بداية اعتذر على تأخري في اصدار الحلقة الثانية بسبب عيد الفصح المسيحي ( قيامة الرب يسوع المسيح من بين الأموات وبهذه المناسبة نقول ) ( قام المسيح .. حقاً قام … كل عام وانتم بخير وبركة الرب يسوع المسيح تكون معكم ونعمته تشملكم وعائلاتكم جميعاً )
في هذه الحلقة سنبحث موضوع كلمة البابا ولمن وجهها وما هي الغاية منها ( ارجوكم لا تبشروا )
بداية نقول ان زيارة البابا إلى المغرب كانت رسمية كرئيس دولة اولاً وكقائد لأكبر عقيدة مسيحية اليوم ( الكاثوليكية ) ثانياً وكرجل سلام من خلال مشروع ( حوار الأديان ) الذي اطلقه الفاتيكان كمبادرة للوصول إلى السلام .. قام البابا بزيارات كثيرة في المغرب ونخص منها الأهم وهي زيارته لـ (( معهد محمد الخامس لتكوين ( اعداد ) الأئمة )) . أهمية تلك الزيارة تكمن في أهمية المكان ( اعداد أئمة لتوجيه الخطاب الديني نحو السلام والعيش المشترك ) . من هنا نستطيع ان نفهم خطاب البابا انه رسائل لجهات مختلفة نحصيها كالآتي
اولا ) للمسلمين المتطرفين : لقد امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي واليوتيوب بخطابات التطرف الإسلامي الذي يبشر دوماً بقتل وذبح كل مختلف ( جئناكم بالذبح ) وكذلك ليذكّروا المسلمين العابرين إلى عقائد أخرى او حتى التاركين للدين ( الملحدين ) بعقوبة الردّة ( القتل ) … إذاً كان لا بد من رسالة يذكّر هؤلاء بها وبأدب جم ليقول لهم ( ارجوكم لا تبشروا ) لأن بشارتكم تلك تسئ لدينكم اولاً قبل ان تسئ للآخرين . ومع هذا فقد شهدنا الحملة المعادية من هؤلاء لزيارة البابا ملأت مواقعهم
ثانيا ) لحكومات الدول الإسلامية : انها رسالة شاملة للمسلمين جميعاً يذكّرهم فيها ان العالم تغيّر ولم يعد هناك مجال للدفاع عن المتطرفين بل يجب ان يتم اعداد المسلم لكي يندمج مع العالم ويتقبل ان يعيش مع أفكار العالم المتعددة ويحترم الاختلاف … لذلك يجب ان تكون هناك بشارة على مستوى مسؤولية الدول الإسلامية لتطوير مناهجها ورفع كل ما هو يسئ لها اولاً قبل ان يسئ للمجتمع الدولي لأنها ستعزلهم عنه … اذاً الرسالة تدعوا إلى التبشير بإسلام ( سلام ) لا بإسلام قتل ، بإسلام متطوّر يجاري تطوّر البشرية نحو حياة مشتركة قابلة للاختلاف والمختلف اسلام ( لكم دينكم ولي ديني … فان اختلفنا بالدين فسنلتقي بالإنسانية ) … فمشاكل الإنسانية كثيرة ولا تحتاج إلى ان نعقّدها اكثر بتقاتلنا مع بعضنا الآخر … انها رسالة خطيرة لكل الدول الإسلامية تنذرهم فيها ان التطرف ما هو سوى بلعبة الشركات تخلقه وقت تقتضي حاجتها له وتنهيه وقت فراغها منه مستغلين آيات الحرب وعداء الآخر ( الآيات المدنية ) لذلك استوجب ان يركّز المسلمون اليوم على الآيات ( المكية ) التي تدعوا للسلام …
ثالثا ) رسالة إلى المؤمنين بالمسيح : ليس كل مسيحي مؤهل لينقل رسالته المسيحية ( البشارة التعليمية ” التلمذة ” ) لأن للبشارة شروطها … من يقرأ الكتاب المقدس يلاحظ ان الرب يسوع المسيح لم يكلّف تلاميذه ببشارة التلمذة إلاّ بعد ان تم اعدادهم وتدريسهم لها ومع ذلك يذكّرنا الكتاب انهم عندما يصيبهم شيء من الغرور يخفقون ( جاء رجل للمسيح ليقول له ان تلاميذك لم يستطيعوا ان يخرجوا شيطان متلبس في ابني لذلك انا اتيت به إليك لتصنع ذلك …. على الرغم من ان الرب اعطاهم سلطان اخراج الشياطين ) لذلك على المؤمن الذي لم يدرس الكتاب جيداً ويحقق علاقة حقيقية مع الرب يسوع لا ( يبشر بالكلمة ) انما ( يبشر بالعمل ) أي ان يحقق مصداقية علاقته بالرب يسوع المسيح في اعماله ( المحبة ، الرحمة ، العدالة ، التواضع … الخ ) والمصداقية هنا تعني لا غش في اعمال المؤمن … لقد امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي في شرقنا الحبيب بمبشرين لا يفقهون معنى البشارة فيستخدمون آيات الكتاب بغير مواضعها فيحرفونها حسب مشتهياتهم بما يحقق ربحية او مجد زائف مثلاً ( هذه رسالة يسوع ومررها على ثلاثين شخصاً او خمسين فتتحقق امنياتك وتربح كذا وكذا والويل لك ان اهملتها فسيكون عليك كذا وكذا … ) وهذه الرسائل تعبر عن مدى الفقر الإيماني الذي وصل له ممن يدعون انهم مبشرين وهشاشة إيمان من ينقلون رسائلهم … لهؤلاء نقول مع البابا ونضيف لها أيها المراؤون ( ارجوكم لا تبشروا … ) فانتم تسيئون اكثر مما تنفعون البشارة تعبر عن مدى الإيمان الذي يصل المؤمن إليه ( يسوع عند مريم ومرتا … جاءت مرتا لتشتكي على اختها لأنها لا تقوم بواجب الضيافة وكانت تجلس على اقدام الرب لتستمع إليه قال لها : يا مرتا ان مريم اختارت النصيب الأفضل … أي تريد ان تتعلّم لكي تولد من جديد فتمارس واجبات الولادة الجديدة … )
رابعا ) رسالة إلى الأكليروس : سنأتي على شرحها في الحلقة الثالثة
الرب يبارك حياتكم جميعاً
اخوكم خادم الكلمة حسام سامي
23 / 4 / 2019