين بالخضوع والخنوع للمصدر الذي لا يُقْبَل
حواره ولا مناقشته انما تبعيّته بعبودية مطلقة ، من هنا كان (تصريف الشريع ) التي نزلت على موسى (تصريف موسى للشريعة والتي تخص العلاقة
بين الإنسان وألآخر ) (غير قابلة للنقد ولا التشكيك أي ملزمة التنفيذ) في هكذا نظام (لا وجود لمفهوم ” الحقوق ” )… وعندما باشر الرب
يسوع المسيح ليعطي فسحة ليُخرج من الشريعة
(مفهوم الحقوق) وقفت له (المؤسسة الكنسية) بالضد والتشكيك لأنها
شعرت انه جاء لينسف سلطانها على الشعب المستمد من
(القداسة الممنوحة لها
من موسى) وكانوا يؤكدون على الرب بقولهم (انه جاء لينقض الناموس
” الشريعة ” ) ( وكان
جوابه : انه ما جاء لينقض الشريعة انما ليتممها ” يكملها
” ) ماذا
يكمل الرب يسوع المسيح في الشريعة …؟ جاء لينقض بل ينسف تصريف موسى للشريعة في
البنود التي تخص علاقة الإنسان بأخيه الآخر ( أي البنود الخمسة الأخيرة … وليعزز ويفعّل البنود التي تخص
العلاقة بين الـله والإنسان في البنود الخمسة الأولى من
” الشريعة ” ((سمعتم انه قيل لكم
وانا اقول … )) من هنا نستطيع ان نستخرج مفهوم (الحقوق) في فكر الرب الذي
اختزلته الشريعة في تنظيمها المؤسساتي بــ
( الواجبات
فقط) إذاً فمفهوم الحقوق ابتدأ من نقض تصريف الشريعة بما يناسب والتطوّر الفكري
والمجتمعي للإنسان الذي يلغي ( جموده وتزمته ليواكب حركة المجتمع )… من هنا فجميع المواقف مثلاً (( الشفاء بالسبت … الشريعة تقول لا عمل في السبت … المسيح
يقول : السبت للإنسان ، أي من ( حق ) كل إنسان ” المحتاج ” ان يشفى في
أي يوم ( وهنا كان تقديم ” الحق على الواجب”)) مثل آخر وكثيرة هي الأمثلة لو تأملنا في كلمات وافعال الرب
يسوع المسيح … العمي والبرص والكسحاء … الخ الذين طلبوا الشفاء … كان الرب
يخاطبهم : أتريدون ان تشفوا ” أي من
( حقكم)
ان تطلبوا الشفاء لأن
من ( واجب ) الـله ان يحققه لكم فأطلبوه منه … )) واعظم مثال على موضوع ( الحقوق والواجبات ) هو عندما يؤكد الرب
: انه جاء ليحررنا من عبودية تطبيق الشريعة ليجعلنا في حرية العلاقة مع الـله
” أبناء اللـه ” ومن هنا نؤكد ان ( الحقوق تكون كاملة ) في الأبوّة والبنوّة
والواجبات تكون متممة لتلك الحقوق داعمة لها ليصبحا متساويتين مترافقتين متلازمتين
واي اخلال بواحدة منهما هو اخلال بالأخرى … اما الواجبات في مفهوم المؤسسة الكنسية مستوحاة من العبودية
لأنها اطلقت على نفسها (القداسة) واستخدمتها بغير موضعها فكانت عبودية الإنسان الذي ينتمي لهذه
المؤسسة او تلك . وهنا لا بد ان نمر على قضية (الحقوق ) في الفكر اليهودي فهي
تتبع نقطتين
أولا) البند الخامس من الوصايا
(اكرم اباك وامك) وقد تم الألتفاف عليها بالمقارنة بين ما يقدمه الأبن لأبويه من
المساعدات وبين التزامه بالشريعة فتم تغليب المؤسسة على الوالدين بالتقديم للمؤسسة
وحرمان الوالدين منها … وهذا ما أكد عليه الرب يسوع المسيح في مجادلته (للكهنة.)
ثانيا) تصريف التشريع الذي يقضي تخصيص أجزاء من العشور (للأيتام والأرامل). وهذا ايضاً تم التلاعب به من اجل مصلحة المؤسسة الدينية
وهنا نقول ولكون الرسول بولس هو الأقرب لفهم فكر الرب يسوع المسيح لذلك كان مميّزاً في طرح هكذا موضوع استناداً لعمل الروح القدس فيه نقلاً عن الرب له كل المجد
القول الفصل : ان الحرية في المسيح لا تتوافق والعبودية في المؤسسات الدينية فهما على نقيضين والسبب واضح ورائع والذي يمثل جوهرة من جواهر فكر الرب وهو مفهوم (( القداسة ))
الخلاصة : في فكر العبودية لا وجود للحقوق انما واجبات فقط … اما في فكر الحرية فالحقوق والواجبات متساويين وهنا تثبيت لمفهوم ( الرحمة والعدالة)
من هنا جاءت تسمية (العهد الجديد ) بعهد النعمة الذي فيه تغليب الرحمة على العدالة بجزئية تخدم مصالح الإنسان المضطهد المهمش وهؤلاء من (شريحة الفقراء والمعوزّين) وكلام الرب يثبت ذلك ((تعالوا إليّ يا جميع المتعبين وثقيلي الأحمال وانا اريحكم ” احرركم ” … ما جئت للأصحاء بل للمعوزين ” المرضى ” بداء العبودية .. التطويبات … الخ))
بمشيئة الرب سيكون موضوعنا القادم ((مفهوم القداسة بين فكر الرب يسوع المسيح والمؤسسات الدينية))
الرب يبارك حياتكم جميعاً
الخادم حسام سامي 19/7/ 2019