يوسف تيلجي
المقدمة
يعتقد رجال الأسلام ، أنه هناك أعجازا في النص القرأني من أيات وسور ، ولا بد لنا في هذا المقام أن نقدم للموضوع تقديما مبسطا خاصة لمفردة ” أعجاز ” التي تمثل عنوانا للمقال ، ( فتعريف ومعنى الإعجاز في قاموس المعجم الوسيط ، اللغة العربية المعاصر ، الرائد ، لسان العرب ، القاموس المحيط . قاموس عربي عربي .. كما يلي : الإعجاز العلمي في القرآن الكريم - هو الآيات الكونية الموجودة في القرآن وعجز العلم عن إدراكها . أما معني ” عجز ” فهي العَجْزُ، نقيض الحَزْم ، عَجَز عن الأَمر يَعْجِزُ وعَجِزَ عَجْزاً فيهما ؛ ورجل عَجِزٌ وعَجُزٌ : عاجِزٌ . وعن ابن الأَعرابي: وعَجَّز فلانٌ رَأْيَ فلان إِذا نسبه إِلى خلاف الحَزْم كأَنه نسبه إِلى العَجْز ، قال سيبويه : هو المَعْجِزُ والمَعْجَزُ ، بالكسر على النادر والفتح على القياس لأَنه مصدر . والعَجْزُ : الضعف : عَجَزْتُ عن كذا / نقل من موقع المعاني بأختصار )
الموضوع
يقول د . زغلول النجار / وهو من أهم المروجين لموضوعة الاعجاز القرأني ، في موضوع – من آيات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ، ما يلي
( هناك فرق بين قضيتي ” الإعجاز العلمي ” و” التفسير العلمي ” للقرآن الكريم ، فالإعجاز العلمي يقصد به ” إثبات سبق القرآن الكريم ” بالإشارة إلى حقيقة من حقائق الكون ، أو تفسير ظاهرة من ظواهره قبل وصول العلم المكتسب إليها بعدد متطاول من القرون ) .. هذا هو محور ما يؤمن به شيوخ الأسلام بأختصار ! ، وهو أن القرأن له السبق تلميحا أو تفسيرا أو أشارة للظواهر والحقائق العلمية والكونية قبل توصل العلم أليها ! نقطة رأس السطر . / ومن أهم المناصرين لهذا الأمر أضافة للدكتور النجار هو الشيخ عبد المجيد الزنداني ومن القدامى طنطاوي جوهري . ومن موقع / نجوم مصرية ، أنقل بعضا من الأيات – مع شرح مبسط ، والتي يؤمن المسلمون بأنها أيات أعجاز علمي
اولا . قال تعالى ( وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقَاً حَرَجَاً كَأَنَّمَاْ يَصَّعَّدُ فِيْ السَّمَاْءِ ) سورة الانعام 125
والآن عندما تركب طائرة وتطير بك وتصعد في السماء بماذا تشعر ؟ ألا تشعر بضيق في الصدر ؟ فبرأيك من الذي أخبر محمداً بذلك قبل 1400 سنة ؟ هل كان يملك مركبة فضائية خاصة به استطاع من خلالها أن يعرف هذه الظاهرة الفيزيائية ؟ أم أنه وحي من الـله تعالى ؟
ثانيا . قال تعالى ( وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَاْرَ فَإِذَاْ هُمْ مُظْلِمُوْنَ ) يس 3 ، وقال تعالى ( وَلَقَدْ زَيَّنَّاْ السَّمَاْءَ الدُّنْيَاْ بِمَصَاْبِيْحَ ) سورة الملك 5 . حسبما تشير إليه الآيتان فإن الكون غارق في الظلام الداكن وإن كنا في وضح النهار على سطح الأرض ، و لقد شاهد العلماء الأرض وباقي الكواكب التابعة للمجموعة الشمسية مضاءة في وضح النهار بينما السموات من حولها غارقة في الظلام فمن كان يدري أيام محمد أن الظلام هو الحالة المهيمنة على الكون ؟ وأن هذه المجرات والنجوم ليست إلا مصابيح صغيرة واهنة لا تكاد تبدد ظلام الكون الدامس المحيط بها فبدت كالزينة والمصابيح لا أكثر؟
ثالثا . قال تعالى ( وَتَرَى الْجِبَاْلَ تَحْسَبُهَاْ جَاْمِدَةً وَ هِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَاْبِ صُنْعَ اللهِ الَّذِيْ أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ) سورة النمل 88 : كلنا يعلم أن الجبال ثابتات في مكانها ، ولكننا لو ارتفعنا عن الأرض بعيداً عن جاذبيتها وغلافها الجوي فإننا سنرى الأرض تدور بسرعة هائلة (100 ميل في الساعة) وعندها سنرى الجبال وكأنها تسير سير السحاب أي أن حركتها ليست ذاتية بل مرتبطة بحركة الأرض تماماً كالسحاب الذي لا يتحرك بنفسه بل تدفعه الرياح ، وهذا دليل على حركة الأرض ، فمن أخبر محمداً بهذا ؟ أليس الـله ؟؟
القراءة
