الحـلـقة الأولى ……. مقـدمة
بقـلم : مايكـل سـيـﭘـي / سـدني ــ
كان الـﭘـطرك لـويس ساكـو الموقـر قـد إطـّـلع عـلى بعـض الشعارات ، وبتأريخ 6 آذار 2013 في حـفـل تـنـصـيـبه إتخـذها مسارا لطريقه وهي : الأصالة والـوحـدة والتجـدد …. مضيفاً : أن العالم يتغـير وعـلى الكـنيسة أن تـتجـدد أيضا …. كما تعهـد بتجـديـد وتـوحـيد طقـوسنا لـيفهـمها المؤمنون
نـقـول لصاحـب الغـبطة نعـم ، لأجـل مواكـبة التـطـوّر لا بـد من التجـديـد بصورة شمولـية وليس جـزئية أو إنـتـقائية ، وهـذا يعـني أن عـلى رئيس الكـنيسة أن يـطاوع أفـكاره الشخـصية لِما يُـرشـده الروح الـقـدس بمنـطقـية ــ وليس بمنـزلـقات الـديمقـراطـية ــ مبتـدئاً بـبـدائيات المسيحـية والتـقالـيـد الساذجة البالية ( كما وصفـها الـﭘاﭘا فـرانسيس ) ، مروراً بإجـتهادات الآباء الأوائل الـشخـصية بعـضها أنانية ، حـتى يصل إلى الـلـيتـورجـية ، دون أن يـقـفـز عـليها مباشرة بـحجة التأوينية . ولأن المسيحـية ليست مُـلكاً للإكـليروسيـين ، فلا تستهـين بآراء المؤمنين الـذين يُـفحِـمـون الكـثيرين ، وإلاّ هـل يسرّكم أن نستعـرض أمامكم زلاّت كـرازات ومحاضرات العـديـديـن !؟
هـناك قـيمٌ ومفاهـيم ومصطلحات قـديمة سـبق أنْ تبـلـورت بشكـل أو بآخـر أو فُـرِضت عـبـر الزمن في مرحـلة الإنسان البسيط وغـياب مؤسسات الـتـوعـية ( وربما جاءت عـفـوية ) ورغـم فـقـدانها قـيمتها العـقلانية ولكـنها صارت جـزءاً من الأعـراف الثابتة ــ الكـنسية والشعـبـية ــ وإستمرّت متـداولة حـتى الـيـوم ، لكـنها لم تعـد تـناسب وعي الإنسان الجـديـد ذي العـقـل المنـفـتح في عـصر النهـضة الثـقافـية والعـلمية بعـد أن عـرف نـفـسه ومكانـته الحـقـيقـية
نعـم كان أجـدادنا يتعاملـون مع المنجـل والـغـربال ، يتـنـقـلـون عـبـر الجـبال فـوق الـبغال ، راضين بواقع الطاعة العـمياء بلا جـدال مع عـبـودية هـوجاء دون سجال . لكـن الحـضارة الحـديثة حـررت الإنسان فـصار يحـس بشعـور جـديـد فـتغـيّـر إلى شخـص ذي قـيمة ، له حاجات وحـقـوق ورأي وإرادة حـصل عـليها بمتابعات سلسة تـدريجـية أو عـبـر مفاجآت ثـورية . فإذا كانت صفة الـقـداسة ومصطلحاتها مُـلـصقة في الماضي عـلى أشخاص بصورة روتينية فإنها الـيـوم لم تعـد مقـنعة بل تخـضع لـفـحـوصات مخـتـبـرية ، وعـلى الإكـليروس أن يتـقـبـلـوا هـذا التغـيـيـر بمرونة طوعـية ، متـذكـرين عـمل المسيح فـوق الصليب كـتـضحـية فـدائية ، فما نـفع تمجـيـد ذاتهم الفانية ، والتباهي بإخـتـصاصاتهم اللاهـوتية في حـين هـناك من العـلمانيـيـن مَن يُـفـحـمهم بحـوارات جـدية تصل إلى حـد التعـجـيزية ؟ والخلاصة ، أمسى الـتجـديـد ضرورياً آتياً عـلى يـد إنسان الحـضارة العـصرية ، مؤكـدين في الـوقـت ذاته أن لا يكـون عـلى حـساب أصالة الـفكـر ، فلا يحـل النحاس بديلاً عـن الأساور الـذهـبـية بالسحـر .
