قـراءة معـمقة للمشروع الخلاصي بناءاً عـلى نصوص الكـتاب المقـدس
إسحـق إبن الـوعـد
الجـزء السادس عشر
مقـدمة:
بعـدما اصبح لأبراهيم الكلداني نسل وعشيرة في الارض المقيم فيها ، وهو زعـيمها ، كانت تدعى عشيرة اللـه نسبةً لإيمانها ومعـتـقـدها ، اصبحت معروفة بين قبائل أرض كنعان الوثـنية (تك 23/1-6).
من هذا المنطلق العشائري لدى أبراهيم ورغبته في الحفاظ على أصالة نسله ، وايمانه بالـله الخالق ، الذي يرى من خلاله تحـقـيق المواعيد في نشر اسمه ووجوده في الارض ، وتحقيق فكـر رسالته الخلاصية للعالم روحياً وجسدياً، سعى جاهـداً في ان يزوّج ابنه إسحق من بنات ارضه وعشيرته الكلدانية الاصل (تك 24)، بعـدما طعـن في السن . خطة أبراهيم هذه ليست فـقـط من اجل إقامة النسل ، بل هي عملية توريث زعامة عشائرية من بعـده يرأسها ابنه إسحق تـثبت وجودها في ارض كـنعان.
إسحق ابن الموعـد:
الايمان والرجاء لدى ابراهيم في مولد إسحق ، فتحت أمامه أملاً جديداً في ان يرسم صورة عالمه في ارضٍ جديدة ، يغـرس جـذوره فـيها وتـنمو أصالته حتى تكـبر وتصبح كـرمل البحـر ونجوم السماء. رغم الصعـوبات والتحديات التي واجهها ابراهيم في ارض الغـربة ، يرى ان الـله الذي يؤمن به يحقق له مواعيده وطموحاته التي لم يستطع ان يحـقـقها في ارضه وبين شعـبه . أرضٌ جديدة ونسلٌ أصيل ، يحيا وينمو فـيها ويعـود الى جذوره حتى يستـقي منها ويحافظ على اصالتها في تكـوين جيلٍ تفوح منه رائحة اللـه وروحه العطرة ، الى نسلٍ ابراهيمي كلداني اصيل لا يطّعم بذرية خارج عـنها.
إنّ زواج إسحق من رفـقة بنت ارض الكلدان ونسلهم فيما بعـد ، هو علامة استمرار وتواصل لعشيرة ابراهيم بعد موته . هذا هو الوعد الذي يراه ابراهيم بعـين الايمان بالـله . الوعـد الالهي هو واقع بشري مبني على فعل وارادة شخص أو اشخاص من المكـون الابراهيمي في ارض كـنعان الجـديدة ، هذا المكـون ابتدأ ينمو ويكبر ويزداد ثبات في ارضٍ بدوية تحيطها عشائر وقبائل من مختلف الحضارات والقوميات تسعى من اجل البقاء وديمومة الحياة . رأى ابراهيم بعـد شيخوخته وهو رئيس لعشيرته انه يحتاج الى قائد آخر من بعـده ومن نسله حتى يكمل مسيرة قـبيلة اللـه في ارض كنعان . زواج إسحق من رفقة ما هو إلّا حفاظ على النسل الاصيل ، وهو نظرة نحو مستـقبل ديمومة هذه العشيرة ، التي تحتاج الى قائد جديد من بعد وفاة ابراهيم من نسله ، تكـتمل بنضوج الوريث في زواجه.
خاتمة:
نقرأ في سفر التكوين (25/5-6) ان ابراهيم قبل وفاته وزع هباته على إسحق وبنيه الاخرين وفصلهم عن إسحق . هذا دليل واضح على ان ابراهيم كان يرغـب بتسليم قيادة العشيرة الى إسحق ابنه الوحيد من نسل عشيرته الاصيل دون غيره من الابناء الاخرين ، ومات مرتاحاً بشيبةٍ طيبة ، شيخاً مشبعاً بالايام (تك 25/8).
الاب پـيتر لورنس