أولا – هناك مس من ” التفكير الرغبي ” لدى رجال الأسلام ، وذلك في نقل القرأن من مرحلة كونه كتاب ديني الى مرحلة أخرى ، وهي أنه كتاب سبق علمي أعجازي أضافة للصفة العقائدية ، وهذا التفكير جعل من شيوخ الأسلام يفسرون الأيات وفق هوى الظواهر العلمية والكونية ، وأجتهد هذا الجناح ، في تحوير وتوفيق هذه النصوص بما يتلائم ويتساير مع الحقائق العلمية ، بينما هناك جناح أخر ، معارض لهذا النهج ، منهم الشيخ الشاطبي وشيخ الأزهر الأسبق محمد شلتوت ود . شوقي ضيف وغيرهم
*
وأرى لزاما أن أتكلم عن مصطلح ” التفكير الرغبي ” ، فقد جاء في موقع / الأكاديمية العربية البريطانية للتعليم العالي، التالي حول تعريفه .. أنقله بأختصار ( هناك فارقاﹰ بين الحدس السليم والتفكير الرغبي الذي يمكن تعريفه بأنه ” اعتقاد المرء بصحة شيء ما لمجرد رغبته في ذلك ) . أي أن الفرد يفسر النصوص / الوقائع والأحداث والظواهر .. ، حسب ما يؤمن به من معتقدات في العقل الباطن ، فهو نوع من الميل النفسي العاطفي في تفسير النصوص ، وذلك وفق الهوي العاطفي وليس وفق متطلبات البحث والتمحيص العلمي العقلاني المحايد !
ثانيا – هذا الاعجاز تجاوز الظواهر الكونية والعلمية بل أمتد الى محور أخر وهو الطبابة والعلاج عن طريق الموروث الأسلامي / من القرأن والسنة والأحاديث ، فقد جاء في موقع / شبكة الألوكة ، التالي أنقله بأختصار
( فمِن فضل الله تعالى أنه جعَل لكلِّ داءٍ دواءً، وجعَل في قرآنه وسُنة رسوله آياتٍ مِن الإعجاز التي تَشفي كل الأمراض إنْ أخلص العبد النيةَ في توكله عليه ؛ قال تعالى ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾ [الإسراء: 82] ، وقال رسولُ الله : ((ما أنْزل الله داءً إلا أنزل له شفاءً)) ؛ أخرجه البخاري في “الطب” (5678)، وابن ماجه في الطب (ح: 3439 ) ، وفي الطبِّ النبوي علاجٌ لكثير من الأمراض البدنية ، فرسول الأسلام كان المرجعيةَ الطِّبية لصحابته الكرام ، وقد دلَّهم على الداء والدواء، ومِن هذه الأمراض على سبيل المثال : الحمَّى، استطلاق البَطن – الإسهال – الاستسقاء، الجروح ، التسمُّم ، أمراض الأسنان ، عرق النَّسا ، البثور ، الجذام ، الصداع… )
*
ولكن الرسول نفسه / الذي هو مرجعا طبيا ، توفى بالسم ، فقد جاء في موقع أسلام ويب ( فإن تأثر النبي بالسم الذي دسته له تلك المرأة ثابت كما يدل له الحديث: ما زالت أكلة خيبر تعاودني في كل عام ، حتى كان هذا أوان قطع أبهري. رواه ابن السني وأبو نعيم وصححه الألباني في صحيح الجامع ) .. فلم لم يعالج الرسول نفسه بنفسه ، وهو المرجع الطبي لأصحابه
*
وقد رد على موضوعة الطب النبوي الدكتور حسام موافى / رئيس قسم الجراحات الحرجة بطب قصر العينى في مصر ، فقد جاء في موقع / اليوم السابع ، التالي ( أولا لا بد من توضيح ما هو الطب النبوى أصلا ؛ لأن الربط بين هذه الوسائل العلاجية الرخيصة وبين النبى يعطيها نوعا من القداسة والحصانة هى فى الحقيقة لا تستحقها .. فلا يوجد كتب حقيقية وموثقة توضح لنا ما كان يفعله النبى فى العلاج ، ستقول لى : حديث بول الإبل ، وسأقول لك : إن هذا الحديث لم يحدد الجرعة ولا أى نوعية من الإبل ولا أعمارها بالضبط .. وهل هو شفاء لكل الأمراض أم لأمراض معينة ، وهذا ينطبق مثلا على حبة البركة وعسل النحل وغيرهم الكثير ، والخلاصة أنه لا يوجد مصادر حقيقية لهذا الذى يسمونه بالطب النبوى غير تخمينات يتم ربطها بالدين لمنفعة أصحابها. ) . وختم الدكتور موافي حديثه ب ( صدرت مؤخرا مجموعة كبيرة من الكتب تحمل عناوين الطب النبوى ، وتقدم وصفات أعشاب معينة كعلاج لأمراض معينة ؟ كلها كتب مزورة.. وليس فيها بحث علمى واحد حقيقى )
*
أن الجهل العقلي قاد شيوخ الأسلام الى جعل من موضوعة العلاج الطبي ، أحدى أفرازات النص القرأني وسنة الرسول ، أذن القرأن ليس له السبق للظواهر الكونية العلمية فقط ، بل هو وسيلة للتطبيب والعلاج أيضا !