وفي سياق الحاجة إلى التجـديـد الشامل ، أذكـر أن مصطلح ــ قـديس ــ في العـرف الكـنسي وخاصة الكاثـوليكي ، لا يُـطلق عـلى الإنسان الحى ولا يُـنادى به رسمياً داخـل الكـنيسة مهما كان تـقـياً ، إلاّ (1) بعـد مماته (2) وفـق شروط !! وليس عـشـوائيا ولا خـوفاً ولا إحـتـراماً ولا تملـقاً ، ولا ولا ….. خاصة ونحـن نـقـرأ في إنجـيل متى إصحاح 19 : 16 أن أحـدهم حـين خاطبَ المسيح بعـبارة ــ أيها المعـلم الصالح ــ …. إعـتـرض عـليه المسيح قائلاً ًله : لماذا تـدعـوني صالحاً ؟ لـيس أحـد صالحاً إلاّ واحـد وهـو الله
لكـنـنا ورثـنا بعـض صلـوات الليتـورجـية ، تـقـدّس أناساً أحـياءً بصيغة عـلـنية لا لـبس فـيها وتسمّيهم قـديسين ! فإذا كانت مِن وضْعِ رجال الكـنيسة الـقـدامى لأسبابهم أو مزاجهم أو تعالـيمهم ، فـقـد حان وقـت تجـديدها عـملاً بشعار صاحـب النيافة الكاردينال لـويس ، لأن ما يُـمجّـد رجـل الـدين نـراه منافـياً للقـوانين الكـنسية أو الأعـراف الإجـتماعـية …… ؟ فـماذا تـقـول يا صاحـب الـغـبطة ؟
إن مقالي هـذا هـو مقـدمة لحـلـقات أربع مقـبلة تـتـناول التعامل بـين إبن الكـنيسة ورُسُـل المسيح بكافة درجاتهم والأجـواء المشتـركة بـينهم ، والأواصر التي تـربطهم مستـنـدين إلى تـوجـيهات المسيح
فالـﭘـطرك لـويس روفائيل المحـترم بشغـف يـقـرأ مقالاتي ، وهـو مغـرم بها مستـفـيـد من تعـليقاتي ، وكم نبهته إلى ركاكة حـواره حـين يكـرر كـلمة ــ يعـني ــ فـصار يتجـنبها في اللاحـق من لقاءاته ، عـفـية عـليه وهـذه نـقـطة تسجـل لصالحه ، ولكـنه لاحـقاً خـيّـب أملي في مقابلته الأخـيرة المنـشورة في 22 آيار 2019 مع المـذيع القـدير ( ولسن يـونان / إذاعة أس بي أي الأسترالية ) فخلال 20 دقـيقة كـرّر كـلمة ( يعـني 105 مرات ) فـرجع الـﭘـطرك الحـليم إلى وضعه الـقـديم ، فـهـل يرتـضي أن أذكـر له المثل الموصلي الـقـويم ؟
ومن جانب آخـر يشير أحـياناً في توضيحاته إلى فـقـرات حادة من كـتاباتي دون أن يـذكـر معها إسمي ربما لحـساسيته … بعـكس ردوده بالأسماء عـلى كـُـتــّـاب آخـرين ضده ، يماثـلـونـني في إنـتـقاده
فـفي 25 شـباط 2019 قال : (وبصراحة لا أعـرف كـيف يحكم ــ أحـد المعـلقـين ــ بأن آباء السينودس يخـضعـون بطاعة عـمياء ، هـذا غـير موجـود البتة وليسأل الأساقـفة في هذا المجال ، ديمقـراطية وغالبـية الأصوات )
حـبـيـبي ، لماذا تمـوّه عـلى القارئين ؟ أنا كـنتُ ــ أحـد المعـلـقـين إن لم أكـن الـوحـيـد ــ ! ولخاطرك أكـرر وأقـول : حـضرتـك ضمَـنتَ مسبقاً العـدد اللازم من المؤيـدين لتـشريع وتمرير وإقـرار قـوانـينـك الشخـصية في كل حـين ، وذلك برسامة هـذا وذاك مطارنة من الحـبّابـين بالإضافة إلى إستـثمارك لصالحـك مما تعـرفه من ملـفات الأقـدمين ، والآن تريـد إقـناعـنا بـديمقـراطية أصوات المُـؤمّـنين المْسـوﮔـرين ؟ عـلـينا ؟ ولعـلمك سألـتُ المصوّتين قـبل طلـبك منا أن نسألهم ومـنـذ سنين (( وأيضاً غـيـري سأل )) فكان جـوابهم : “(( ما فائدة كـلمة ــ لا ــ حـين تـتـراكم أمامك كـلمة ( نعـم ) ممن يهـزون رؤوسهم إلى الأعـلى والأسفـل صامتين ))”! ولـذلك نـذكــّـر ونـقـول للسادة المطارنة : الأفـضل أن تـنـبـذوا مبـدأ التـصويت الغـدار ــ نـتائجه مبرمجة مقـدماً بإحـتـكار ــ كي تعـتـمدوا عـلى المنطـق الـبتار
إن المطران زعـيم كهـنـته ، وكل كاهـن يَعـبُـد مطرانه لا لشيء سـوى لكـسب ودّه ، متأملاً منه ترشيحه ليصبح في يوم ما مطراناً مثـله ، لـذلك يتجـنـب ( لمس سـوتانـته ) ……. ولا يـدرون بأن في عـقـل كـل مطران ، هـناك صديق مرشح يـفـضّـله ، بشرط يـضمن الـﭘـطرك لـويس صوته !!! ولا يكـتـرثـون بتـوصية الـﭘاﭘا فـرانسيس الـقائل : (( يجـب أن تـكـون عـناية الأساقـفة تجاه الكهـنة بـدون تميـيز وتـفـضيل بل عـلى المحـبة غـير المشروطة … فلا يجـب أن نسقـط في تجـربة الإقـتراب من الكهـنة المحـبوبـين أو الـذين يمدحـونـنا ، ونـتحاشى أو لئك الـذين نعـتبرهم صريحـين وغـير مرحـين !!! ))
الحـلـقة الثانية … قادمة إنـتـظـروها