ثالثا – ولأن هذا الدين له السبق العلمي والكوني ، أضافة الى أنه يقدم حلولا طبية ، فقد أبتدع شيوخ الأسلام ووفق النص القرأني أن الله لا يقبل غير الأسلام دينا !!! ، فقد جاء في سورة آل عمران ، في هذا الصدد ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ 19 ) . وفي تفسير أبن كثير حول الأية أعلاه يقول : إن الدين عند الله الإسلام ، إخبار من الله تعالى بأنه لا دين عنده يقبله من أحد سوى الإسلام ، وهو اتباع الرسل فيما بعثهم الله به في كل حين ، حتى ختموا بمحمد ، الذي سد جميع الطرق إليه إلا من جهة محمد
*
وفي هذا تناقض للأية التالية ( نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ 3 / سورة آل عمران ) ، فكيف للقرأن أن يكون مصدقا للتوراة والأنجيل من جهة ، ومن جهة أخرى ينص على أن الدين عند الله هو الأسلام
رابعا – تأسيسا على كل ما سبق وبناءا عليه ، أبتكر رجال الأسلام السياسي تسويقا جديدا للأسلام وهو شعار ” الإسلام هو الحل” ، وذلك على أساس أنه الحل لكل المعضلات الكونية والأجتماعية والشرعية والحياتية .. وكان من أبرز المنظرين في هذا المجال هو د . محمد عمارة ، وذلك من خلال كتابه
هل الإسلام هو الحل ؟ لماذا وكيف ؟ ” وهو ( دراسة حول شعار الإسلام هو الحل والذى ترفعه أكثر حركات الإصلاح الإسلامى ويحاول هنا الإجابة على السؤال لماذا يكون الإسلام هو الحل ؟ وماذا يعنى الحل الإسلامى لجميع المشاكل التى تواجه الحياة الفكرية ، والنهضة العقلية ، والنظام السياسى ، والقضية الاجتماعية ، تحرير المرأة ، وحقوق الإنسان ، وعلاقة الوطنية بالقومية وبالجماعات الإسلامية ومشكلات الأقليات ، والسياسة الخارجية حيث العلاقات الدولية والنظام العالمى ، والجهاد فى سبيل الله )
*
بينما أكد الدكتور الكويتي طارق محمد السويدان أن الدعوة ُ والحديث عن تفاصيل ِ الدين والبحث الشرعي لا تنهضُ بالأمم ِ، والاكتفاءُ برفع شعارات مثل “الإسلام هو الحلُ ” أساليبُ لم تعدْ تجدي نفعاً من وجهةِ نظر ِالسويدان ، فمواكبة ُ العصر ِيتطلبُ التجديدَ في طرق مخاطبة الآخرين ، وذلك في الحلقة الثالثة من برنامج ” وجوه إسلامية ” الذي يبث على شاشة العربية
أضاءة
الأعجاز العلمي / وما يتبعه من أفرازات كالطب النبوي وأشكاليات نصية متعددة ! ، الذي يتكلم عنه شيوخ ورجال الأسلام وهناك من يدعون على أنهم ” مفكرين أسلاميين ” ، هو مجرد ” تفكير رغبي ” ، لا ينطلي على المثقف الواعي المطلع ، فكيف الحال مع الباحثين ! ، أن الأعجاز العلمي الحق لم يرتبط يوما من الأيام بأي دين من الأديان ! ، الأعجاز العلمي ، هو التقدم الفضائي والطبي والتقني و .. الذي تبدعه الأفكار الأمريكية والأوربية واليابانية وغيرها .. أفكار شفافة علمية بحتة ، غايتها التقدم الحضاري للأسرة الأنسانية جمعاء ، لا تؤمن بالعرق أو بالقومية ، ولا تمايز بما يعتقد الفرد ! ، أفكار تقبل الأخر ، وتحترم الرأي والرأي المخالف .. والسؤال أين جدوى أو دور النص القراني من كل هذا الكم الهائل من الأختراعات والتطور الذي تشهده الحضارة الأممية اليوم !! ، فلا يمكن لنصوص كانت تعالج وضعا بدويا قبليا جاهليا قبل أكثر من 14 قرنا أن تكون قاعدة لبيانات التقدم الحضاري ، أو أن تكون نواة أو مصدرا أو أساسا للظواهر والحقائق الكونية لعالم اليوم